يتحكّم وسطاء وزعماء لوبيات شعبية في عمليات البيع بالمزاد العلني التي تنشط عبر مختلف ولايات الوطن، وحوّلوها إلى بورصة مغلقة يقتصر اقتحام أسوارها على بعض الأسماء المعروفة والتي أضحت أسماؤها مرتبطة بهذا الوسط، هم عرابون استطاعوا الإطاحة بالكثير من القوانين الاقتصادية كالعرض والطلب من خلال تمكنهم من تطوير الكثير من الحيل الممزوجة بالعنف من أجل القفز على القانون دون خرقه في تحقيق أهداف «مشروعة» تذر عليهم في نهاية المطاف أموالا طائلة تفوق ما تستفيد منه الخزينة العمومية، في حين تعتبر هذه العملية رحلة عابرة يمر عليها المهربون لاسترجاع ما حجز منهم بأثمان زهيدة.
روبورتاج: عبد الله بودبابة/ تصوير: شريف قليب
وقد حاولت النصر تسليط بقعة ضوء على هذا العالم من خلال حضور جانب من عملية البيع بالمزاد العلني نظمتها المديرية الجهوية للجمارك بقسنطينة على مستوى الفرقة المتنقلة للجمارك بالولاية المنتدبة أولاد جلال ببسكرة، والتي شملت بيع 199 حصة متمثلة في سيارات، شاحنات وبضائع مختلفة بينها ملابس، دراجات نارية وهوائية، مجوهرات وعتاد صناعي وحتى قوارب، وذلك في عملية مشتركة بين قباضات الجمارك لكل من قسنطينة، وباتنة، وبسكرة، وسكيكدة، بقيمة إجمالية تقارب حوالي 800 مليار سنتيم حسب ما كشفه مصدر خاص للنصر، وقد رصدت لها إمكانات مادية وبشرية ضخمة وبمشاركة مصالح الأمن والدرك الوطني لأولاد جلال من أجل ضمان السير الحسن لواحدة من أكبر العمليات منذ فترة طويلة.
حضور من أغلب ولايات الشرق
بعد رحلة سير قاربت الساعتين من مدينة بسكرة إلى غاية الولاية المنتدبة أولاد جلال على مسافة حوالي 100 كلم، وصلنا إلى مقر الفرقة المتنقلة للجمارك المتواجدة بمدخل بلدية أولاد جلال على الجهة اليمنى من الطريق، وذلك قبل ساعة من الانطلاق الرسمي للبيع، وقد وجدنا مقابل المقر عشرات الأشخاص يظهر أنهم قضوا وقتا طويلا في الانتظار بدليل أن علامات البرد كانت بادية على وجوههم، في حين كان عناصر من الشرطة يحاولون الحفاظ على سلاسة حركة المرور على الطريق الوطني رقم 46 أ، والذي يمر عبر الشارع الرئيس للمدينة، وذلك من خلال منع ركن المركبات التي قدمت من عدة ولايات، على غرار ترقيم ولايات، سكيكدة، باتنة، خنشلة، سوق أهراس، الجزائر العاصمة، قسنطينة، عنابة، قالمة، الوادي وتبسة.
دخلنا مقر الفرقة والذي يتربع على مساحة واسعة، وهو سبب اختياره ليحتضن هذه العملية، على الجهة اليمنى يوجد مستودع كبير على طول المقر ركنت بداخله عشرات المركبات التي وضعت للبيع في المزاد، إلى جانب كميات من البضاعة المحجوزة على غرار ملابس، دراجات هوائية وكذا الكثير من الأشياء الأخرى، ويقابل المستودع في الجهة اليسرى من المقر مبنى من طابق أرضي يضم المكاتب بينها مكتب رئيس الفرقة، كما لا حظنا تواجد عدد كبير من أعوان الجمارك تبين لنا فيما بعد أنه تم تحويلهم من بعض الولايات للمشاركة في تأمين العملية.
بعد دقائق من دخولنا عقد الضباط اجتماعا تنسيقيا داخل مكتب رئيس الفرقة من أجل توزيع الأدوار وتقديم آخر التوجيهات وفور الانتهاء من الاجتماع أمر الجميع باتخاذ أماكنهم، وقبل أن تدق الساعة التاسعة بحوالي 15 دقيقة، فتح المدخل الرئيس للفرقة، حيث كان يتم إخضاع كل من يدخل للمشاركة في المزايدة للتفتيش الدقيق من أجل منع دخول أي ممنوعات، خاصة الأسلحة البيضاء التي عادة ما يحوزها بعض الشباب، إضافة إلى اشتراط بطاقة إثبات الهوية، وقد منع عدد من الأشخاص من الدخول لمقر الجمارك بسبب عدم حملهم لوثائق الهوية، وقد بدا واضحا أن الأعوان يمزجون في تعاملاتهم بين الإنسانية والحزم.
وفي ظرف وجيز امتلأت ساحة كبيرة على مساحة تفوق حوالي 500 متر مربع عن أخرها، أغلبهم شبان، يرتدون «القشابية» وأحذية رياضية، حيث وقف الجميع منتظرين بلهفة واضحة انطلاقة العملية، كما لاحظنا أن أغلبية الحاضرين هم أشخاص لا تظهر عليهم علامات الثراء إلا من السيارات المركونة خارجا، إلى جانب أن الكثير منهم من ذوي الطباع الخشنة كما يبدو عليهم وهم مستعدون للقيام بأي شيء من أجل الحصول على ما يريدونه، ولو كلفهم ذلك الدخول في مشاجرات عنيفة، وقد توغلنا بين هذه الحشود من أجل الحصول على معلومات وتفاصيل حول سير العملية دون الإفصاح عن هويتنا.
الاعتماد على الشباب وحرب نفسية لبسط النفوذ
ولم ننتظر طويلا حتى ظهر شاب يرجح أنه في بداية الأربعينيات من العمر ومن لهجته أنه ينحدر من ولاية سكيكدة، حيث طلب من شاب آخر الوقوف في جهة أخرى من الساحة، وواصل سيره مقدما التعليمات لأشخاص آخرين، وقد أمرهم صراحة وأمام الجميع بعدم التراخي وفي حال عدم تمكنهم من الحصول على ما أتوا لاقتنائه فإنهم سيثيرون الكثير من المشاكل، قبل أن تندلع مناوشات كلامية بين شخصين آخرين بسرعة هدد فيها أحدهم الآخر بتشويه وجهه بمادة «روح الملح» قبل أن يتدخل في وقت لاحق أعوان الجمارك لإخراجه من العملية نهائيا واقتياده خارج المقر، كما كان أحد الأعوان يقوم بالتصوير من فوق المبنى وذلك من أجل استعمال الفيديو في حالة استدعى الأمر ذلك. وعند تواجدنا بين حشود المزايدين سمعنا الكثير من القصص عن أحداث الطعن التي قام بها منحرفون لأنهم لم يتمكنوا من الظفر بالسلع أو المركبات التي حضروا من أجلها في عمليات سابقة، كما أكد لنا أحد الأشخاص أنه حضر في إحدى المرات عندما تعرض شاب للقتل على يد شاب آخر بسبب خلاف بينهما حول مركبة، قبل أن ينتهي المطاف بالأول في السجن والآخر بالمقبرة.
وتابع محدثنا وهو خمسيني ينحدر من ولاية وادي سوف أنه يعرف أغلب الحاضرين إلى أولاد جلال وهم من ذوي السوابق العدلية وهم مستعدون للقيام بأي تصرف ولو كلفهم ذلك الدخول إلى السجن، كما كشف لنا أن أغلب هؤلاء الشباب هم مستأجرون ويعملون لدى أصحاب المال، حيث يقتنون لهم السيارات باسمهم الشخصي مقابل حصولهم على نسبة من الفائدة فيما بعد عقب إعادة بيعها في السوق الموازية، وهو الأمر الذي وقفنا عليه في المساء، عندما تقرب إلينا أحد الأشخاص وهو رجل في العقد الخامس من العمر ويظهر من ملابسه الأنيقة أنه رجل غني، وكان رفقة شاب من سكيكدة، وقد أوضح لنا أنه كلف الشاب باقتناء مركبة غير أنه لم يفلح في ذلك بسبب «تلاعب» شخص آخر.
كما لاحظنا أن الوقوف بالساحة لم يكن بطريقة اعتباطية ولكن بطريقة مدروسة، وكل شخص يعرف مكانه بالضبط والمهمة المكلف بها، وقد أكد لنا أحدهم في حديث جانبي قبل انطلاق عملية البيع بالمزاد العلني أن «المعاليم» يجلسون في الخلف ويوجهون الشباب في عمليات الشراء، وهو الأمر الذي وقفنا عليه، من خلال بروز حلقات للتشاور عقدت في آخر الساحة، يتزعمها أشخاص كبار في السن ويلتف حولهم عدد من الشبان، غير أن الملاحظ أن هذه المشاورات يمكن لأي شخص حضورها حتى وان كان غير معروف لديهم، وهو على ما يبدو عرف اتفق عليه الجميع، حيث يمكن أن تدخل في الحديث مع أي شخص حتى ولو أنها أول مرة تلتقيه فيها.
ولعل أغلب الذين يسيطرون على الأجواء هم أشخاص يلقبون بأوصاف توحي لسامعها بمدى النفوذ الذي يتمتعون به في المحيط الذي يتواجدون به ومن بين هذه الأسماء «اللو» أو الذئب باللغة الفرنسية، و»اللفعة» و»العقرب»، كما يعتمد البعض الآخر من الأشخاص في المناداة على الجهة التي ينحدر منها الشخص الآخر لتضاف المدينة إلى الاسم على غرار «فلان الباريكي» نسبة إلى منطقة بريكة بولاية باتنة أو «السكيكدي» وهي التسميات الشائعة عموما.
زيادة على هذا فإن طريقة العمل ممنهجة إلى حد كبير، رغم أنها تصدر عن أشخاص لا علاقة لهم بالاقتصاد والكثير منهم لم يجلس على مقاعد الدراسة طويلا ولم يدخل الجامعة إلا زائرا، فالجميع يحمل ورقة أو كراسا صغيرا دون عليه مسبقا أرقام الحصص التي تهمه ومعلومات هامشية مثل حالة المركبة ولوحة الترقيم، إلى جانب المبلغ المالي الذي يمكنه أن يدفع لشرائها، حيث ينتظر المناداة على رقم الحصة من أجل المشاركة في المزايدة، في حين يستعين البعض بهواتفهم النقالة خلال عملية معاينة السلع على مستوى القباضات من أجل تدوين المعلومات.
ومن خلال تواجدنا بين المشاركين تقدم إلينا أحدهم لطلب قلم وورقة حيث قام بمنح شريكه كافة الحصص التي تهمه والقيم التي يتوجب دفعها، موضحا لنا بعد أن أكدنا له أننا غير معنيين بالمشاركة وحضورنا من أجل الفضول لا غير، أنه استعان بأحد سماسرة سوق السيارات خلال عملية المعاينة حتى يحدد له الأسعار بدقة، وذلك حتى يتجنب احتمال تعرضه لخسائر مالية عند البيع.

مبالغ ضخمة تعرض تحت الطاولة
وقد حاولنا مجاراة ما يحدث من حولنا ومن دون مقدمات تقدمنا من إحدى المجموعات، أين كان بعض التجار من مدينتي بريكة وسكيكدة يحاولون الوصول إلى أرضية اتفاق على شاحنة ذات رافعة محجوزة من قبل جمارك سكيكدة على مستوى الميناء، ومن دون تحفظ عرض أحد الأطراف على منافسه قيمة 100 مليون سنتيم كتعويض مسبق بشرط عدم الدخول ضده في المنافسة وبالتالي السماح له بالفوز بالمزايدة واقتناء الشاحنة، وهو الأمر الذي رفض لأن المبلغ المعروض عليه قليل جدا، مقارنة مع ما يمكن جنيه في حالة الحصول على الشاحنة وبيعها في سوق المركبات في وقت لاحق، قبل أن يفترق الطرفان وكل شخص يتوعد جماعته بأنه سيظفر بالشاحنة مهما كلفه الأمر.
ومن بين الظواهر الأكثر انتشارا في عمليات البيع بالمزايدة هي الاعتماد على المال نقدا واستلام السيولة المالية فور عقد الصفقة مباشرة، حيث لا يمكن تأجيلها إلى وقت لاحق، وهو ما يفسر أن أغلب الحاضرين يحملون مبالغ مالية ضخمة، وبالمقابل نقل لنا أحد الأشخاص دأب على حضور مثل هذه العمليات أنه في بعض الأحيان يتعدى الأمر الربح إلى التعنت وشراء بضاعة بأضعاف ثمنها نكاية في الغريم، ولهذا معنى داخل السوق، وهدفه بسط النفوذ وترهيب باقي التجار، وهذا أمر معروف لدى الجميع ويحدث في الكثير من الأحيان وعادة ما تنتهي مثل هذه الممارسات بمشاجرات عنيفة تمتد إلى خارج مكان إجراء المزايدة ولا تتوقف إلا بتدخل المصالح الأمنية.
أما التجار الصغار أو المواطنون العاديون الذين يسعون إلى امتلاك سيارات فليس لهم مكان بين هؤلاء، لأن هذه العمليات أصبحت «مهنة» لفئة معينة دون غيرهم، يحتكرون كل شيء، وكل من يريد اقتناء سلعة أو سيارة فهو مجبر على المرور على هؤلاء ليطلب منهم اقتناء ما يريد ثم يقومون بدورهم ببيعها له، وكأنه مجبر على دفع إتاوة، وقد وقفنا على كهل في الخمسينيات من العمر كان يريد اقتناء شاحنة من نوع «جاك» لابنه، غير أنه أوكل ذلك لأحد العارفين بسوق المزايدات حيث حضرنا جانبا من الحديث الذي دار بينهما ليكون الاتفاق على أن يحدد هامش الربح في وقت لاحق.
انطلاق البيع وإقبال محتشم على البضائع
عند الساعة التاسعة وعشر دقائق بالضبط صعد ضابط من جمارك سكيكدة فوق منصة حديدية تشبه إلى حد بعيد التي يستعملها الحكم في مباريات كرة الطائرة، حيث قام في البداية بتذكير الحضور بشروط البيع والتي تحتم على المشترين تقديم السجل التجاري الذي يجب أن يتماشى وطبيعة السلعة المقتناة، وأنه لا يحق لأي شخص أن يشارك مرتين، فضلا على إلزامية تقديم بطاقة إثبات الهوية، أما بالنسبة للأموال فيجب تقديم شيك بنكي مضمون في حالة تجاوز المبلغ 100 مليون سنتيم، لتنطلق بعدها عمليات البيع بالمزايدة لقباضة سكيكدة، غير أن المشاركة كانت محدودة وباردة في الكثير من الأوقات وذلك لأن الهدف الأهم بالنسبة لأغلبية الحاضرين هي المركبات التي تسيل لعاب التجار وسماسرة السوق، لأنهم يحصلون عليها بأسعار منخفضة.
وبعد مدة قاربت نصف الساعة كسرت إحدى الحصص الرتابة التي عرفتها عملية البيع بالمزايدة وذلك عند عرض للبيع 154 دراجة هوائية جديدة، حيث ارتفعت الأصوات من الجهة الأمامية صادرة عن شاب استظهر ورقة يثبت فيها ملكيته لهذه الحصة، حيث قال أنها حجزت من قبل مصالح الجمارك وهو يحاول استردادها من أجل تعويض خسارته، ليجد مؤازرة من قبل بعض الشبان في الجهة المقابلة عند مطالبتهم للحاضرين بعدم المشاركة في المزايدة وترك السلعة لصاحبها، وهنا همس كهل كان بالقرب منا معلنا أن صاحب الورقة والشبان شركاء وهذا سيناريو معروف من أجل الظفر بالحصة، وقد انطلقت عملية البيع عندما عرض صاحب الورقة مبلغ 10 ملايين سنتيم، قبل أن تتوالى العروض إلى أن فاز بها شخص آخر مقابل مبلغ 85 مليون سنتيم، وهو مبلغ منخفض جدا حسب بعض العارفين لأن إعادة بيع الدراجات في السوق الموازية أو بالجملة لدى التجار يمكن من الحصول على هامش ربح يفوق الثمن المقدم في المزايدة بـ 100 في المئة من دون عناء.
إعلان المكلف بالمزايدة على عرض للبيع محطة لإنتاج الخرسانة جديدة لم تستعمل من قبل محجوزة لدى ميناء سكيكدة ألهب السوق، حيث سجل «العمالقة» حضورهم بقوة، حيث كان أول عرض 500 مليون سنتيم، لتتوالى بعدها المزايدات ويحتدم الصراع بين بعض الأشخاص فقط دون غيرهم، وهنا ارتفعت اللهجة والأرقام وكل شخص يزيد بـ 100 مليون سنتيم، ليرتفع في ظرف وجيز من 500 مليون إلى مليار و500 مليون سنتيم، لتعرف العروض المقدمة نزولا من 100 مليون إلى أقل من ذلك حيث ظل الصراع على أشده إلى أن توقف عند مليار و902 مليون سنتيم، وهي نفس القيمة تقريبا التي حددتها اللجنة الخاصة لتقييم العروض، وعن هذا العرض أكد لنا تاجر أنه عاين المحطة على مستوى ميناء سكيكدة وهي جديدة كلية كما أن المبلغ المقدم قليل جدا لأن سعرها في السوق يقارب 5 ملايير سنتيم.
 كما تسابق عدد من شبان ولايتي سكيكدة وعنابة الساحليتين على حصة تتضمن دراجة مائية «جات سكي» وقارب صغير، وهي المزايدة التي انطلقت بـ 10 ملايين سنتيم، ثم ارتفعت إلى 40 ومنها إلى أزيد من 100 مليون سنتيم قبل أن تستقر عند 130 مليون سنتيم.
السيارات تلهب الأجواء والمزايدة قبلة للمهربين
مع إعلان المكلف بالبيع عن الانطلاق في بيع المركبات حتى التف الجميع وارتفعت الأعناق وارتفع التركيز أكثر، وهنا تزايدت العروض بين الحاضرين، وقد شكلت عملية بيع شاحنة ذات رافعة محجوزة بميناء سكيكدة ما يشبه «الحرب» بين اسمين كبيرين في عالم البيع بالمزايدة، بعد أن فشلت المفاوضات الجانبية بينهما ومحاولة كل طرف إغراء الآخر بمبلغ مالي مقابل التنازل عن المشاركة، حيث انطلقت العملية بتقديم عرض بـ 100 مليون سنتيم، وتوالت بعدها المزايدات وكل شخص يضيف 100 مليون سنتيم إلى غاية 700 مليون، وبعدها انخفضت قبل أن تتوقف عند 930 مليون سنتيم، وعقب ذلك أكد المشتري لأصدقائه أن لديه زبائن سيدفعون له أكثر من مليار سنتيم بكثير.
وخلال هذه العملية كان بالقرب منا شخص يحمل جريدة ولوح بها لضابط الجمارك من أجل أن يلفت انتباهه في كل مرة يرفع فيها السعر، ومع ارتفاع ثمن الشاحنة، التف حوله مجموعة من الأشخاص وكانوا يدفعون به لرفع السعر ليساهموا معه في دفع ثمنها على أن يقتسم الجميع الربح بينهم، ولكن مع مواصلة ارتفاع ثمن المركبة تراجع ليترك الصفقة لمنافسه الذي قدّم مبلغا يعتبر خياليا بالنسبة للبعض. عرض آخر يتمثل في بيع سيارة نفعية من نوع «فولكس فاغن» ترقيم سنة 2014، حيث اشتدت المزايدات بين طرفين بعدما تجاوز العرض 200 مليون سنتيم واستمر التعنت بين الطرفين وبلغ ذروته بعد تجاوز عتبة 300 مليون سنتيم إلى أن توقف عند 315 مليونا، وقد توجه صاحب الصفقة مباشرة إلى الخلف وقد حاولنا الوصول إليه من أجل الاطلاع على ما يحدث حيث تبين أن السعر الذي اقتنى به المركبة مرتفع كثيرا، كون سيارة مماثلة وجديدة في السوق يبلغ 350 مليونا، وبذلك قرر الفائز بالصفقة التنازل عن المركبة بحيلة قانونية، حيث تقدم أمام القابض وأخبره بأنه لا يملك صكا بنكيا مضمونا وأنه يريد تسديد الثمن نقدا، وهو أمر مخالف حيث تم إلغاء عملية البيع وإعادتها من جديد.ومن أجل بث الرعب في نفوس البعض قام أحد الأشخاص برش قارورة من الغاز المسيل للدموع في غفلة من الجميع لتنتشر الرائحة وسط الحشود، ما جعل البعض يحاول تفادي هذه الانبعاثات من خلال سد أفواههم ووضع ألبستهم على عيونهم، قبل أن يأمر الضابط أعوانه بالدخول بين الحشود في محاولة الكشف عن هوية الفاعل، غير أن الفاعل ظل غير معروف، في حين تم العثور على القارورة بين الأرجل.وبالمقابل وقفنا على مبالغ مالية خيالية قدمها أشخاص في مركبات تفوق ثمنها الفعلي بكثير على غرار مركبة من نوع «رونو 19» ترقيم سنة 1999، حيث بلغ ثمنها 89 مليون سنتيم، حيث أكد لنا مصدر عليم أن المهم بالنسبة لبعض الأشخاص ليس المركبة في حد ذاتها بقدر أهمية الوثائق الإدارية وورقة الجمارك، كاشفا، أن سيارة في السوق بوثائق الجمارك تعتبر ميزة يدفع فيها البعض الكثير، وذلك لأن محترفي التزوير يقومون باستعمالها فيما يعرف بـ «غرس السيارة» عقب تزوير الرقم التسلسلي للطراز، وهو نفس الأمر بالنسبة للمركبات المحطمة في حوادث المرور، حيث يتسابق السماسرة على الظفر بها أكثر من غيرها من المركبات الجديدة.
وتعد عمليات البيع بالمزاد العلني قبلة مهمة للمهربين والتجار الذين حجزت سلعهم من قبل الجمارك، وقد التقينا بعدد منهم في اليوم الأول بمقر الفرقة المتنقلة للجمارك بأولاد جلال، وقد استطعنا الوقوف على قصة أحد المهربين الذي تم إيقافه وهو يقوم بنقل كمية من التبغ بسيارته، قبل أن يتم حجزها وتحويله على العدالة، حيث حكم عليه بست سنوات سجنا نافذا قضى منها 5 سنوات، إلى جانب غرامة مالية قدرها مليار سنتيم. وتابع المعني رواية قصته أمام الملأ، مشيرا أن العدالة قبلت طلبا تقدم به بدفع الغرامة على أقساط، في حين يسعى حاليا إلى استعادة سيارته المحجوزة، حيث قدم للمزاد من أجل معرفة ما إذا كانت معنية بالبيع أم لا قبل أن يتبين أنها لا تزال تحت الحجز، مضيفا، أنه مستعد للقيام بأي شيء من أجل استعادتها، وقد وقفنا على حالات مشابهة لتجار حجزت سلعهم المستوردة وقد قدموا من أجل إعادة اقتنائها لاقتناعهم المسبق في أنه لا زال في إمكانهم بيعها وتحقيق هامش ربح.

المدير الفرعي لإدارة الوسائل بالمديرية الجهوية للجمارك
العملية تندرج ضمن استراتيجية لدعم الخزينة
أكد المدير الفرعي لإدارة الوسائل بالمديرية الجهوية للجمارك بقسنطينة فرحات عبد السلام أن المديرية الجهوية للجمارك بقسنطينة وتنفيذا لإستراتيجية المديرية العامة الرامية إلى دعم الخزينة العمومية، وذلك وفقا لتوجيهات وتعليمات المدير العام للجمارك قدور بن طاهر قررت تنظيم عملية للبيع بالمزايدة العلنية لـ 199 حصة تخص قباضات الجمارك بكل من سكيكدة، قسنطينة، باتنة، وبسكرة، حيث تم اختيار مقر الفرقة ببسكرة لما يتوفر عليه من مساحة كبيرة لاحتضان العملية، إلى جانب تسخير كافة الإمكانات البشرية والمادية لإنجاح العملية وذلك بالتنسيق مع كافة السلطات المحلية العسكرية، إلى جانب تعزيزات من المديرية الجهوية للجمارك. وأضاف ذات المتحدث أن العملية التي ستشمل عتادا ومركبات وبضائع مختلفة موزعة على أربع ولايات تابعة للمديرية الجهوية للجمارك ستتواصل على مدار يومين كاملين، ومن المنتظر أن توفر مبالغ مالية معتبرة.

الرجوع إلى الأعلى