عبر طريق ضيقة كثيرة المنعرجات، في جو بارد و تحت رذاذ المطر، اتجهنا ببطء نحو مشاتي فضل سكانها تحدي العزلة والطبيعة القاسية والمكوث في أرض الأجداد، أين ظهرت لنا بيوت الطين والحجارة المسقفة في  أحسن الأحوال بالقصدير والترنيت، في مشاهد توحي وكأنها مهجورة وغير آهلة بالسكان، لولا وجود بعض الأطفال العائدين مشيا على الأقدام من المدرسة. إنها طامزة  الواقعة على بعد 30 كيلومترا من عاصمة ولاية خنشلة، حيث بإمكانك أن ترى الفقر رأي العين ولا تحتاج إلى أرقام لتشخيصه، رغم أن المنطقة تتميز بطابع فلاحي ورعوي، حيث أنها تتوسط سبع بلديات وتحيط بها وبمشاتيها من جهاتها الأربع جبال الأوراس الشامخة، في حين ينحدر سكانها البالغ عددهم حوالي 12 ألف نسمة من عرش أولاد يعقوب، أو قبيلة 1300 شهيد كما يحلو لسكان المنطقة أن يطلقوا على أنفسهم.
روبورتاج لقمان قوادري

بمنطقة «شان دقوما» المعلقة على سفح جبل عال من سلسلة الأوراس الشاهقة، تقطن العشرات من العائلات ، التي مازال أفرادها يتذكرون جيدا أيام الحقبة الإستعمارية وأسماء من مروا على المنطقة من المعمرين والمجاهدين،  كان عمي محمد مرتديا قشابية بنية ويتكئ على عصا خشبية وهو يحدثنا بعد أن قطعنا واد شبه جاف لم يبق من مياهه سوى القليل للصعود إلى منازل أقربائه،  بدت لنا تلك المنازل وكأنها مكان لتربية المواشي، لكننا تفاجأنا بأنها ما تزال آهلة بساكنيها، حيث أنها بنيت على حواف صخور كلسية ضخمة بلبنات من الحجارة والطين تسمى بالطابية منذ الحقبة الإستعمارية، غرفها ضيقة ومظلمة، شديدة البرودة تفتقر إلى البلاط و أدنى شروط الحياة، يؤكد قاطنوها بأنها شديدة القر في الشتاء مما يضطرهم إلى الإلتحاف بأكثر من ثلاثة أغطية كما أنها حارة جدا صيفا، أما المطبخ فهو عبارة عن كوخ توقد النسوة بداخله حطبا لإعداد الطعام والكسرة، دخانه يخنق الأنفاس ويسبب أمراضا مزمنة باتت أمرا مألوفا لهن المهم بالنسبة إليهن هو توفير قوت اليوم لأفراد العائلة.
يقول عمي محمد الذي بلغ الثمانين من العمر، بأنه يقطن بالمكان رفقة العشرات من السكان، منذ أن ولد في الأربعينيات من القرن الماضي، لكن نمط معيشته لم يتغير فهو ما زال وأبناؤه يحتطبون دوريا على ظهور الدواب، التي يستعملونها أيضا في جلب المياه من ينابيع بعيدة، مشيرا إلى أن تكلفة إحضار قارورة أو اثنتين من الغاز تتطلب على الأقل ألف دينار ذهابا وإيابا ، وهو الأمر الذي طالما أرهق السكان الذين يشتغلون في غالبيتهم بتربية المواشي والرعي، أما آخرون فيمتهنون الفلاحة التقليدية ويقتاتون من منتوجاتهم.
الشتاء.. فصل الخوف
وللشتاء مفهوم آخر لدى سكان قرية عين آنو، التي تحيط بها الصخور الضخمة ونبات الحلفاء وأشجار البلوط والأرز من كل جانب، فهو مرادف عندهم للقلق والخوف من العزلة والانقطاع عن الدراسة لدى الأطفال، ولا شيء أسوء على الإنسان بحسبهم بأن يجد نفسه محاصرا وسط جبال في منطقة تنزل فيها درجة الحرارة إلى ما دون الصفر، ويتحدث عبد الرحيم وهو شاب من المنطقة، عن معاناة السكان مع التدفئة، التي صارت بحسبه حلما لكثيرين اضطروا إلى الإعتماد على أدوات بدائية وبسيطة كمواقد الغاز الصغيرة والحطب، التي أكد بأنه يصعب الحصول عليها بعد تساقط الثلوج، وهي وسائل يؤكد محدثنا بأنها لا تقيهم وأطفالهم برد وصقيع الشتاء القارس. ويؤكد محدثونا من السكان، بأن العديد منهم استفادوا من إعانات للبناء الريفي منذ سنوات، لكن لم يتم تزويدها بالكهرباء إلى حد الساعة، ما دفع بالعديد من السكان إلى تقديم طلبات للتنازل عن الاستفادات، فيما فضل غالبيتهم المكوث ببيوتهم القديمة، التي تكاد أن تقع على رؤوسهم لاهترائها، كما وصفوا نمط معيشتهم بالمزري، إذ لا تتوفر لديهم شبكات الصرف الصحي أو المياه الشروب ناهيك عن التغطية الصحية، أما التزود بالغاز الطبيعي فهو حلم صعب المنال بنظر سكان المنطقة، ويبرز السكان معاناتهم مع انعدام وسائل النقل، لاسيما في فصل الأمطار والثلوج، إذ يضطر العشرات من السكان إلى السير على الأقدام لمسافات طويلة أو كراء سيارات كلونديستان بمبالغ باهظة، لا يستطيعون توفيرها في غالبية الأحيان.
ويطرح شباب المنطقة مشكلة البطالة الحادة في مناطقهم الجبلية المنعزلة، إذ يؤكد غالبيتهم بأنهم  لم يجدوا ما يستعينوا به على العيش، سوى العمل بالمواسم في بساتين التفاح ببلدية بوحمامة المجاورة، حيث يبرز عبد الرحيم وهو شاب على إطلاع بالعمل الفلاحي و عاد إلى الريف مفضلا الإستثمار في أرض أجداده، بأنه ورغم محاولته و بعض الشباب امتهان الزراعة إلى أنهم اصطدموا بعوائق كثيرة، إذ يقول محدثنا، بأن المنطقة تمتلك إمكانيات فلاحية  لزراعة المشمش والتفاح، لكن  جل الأراضي مهملة بسبب غياب الماء وانعدام الآبار، مشيرا إلى أنه تحصل بعد عناء طويل على قرض مالي من الدولة وقام بغرس أزيد من 700 شجرة مثمرة، قال بأنها باتت مهددة بالموت لعدم توفر المياه والكهرباء، رغم قيامه رفقة العديد من أقرانه الذين غامروا مثله في المجال، إلى تقديم العشرات من الطلبات إلى مختلف السلطات المعنية، لكن دون جدوى.

نسوة يصارعن قساوة الطبيعة في قمم الأوراس
بداخل غرفة مظلمة قديمة ذات سقف منخفض، في بيت شيد منذ أزيد من ثمانين سنة، كانت مجموعة من النسوة يطبخن طعام الغذاء فوق موقد من حطب /الكانون، حيث اشتكين بنبرة فيها الكثير من الاستحياء، عن متاعبهن اليومية مع الحياة وقلة ذات اليد لأهاليهن، حيث تقول إحداهن لم تذكر اسمها، بأنها تحدت الفقر والعزلة والظروف الطبيعية القاسية، وأكملت مسارها التعليمي بجامعة باتنة، أين تحصلت على شهادة دراسات تطبيقية في تخصص البيطرة الذي اختارته عن قناعة بحكم أنها من وسط ريفي، لكنها كما تسرد اصطدمت بعد التخرج بهاجس البطالة، رغم أنها طرقت جميع أبواب المسؤولين وشاركت في العشرات من مسابقات التوظيف، لتستلم في الأخير وتعود إلى حياتها ويومياتها البدائية الأولى وكأن شيئا لم يتغير لكنها تؤكد بأنها ما زلت تتذكر الكثير مما تعلمته وتستطيع ممارسة مهنتها في أي وقت، فيما تشير أختها الكبرى إلى أنها تقضي يومياتها في الطبخ وإشعال الحطب، كما تقول بأنها تعودت على خشونة العيش ومساعدة الرجال في الاحتطاب وجلب المياه من الجبال.
نريد أن نتعلم نحن معزولون عن العالم
أطفال قرى شان دقوما، وعين ميمون وعين آنوا ونوغيس وحيطير، ليسوا كأقرانهم من تلاميذ الجزائر ، فحياة الشقاء والتعب حرمتهم  من حقهم  في اللعب أو مواصلة دراستهم، لأن واقعهم المعيشي، كما يعبر آباؤهم أجبرهم على طمس ونسيان حقوقهم وأحلامهم مبكرا، فبمجرد أن تقترب من أحدهم تلاحظ في وجوههم حمرة وتشققات في أيديهم من شدة التأثر بالقر، في صراع مبكر مع الطبيعة.
ويؤكد أولياء أطفال، بأن المرحلة الدراسية لأطفال المنطقة تنتهي مبكرا لاسيما لدى فئة الإناث ونادرا من يواصل مساره في التعليم إلى المرحلة الثانوية أو الجامعية، إذا يبرز محدثونا، بأن كابوسي عدم توفر النقل وضيق الحال يؤدي في غالبية الأحيان إلى التسرب المبكر، ناهيك عن انقطاعات الدراسة كليا في فصل الشتاء، التي قد تصل في بعض الأحيان إلى الشهر، كما أكدوا بأن المدرستين الوحيدتين بالمنطقة، تعملان بأستاذ واحد يشرف على جميع الأقسام التعليمة من السنة الأولى إلى الخامسة، وطالما يتغيّب عن الفصول لأسباب لا يعلمها أحد، كما أوضحوا بأن العشرات من الأطفال لم يلتحقوا بالمدرسة رغم تجاوزهم للسن القانونية، بسبب الفقر وعدم ملاءمة الظروف.
اتجهنا نحو المدرستين الواقعتين بمنطقتي بغلاش وعين آنو اللتان وجدناهما محاطتين بسياج قديم و تتكونان من قسمين فقط ولا تتوفران على ساحة وبها مراحيض دون مياه، كما أن غالبية الكراسي والطاولات الموجود بها مهترئة، حيث لم نجد أي تلميذ أو أي مسؤول بداخلها، إذ لم يتلحق الأستاذ بصفه في ذلك اليوم.   
وفي مدرسة مهجورة تعرضت للتخريب بقرية نوغيس، كتب أطفال القرية على السبورة التي ما تزال صامدة، «نريد أن نتعلم نحن معزولون عن العالم» في صورة تعجز كل الكلمات عن وصفها، حيث يؤكد سكان المنطقة بأن لجنة من مديرية التربية عاينت المدرسة قبل سنوات قبل أن تغادر دون رجعة، في حين أكد منتخب من البلدية، بأن المجلس راسل الهيئات المعنية من أجل إعادة فتحها لكن دون جدوى، ليجد التلاميذ مضطرين لقطع مسافات طويلة يوميا.

علي يحلم بدراسة الطب و رتاج لا تتكلم إلا الأمازيغية
وتصادف وجودنا بالطريق مع مجموعة من التلاميذ، الذين وفور نزولنا من السيارة للحديث إليهم فروا مسرعين نحو الجبل، إلا واحدا اسمه علي، قال بأنه يقطع 03 كيلومترات ذهابا وإيابا في كل يوم سيرا على الأقدام للوصول إلى مدرسته البعيدة، التي أكد بأنه يضطر إلى مقاطعتها كلما ساءت الأحوال الجوية، وأبرز بأنها تفتقر إلى التدفئة ويضطر إلى ارتداء معطفه بداخل الصف، كما أن الوجبات الغذائية تكون في أحسن الأحيان جبنة وبيضة تقدم لهم في نهاية الأسبوع، لكنه تحدث بنبرة الواثق من نفسه عن رغبته بأن يصبح طبيبا في المستقبل ويفتح عيادة لعلاج سكان قريته.أما رتاج، فهي فتاة سمراء البشرة تدرس في السنة الثانية ابتدائي، و لا تكاد تتحدث اللغة العربية أو تكتب حروفها إلا بصعوبة، لكثرة انقطاعها عن الدراسة فهي تعرف اللغة الأمازيغية فقط، حاولنا أن نتحدث إليها كثيرا، وطلبنا منها أن تقرأ جملة كتبناها على ورقة، فلم تستطع أن تفك حروفها أو تنطق ببنت شفة، كما أنها لم تقل سوى أنها لم تتنقل إلى المدرسة في ذلك اليوم بسبب عدم توفر وسيلة نقل تقلها، أما والدها فهو رجل يمتهن الرعي وأخبرنا بأنه يعيش في بيت شيد من طين، و لما زرناه وجدنا زوجته في غرفة مظلمة وهي تغسل الثياب وأكدت لنا بلهجة «شاوية» بأنها حلمها الوحيد هو أن تكمل ابنتها مسارها التعليمي.
قرية نوغيس.. هنا تنتهي الحياة
في قرية كهذه لا صوت يعلو فوق صوت الشكاوى ، أناس كل حديثهم عن المشاكل، التي يعانون منها بسبب العزلة والفقر، فالمكان عبارة عن تجمع سكني في سفح جبل يقطنه المئات من المواطنين، و يفصله واد عن الطريق الرئيسي، يؤكد سكان المنطقة بأن جريان الماء فيه خلال فصل الشتاء يتحول إلى نقمة تعزلهم عن العالم وحتى الجرارات لا تستطيع عبوره، ما يضطرهم إلى اقتناء لوازمهم بالجملة كلما ظهرت سحابة في السماء.
 في نوغيس، لا أثر للهواتف المحمولة سواء الذكية منها أو العادية، لأنك ببساطة لن تحتاج إليها لعدم توفر التغطية الهاتفية، فطيلة مكوثنا بالمكان لأزيد من ساعتين لم نتمكن من إجراء أو استقبال أي اتصال، فور نزولنا من السيارة هرول باتجاهنا شاب أبيض البشرة تميل إلى الاحمرار يدعى خالد و كان يرتدي سترة بالية وينتعل حذاء بلاستكيا، يقول بأنه توقف عن الدراسة في سن مبكرة وامتهن الرعي، كما حاول العمل في الزراعة لكنه لم ينجح بسبب شح الإمكانيات وعدم توفر المياه، كما أنه حاول في العديد من المرات أن يستفيد من قرض من وكالة أونساج طيلة ثلاث سنوات، دون أن يتمكن من ذلك،        ويؤكد محدثنا الذي ظن في البداية بأننا نمثل مسؤولي مؤسسة «سونلغاز»،  بأنه لم ير يوما منذ ولادته في الثمانينيات من القرن الماضي أي مسؤول زار المنطقة إلا في أيام «انتخابات الأميار». ونحن نتأهب لمغادرة القرية، أقبل من سفح الجبل رجل طاعن في السن، وبدأ  يروى لنا قصصا عن يومياتهم، التي تشبه روايات المعذبين في الأرض والبؤساء، يقول الحاج أحمد بنبرة حزينة والدموع تنزل من عينيه الخضراوين، بأنه عايش الفترة الاستعمارية، وكان يقدم الدعم والمساندة لمجاهدي المنطقة، وها هو الآن يقضي بقية أيامه في جزائر الاستقلال وهو مازال يحتطب ليتدفأ ويطبخ ويجلب المياه على ظهور الحمير ويقطع مسافات طويلة تزيد عن07 أو 08 كيلومترات، وكيف لشيخ مثله يضيف محدثنا بأن يتحمل برد الشتاء وحر الصيف في بيت من الطين وسقف من القصدير المهترئ، كما يؤكد بأن التيار الكهربائي ينقطع كلما هبت ريح خفيفة أو تساقطت قطرات من المطر وطالما انقطعت لأيام وليال، كما يتحدث سكان آخرون عن انعدام تام للكهرباء بداخل منازلهم، رغم أن الأعمدة الرئيسة لا تفصلها سوى أمتار قليلة عنها.وبالقرية يوجد مركز جواري للعلاج لكنه أغلق قبل أسابيع، بعد أن تقاعد الممرض الذي كان يداوم به ، حيث قمنا بجولة بداخله فوجدانه يفتقر إلى غالبية التجهيزات الطبية إلا من سماعة وسرير وقطن وقارورة مصل منتهية الصلاحية في سنة 2014، حيث يشير سكان المنطقة بأنه كان يوفر الحد الأدنى من الخدمات، لكن بعد غلقه باتوا مضطرين إلى التنقل إلى مقر البلدية الأم أو بلدية بوحمامة المجاورة، إذ روى لنا شاب آخر معاناته ذات ليلة في التنقل لعشرات الكيلومترات والحصول على وسيلة نقل، من أجل أخذ حقنة وصفها له الطبيب بعد إجرائه لعملية جراحية.

حال البلدية الأم لا يختلف كثيرا عن المداشر
لم يكن حال بلدية طامزة ببعيد عن وضعية مداشرها وقراها المبعثرة هنا وهناك، سوى وجود بعض المحلات التجارية وسيارات أجرة وتجمع بعض المواطنين بداخل المقاهي، إذ أن جل بنايتها قديمة وغالبية أحيائها تفتقر إلى التهيئة، حيث وما إن علم مواطنون بوجودنا حتى التفوا بالعشرات حولنا، فهذا يتحدث عن انعدام التهيئة واهتراء شبكة الطرقات ويشير آخر إلى قلة حصة البلدية من إعانات السكن الريفي وعدم ربط أخرى جاهزة بقنوات الصرف الصحي والمياه الشروب والغاز الطبيعي.
 و يشتكي شباب آخرون من البطالة وضعف التغطية والرعاية الصحية وكذا محدودية ساعات المداومة بالعيادة الوحيدة، التي قالوا بأنها تفتقر إلى أدنى الضروريات، حيث يصف أحد المواطنين حالة الحياة بالمزرية فغالبا ما يغادر الطبيب مقر المصحة مبكرا كما أنه كثيرا ما غاب عنها، مشيرا إلى أن ساكني البلدية يجدون صعوبة كبرى في نقل الحوامل، اللواتي طالما تعرضن إلى مضاعفات خطيرة أثناء نقلهن إلى عاصمة الولاية.ويرى محدثونا من المواطنين، بأن بلديتهم لم تستفد من مشاريع تنموية تليق بسمعتها التاريخية وما بذله رجالها من تضحيات، إلا من قليل منها خلال العشر سنوات الأخيرة، حيث تحدثوا عن وجود ما وصفوه بالإقصاء القصدي، دون أن يجدوا لذلك مبررا أو سببا مقنعا، رغم أن المنطقة تعد فلاحية بامتياز ومازلت تنتج أجود أنواع الفواكه والبطاطا والحبوب، لكنها تراجعت  بشكل رهيب خلال السنوات الأخيرة، بسبب نقص المياه رغم إنجاز سدين من الحجم المتوسط بالولاية.
عضو بالمجلس البلدي.. نعاني الإقصاء والتهميش منذ الاستقلال
التقينا بعضو  في المجلس الشعبي البلدي لطامزة محمد بورقبة ونحن في طريقنا إلى المداشر، حيث يؤكد محدثنا بأن المنطقة  تعد أفقر بلدية بولاية خنشلة، وظلت تعاني التهميش منذ الاستقلال، إذ أنه وعلى الرغم من المشاكل العديدة التي يعاني منها شباب وسكان المنطقة، إلا أنها لم تستفد من أي مشاريع تنموية طموحة.
يقول محدثنا، بأن مداخيل البلدية ضعيفة جدا لعدم امتلاكها لأي موارد مادية إلا من عدد قليل من المحلات ومنجم قديم لمادة الباريت، وهي مادة تستخدم في استخراج ومعالجة البترول، مشيرا إلى أن أولويات البلدية، تتمثل في  توفير الكهرباء والغاز وإنجاز الطرقات والتهيئة والربط بالمياه الشروب وشبكات الصرف الصحي ، وكذا فتح المسالك الريفية، كلها مطالب يؤكد محدثنا بأنها بسيطة لكن سكان المنطقة يحلمون بها.وأكد عضو المجلس، بأن أكثر من 400 بناء ريفي شيدت خلال العشر السنوات الأخيرة تفتقر إلى الكهرباء ومختلف الضروريات، رغم إعداد البلدية لبطاقات تقنية بأسماء المواطنين وإيداعها لدى مصالح سونلغاز وكذا مديرية الطاقة، كما تم تسجيل عجز بألف طلب سكن ريفي، في حين استفادت المنطقة من أزيد من 650 إعانة خلال الخمس سنوات الأخيرة، كما استفادت من مشاريع لإنجاز طرقات بعين ميمون في حين قدم المجلس طلبات بإنجاز تحصيصات جديدة من أجل بناء سكنات لتعمير المنطقة، خاصة وأن الإمكانيات العقارية بإمكانها أن توفر أوعية لبناء أزيد من 20 ألف سكن ريفي، بحسب قوله.وأضاف المتحدث، بأن البلدية  قامت بإعداد دراسات للعديد من المشاريع لإنجاز 09 طرقات بلدية وتهيئة بعض التجمعات الريفية، لكن وبعد إطلاق المناقصات، جمدت المشاريع بسبب تراجع المداخيل المالية للبلاد،  كما أكد بأن المجالس السابقة والحالية عملت على قدم وساق لكنها لم تستفد من مشاريع طموحة على غرار باقي البلديات لأسباب مجهولة، حيث طالب من الوالي وجميع الهيئات المعنية بضرورة التدخل وإنقاذ المنطقة، التي قال بأن غالبية سكانها ينوون الهجرة نحو المناطق الحضرية.وأكد السيد بورقبة، بأن البلدية تتوفر على إمكانيات فلاحية وسياحية كبرى، إذ يتواجد على ترابها سد من الحجم المتوسط يستغل فقط من طرف فلاحي بلدية بابار، كما أن التغطية الصحية هي الأخرى تعرف نقصا، رغم المجهودات التي يبذلها مدير الصحة الجديد، فيما يسجل نقص كبير في حافلات النقل المدرسي ناهيك عن الأعطاب التي تتعرض لها في كل مرة والمصاريف التي لا تستطيع البلدية أن توفرها، أما في يخص صيانة المدارس فقد اعترف المتحدث بالمشكلة، حيث ذكر بأن الأقسام تعرف تسربات كما تنقصها التدفئة.     وأوضح محدثنا، بأن المجلس قدم منذ أربع سنوات طلبات للربط بالكهرباء ورخص لإنجاز آبار لتنمية النشاط الفلاحي لكن دون جدوى، كما أن العديد من التجمعات السكانية تفتقر إلى الكهرباء منذ الاستقلال، حيث أن مجاهدا يسمى العيد شنينة مازال يسكن في كوخ مظلم، كما تملك المنطقة ثروة غابية هائلة تقدر بأزيد من 11 ألف شجرة أرز المهددة بالانقراض بسبب نشاط التهريب، لكنها لا تلقى حسبه الإهتمام اللازم من طرف مديرية الغابات، في انتظار أن تصنف المنطقة كمحمية طبيعية سياحية، على غرار باقي المناطق الأخرى بالولاية.

الرجوع إلى الأعلى