انعدام الماء و الغاز يعرقل العودة إلى قرية لعرابة  بجيجل
أثرت عمليات الترحيل الأخيرة التي قامت بها السلطات في قرية لعرابة ببلدية العنصر على ظروف معيشة السكان، حيث تجاوز عدد  القاطنين بالقرية حوالي أربعة آلاف، صاروا يجدون صعوبات في توفير قارورات غاز البوتان و مياه الشرب، كما أخر غياب المياه و الغاز عودة عدد من سكان القرية إليها، بعدما شجعت الظروف الأمنية و حالة الاستقرار العشرات منهم على العودة.
روبورتاج/ ك طويل
مقابل ذلك أبدى رئيس البلدية تفاؤلا بالمستقبل و أكد أن مشروع ربط القرية بشبكة الغاز سيتم تجسيده، خاصة بعد انتهاء الدراسة التي قامت بها مديرية الطاقة، معتبرا أن وجود نسبة زائدة من الحديد في المياه لا تجعلها غير صالحة للاستهلاك و هو ما أثبتته التحاليل التي تم القيام بها، لكن عددا كبيرا من السكان لا يزالوا يشترون مياه الصهاريج من الباعة الذين يطوفون في أرجاء القرية، التي أضحت فيها الأحمرة وسيلة النقل المتاحة لجلب الماء من المنابع و نقل قارورات غاز البوتان في أيام الشتاء، بسبب تدهور جزء كبير من شبكة الطرقات.
تنقلنا إلى قرية لعرابة التي تبعد حوالي 55 كلم عن مدينة جيجل، و بعد تقديم صفتنا لدى وصولنا إلى المنطقة تجمع حولنا  مجموعة من الشباب طرحوا معاناتهم من البطالة و غياب أدنى المرافق الرياضية و الترفيهية، ولم يخفوا امتعاضهم لعدم ربط منازلهم بشبكة الغاز و من تذبذب توزيع المياه و عدم صلاحيتها للاستعمال.
البحث يوميا عن "قارورات البوتان" عنوان حاجة ملحة للغاز
أثناء تواجدنا بالمكان لاحظنا حركة غير اعتيادية، لمجموعة من المواطنين يحملون قارورات غاز البوتان، و أوضح لنا أحد الشبان أنهم يضطرون إلى البحث بشكل يومي عن غاز البوتان، بسبب غياب الغاز، و أكد آخرون أن معاناتهم فاقت قدراتهم  على توفيرها باستمرار خلال فصل الشتاء أين تشتد البرودة، حيث يضطرون إلى التنقل إلى البلديات المجاورة من أجل الظفر بقارورة كما أن أسعارها، تخضع للمضاربة من طرف بعض التجار الذين يغتنمون الفرصة للرفع من سعرها، حيث يصل في فصل الشتاء إلى 300 دينار، مما يثقل كاهل العائلات خاصة ذوي الدخل المتوسط الذين يدفعون فاتورة غالية لتوفير وسائل التدفئة و طهي الطعام، و للتخفيف من تكلفة جلب قارورات غاز البوتان، فهم يستعملون الأحمرة لنقلها،بينما يقوم البعض بجلب الحطب من الغابات المجاورة للقرية لاستعماله في الطبخ و التدفئة خلال الأيام الباردة، و استغرب السكان الذين تحدثنا إليهم عدم ربط منازلهم بشبكة الغاز مثلما استفادت قرى مجاورة لهم من مشاريع مماثلة.
مياه  لا تصلح حتى للغسيل..!
و  تعرف قرية لعرابة  نقصا فادحا في التزود بالماء الشروب طوال السنة، و قد لاحظنا أثناء تواجدنا بالمكان، مجموعة من براميل المياه مجمعة أمام العمارات، أكد لنا المواطنون بأن أصحاب العمارات الذين تم ترحيلهم من بيوت و سكنات هشة منتشرة حول القرية لم تكتمل فرحتهم، بسبب غياب المياه عن شققهم، و بعد لحظات وصلت شاحنة لبيع المياه الصالحة للشرب، و أخبرتنا امرأة يبدو من ملامحها بأنها في الستينيات من العمر، بأنها تضطر إلى نقل قارورات المياه إلى الطابق الخامس بشكل يومي، و قالت بأن المياه لا تتوفر بالعمارة سوى مرة أو مرتين في الأسبوع، كما أنها غير صالحة للشرب و لا حتى للغسيل.
و من خلال حديثنا مع عدد من السكان اتضح أنهم لا يستعملون المياه التي يتم توزيعها و يجلبون المياه للشرب من الينابيع بالمناطق المجاورة مشيا على الأقدام أو على ظهور الحيوانات، في حين يلجأ البعض الآخر منهم لشراء صهاريج بأثمان تصل إلى 700 دينار للصهريج الواحد، و هو ما يكبد العائلات ذات الدخل المتوسط مصاريف إضافية.

تدهور الطرقات و اكتظاظ في الابتدائية الوحيدة
زاد تدهور الطرقات من متاعب سكان قرية لعرابة، حيث اهترأت بعض الطرقات الداخلية خصوصا بشوارع الجهة الشرقية، ما يجعل وصول أصحاب السيارات إلى بيوتهم في غاية الصعوبة خلال هطول الأمطار، و  قد انعكست الوضعية  سلبا على التنقلات اليومية في بعض أجزاء القرية، و خلفت مع مرور الوقت ردود أفعال غاضبة في أوساط المواطنين الذين أعربوا لنا عن استيائهم من الوضعية التي آلت إليها الطرقات سواء في فصل الشتاء أو الصيف.
كما ذكر السكان بأن المدرسة الابتدائية تعاني حالة من الاكتظاظ في جميع المستويات، و سبب ذلك حسبهم يعود إلى ازدياد في عدد القاطنين الجدد، و الذين تم ترحيلهم إلى عمارات بالحي على عدة مراحل آخرها قبل عام تقريبا، و أبدوا تخوفهم من تأثير ذلك على المستوى الدراسي لأبنائهم.
شباب القرية كان لهم نصيب من المعاناة، و طرحوا خلال حديثنا معهم   مشكلة نقص الهياكل الترفيهية و الثقافية و الرياضية فلا وجود لدار للشباب، أو ملاعب كرة القدم و فضاءات اللعب. و يناشد السكان في قرية لعرابة السلطات المحلية البحث عن حلول تدريجية تساعدهم في ضمان العيش و الاستقرار بالمنطقة.
رئيس بلدية العنصر يؤكد صلاحية المياه و مشروع لبناء ستة أقسام
رئيس بلدية العنصر أكد لنا بأن المشاكل الموجودة بقرية لعرابة تتم معالجتها بشكل تدريجي، مشيرا إلى استفادة المنطقة من مشاريع تنموية هامة.
و قال المير بأنه فور تلقيه شكاوي من المواطنين حول نوعية المياه قام بتكوين لجنة و أثبتت التحاليل المخبرية بأن مياه البئر الذي يزود المنطقة صالحة للشرب، معترفا بوجود نسبة من الحديد في المياه، لكن ليس إلى درجة التأثير على صحة المواطن، و بالنسبة للتذبذب الحاصل في توزيع المياه ذكر المسؤول بأن البلدية، قامت بتجديد شبكة المياه، معترفا بصعوبة تسير العملية من قبل مصالح البلدية، التي  راسلت الجزائرية للمياه من أجل الإشراف على عملية التوزيع، و لا تزال بلدية العنصر تنتظر رد المديرية المعنية. أما بالنسبة لتزويد قرية لعرابة بالغاز،  فأوضح المير بأن مديرية الطاقة قامت بدراسة لربط 400 مسكن على طول 10 كلم، و باعتبار الأمر من المشاريع القطاعية الهامةّ،  فمن المنتظر أن تتم برمجة انطلاق أشغال الإنجاز في القريب العاجل، مؤكدا تواصله بشكل مستمر مع مديرية الطاقة بهذا الخصوص.
 أما في ما يخص تهيئة و إصلاح الطرقات، فقال رئيس البلدية بأن القرية  باعتبارها من بين التجمعات الكبرى بالعنصر، استفادت من عملية أولى لتهيئة الأحياء و الربط بشبكة الطرقات، و سيتم الشروع في عملية أخرى خلال الأشهر المقبلة، لإكمال تهيئة باقي شوارع القرية.
 و بالنسبة للاكتظاظ الذي تشهده المدرسة الابتدائية عياش بلقاسم، فقال المير بأن عملية ترحيل السكان للعمارات الجديدة، أدت إلى ارتفاع في عدد التلاميذ المتمدرسين، و قد تداركت مصالحه المشكل و قامت بدراسة لإنشاء ستة أقسام جديدة، لكن المشروع لم يتم إنجازه بسبب الأزمة المالية مؤكدا بأنه راسل السلطات الولائية من أجل إعادة بعث العملية على أمل برمجتها.  

الرجوع إلى الأعلى