سيــــســـاوي.. من قريــــة فـــلاحيـــة إلى أكبـــر أحـــيـــاء قسنطينـــــة الفوضويـــــة

توسّع حي سيساوي بمدينة قسنطينة و بات اليوم من أكبر الأحياء الفوضوية على مستوى الولاية، كما لم يستفد من عمليات التهيئة و التسوية لنصف قرن من الزمن، رغم وقوعه على محور هام و تزايد عدد قاطنيه، ما جعل السكان يطالبون السلطات بتدخل عاجل من أجل إيجاد حل لعشرات العائلات التي تعيش في منازل من صفيح، في وقت قام آخرون بتشييد “فيلات” على أراض اشتروها بعقود عرفية.
الملاحظ في حي سيساوي الذي يمتد عبر الطريق الوطني رقم 3، الرابط بين مدينتي الخروب و قسنطينة، هو التناقض الذي يجعلك تطرح العديد من علامات الاستفهام، فعلى الجهة اليمنى في اتجاه الخروب تنتشر البيوت الهشة التي تشبه إلى حد بعيد أكواخ الصفيح، فيما تمتد على الجهة الأخرى من الطريق في اتجاه قسنطينة مبان عالية و “فيلات”.
سكان البيوت القصديرية خرجوا قبل أيام قليلة إلى الطريق الوطني و علقوا لافتة كبيرة يراها كل من يعبر هذا المحور و كتبوا عليها “سكان حي سيساوي يطالبون بالتسوية”، زرنا المكان و تجولنا عبر مساكنه رفقة بعض السكان، الذين أكدوا لنا بأن الحي كان عبارة عن قرية فلاحية تتكون من 36 بيتا، أمر بتدشينها الرئيس الراحل أحمد بن بلة سنة 1963، و مع زيادة الكثافة السكانية، لجأت العائلات مع منتصف سنوات الثمانينيات إلى إضافة بناءات عشوائية، و احتلوا جميع المساحات تقريبا، تاركين ممرات ضيقة بين البيوت، حتى أصبحت المنازل الأصلية لا تفرق عن المُضافة.
الحي بأكمله يبدو منكوبا، فلا أثر للطرقات أو الأرصفة و كل شيء فيه عشوائي سواء بالنسبة لشكل البيوت أو الأزقة، و داخل المنازل الضيقة التي تقطن في كل منها عدة عائلات، تبدو الحياة جد صعبة، رغم أننا لم نمكث بالمكان سوى دقائق قليلة، فلا أثر لنور الشمس و لا توجد نوافذ، فيما جعلت الرطوبة الجدران سوداء اللون، و تنتشر التشققات في جميع أجزاء المنازل التي تبدو أسقفها القصديرية آيلة للسقوط، أما الغرفة الواحدة فهي بمثابة بيت كامل يسكنه عدة أفراد، و قد أخبرنا السكان أن الوضع لا يحتمل شتاء من شدة البرد و صيفا بسبب الحرارة، كما أن الزواحف مثل الأفاعي و الضفادع تتسلل إلى داخل البيوت بسبب قُرب وادي بومرزوق الواقع على بعد أمتار قليلة.

عائلات تعيش في غرف آيلة للسقوط
رئيس جمعية الحي أكد أنه قد تم إحصاء 285 عائلة تقطن الحي في ظروف مزرية، و هي القائمة التي سلمت حسبه لمصالح الدائرة قبل عدة سنوات من أجل حصولها على السكن الاجتماعي، موضحا بأن السلطات قررت في 2012 منح استفادات لـ 61 عائلة، من أجل بناء بيوت على إحدى المساحات الشاغرة بالمكان، عن طريق تقسيمها إلى قطع أرضية بمساحة 120 متر مربع، مع منح كل مستفيد مبلغ 70 مليون سنتيم، غير أن المشروع توقف فجأة و لم يصدر أي جديد بخصوصه منذ ذلك الحين، على حد تأكيده، مضيفا بأن السلطات أكدت لهم في آخر لقاء جمعهم برئيس ديوان الوالي، بأن المشروع توقف بعدما تبين بأن القطعة الأرضية التي تم اختيارها تابعة لوزارة الفلاحة، ما يجعل البناء عليها أمرا غير قانوني.
و يطالب السكان، حسب رئيس جمعية الحي، بمنحهم مساحة أخرى بنفس المنطقة، قال بأنها تابعة لمديرية أملاك الدولة، فيما يبقى المطلب الأساسي للعائلات منحهم قطع أرضية و إعانات للبناء أو ترحيلهم نحو سكنات اجتماعية، و قد صادفنا بالمكان المندوب البلدي لقطاع التوت، الذي أكد بأنه حضر من أجل التحدث إلى السكان و إقناعهم باختيار ممثلين عنهم للاجتماع برئيسي بلدية و دائرة قسنطينة، في محاولة لإيجاد حل لمطالبهم.
بالمقابل و على الجهة الأخرى من طريق سيساوي تمتد عشرات الفيلات الفاخرة، التي تحولت إلى محلات و مراكز تجارية، بعضها يمثل علامات أجنبية لبيع السيارات و أنواع من العتاد، غير أن جميع هذه البنايات فوضوية بدورها، حسب محدثينا من السكان، الذين أكدوا  بأن حي سيساوي بأكمله فوضوي، و جميع الفيلات بنيت على أراض اشتراها أصحابها بعقود عرفية، و قاموا بالبناء دون الحصول على تراخيص، و هو أمر غير مفهوم حسب محدثينا، الذين يقطنون بالجهة المقابلة، خاصة أنهم يُمنعون من إضافة جدار، فيما يسمح لأصحاب الفيلات بالبناء بأي طريقة، على حد تأكيدهم، و هي تناقضات لم نستطع الحصول على توضيحات في شأنها من البلدية.                   
عبد الرزاق.م

الرجوع إلى الأعلى