طريقي.. بوابة إلكترونية تؤمّن تنقلات الجزائريين

العواصــــــــف الثلجيـــــة اختـــــبار  يؤكــــــد نــــجاح التجربــــــــة

لم يجد سكان مناطق مستها الاضطرابات الجوية هذا الشتاء صعوبة في التنقل وأخذ  احتياطاتهم بعد أن وضعت مصالح الدرك تحت تصرف الجزائريين شبكة معلوماتية مفصلة حول وضعية الطرقات بخلق موقع "طريقي"، الذي أصبح في فترة وجيزة مرجعية لا يمكن الاستغناء عنها في حياتنا اليومية. حيث أبانت موجة الثلوج التي مست شمال وشرق وغرب البلاد عن أهمية هذا الموقع التفاعلي ومدى قدرة القائمين عليه على تحيين المعلومة  بدليل أن أربعة ملايين شخص تصفحوا " طريقي" في أسبوع ، لتقل بذلك حالات العالقين في الطرقات والمناطق المعزولة لأن المحاور المغلقة لم تعد تكتشف بالمغامرة وإنما بنقرة واحدة على الهاتف المحمول.
روبورتاج: عبد الحكيم أسابع
يوم 19 جويلية 2016 أعلنت مديرية التيليماتية، بقيادة الدرك الوطني عن إطلاق موقع " طريقي " الذي يعد أول محتوى تكنولوجي جزائري، يوفر لمستعملي شبكة الطرق الوطنية خريطة جغرافية إلكترونية تفاعلية،  تتضمن معلومات مختلفة عن حالة الطرقات عبر الوطن، على مدار الساعة بهدف إرشاد السائقين وتوجيههم نحو المسارات الآمنة وأماكن تواجد مختلف الخدمات المتوفرة التي تسهل السفر وتجعله مريحا.
وتعد بوابة " طريقي " التي تساهم في العمل التحسيسي والوقائي من حوادث المرور من خلال النصائح التي تدخل في إطار الثقافة المرورية لدى مستعملي الطريق، خطوة كبيرة في إطار الاستراتيجية الوطنية الرامية نحو توظيف التكنولوجيات الحديثة للإعلام والاتصال في مجال تحسين السلامة والأمن المروريين.
ولتسليط الضوء على أهمية الخدمات التي يقدمها الموقع، انتقلنا إلى مقر قيادة الدرك الوطني بالجزائر العاصمة أين التقينا الرائد شوقي بوخزاني، مسؤول مشروع " طريقي" على مستوى مديرية التيليماتية الذي بين لنا بطريقة عملية، كيفية تحيين هذه البوابة، التي يسهر عليها فريق من المهندسين من خبراء مصالح الدرك، على مستوى مركز الإعلام والتنسيق المروري لقيادة الدرك  ببوشاوي.
ويأتي استحداث هذا الموقع المنجز من طرف مهندسين جزائريين مائة بالمائة حسب الرائد بوخزاني، لمواكبة التطورات الحاصلة في المجتمع خلال السنوات الأخيرة المتميزة بالاستخدام الواسع لتكنولوجيات  الإعلام والاتصال الحديثة في شتى الميادين لاسيما في ظل سهولة الولوج للانترنيت الذي أصبح في متناول فئات واسعة من المجتمع والذي يتم استخدامه بشكل دائم وتلقائي، كما أكد أن هذا الموقع الالكتروني الجديد الذي وضعته قيادة الدرك الوطني باللغتين العربية والفرنسية يندرج ضمن "تعزيز العمل الجواري وتحسين الخدمة العمومية للتقليص من حوادث المرور".
وفي هذا السياق أشار المتحدث إلى أن الولوج إلى هذه البوابة العمومية متاح للجميع عبر العنوان الالكتروني باللغة العربية " طريقي.الجزائر" أو بالأحرف اللاتينية "tariki .dz  " بكل سهولة.
المشروع فكرة للواء مناد نوبة
أكد الرائد بوخزاني أن المشروع جاء تجسيدا لفكرة اللواء مناد نوبة، قائد الدرك الوطني، الذي سطر ومنذ تعيينه على رأس قيادة الدرك الوطنية ضمن أولوياته - كما قال- تعزيز التدابير الوقائية والعمل الجواري تجاه المواطنين، واستغلال شبكة الطرقات التابعة لإقليم اختصاص الدرك الوطني وكذا الاستفادة من الانتشار الواسع لشبكة الإنترنت "3جي و4جي " من أجل تمكين كل مستعملي الطرقات من الاستعلام عن حالة شبكة الطرق الوطنية، في الوقت الحقيقي، قبل أو خلال أي تنقل أو سفر، في إطار المشاركة والمساهمة في التدابير الوطنية التحسيسية من أجل ضمان السلامة المرورية، لذلك جاءت هذه التطبيقة المقترحة من طرف الدرك الوطني عبر الأنترنت – كما ذكر- كأداة فعالة ووسيلة لتقديم خدمة عمومية ذات نوعية لفائدة المواطنين عبر 48 ولاية، وهي بمثابة بنك معلومات خاص بحالة الطرق، يتم من خلالها تحديد النقاط السوداء بشبكة الطرق، حالة الجو، المدة الزمنية، محطات ومساحات الراحة، مواقف السيارات ومختلف المشاكل التي قد تعترض السائق في طريقه وإفادته بمختلف الحلول التي تضمن أمنه.
2000 وحدة لتحيين المعلومات
 في خلال جلسة تطبيقية حضرتها النصر، بيّن مسؤول المشروع، الرائد بوخزاني، أن تحيين موقع طريقي يتم من طرف عناصر مركز الإعلام والتنسيق المروري للدرك الوطني ببوشاوي من خلال المجموعات الإقليمية للدرك الوطني عبر 48 ولاية للقطر، حيث يتم تزويد القائمين على تحيين الموقع كل 10 أو 15 دقيقة، بالمعلومات التي  يتم استقاؤها من طرف وحدات الدرك الوطني العاملة على الأرض، من فرق إقليمية، فرق أمن الطرقات و سرايا أمن الطرقات.
وأشار المتحدث إلى أن هذه المجموعة من الوحدات البالغ عددها مجتمعة، 2000 وحدة عبر التراب الوطني، مربوطة بشبكة داخلية للإعلام الآلي للدرك الوطني، حيث تقوم كل وحدة كما بيّن لنا، بحجز المعلومات عن طريق نظام التسجيل الخاص بالدرك الوطني المعروف باسم " أر أم أس " حيث، يتم فيه – كما ذكر- حجز كل المعلومات على المستوى الوطني في قاعدة معطيات واحدة موحدة، يتم الولوج إليها عن طريق الإعلام الجغرافي الموحد، وهو "مركز الإعلام والتنسيق المروري " سي سي آ" الموجود ببوشاوي الذي يقوم بمعالجة تلك المعلومات في مدة قياسية من أجل تحيين المعلومات على مستوى الموقع.
كما أطلعنا المتحدث على مهمة فريق العمل الخاص بتزويد بوابة " طريقي" بالمعلومات في إطار تقسيم المهام وأيضا في إطار نظام المناوبة، على مدار الساعة " 24 على 24 ساعة" و"على مدار الأسبوع 7/7 "، بمعنى أنه كلما تكون هناك أحداث جديدة أو تغييرات، يقوم الفريق العامل على مستوى مركز الإعلام والتنسيق المروري ببوشاوي بتحيين الموقع في مدة بين 10 إلى 15 دقيقة.
وبحسب الشروحات المقدمة لنا في عين المكان، فإن موقع "طريقي" يقدم نوعين من الخدمات في ما يخص الإعلام المروري، ويتعلق بحالة الطرقات في المقام الأول ثم الخدمات المتوفرة على مستوى شبكة الطرقات الوطنية، حيث يحرص القائمون على الموقع، في ما يتعلق بحالة الطرقات بنشر كل المعلومات المتعلقة بشبكة الطرقات الوطنية و يقترح الموقع في هذا الصدد خريطة تفاعلية تعكس في الوقت الحقيقي معلومات عن المسالك المحتملة لكل من يرغب السفر بين المدن أو بين الولايات وعن الطرقات المزدحمة والنقاط السوداء لشبكة الطرقات والأحوال الجوية للطرقات وكذا مدى تقدم الأشغال خاصة بالطرقات وتلك المتعلقة بالمحاور المغلقة إداريا أو بسبب تراكم الثلوج أو بسبب العوامل الطبيعية الأخرى، أو حتى بسبب احتجاجات المواطنين، ومختلف المشاكل التي قد تعترض السائق في طريقه وإفادته في نفس الوقت بمختلف الحلول التي تضمن أمنه وسلامته وتجنبه، تعريض حياته وحياة من يرافقه للخطر.
كما تتضمن المعلومات المقدمة في هذا الشأن إخطار السائقين بوجود حوادث مرور أو كل ما من شأنه أن يعرقل أو يؤثر على سيولة حركة المرور، وكذا كل ما يمكنه المساهمة في تنبيه المواطنين من أجل اخذ الحيطة والحذر.

وبخصوص الفترة الأخيرة التي تميزت برداءة الأحوال الجوية وما انجر عنه من غلق لعدد معتبر من محاور الطرقات على مستوى عديد الولايات الداخلية والساحلية بشمال الوطن، فقد حرص الفريق القائم على تحيين الموقع على تزويد الشريط التفاعلي الاستعجالي بأهم المعلومات المتعلقة بوضعية الطرقات المغلقة بسبب تراكم الثلوج أو الفيضانات أو الانزلاقات، وتساقط الصخور، وغير ذلك من المعوقات الطارئة، فضلا عن الإشارة إلى أماكن وقوع حوادث المرور، أو تراكم الجليد.أما الجزء المتعلق بالخدمات فإنه  يخص إعلام المواطنين بمحطات الخدمات المتوفرة بها وهو ما يمكن المسافر من منطقة إلى منطقة أخرى عبر الوطن أن يبرمج التوقف في المحطات المتواجدة واختيار الخدمات المتوفرة التي تناسبه سواء التزود بالوقود ، أو المطاعم ومرافق الإيواء وحتى محلات التسوق أو المؤسسات الصحية  فضلا عن محلات ومرافق صيانة المركبة، وكلها عوامل مهمة في اختيار المسار المؤدي نحو المكان المقصود في حال تعدد المسارات  وهو ما يضمن، توفير أسباب الراحة.
متطوعون لإثراء الخارطة الإلكترونية
وأثناء استعراضه لكيفية إثراء محتواها، أشار الرائد بوخزاني، إلى أن الخارطة التفاعلية التي يستغلها القائمون على الموقع يشارك في تطوير محتواها مجموعة من المساهمين الجزائريين المتطوعين، موضحا بأن هؤلاء المتطوعون يقومون في الأصل بإثراء محتوى  خريطة " أوبن ستريت ماب" العالمية، التي بإمكان أي شخص الولوج إليها، وهي ذات الخارطة التي قال الرائد بوخزاني أن فريقه يعتمد عليها في عملهم وقال " إن البيانات الخاصة بأسماء الطرق والشوارع وحتى المرافق العمومية والخاصة المتاحة على الخريطة الالكترونية المستعملة بالموقع يتم التحقق منها قبل استغلالها، مبرزا بأن عمل المتطوعين يتوقف على إثراء محتوى خارطة " اوبن ستريت ماب"، بالإشارة إلى مختلف المؤسسات الصحية والصيدليات ومختلف المرافق الأخرى ذات الطابع التجاري كالمساحات الكبرى والخدمية كالفنادق ومراكز البريد والبنوك وغيرها، وهي ذات المعلومات التي يتم استغلالها في إثراء محتوى موقع طريقي".
وفي رده عن سؤال حول درجة تأمين هذه البوابة، وقدرة القائمين عليها  على احتمال اختراقها من طرف " الهاكرز"، أوضح المتحدث بأن موقع طريقي الذي يتم إيواؤه لدى المتعامل العمومي " اتصالات الجزائر " يحظى بنفس الإجراءات الأمنية التي تحظى بها المواقع الأخرى التي تؤويها اتصالات الجزائر، ومن الصعب جدا اختراقه، كما أن أي محاولة للدخول إليه عن طريق محركات البحث المختلفة من الخارج غير ممكنة، غير أن دخول الجزائريين إليه سهل للغاية كما قال موضحا بأنه يكفي كتابة اسم الموقع سواء باللغة العربية أو بالفرنسية كما هو مبين في السابق، في المكان العلوي للصفحة المخصص لعناوين المواقع من أجل الولوج.
04 ملايين متصفح في أسبوع
ولتأكيد سهولة الدخول أكد محدثنا أن عدد زيارات الموقع خلال أسبوع قد بلغ أيام الاضطرابات الجوية الأخيرة 04 ملايين متصفح أو مستعمل، مؤكدا بأن الموقع رغم ذلك لم يعان  من أي فترة تشبع ولفت بالمناسبة إلى أن الذين اشتكوا من صعوبة الدخول للموقع هم أولئك الذين حاولوا الدخول عبر محركات البحث.
وفي رده عن سؤال حول ما إذا سيطور الموقع ليصبح مستقبلا عبارة عن "تطبيق "، لتسهيل الدخول إليه من خلال أجهزة الهاتف النقال أو اللوحات الإلكترونية المتصلة بالجيلين الثالث أو الرابع للأنترنيت النقال، أكد محدثنا بأن هذا أحد الانشغالات والاقتراحات التي عبر عنها العديد من المواطنين الذين قاموا بمراسلة الموقع عبر بريده الالكتروني ، وقال " إننا نعمل بالفعل على إنجاز تطبيق يكون متوفرا على أجهزة الهواتف الذكية".
ومعلوم أنه يتم من خلال هذا الموقع أيضا "تعميم العمليات التحسيسية والتربوية لترسيخ ثقافة مرورية بتنسيق العمل مع عدة قطاعات معنية لتقليص حوادث المرور".                                   
ع.أ

الرجوع إلى الأعلى