المغرب المحتل نهب ثرواتنا ولن نتنازل عن استقلالنا ولو تطلب ذلك العودة إلى السلاح
« نريد الاستقلال وتحقيق دولتنا الحرة المستقلة»، عبارة يرددها كل صحراوي بمخيمات اللاجئين والمناطق المحررة والمحتلة، و تعتبر القاسم المشترك لدى كل مواطني هذا البلد الذين التقتهم النصر بولاية السمارة، ورغم مرور فترة  طويلة على الاحتلال المغربي، إلا أن الأمل في الاستقلال القريب يراود كل صحرواي من الكهول والشباب والنساء، وحتى الأطفال الذين يأملون في غد مشرق تحت راية الدولة المستقلة البعيدة عن الاحتلال المغربي الذي حرمهم من المستقبل المضيء و الزاهر، وترك العديد منهم يعيشون في مخيمات اللاجئين، و شردت آلاف العائلات بعد أن فرق بين أفرادها الاحتلال المغربي لسنوات طويلة، حيث لا توجد عائلة صحراوية إلا ولها قصة مأساوية مع الاحتلال المغربي الذي نهب خيرات الصحراويين واعتقل أبناءهم وفرق بينهم، والبعض منهم لم يقابل أفراد عائلته لمدة تزيد عن 30 سنة، ومنهم من توفي أقاربه وحرمه الاحتلال المغربي من إلقاء النظرة الأخيرة عليهم وحضور الجنازة.

و يبقى الصحراويون مصممون على استقلالهم، ويحملون الأمم المتحدة المسؤولية الكاملة في تحقيق الاستقلال، بعد أن عجزت الهيئة الأممية في الضغط على المحتل المغربي لتنظيم استفتاء تقرير المصير واختيار الصحراويين طريق الاستقلال بالطرق السلمية، لكن هذا الوضع الراهن لن يستمر، حسب العديد من الشباب والكهول والنساء الذين تحدثت إليهم النصر في زيارتها لولاية السمارة، والعودة إلى الكفاح المسلح يبقى إحدى الخيارات المطروحة في حال فشل الطرق السياسية أو عدم وصولها إلى نتيجة.
 وكان لنا في هذه الزيارة لقاء مع عدد من الجنود الصحراويين الذين تحدثوا معنا بمعنويات جد عالية، مؤكدين أنهم مستعدون للعودة للحرب وطرد المحتل المغربي من أراضيهم، وأكد عدد من الشباب المجندين في جيش التحرير الصحراوي، بأنهم جاهزون للمعركة ومعنوياتهم جد عالية لدحر المغرب الذي يحتل آخر مستعمرة في إفريقيا، منتقدين الأمم المتحدة التي لم تتمكن خلال 40 سنة ، من تسوية الوضيعة وإيجاد حل سياسي يمنح بموجبه الاستقلال التام للصحراويين، ورغم نقص الإمكانيات المادية والعسكرية، لكن هؤلاء الشباب المجندين في الجيش الصحراوي، تحدثوا بعزيمة كبيرة بأنهم سيكافحون و يضحون بأرواحهم من أجل تحرير وطنهم.
وفي السياق ذاته تحدث السيد( أ، الشيخ ) وهو أحد الجنود القدماء في جيش التحرير الصحراوي بالساقية الحمراء ووادي الذهب عن المعارك مع المحتل المغربي، مؤكدا بأن العودة للكفاح المسلح يبقى أحد أهم الخيارات المطروحة في ظل تعنت المغرب المحتل وعجز الأمم المتحدة في فرض خيار الاستقلال، مؤكدا في ذات السياق بأن جبهة البوليساريو بأفضل حال، مما كانت عليه في العقود السابقة، حيث تملك اليوم آلاف الشباب من الجنود والمتطوعين المستعدين للكفاح والصمود إلى غاية تحرير بلدهم من المحتل.
وأثنى نفس المتحدث في هذا الإطار، على مواقف الدولة والشعب الجزائري، فبالرغم من اختلاف الحكومات والرؤساء و وجود معارضة و موالاة في الجزائر، إلا أن مواقف كل الجزائريين ثابتة اتجاه القضية الصحراوية، كما أثنى نفس المتحدث كثيرا على مواقف الرئيس الراحل الهواري بومدين، سواء اتجاه القضية الصحراوية أو القضايا العربية والدولية.
وأضاف بأن مواقف الجزائر الداعمة للقضية الصحراوية ليست مبنية على مصالح أو أطماع عند الصحراويين، بل إن هذا الموقف مبني حسبه، على الأخوة بين الشعبين الشقيقين الجزائري والصحراوي، منتقدا في نفس السياق الموقف الفرنسي من القضية الصحراوية الداعم للاحتلال المغربي، مؤكدا بأن هذا الموقف الفرنسي غرضه هو مواصلة نهب واستغلال خيرات الصحراويين.


عائلات صحراوية تشيد بالدور الانساني للجيش الجزائري في حمايتها من الفيضانات


وفي الوقت الذي تملك هذه العائلات الصحراوية بمخيمات اللاجئين قصصا مريرة مع الاحتلال المغربي، إلا أنها بالمقابل تملك قصصا أخرى جميلة مع الجزائر وشعبها، وفي هذا السياق أشاد جل الصحراويين الذين التقتهم النصر بالسمارة التي تبعد بحوالي 60 كيلومترا عن ولاية تيندوف، بالدعم الإنساني الكبير والتضامن اللامحدود الذي يقدمه الشعب الجزائري و الحكومة الجزائرية  للصحراويين، وأشادت العديد من العائلات بولاية السمارة بالجهود الإنسانية للجيش الجزائري في مساعدة الصحراويين، وتحدثت في هذا الإطار السيدة « لالة  ز» عن الأمطار الطوفانية التي مست المنطقة في الموسم الماضي، وأشارت إلى الجهود الكبيرة التي بذلها الجيش الجزائري الذي تدخل لحماية  أرواح السكان وإنقاذهم من الفيضانات، إلى جانب تسليم الخيم والمساعدات الإنسانية الكبيرة التي قدمت لهم. وفي نفس الوقت لدى كل عائلة صحراوية قصة جميلة أخرى مع الجزائر، خاصة مع أبنائها الذين يتمدرس أغلبهم في الجزائر، خاصة في المرحلة الثانوية والجامعية، بعد أن فتحت الجزائر ثانوياتها وجامعاتها للصحراويين.

عائلات تعيش بالمساعدات والاحتلال المغربي حرمها من ثرواتها

يعتمد الصحراويون بمخيمات اللاجئين و منها المتواجدة بولاية السمارة، على المساعدات التي تقدمها المنظمات الإنسانية، والهلال الأحمر الجزائري في معيشتهم، حيث لا وجود لوظائف إلا الوظائف الإدارية، كما لا توجد تنمية، ويحملون هذا الوضع للمحتل المغربي، ويؤكدون بأن الصحراء الغربية تتوفر على خيرات عديدة خاصة مناجم الفوسفات، والثروة السمكية وغيرها، والتي تمكن شعبها من أن يعيش متطورا و متقدما، ويحقق الاكتفاء الذاتي لو استغلها، في حين همجية الاستعمار المغربي والمتحالفين معه من الدول الأوروبية وعلى رأسها فرنسا، جعلتهم يعيشون ظروفا قاسية في المخيمات، و يستغل المحتل وحلفاؤه خيراتهم، ولولا الدعم الإنساني الذي تتلقاه العائلات الصحراوية خاصة من الجزائر، لكانت أوضاعها أسوأ بكثير.
بالمقابل يتصدى الكثير من الشباب لهذا الوضع و يكافحون لتوفير لقمة العيش،  حيث اختاروا ممارسة التجارة، عن طريق اقتناء السلع من  الجزائر و موريتانيا، وإعادة بيعها في الأسواق المحلية، و من بينها سوق بمنطقة السمارة يحتوي على كمية محدودة جدا من السلع ، و أغلبها مصدرها الجزائر، أو موريتانيا، إلى جانب بعض السلع الأوروبية، خاصة الإسبانية التي تجلب إلى موريتانيا، ثم تنقل إلى المناطق الصحراوية المحررة أو مخيمات اللاجئين. في حين فضل العديد من الشباب الهجرة، خاصة إلى الدول الأوروبية، بحثا عن عمل لمساعدة عائلاتهم.
و في ظل الحديث عن الواقع الاجتماعي للصحراويين، نذكر بأن  منطقة السمارة استفادت في السنة الماضية من الكهرباء، كهبة من دولة أجنبية مساندة للقضية الصحراوية، مما خفف  بعض المعاناة عنهم، و قبل توفير الإنارة، كان السكان يعتمدون على الطاقة الشمسية، كما قالوا لنا، فأغلب العائلات تتوفر على لوحة لإنتاج الطاقة الشمسية تزود ببطارية خاصة بمحركات السيارات، و تستغل في الليل للإنارة المنزلية، ويتم كل يوم إعادة شحن البطارية بالطاقة الشمسية. بالمقابل تعرف هذه المنطقة، بتوفر مياه الشرب التي يتم تزويدها بها من الآبار الجوفية المتواجدة بها.

الصحراويون يهتمون بالتعليم والإسبانية اللغة الثانية بعد العربية

ما يميز ولاية السمارة ومخيمات اللاجئين بصفة عامة، هو أن أغلب الصحراويين يحسنون اللغة الإسبانية، و من بينهم الأطفال والشباب، حيث أن هذه اللغة تدرس في المدارس الابتدائية و المتوسطات، وتعتبر اللغة الثانية بعد اللغة العربية، وذلك نظرا لارتباطات تاريخية مع الإسبان، و هذه الميزة اللغوية جعلت أغلب الشباب بمخيمات اللاجئين يفضلون السفر نحو إسباني، للبحث عن فرص عمل، خاصة مع التسهيلات التي يجدونها في الحصول على التأشيرة والجنسية.  
في نفس الإطار، ورغم الظروف القاسية التي يعيشها الصحراويون بالمخيمات وغياب الدولة المستقلة التي تتكفل شؤونهم، إلا أن التعليم يعد ضمن الأولويات التي تركز عليها الحكومة الصحراوية، حيث أن جل الأطفال متمدرسون في الطورين الابتدائي والمتوسط بالمخيمات أو المناطق المحررة، و في المرحلة الثانوية يرسل أغلب الصحراويين أبناءهم للتمدرس بالجزائر، في ظل التسهيلات الكبيرة التي تمنحها الدولة الجزائرية لهم.
و الملاحظ أن الأسر الصحراوية تعتني بشكل كبير بتعليم أبنائها في المرحلة التحضيرية، و تحفيظهم القرآن الكريم، فالبرغم من قلة المرافق التعليمية، لكن السلطات الصحراوية اختارت الخيم لتعليم الأطفال في هذه المرحلة القراءة والكتابة و حفظ القرآن الكريم، وذلك باستعمال وسائل تقليدية.و ذكرت  لنا في هذا السياق السيدة مريم ، معلمة في المرحلة التحضيرية بأن الخيم تعتبر المرفق الوحيد لتعليم الأطفال القراءة والكتابة و حفظ القرآن الكريم في هذه المرحلة ، وذلك باستعمال وسائل تقليدية تتمثل في اللوحة والحبر التقليدي و الأقلام المصنوعة من القصب.

الملحفة، الدراعة و الخيمة تقاليد راسخة عند الصحراويين

لا تزال العائلات الصحراوية تحافظ على العديد من العادات والتقاليد التي تضرب بجذورها عبر العصور، ورغم ظروف الاحتلال والتشرد والتفرقة التي اعتمد عليها المحتل المغربي، لكن لا تزال هذه العادات راسخة و لم تتغير، و في مقدمتها الملحفة و هي اللباس التقليدي للمرأة الصحراوية الذي يعد ضمن التقاليد الراسخة التي لم تتخل عنها المرأة الصحراوية، فالبرغم من إدخال ألوان جديدة على هذا اللباس لكنه لم يتغير، ولا تخرج المرأة الصحراوية إلا به، سواء في المناطق المحتلة أو المحررة أو مخيمات اللاجئين، وحتى في الخارج تعرف المرأة الصحراوية بهذا الزي، وفي هذا الإطار قالت لنا السيدة أمينة، بأن اقتناء هذا اللباس بمخيمات اللاجئين يتم من مالي والسينغال، أو يتم شراء القماش من الجزائر ويتم تفصيله وخياطته، وفق التصميم التقليدي للملحفة.
 و لا يقتصر ارتداء هذا الزي التقليدي على النساء، بل ترتديه أيضا الفتيات و تحافظن عليه أينما ذهبن، دون أن يتأثرن بتيارات الموضة و التغيرات التي طرأت على المجتمعات بسبب الغزو الثقافي الأجنبي.
في حين لم يحافظ الرجل الصحراوي على لباسه التقليدي المعروف بالدراعة، و ذلك لأسباب مختلفة، ومنها ظروف الحرب والشغل وغيرها، و أصبح يرتديه فقط في الأعياد و الاحتفالات.
 و لا تزال الخيمة من بين الرموز الأصيلة لدى الصحراويين، فالبرغم من غزو الإسمنت للمخيمات و تحولهم للبناء العصري واستخدام الوسائل الحديثة في البناء، إلا أن كل عائلة صحراوية تعتبر الخيمة جزءا من حياتها، فكل منزل مبني بالآجر و الإسمنت تتوسطه خيمة، و تعتبر المكان الذي يلتقي فيه أفراد العائلة ويتبادلون أطراف الحديث ويتناولون الشاي الذي لا يفارقهم طيلة اليوم.
و تصنع الخيم الصحراوية في أغلب الأحيان من جلد الماعز و الأغنام، وتحافظ على برودتها صيفا، ودفئها شتاء، كما لا تتسرب إليها الأمطار، ولعل هذه الخصائص التي تتميز بها الخيمة الصحراوية هي التي جعلت الصحراويين لا يتخلون عنها، رغم ظهور طرق جديدة للبناء. أما عن المأكولات التقليدية الصحراوية، فأغلبها مستخرجة من الشعير ومنها «الغمان»، «التشيشة»، الكسكسي و الخبز، و قد حافظت ربات البيوت على الأواني التقليدية المصنوعة من الفخار و جلد الماعز و الحلفاء، ومنها «العكة»، الشكوة، الحصير، الحنبل، القصعة و الطبق وغيرها.           
  روبورتاج: نورالدين عراب

الرجوع إلى الأعلى