حمل تتويج شباب عين ياقوت  بلقب جهوي باتنة الثاني الكثير من الدلالات، في مقدمتها إصرار هذا الفريق على الخروج من دائرة الظل، والتحليق في سماء الجهوي الأول، بعد أن تألق وسيطر على مجموعته، رغم قلة الإمكانيات ونقص خبرة جل اللاعبين.وما زاد من قيمة هذا الإنجاز، ضمان الصعود قبل 4 جولات من إسدال الستار على فعاليات البطولة، متحديا مزاحمة بعض الفرق، التي لم تتمكن من إزاحة الشباب من قمة الهرم، منها وداد الزمالة واتحاد رأس الواد ونجم تازقاغت.
روبورتاج : محمد  مداني
توقيع أبناء عين ياقوت شهادة الارتقاء وبميزانية لم تتجاوز 480 مليون سنتيم لم يكن سهلا، حيث استوجب الكثير من التضحية، وتضافر الجهود، بالإضافة إلى دعم الأنصار وأعيان المدينة والسلطات المحلية، وهو ما رصدناه عند زيارتنا إلى هذه المدينة الهادئة، التي يتنفس شبابها كرة القدم
أبرز ما يتميز به  شباب عين ياقوت الذي تأسس عام 1968، امتلاكه  قاعدة شعبية لا تجدها حتى لدى أندية الدوري المحترف، فهو فريق مهيكل من جميع الجوانب، وبأنصار من ذهب يتميزون بثقافة المناصرة، رغم غياب مصادر التمويل والتكفل الحقيقي باحتياجات الفريق، فإن المكتب المسير برئاسة لزهر عموري،  لم يفقد الأمل في الأخذ بيد الفريق نحو الواجهة، وحمل شعار التحدي لتحقيق الصعود، الذي فلت من بين أيدي الشباب في الثلاث سنوات الأخيرة.
هذا ويبقى الاستقرار على مستوى الطاقم الإداري سر النجاح، في وجود الرئيس لزهر عموري على رأس النادي منذ عهدتين، مواجها بمفرده كل الصعاب، عكس الجهاز الفني الذي تعاقب عليه هذا الموسم مدربان، حاج عباس الذي فضل الانسحاب لأسباب شخصية، ليخلفه برحلة عبد الحق الذي نجح في نجح في قيادة الفريق إلى تحقيق الانتصارات والنتائج الجيدة، حتى الجولة 30 والأخيرة.
الاحتفالات بالصعود 7 أيام دون انقطاع
ويجمع مسيرو وأنصار الفريق وكل من تحدثنا إليهم، على أن الصعود التاريخي الذي حققه الفريق كسر جدار الصمت، وأخرج مدينة عين ياقوت من الركود، وجعلها تعيش مظاهر الاحتفالات على مدار 7 أيام بلياليها ودون انقطاع، وفق وصية أحد الأولياء الصالحين الذي ترجى أقربائه وأعيان المدينة قبل وفاته، بتوسيع أفراح المدينة إلى أسبوع، في حالة حدوث حدث مميز مهما كانت طبيعته.
وفي خضم أجواء الأفراح، بدأ المسيرون التفكير من الآن في الموسم الجديد، حيث أكدوا بأن الإدارة ستحتفظ بنسبة 70 بالمائة من التعداد الذي حقق الصعود، ما يعني تجديد الثقة في الركائز، إضافة إلى القيام بتدعيمات نوعية، لإعطاء الإضافة المطلوبة للفريق.
وحسب ما استقيناه من معلومات، فإن الانتدابات ستشمل حوالي 8 لاعبين جدد، مع ترقية بعض الشبان، ولو أن الهدف المسطر يبقى ضمان البقاء في الجهوي الأول، وكسب الخبرة والاحتكاك.
جنود الخفاء وراء الصعود و المال الهاجس الأكبر
وإذا كان الصعود التاريخي للجهوي الأول ما زال يصنع الحدث وسط الشارع الرياضي المحلي، فإنه لم يكن سهل المنال أو هدية، بل تطلب تضحيات كبيرة من مجموع المسيرين الذين يلقبون بجنود الخفاء، والذين عملوا في صمت ضمن أسرة واحدة ومتماسكة، ناهيك عن وقوف الأنصار.
كما أن المجلس الشعبي البلدي كان الممول الوحيد للفريق رغم محدودية إمكانيات البلدية.
القائمون على الفريق يجمعون على أن إشكالية التمويل باتت تشكل الهاجس الأكبر للإدارة، بالنظر للمتاعب المالية الكبيرة التي واجهها الفريق هذا الموسم، والنفقات المتزايدة التي يتطلبها الجهوي الأول.
وضع جعل الرئيس عموري يفكر مبكرا في إيجاد مخرج له، من خلال توجيه نداء للسلطات الولائية ورجال أعمال المنطقة لمساعدة الفريق، في ظل التحديات التي تنتظره الموسم المقبل، ومخاوفه من انعكاسات نقص الخبرة وغياب الأموال الكافية.

لزهر عموري (رئيس الفريق)
 الصعود كلفنا 480 مليونا
اعتبر رئيس شباب عين ياقوت لزهر عموري صعود فريقه تاريخيان وثمرة عمل كل الأطراف الفاعلة، موضحا بأن هذا المكسب الهام  كلف الخزينة 480 مليون سنتيم، جلها مساعدات من السلطات العمومية، مع تسجيل عجز مالي بقيمة 62 مليون سنتيم إلى غاية جانفي الماضي.
وقال عموري للنصر، أن الإدارة راهنت منذ بداية الموسم على ورقة الصعود، من خلال التحضيرات المبكرة والتدعيم النوعي، مثمنا المسيرة المضفرة للشباب، ودور بعض الأطراف في بلوغ الهدف المسطر، خاصا بالذكر، كل من المسير سليم  عموري، وقائد الفريق حاجي حسين، الذي اعتبره مهندس الصعود دون تجاهل جهات أخرى.
وحسب محدثنا، فإن المكتب المسير بدأ من الآن التفكير في الموسم القادم، الذي يريده محطة للتأكيد وكسب الخبرة،  متقدما بالشكر للاعبين والمسيرين وأعضاء الطاقم الفني والأنصار والسلطات المحليةا، مهنئا الجميع بهذا التتويج.
كما أصر عموري على التأكيد أن الصعود للجهوي الأول لا يمكن أن يكون نهاية مسيرة، بقدر ما يجب وضعه كنقطة لبداية عهد جديد في تاريخ الكرة بهذه البلدية، مبرزا الانعكاسات الإيجابية لهذا الإنجاز على النشاط المحلي للمدينة: «على شبان المدينة الاستثمار في هذا الصعود، ونحن نأمل في أن يخرج كرة القدم من سباتها، ويفتح لها آفاقا أرحب، خاصة وأننا عجزنا عن تجسيد هذا الحلم خلال السنوات الثلاث الأخيرة
.وفي هذا الصدد دعا الرئيس عموري السلطات المحلية والولائية إلى التكفل بشكل فعلي وجدي بانشغالات واحتياجات فريقه، في ظل الرهانات التي تنتظره في بطولة الجهوي الأول، التي تتطلب برأيه الكثير من الأموال، مشيرا في معرض حديثه إلى أنه لن يدخر جهدا في سبيل جعل عين ياقوت مستقبلا محطة للفرق الكبرى. كما التزم بتعزيز المكتب المسير بكفاءات قد تعطي الإضافة للفريق، بالإضافة إلى انتدابات نوعية، والشروع في التحضيرات مبكرا: «أعد سكان عين ياقوت بصون الأمانة، ومواصلة المسيرة بنفس العزيمة والصرامة، وإعطاء صورة أحسن للكرة بهذه المنطقة».

عبد الحق برحلة (مدرب الفريق)
لم يراودني الشك لحظة في الصعود
وصف المدرب عبد الحق برحلة الصعود بالإنجاز التاريخي في مشواره المهني، موضحا بأن الأمر لم يكن سهلا، في ظل المزاحمة الشديدة لبعض الفرق، أبرزها نجم تازقاغت واتحاد راس الواد، إلى جانب وداد الزمالة.
برحلة ثمن مجهود اللاعبين وانضباطهم طيلة الموسم: «أفتخر اليوم بهذا المكسب، خاصة وأن فريقي أثبت جدارته وسيطر على أطوار البطولة، رغم مضايقة بعض الأندية. لقد انهينا الموسم في الصدارة، وبفارق 12 نقطة عن الوصيف وداد الزمالة، مع أحسن خط هجوم (57 هدفا)، وأفضل دفاع الذي لم يتلق سوى (22 هدفا). وما في قيمة هذه المسيرة، نيلنا لقب الروح الرياضية، وهو ما يعكس عمل الإدارة في توفير الشروط المناسبة وعوامل النجاح». ويرى برحلة أن مستوى البطولة كان متوسطا على العموم، عدا بعض المواجهات التي عرفت إثارة كبيرة لقيمة الرهان، مشيدا بالعمل الذي قام به المدرب حاج عباس خلال فترة الصيف، قبل أن يقرر الرحيل بعد الجولة الأولى: «شخصيا وجدت فريقا محضرا عند خلافتي لعباس في الجولة الثانية، وواصلت العمل على نفس الطريقة، ونجحنا بفضل تضافر الجهود في مهمتنا. أهدي الصعود لسكان عين ياقوت، حيث لم يراودنا الشك لحظة في تحقيقه». 

عبد الرحمان بوعصيدة (عميد الكتاب العامون)
نهنئ أنفسنا بهذا الصعود
«شخصيا أشكر اللاعبين والمسيرين الذين ساهموا في هذا الانجاز، الذي تطلب الكثير من التضحية وتضافر الجهود. صراحة لأول مرة منذ أزيد من  20 سنة وأنا في الأمانة العامة للفريق، لم يسبق لي وأن أحسست بوجود بوادر النجاح والصعود، وأعتقد بأننا هذه المرة وفقنا في مهمتنا بفضل تضافر جهود الجميع، من لاعبين وإداريين وطاقم فني، وهو ما يجعلنا اليوم نفتخر بهذا المكسب الهام. كرة القدم بعين ياقوت صارت اليوم بين أياد آمنة، وعلى أهل المدينة الحفاظ على المكاسب المحققةن وإنني على يقين من أنه بإمكاننا تحقيق المزيد من النجاحات، في ظل وجود الإرادة والنية الصادقة لخدمة الفريق. سكان وشباب البلدية سيفتحون بكل تأكيد بهذا الجيل من اللاعبين الذي حمل المشعل وراية الفريق صفحة جديدة، والأخذ بيده صوب الواجهة».

قــالوا عن الصعـود
ناصري عبد الرحمان (لاعب)
الصعود الثاني في مشواري كان شاقا
«أنا جد سعيد بهذا المكسب المهم، الذي يعد ثاني صعود لي في مشواري الكروي مع فريقي، وأِؤكد بأنه كان شاقا، بفعل المزاحمة الكبيرة مع كوكبة المقدمة. لذلك أرى بأنه يحق لنا الافتخار بهذا الصعود الذي صراحة لم يكن بمثابة هيبة، بقدر ما تطلب الكثير من المثابرة والتضحية، حيث شكلنا طيلة الموسم عائلة واحدة. أشكر الجميع وعلينا تثمينه وتعزيزه بإنجازات أخرى».

علي لكحل عيسى (لاعب)
 5 سنوات ونحن نضيع الصعود و اليوم جاء دورنا
«أعتقد بأننا نستحق التتويج باللقب، نظرا للسيطرة التي فرضناها على البطولة. والواقع أن الصعود، كنا ننتظره منذ 5 سنوات، أين كنا في كل مرة نتراجع في المحطات الأخيرة، وها قد جاء دورنا اليوم لكي نسعد أنصارنا، ولو أن الأمر لم يكن سهلا إطلاقا. لقد نجحنا في تخطي الكثير من العقبات، وتحدينا كل المشاكل،  وها نحن نجني ثمار جهود جميع الأطراف».

حاجي حسين (قائد الفريق)
 مبروك على عين ياقوت
«أهنئ سكان عين ياقوت بهذا المكسب التاريخي، وعلينا جميعا الاحتفال به، لأننا انتظرنا طويلا  من أجل طرد النحس، بعد أن عانينا في كثير من المواسم، لذلك أنا جد مسرور، وعلينا مضاعفة الجهود للحفاظ على هذا الانجاز. أود  أن أشكر كل الأطراف التي ساهمت في بلوغ الهدف المسطر، وعلى رأسها رئيس الفريق عموري لزهر، والطاقم الفني بقيادة برحلة. وأرى بأنه أحسن تتويج في تاريخ النادي».

عليكة عبد الرزاق (حارس مرمى)
موسم تاريخي و قد يكون الأخير بالنسبة لي
«أرى بأن صعودنا يشكل رسالة لشباب مدينة عين ياقوت، لاستيعاب دروس الماضي وحمل المشعل، لأن هذا الإنجاز لا يجب أن يكون الشجرة التي تغطي الغابة، باعتبار أن القادم أصعب، وعلينا التفكير من الآن في الموسم المقبل. أنا شخصيا أرى بأن هذا الموسم قد يكون الأخير بالنسبة لي مع فريقي. وقبل ذلك علينا أن نتلذذ بفرحة الصعود، ومشاركة الأنصار احتفالاتهم».

الرجوع إلى الأعلى