مياه سد بني هارون لإنقاذ الفلاحة بمنطقة الشمرة بباتنة
يقترن اسم بلدية الشمرة بولاية باتنة، بالفلاحة وخاصة شعبة إنتاج الحبوب بالإضافة لشعب أخرى لطالما اشتهرت بها المنطقة، إلا أن واقع الحال غيّر ذلك حسب الفلاحين والمنتخبين بالبلدية، نظرا لتفاقم مشاكل لسنوات أبرزها الجفاف، جعلتها لم تعد تلك البلدية  الفلاحية،  وحسب المير وممثل الفلاحين بالمنطقة فإن الشمرة فلاحية على الورق فقط وليس واقعيا، لكن القائمين على قطاع الفلاحة متفائلون بتغير وجه الشمرة من خلال المشروع الضخم لري 17 ألف هكتار، وإعادة بعث خدمة الأرض عن طريق تحويل المياه من سد بني هارون نحو سد تيمقاد وهو المشروع الذي يعد رهانا لتجاوز عدة عراقيل.
روبورتاج وتصوير : ياسين عبوبو
مشروع  تحويل مياه بني هارون سيغير وجه البلدية
أكد فلاحون رصدنا آراءهم خلال زيارتنا للمحيطات الفلاحية الممتدة بإقليم بلديات الشمرة وبولهيلات وأولاد فاضل بالجهة الشرقية لولاية باتنة، بأنهم يستبشرون خيرا بمشروع التحويل الذي سمعوا عنه من خلال جلب مياه سد بني هارون نحو سد تيمقاد لاستغلالها خصيصا في السقي الفلاحي، فيما تباينت آراء البعض بين متحفظ متسائل عن الآجال وبين متسائل آخر عن الأراضي المعنية بالسقي.
مشروع تحويل مياه سد بني هارون، الذي دخل حيز الخدمة عبر رواق ثان  نحو سد تيمقاد قبل أشهر،  و يُنتظر أن تنتهي  قبل نهاية السنة الجارية 2017 حسبما أكده مدير الموارد المائية أشغال التحويلات الخاصة بالري الفلاحي، وأوضح مدير ذات القطاع عبد الكريم شبري، بأن المشروع  الذي تقدر تكلفته بـ 300 مليار سنتيم سيسلم عبر شطرين، بحيث يُمكن الشطر الأول من المشروع الذي سينتهي هذه السنة من الانطلاق في سقي مساحة تقدر بـ7300 هكتار من المحيطات الفلاحية.
مدير قطاع الموارد المائية، كشف عن اصطدام المشروع الذي يشرف عليه الديوان الوطني للسقي والتطهير، باعتراض ملاك بعض الأراضي الذين يرفضون تمرير قنوات الأنابيب الخاصة بالري بمبررات مختلفة يتحججون بها على أن بعض الأراضي صالحة للبناء ولا يمكن تمرير أنابيب تحتها، وأوضح ذات المسؤول بأن تلك الاعتراضات لا تشكل هاجسا أمام المشروع، مؤكدا انتهاء أشغال الشطر الأول من المشروع الكبير المعول عليه في إعطاء دفعة جديدة للنشاط الفلاحي بالولاية خلال السنة الجارية، بعد أن بلغت نسبة تقدم الأشغال ما قدره ستون بالمائة. وأوضح ذات المسؤول بخصوص الانشغالات التي يطرحها فلاحون حول المساحات المعنية بالاستفادة من المشروع مؤكدا بأن 17 ألف هكتار المحددة تمت استنادا لدراسة تقنية.      
من جهته مدير قطاع المصالح الفلاحية لولاية باتنة، أكد لـ»النصر» على الأهمية الكبيرة لمشروع تحويل المياه من سد بني هارون نحو سد تيمقاد، وقال بأنه يمثل استثمارا ضخما سيغير المعطيات الاقتصادية الفلاحية للولاية وسيعود بالفائدة على المنطقة، من خلال رفع مردودية الإنتاج الفلاحي، وأوضح مدير الفلاحة في رده على انشغالات الفلاحين الذين يطالبون بتوسيع المساحات المسقية،  بأن المحيطات المحصية المعنية بالسقي والمقدرة بـ17 ألف هكتار لا يمكن الاستهانة بها، مؤكدا بأن تحديدها جاء وفق دراسة تقنية حددت المساحات القابلة للسقي وغير القابلة.
كدية لمدور يبتلع الأودية ويقضي على الفلاحة
أكد فلاحون بمحيطات منطقة الشمرة التقيناهم خلال زيارتنا للبلدية ممن استطلعنا آراءهم، حول مشروع السقي الذي ستستفيد منه أراضيهم انطلاقا من سد بني هارون وعلى رأسهم الأمين الولائي والجهوي للمنظمة الوطنية لتطوير الفلاحة، الذي ينحدر من الشمرة، حيث أجمعوا على أنهم يستبشرون  خيرا بالمشروع خاصة في ظل شح وانعدام الموارد المائية التي حولت الشمرة حسبهم إلى منطقة نائية وغير منتجة فلاحيا عكس واقعها خلال سنوات من الماضي حين كانت تدر مختلف الخيرات من المنتجات الفلاحية. وقال الفلاحون بأن الشمرة لم تعد تحمل سوى شهرة سنوات خلت على أنها فلاحية، وهي في حقيقة الأمر حسب ممثل الفلاحين فيصل شرقي لم تعد كما كانت عليه في سنوات ماضية، وهنا أشار محدثنا إلى جانب من التقيناهم من الفلاحين إلى أن السبب في الجفاف وشح المياه هو إنجاز سد كدية لمدور بتيمقاد بعد أن انعكس إنجازه  سلبا على الأراضي الفلاحية.
سد كدية لمدور بتيمقاد، الذي يعد نعمة على الكثيرين،  كونه اليوم أصبح مصدر التزود بالمياه لسكان عدة بلديات، من ولايتي باتنة وخنشلة عبر ثلاثة أروقة ضخمة، فهو يعد بالنسبة للفلاحين بالشمرة نقمة منذ إنجازه بعد أن حجز المياه الطبيعية التي كانت تجري في أودية الشمرة عنهم، والتي كانوا يعتمدون عليها في السقي الفلاحي، وأشار من تحدثنا إليهم إلى أن المشروع كان قد عرف في وقت مضى قبل إنجازه معارضة لم تُجد نفعا، ومع ذلك أكدوا بأنهم يأملون اليوم أن يعوضهم مشروع التحويلات الكبرى للمياه انطلاقا من سد تيمقاد في بعث النشاط الفلاحي بالمنطقة مجددا عمَا عانوه خلال سنوات مضت اضطرت الكثير منهم إلى هجر النشاط الفلاحي وإهمال أراضيهم.
الفلاحون وعلى رأسهم الأمين الجهوي للمنظمة الوطنية لتطوير الفلاحة، أوضحوا بأن هاجسهم اليوم لم يعد ينحصر فقط في شح وانعدام الموارد المائية، وتأثير إنجاز سد تيمقاد على توفرها، حيث تحدثوا عن انشغالات عدة ساهمت أيضا في تغيير الصورة الفلاحية للشمرة التي لم تعد كما كانت في سابق عهدها، وقد كشف ممثل المنظمة الفلاحية التي يتمثل دورها في الوساطة بين السلطات العمومية والفلاحين، عن إحصاء 15 بئرا بالبلدية أنجزت دون تجهيزها ما جعلها خارج الخدمة قال أنه يجري السعي للاستفادة منها.
وقال الفلاحون بأن الشمرة في سنوات ماضية كانت تدر كل الخيرات وذلك بالاعتماد فقط على تساقط الأمطار وجريان الأودية، وكان الإنتاج في بعض المرات يبلغ مستويات قياسية حسبهم من الحبوب والذرة والثمار وإنتاج الحليب والبيض لدرجة الاصطدام بمشكلة التسويق، وهنا تحدث ممثل الفلاحين عن العجز المسجل خصوصا في غرف التخزين والتبريد في حال فائض المنتجات الفلاحية التي أكد بأنها تبقى عرضة للكساد والفساد بسبب انعدام إمكانيات حفظها.
فلاحون يطالبون بإدماج أراضيهم ضمن المحيطات المسقية
يطرح مشروع تحويل المياه من سد بني هارون إلى السقي الفلاحي لآلاف الهكتارات بمحيطات الشمرة بولاية باتنة، إشكالية لدى العديد من الفلاحين الذين استاءوا من استثناء أراضيهم من المحيطات المعنية بالاستفادة من المشروع خاصة المتاخمة لبلدية تيمقاد، على غرار ظهرة عمران، بولمرايد، مرزقلال والأراضي الواقعة على جانب طريق تيمقاد، وقال فلاحون في حديثنا إليهم بأن بعض الأراضي مترامية على جانبي الطريق، ومنها ما تعود ملكيته لنفس الأشخاص والعائلات غير أن السقي لن يشملها كلها، وهو ما يطرح بالنسبة لهم إشكالا حول كيفية التي اختيرت على أساسها المحيطات المعينة بالسقي.
وقال فلاحون في سياق متصل، بأنهم ينتظرون إعادة الاعتبار لأراض ظلت مهملة سواء بسبب الجفاف أوطبيعة ملكيتها القانونية، ما يتطلب حسبهم تدخل المصالح المعنية لتسوية وضعية الأراضي، قبل الشروع في عملية السقي من خلال مشروع التحويل القادم من سد بني هارون من ولاية ميلة.
نسبة النيترات تخلق أزمة في مياه الشرب
وفي سياق الموارد المائية، يعاني سكان الشمرة ومختلف مشاتيها من أزمة ماء لا تقتصر على الشح في المورد المائي، فحسب وإنما في نوعية المياه التي تصلهم حيث أن الراوئح المنبعثة منها ومذاقها غير الطبيعي جعل السكان لا يستغلونها في الشرب، وقال لنا مواطنون بأنه يصعب عليهم حتى استغلالها في باقي الحاجيات نظرا للرائحة المنبعثة منها.
 مشكلة نوعية المياه التي يتزود بها سكان الشمرة  لم ينفه  المدير القطاعي لمصالح الموارد المائية والري لولاية باتنة لـ»النصر»، الذي أرجع سبب النوعية الرديئة للمياه إلى تواجد نسب كبيرة من النيترات في مياه الشمرة، وقال ذات المسؤول بأن هذه البلدية تم إدراجها ضمن البلديات المعنية بالاستفادة من مشروع مياه سد تيمقاد عبر الرواق الرابع الذي سيتم إنجازه لفائدة عدة بلديات بالجهة الجنوبية الشرقية، وأضاف مدير الموارد المائية بأن مشروع آخر لحفر تنقيب ضمن برنامج استعجالي ستوجه مياهه خلال السنة الجارية لبعض المشاتي التي تعاني شحا في التزود بالماء .
سكن ريفي عالق و منطقة نشاطات دون عقار
كشف منتخبون بالمجلس البلدي لبلدية الشمرة لـ»النصر» عن اصطدام المجلس بعراقيل لتحقيق مشاريع اقترحها ويهدف المجلس لتجسيدها من أجل النهوض بالبلدية تنمويا أبرزها منطقة للنشاطات الصناعية تم اقتراحها على غرار باقي البلديات التي استفادت من مناطق نشاطات خاصة في ظل العجز المالي الذي تعاني منه البلدية، وأوضح رئيس البلدية صالح بفلراق بأن مساعي المجلس بلغت حد السلطات العليا من أجل التدخل للتنازل عن مساحة عقارية ظلت مهملة منذ سنوات بمنطقة ذراع الحرمل تتربع على مساحة تزيد عن الخمسين هكتار حتى يتم استغلالها كمنطقة للنشاطات الصناعية.
المير تأسف للاعتراض على  المقترح بسبب تحفظات المصالح الفلاحية على أن الأرضية فلاحية  و  أكد بأن مختصين أثبتوا بأنها باتت لا تصلح للفلاحة ، وفي ذات السياق أوضح ذات المسؤول بأن الأرضية تعد الوحيدة التي يمكن تخصيصها منطقة للنشاطات الصناعية نظرا للامتيازات التي وتوفرها من جوارها للطريق الوطني 78 وكذا مرور مشروع طريق الهضاب العليا بجوارها أيضا.
رئيس بلدية الشمرة وفي سياق السكن كشف عن استفادة بلديته من حصة سكنية من البناء الريفي  تم إعداد قوائم المستفيدين منها وكذا الإعلان عنها بعد استنفاد كافة الإجراءات بمعاينتها من طرف كافة المصالح المعنية ليصطدموا بعدم الإفراج عنها من طرف مديرية السكن بسبب الوضعية المالية حسب ما تم إبلاغهم به، مضيفا بأن المستفيدين باتوا يطرقون أبواب البلدية بشكل يومي بعد أن ظلت وضعيتهم عالقة.     
أكد رئيس بلدية الشمرة الصالح بالفراق، على أهمية مشروع التحويلات الكبرى للسقي الفلاحي لمحيطات الشمرة، معتبرا بلديته محظوظة في الاستفادة من هكذا مشروع قال أنه سيعيد الصورة الحقيقية للفلاحة بالمنطقة، لكنه في الوقت نفسه لم يُخف تخوفه من هاجس غياب اليد العاملة رغم أن المشروع نظريا حسبه سيمتص نهائيا البطالة بالمنطقة في حال توجه الشباب البطال نحو النشاط الفلاحي مرجعا تخوفه إلى الذهنيات السائدة التي تنفر من العمل والنشاط الفلاحي.
وعاد المير في حديثنا إليه خلال لقاء جمعنا به في مكتبه بمقر البلدية إلى تأثير مشروع سد كدية لمدور بتيمقاد عن النشاط الفلاحي بالشمرة بسبب قطع المياه التي كانت تجري في الوديان والمجاري الطبيعية عن الفلاحين، ومع ذلك أكد بأن المشروع الحالي للتحويلات الكبرى من شأنه أن يعيد للشمرة صورتها الحقيقية للفلاحة، وتطرق  المير إلى تراكم جملة من الانشغالات والنقائص ساهمت في تراجع النشاط الفلاحي بالمنطقة في مختلف الشعب الفلاحية التي اشتهرت بها الشمرة وأدت إلى هجرة السكان للأرياف.
يـاسين. ع         

الرجوع إلى الأعلى