الجزائر تحقق قفزة نوعية في الصناعة العسكرية

تحتضن ساحة المتحف المركزي للجيش في رياض الفتح بالجزائر العاصمة، أبوابا مفتوحة على الصناعات العسكرية الجزائرية وما حققته منذ إنشاء أولى وحداتها الإنتاجية في فجر الاستقلال، إلى غاية السنوات الأخيرة التي عرف فيها هذا القطاع قفزة نوعية سيما في مجال صناعة العتاد الحربي المتطور من معدات عسكرية وقتالية محلية الصنع، فضلا عن مختلف المنتوجات والأجهزة التكنولوجية المتطورة، التي تلبي احتياجات مؤسسة الجيش وأفرادها، وتعزز المنظومة الدفاعية في الميدان فضلا عن تلبية قسط هام من احتياجات الاقتصاد الوطني من الآلات الصناعية وقطع الغيار.
ويمكّن المعرض، الذي تشرف عليه مديرية الإيصال والإعلام والتوجيه لوزارة الدفاع الوطني و المتكون من عدد من الأجنحة لمختلف وحدات إنتاج الصناعات العسكرية، بما فيها الوحدات التي تم إقامتها في إطار شراكة مع بلدان عربية شقيقة وبلدان أجنبية صديقة، الجمهور الواسع من الوقوف على مدى التطور الكبير والمستوى الرفيع الذي بلغته الصناعات العسكرية الجزائرية بمختلف فروع إنتاجها ودورها البارز في تطوير قطاع الصناعة الوطنية ( المدنية ) وجدواها في دفع عجلة التنمية في عديد المجالات.
وقد شهد المعرض منذ افتتاحه في الفاتح من شهر جويلية الجاري، في إطار الاحتفالات المخلدة للذكرى الـ 55 لعيدي الاستقلال والشباب، اهتمام وإعجاب الجمهور الذي ترجمه – حسب المنظمين بتسجيل انطباعات مثمنة والتقاط آلاف الصور في عين المكان.
قفزة نوعية في التصنيع العسكري
من بين المؤسسات الحاضرة في المعرض، نجد مؤسسة العربات العسكرية الثقيلة لإنتاج سيارات رباعية الدفع ومختلف الشاحنات التي تسعى لتغطية احتياجات الجيش الوطني الشعبي.
ويضع جناح الشركة الجزائرية لصناعة المركبات بعلامة ‘’مرسيدس بنز’’، مركبات مصنوعة وطنيا بأيد جزائرية، وتعتبر هذه المؤسسة المتواجدة في بوشقيف بولاية تيارت امتدادا للمؤسسة الجزائرية لإنتاج السيارات ذات الوزن الثقيل بالرويبة، وهي المؤسسة التي أنشئت في إطار الشراكة الجزائرية - الإماراتية – الألمانية.
و يمتلك الطرف الجزائري 51 بالمائة من الأسهم ‘’34 بالمائة لشركة تطوير صناعات السيارات التابعة لمديرية  الصناعة  العسكرية بوزارة الدفاع الوطني و17 بالمائة للشركة الوطنية للعربات الصناعية’’.
أما المساهم الثاني ( الشريك )، فيتمثل في صندوق الاستثمار الإماراتي ‘’ أعبار’’ بنسبة 49 بالمائة من الأسهم، فيما يعتبر الطرف الألماني المتمثل في شركة  ‘’دايملر’’، شريكا تكنولوجيا.
كما يشارك في ذات المعرض مصنع ولاية خنشلة لإنتاج السيارات المصفحة ‘’نمر’’، الذي دخل حيز الخدمة في ديسمبر 2014، في إطار شراكة بين وزارة الدفاع الوطنية وشركة ‘’توازن’’ الإماراتية، بالإضافة إلى مجمع ترقية الصناعة الميكانيكية بعين السمارة في قسنطينة.
و من المؤسسات الحاضرة في المعرض أيضا نجد مؤسسة الصناعات الميكانيكية بخنشلة المتخصص في صناعة مختلف الأسلحة الخفيفة من بنادق ورشاشات ومسدسات ولواحقها، و قطع الغيار والأدوات وكذا أدوات القياس، وهي موجهة لتزويد المؤسسات الأمنية الجزائرية بما فيها الشرطة والجمارك، وكذا بعض المؤسسات المدنية على غرار مجمع سوناطراك، سونلغاز، الجزائرية للمياه، و غيرها.
وبمحاذاة هذا الجناح ، نجد جناح مؤسسة الانجازات الصناعية بسريانة، وهي مؤسسة عسكرية ذات طابع صناعي وتجاري متخصصة أساسا في صناعة الذخيرة بكل أنواعها ذات العيار الصغير والكبير، مواد وخردوات حديدية، أوسمة ميداليات شارات علب الهدايا، منتوجات السباكة، زرافات الإضاءة والنصب التذكارية.
كما لذات المؤسسة منتوجات أخرى ذات استعمال مدني وعسكري على غرار العتاد شبه الطبي، مثبتات العظام، مولدات الطاقة الكهربائية.
كما يشارك في المعرض الديوان الوطني للمواد المتفجرة الذي أنشئ سنة 1979 والمتخصص في إنتاج المتفجرات ولوازم التفجير، الذي يتوفر على فروع عديدة عبر الوطن ويتكفل بإنتاج جميع أصناف المتفجرات ذات الاستعمالات العسكرية والمدنية كالتي تستعمل في المقالع والأشغال العمومية وحفر الآبار و الأنفاق وغيرها.
كما حضرت مؤسسة الألبسة ولوازم النوم ومهمتها الأساسية توفير احتياجات الجيش الوطني الشعبي والقوات شبه العسكرية  بلوازم المعتمدية من ملابس، أحذية، تخييم ، لوازم النوم والتأثيث وغيرها وتعمل هذه المؤسسة تحت وصاية مديرية الصناعات العسكرية ولها خبرة طويلة تفوق 30 سنة  في الميدان الصناعي والتجاري.
ثمار نقل التكنولوجيا وتدخل مراكز البحث و الهندسة للجيش الوطني الشعبي
لقد كان المعرض فرصة للكشف عن بعض الإنجازات التي حققتها الصناعة العسكرية الجزائرية في مجال العتاد الحربي، سيما من خلال التعديلات التي أدخلها مهندسو وخبراء المؤسسة العسكرية في هذا المجال، كتعديل المدفع المضاد للدبابات و الدروع السوفيتي MT12 ، بتركيبه على شاسي زيتروس 6/6 وهو التعديل الذي سمح بجعل مدفع عيار 100 ملم 2A29 أكثر قابلية للحركة وبسرعة كبيرة وهو الأمر الذي كان مستحيلا من قبل، في السابق كان هذا المدفع مخصصا لدعم ومساندة المراكز الثابتة في وضع الدفاع المستكن لينتقل اليوم إلى مرافقة الوحدات الهجومية.
كما تم الكشف عن أول تعديل لشاحنة مرسيدس إلى مدفع ذاتي الحركة، في نفس الوقت تم تعديل شاحنة أونيموغ مرسيدس لتصبح مدفع مضادا للطائرات ذاتي الحركة بتركيب مدفع zsu 23 ملم عليها.
أما سيارة المرسيدس كلاس g فقد تم تعديلها لتحمل رشاشا متوسطا عيار 12,7 ملم ومن غير المستبعد – كما استفيد في عين المكان من خلال الشروحات التي قدمت لنا، أن تظهر تعديلات أخرى تحمل المدفع الرشاش 14.5 ملم أو صواريخ مضادة للدبابات كورنيت أو غيرها.
وهناك أيضا نموذج تم تزويده براجمة صواريخ مما يعطي مرونة اكبر للمدفعية في أرض المعركة في دعم القوات البرية
عربة أخرى من نفس النوع تم عرضها معدلة لمهام حراسة الحدود مجهزة ببرج مصنع محليا مزود برشاش متحكم فيه عن بعد من داخل العربة مع معدات اتصال ومراقبة من صنع محلي برخصة علامة Rohde & Schwarz الألمانية.
كما أن هناك عربة جديدة نالت حظها من التعديلات وستدخل الخدمة رسميا، وهي عربة BTR 60 مجهزة ببرج مصنع محليا مسلح بقاذفات صواريخ مضادة للدبابات من نوع كورنت مما يجعلها قانصة دبابات حقيقية.
كما يضم المعرض، المدفع السوفيتي الشهير D 30 الأخف وزنا و الأكثر عملية من المدفع السابق والذي يستفيد من الاستقرار على ظهر نفس العربة من خلال أربع روافع هيدروليكية مع خزانة ملحقة لحفظ 48 قذيفة ملحقة بالمدفع مما يوفر له إدامة جيدة مع تحكم عن بعد نظام الكتروني للمعركة  الذي يسمح له بالعمل ضمن شبكة C2 ، المركبة مجهزة بنظام إبحار INS والكل يمكن إخفاؤه وتمويهه بواسطة شبكة خاصة.
عبد الحكيم أسابع

المفتش المركزي للصناعات العسكرية بوزارة الدفاع الوطني العقيد محمد جعفر للنصر
بلغنا مرحلة هامة من  التحكم في التكنولوجيات الحديثة للمنظومة الدفاعية
برنامج خاص لتكوين الكفاءات الجزائرية لتدعيم مراكز البحث والهندسة للجيش
أكد المفتش المركزي للصناعات العسكرية بوزارة الدفاع الوطني العقيد محمد جعفر أن النقلة النوعية التي حققتها الصناعة العسكرية في الجزائر خلال  السنوات الأخيرة، تهدف إلى تطوير القدرات الدفاعية للجيش وتحقيق الاكتفاء الذاتي من الأسلحة والعتاد والمشاركة في تطوير الاقتصاد الوطني من خلال الاستجابة لسد أكبر نسبة من حاجيات المؤسسات الوطنية سواء في مجال توفير آلات الإنتاج المحلية أو قطع الغيار من أجل تقليص فاتورة الاستيراد، مؤكدا عزم قيادة الجيش الوطني الشعبي على المضي في تطوير هذا القطاع السيادي والاهتمام بتكوين المورد البشري من خريجي الجامعات والمعاهد الوطنية الجزائرية لكسب التحدي.
وفي لقاء خص به النصر على هامش الأبواب المفتوحة على الصناعات العسكرية المنظمة في الفترة الممتدة بين 01 و 10 من شهر جويلية الجاري في ساحة رياض الفتح أمام المتحف المركزي الجيش بالجزائر العاصمة، في إطار الاحتفالات المخلدة للذكرى الـ 55 لعيد الاستقلال والشباب، أكد العقيد جعفر، عزم قيادة الجيش الوطني الشعبي على الاستمرار في شق الطريق نحو العصرنة والتحكم في التكنولوجيات الحديثة في ما يتعلق بالصناعات العسكرية، سيما من خلال الاستمرار في الدخول في المزيد من مشاريع الشراكة، من أجل تلبية حاجيات مختلف الوحدات القتالية للمؤسسة العسكرية، والمساهمة في تطوير الصناعة المدنية سعيا لدفع عجلة التنمية الوطنية في جميع المجالات.
وبعد أن أشار إلى أن المعرض قد تم تنظيمه لتعريف أبناء الشعب الجزائري عن قرب على ما بلغته الصناعة العسكرية الجزائرية من تنوع وتطور وعصرنة، في سبيل تعزيز قاعدتها الصناعية، وتطوير إمكانات القطاع الاقتصادي الوطني بصفة عامة، أكد ذات المسؤول بأن الجيش الوطني الشعبي كمؤسسة دستورية تسهر على الدفاع عن الوطن وحماية حدوده، تحرص على التوجه نحو تطوير قدرات وحداتها سيما من خلال الاهتمام بتكوين الكوادر الجزائرية.
وذكر المفتش المركزي للصناعات العسكرية بوزارة الدفاع الوطني في هذا الصدد بأن المؤسسة العسكرية تعمل باستمرار على تدعيم وحداتها للبحث والتطوير بالكفاءات الوطنية سواء من خريجي المدارس والكليات التابعة لوزارة الدفاع الوطني أو بتلك التي تتخرج كل مرة من المؤسسات الجامعية الوطنية في مختلف التخصصات التي يحتاجها قطاع البحث والهندسة العسكرية ووحداتها، وإرسالها للتكوين في الخارج.
كما كشف المتحدث بأن للمؤسسة العسكرية تربطها علاقة شراكة وطيدة بقطاع  التعليم والتكوين المهنيين من أجل سد احتياجات القطاع العسكري باليد العاملة المؤهلة، مبرزا بأن قطاع التكوين المهني في عديد ولايات الوطن يحرص على تكوين الخريجين حسب احتياجات الوحدات  الإنتاجية لقطاع الصناعة العسكرية، وهو ما يسمح – كما أضاف – بتوظيف أعداد لا يستهان بها من خريجي التكوين المهني والمساهمة بالتالي في الحد من البطالة في أوساطهم، وترقية سياسة التشغيل في البلاد.
وحرص محدثنا على توجيه الدعوة لكل مكونات الشعب الجزائري لعدم تفويت الفرصة لزيارة الأبواب المفتوحة على الصناعات العسكرية التي تشارك فيها عدة وحدات إنتاجية في مختلف التخصصات ومن مختلف أنحاء الوطن، من أجل أن تكون فخرا لنا جميعا››.
وأضاف ‹› إن الجمهور العريض مدعو للتقرب من المتحف المركزي للجيش وساحة رياض الفتح بالجزائر العاصمة لمعاينة الإنتاج الجزائري من المعدات العسكرية والقتالية محلية الصنع، الرامية إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي من الأسلحة والعتاد، وبالتالي تقليص النفقات الدفاعية وحتى النفقات الأخرى الخاصة بالصناعة الوطنية›› مبرزا بأن المعرض يسمح من جهة أخرى بالاطلاع على منتوج المشاريع المشتركة سواء مع الإمارات العربية أو مع ألمانيا وهي الشراكة التي سمحت كما قال باكتساب الجزائر لتكنولوجيا متعلقة بالمنظومة الدفاعية، سيما في مجال الكشف بالرادار والاتصالات التكتيكية ومعدات المراقبة الليلية.

عبد الحكيم أسابع

الرجوع إلى الأعلى