الترحيلات تُغرق السويقة في السكون و تُحول سهرات الحي إلى ذكرى
قبل سنوات قليلة كان سكان قسنطينة يتغنون بحي السويقة الشعبي وسهراته الصيفية النابضة بالحياة، أما اليوم فقد تحول المكان إلى حي ميت يشبه إلى حد قريب الأحياء المهجورة ، خصوصا على مستوى المنطقة السفلية التي انهارت أجزاء كبيرة من بناياتها و رحل أبناؤها إلى المدينتين الجديدتين علي منجلي و ماسينيسا، لتصمت الأزقة للأبد و لا يبقى من صدى الزمن الجميل سوى قصص قديمة يتداولها من يحنون إلى الحي و لياليه وسهراته.
مقاهي طريق جديدة و أكشاك حديقة بن ناصر ملاذ الباحثين عن الحياة
تجولنا في السويقة خلال الفترة بين صلاتي المغرب والعشاء، فلاحظنا بأن شباب الحي يتناقصون كل نصف ساعة تقريبا إلى أن غدا المكان شبه مهجور و خاليا من كل مظاهر الحياة، ولدى سؤالنا لأحد المارة عن السبب أخبرنا بأن من لازالوا يقطنون سكنات السويقة من شباب باتوا يمقتون المكان لغياب الحركية مساء و يفضلون السهر خارج الحي، سواء في حديقة بن ناصر أو في مقاهي شارع العربي بن مهيدي «طريق جديدة» حيث يقضون الليالي الصيفية الطويلة في لعب الورق و غير ذلك.
وقد أخبرنا الشاب أمير.م(28 سنة) بأنه من مواليد السويقة، قضى فيها كل سنوات حياته ولا يزال يعيش بين جدران منازلها المنهارة إلى اليوم في انتظار دوره في الترحيل، مع ذلك قال محدثنا، بأنه لم يعد يشعر بالانتماء للحي العريق بعدما هجره سكانه و غادره جل من يعرفهم، يقول» أنا مولود في السويقة وقضيت فيها عمري كله لكن في السنوات الأخيرة ما عدت أفضل البقاء فيها وأحبذ الخروج لشارع العربي بن مهيدي أين ألتقي بأصدقائي في أحد المقاهي». أما برهان.ح (30 سنة) فعلق « أعمل لساعات متأخرة ولما أعود مساء لا أحبذ البقاء في السويقة، وأفضل الذهاب مع الأصدقاء إلى حديقة بن ناصر أو ساحة أول نوفمبر، فهناك يمكننا على الأقل أن نتناول المثلجات أو نتجول بين مقاهي وسط المدينة، و نقابل الناس، أما في الحي فلم يعد هناك شيء يحفز على السهر ولا حتى ما يدعو للتفاؤل، فهنا البيوت تعبق برائحة الرطوبة و الجدران متصدعة لا توفر حتى شرط الخصوصة لساكنيها».
وهناك من سكان الحي من هجره لأسباب متعددة مثلما أوضح شاب آخر يملك ورشة حدادة في المدينة الجديدة، قال بأنه منذ أن بدأت عمليات إعادة الإسكان في إخلاء الأزقة القديمة بالسويقة كثرت المشاكل في الحي خصوصا في السنوات الأخيرة، لذلك فإن أبناء الحي ممن رحلوا عنه انقطعوا تدريجيا عن التردد عليه، كما أن غالبية الجيران القدامى انتقلوا إلى نفس الوحدات الجوارية بعلي منجلي و عليه، فما عاد هنالك من سبب للعودة مساء إلى المكان رغم الحنين.
كرة القدم الأوروبية المناسبة الوحيدة التي تعيد للسويقة شبانها
لاحظنا و نحن نتجول بين الأزقة الخاوية، بأن بعض المحلات لا تزال مفتوحة رغم أن الليل بدأ في إرخاء سدوله، وقد اجتمع فيها بعض شبان الحي لمشاهدة المباريات الأوروبية، حيث كانت قناة مشفرة تبث إحدى مباريات الكلاسيكو الاسباني بين فريقي برشلونة وريال مدريد، وعند حديثنا إليهم أخبرونا بأن هذا الموعد الكروي يعد نعمة حقيقية على الحي، فهي المناسبة الوحيدة التي تعود فيها الحركية نوعا ما لبعض الأزقة إذ يتسابق الشباب لحجز مقاعد لهم في المحلات التي يملك أصحابها أجهزة استقبال توفر قنوات رياضية مشفرة، عادة ما تنجح في جذب شباب الحي و إبقائهم فيه إلى غاية نهاية المقابلات الكروية.
لاحظنا أيضا أن أحد الشبان جهز محله بتلفاز ولعبة الكترونية «بلاي ستيشن»، وقد أوضح لنا بأنه يجتمع كل مساء رفقة أصدقاء وجيران له في المكان للعب و تبادل أطراف الحديث، لتعويض غياب البدائل الترفيهية في السويقة و تجنب التجول بين أزقتها مساء، خوفا من المشاكل و الاصطدام بالمنحرفين و مروجي المهلوسات.
مقصد الباحثين عن العزلة
والمتجول في السويقة ليلا سيلاحظ دون شك وجود بعض الشبان كل واحد جالس على انفراد حاملا هاتفه النقال ومبحرا في عالمه الافتراضي الخاص عبر مواقع التواصل الاجتماعي، والملفت للانتباه أنه يبقى لساعات طويلة على نفس الوضعية وكأنه تمثال جاثم. حدثنا أحد الشباب ويدعى بلال فقال لنا بهذا الخصوص « مع التقدم التكنولوجي أصبح بالإمكان التقاط ترددات الشبكة العنكبوتية «الواي فاي» عبر الهاتف النقال ولدي صديق يسكن في هذا المكان منحني شيفرة جهاز استقباله، لذلك تجدونني جالسا هنا، فوجودي في السويقة لا يعني أنني معزول عن العالم الخارجي، أنا مستمتع مع أصدقائي لكن على طريقتي، فلست شخصا يحب ضوضاء المقاهي و السيارات المنتشرة في الأحياء و الشوارع القريبة».
الأمن الهاجس الأكبر
إذا كانت السويقة تعج في الصباح بالمارة و تنبض حياة بفضل النشاط التجاري المتواجد فيها، فإنها تصبح خاوية بعد صلاة المغرب، فسكانها يفضلون البقاء في المنزل أو السهر بعيدا عن أزقتها، بينما يتجنبها المارة و يختارون سلوك طريق متعرجة وطويلة من جسر سيدي راشد إلى غاية طريق جديدة عوضا عن اختصار المسافة و الجهد عبر سلوك أزقة الحي، و السبب في ذلك راجع إلى ضعف الإنارة العمومية والخوف من التعرض للاعتداءات و السرقات، خصوصا وأن هنالك مناطق مظلمة تماما على مستوى الجهة السفلية كما أن التغطية الأمنية منعدمة هناك وهو ما حول المكان إلى وكر للمنحرفين و الأشرار.
إضافة إلى ذلك فإن السكون المخيف الذي تغرق فيه السويقة ليلا و انتشار الردوم و القمامة، شجع الكلاب على الاستقرار في المنطقة السفلية وصولا الى مسجد عبد المومن، على اعتبار أن المكان هو زقاق تكثر فيه محلات الجزارة و بالتالي فإن بقايا اللحوم عادة ما تشد الحيوانات، ما يجعل من المنطقة ليلا مرتعا للجرذان و الكلاب و القطط الشاردة.
حتى مقاهي السويقة أصبحت تغلق باكرا
في السابق كان الحي معروفا بمقاهيه الشعبية التي تشتهر بحركيتها فكثيرا ما كانت تظل مفتوحة في فصل الصيف لساعات متأخرة مما يجعل الحركة كثيفة في المنطقة، لكن اليوم لم يعد لهذه المقاهي وجود و ما بقي منها بات يغلق أبوابه بداية من الساعة الخامسة مساء، والسبب حسب ما علمنا هو أن أغلب ملاكها و حتى السواد الأعظم من زبائنهم يقطنون خارج الحي بعدما رحلوا إلى المدينة الجديدة، وهو ما يضطرهم إلى إنهاء العمل مبكرا لضمان وسيلة نقل تعيدهم لمنازلهم، عكس ما هو عليه الأمر في أحياء طريق سطيف و العربي بن مهيدي التي لا تزال آهلة بالسكان.
أبناء السويقة يتحسرون على لياليها و يحنون لأيام الداربي القسنطيني
أثناء جولتنا في الحي التقينا ببعض السكان من كبار السن، حدثناهم عن واقع المدينة القديمة اليوم فكانت الحسرة رد فعل مشترك بينهم، حيث عبر محمد.خ(60سنة) قائلا «في فصل الصيف كانت السويقة تعج بالحركة وأتذكر أيام كان فريقي شباب ومولودية قسنطينة ينشطان في مستوى واحد في القسم الأول كانت حمى الداربي تنطلق كل صائفة، وكانت كل أحاديث السهرة تدور حول استقدامات الفريقين للاعبين الجدد، وكان كل مناصر يحاول استفزاز جاره مناصر الفريق الخصم لخلق الدعابة، لكن بلطف و احترام»، يطرق قليلا ثم يواصل متسائلا «أين ذهبت تلك الأيام؟».
ويضيف حميد.م بذات الشأن « في السابق كانت السويقة تشبه مدينة مراكش المغربية ، فالمحلات كانت تفتح لساعات متأخرة بالإضافة لتجمعات الشبان حول الألعاب الورقية، وكان الاحترام سائدا بين الجميع، للأسف من يشاهد الحي اليوم في الليل يتخيل أنه يتجول داخل مدينة أشباح».
فوغالي زين العابدين
أعرق أحياء قسنطينة يفقد رواده
- التفاصيل
-
النصر تقضي يوما مع سكان الشيقارة بأعالي ميلة
إنهاء الربط بسد بني هارون في سبتمبر والبناء الريفي يحيي أمل الاستقرار تراهن مصالح بلدية الشيقارة بولاية ميلة، على مشروع الربط بسد بني هارون، لإنهاء أزمة العطش التي عمرت لأشهر وقوضت أحلام...
تـأهـيل و ترميم حــي "الأقــواس"
مشروع ضخم لإعادة الاعتبار للوجه التاريخي لمدينة سكيكدة شُرع، قبل أشهر قليلة، في مشروع لإعادة تأهيل وترميم حي ديدوش مراد، المعروف بالأقواس، في مدينة سكيكدة، كواحد من أهم وأضخم المشاريع بالولاية، إذ يصنف...
توقُعُ احتضان آلاف السكنات ومشاريع تنموية في الأفق
معالم مدينة جديدة تتشكل في عين عبيد بقسنطينة تتجه بلدية عين عبيد بقسنطينة نحو تطور عمراني غير مسبوق، يرافقه تطور في البنية التحتية وتوسع كبير في الكتلة الحضرية والسكانية التي يتوقع أن تصل إلى 20 ألف...
تستقطب السياح من داخل وخارج الوطن
- تيديس - الأثرية.. عراقة التاريخ وسحر الطبيعة تحافظ مدينة «تيديس» الأثرية منذ عقود طويلة، على شموخ أعمدتها وحجارتها التي تحكي قصصا عن حضارة غابرة، لا تزال حقول بني حميدان الغناء تحتفظ برجع صدى تاريخها...
زاوية الهامل ببوسعادة: قلعة صانت الهوية و أشاعت العلوم و المعارف
تعتبر زاوية الهامل القاسمية المتواجدة في الولاية المنتدبة بوسعادة، من أهم الصروح الدينية والثقافية العريقة في الجزائر، التي ساهمت على...
انتعاش تجارة الصوف ودكاكين قديمة تعود للنشاط بقسنطينة
الموضــــة تُحيــي حـرفــــة الحيّــاكـــــــةأحيت الموضة حرفة الحياكة من جديد، و زادت الطلب على منتجاتها من مفروشات و قطع ديكور وملابس على وجه الخصوص، وهو ما أنعش تجارة الصوف وأعاد للدكاكين الصغيرة بوسط مدينة...
تخلّى عن الوظيفة ليحقّق حلمه
شـاب ينشـئ مؤسسـة تكويـن بجيجل أنشأ ابن جيجل، الشاب عبد المؤمن زيوط، مؤسسة خاصة للتكوين بمدينة الطاهير، قصد الاستثمار في طاقات شباب المنطقة، ومساعدتهم على تخطي عتبة البطالة في مرحلة لاحقة، بفضل ما يكتسبونه...
في دورة تعتبر الأولى من نوعها بقطاع التكوين
التحكم في تقنيات الإعلام الآلي.. حلم يحققه مكفوفون بجيجل احتضن، مركز التكوين المهني والتمهين الشهيد زيغة محمد بجيجل، دورة تكوينية حول قارئ الشاشة لفائدة فئة المكفوفين، في مبادرة تعتبر الأولى من نوعها...
مختصون يحذرون من تبعات جمع عشوائي لمواد قابلة للرسكلة
نبش حاويات القمامة مشكلة تهدد الصحة العمومية بقسنطينةأصبحت نقاط جمع القمامة على مستوى الأحياء السكنية تشكل هاجسا لدى السكان، بسبب نبش أشخاص الأكياس المرمية داخل الحاويات، لجمع المواد المعاد تدويرها، ما يؤدي...
يحافظ على طبيعته في زمن المراكز التجارية والمساحات الكبرى
السوق الأسبوعي بالخروب يقاوم رياح التغيير لا يزال السوق الأسبوعي ببلدية الخروب بقسنطينة يحافظ على مكانته كواحد من الأسواق التي تشهد إقبالا لا بأس به من قبل المواطنين والتجار على حدّ سواء،...
ليلة بخط السكة المنجمي المزدوج بلاد الحدبة عنابة: ســـواعد جزائريــة ترفع التحدي وتشرف على منشــآت عملاقـــة
يداهم الظلام سريعا قاعدة الحياة التي أقامتها شركة كوسيدار العملاقة بمنطقة جبلية شرقي قالمة، و يلتحق مهندس الجيولوجيا (ب. يعقوب) بمركز...
تنافس سلع تركيا والصين
معاطـف محليــة تلقـــــى رواجــــا في الســــوقحقّق المنتوج المحلي للمعاطف الشتوية النسائية المعروفة باسم «ترانش كوت»، رواجا واسعا، لدرجة بات يصعب التفريق بينها وبين المستوردة، حسب ما...
لتوحيد محتويات التعليم الأساسية وطنيا
ديوان المطبوعات الجامعية يخوض تجربة إصدار الكتب المرجعية يخوض ديوان المطبوعات الجامعية، في الفترة الأخيرة، تجربة إصدار الكتب المرجعية باعتبارها أداة أساسية في المسار التعليمي والتكويني للطالب، و وسيلة...
أجيـال من الجيـجلـيات توافـدن على ورشته
- خميسي -.. ثلاثون سنة في مرافقة العرائس يختص بن حجي بوخميس، المعروف محليا باسم خميسي، في تفصيل و خياطة اللباس التقليدي الرفيع و تحديدا لباس العروس أو « التصديرة»، ويعد الخياط الأشهر...
استثمارات ضخمة في غرس بساتين الفواكه بالطارف وعنابة
مردود وفيـــر في رمـــان منطقة سيدي جميل المصنــــف الأول وطنيـــــا تحولت سهول سيدي جميل بدائرة البسباس في الطارف، إلى قطب لإنتاج الرمان وتسويق الشتلات إلى مختلف الولايات وحتى لخارج الوطن،...
نادي الهندسة والتكنولوجيا والابتكار بمالك حداد
فضاء يعلّم الصغار البرمجة والاختراع ويصنع رواد المستقبل تدعّمت ورشات قصر الثقافة مالك حداد بقسنطينة، بفضاء تكنولوجي لتعليم البرمجة وتجسيد مشاريع ابتكارية، سُمي «نادي الهندسة والتكنولوجيا والابتكار...
مدربون وملاكمات يكشفون للنصر أسرار التفوّق: القفاز القسنطيني خزان الفريق الوطني للملاكمة النسوية
تصنع الملاكمة النسوية بقسنطينة، التميّز في عالم الرياضات الفردية بفضل أسماء لمع نجمها عاليا، ودعّمت صفوف الفريق...
توسيع زراعة الشعبة إلى 6 آلاف هكتار: ريادة في إنتاج التفاح بمليون و600 ألف قنطار بخنشلة
* اهتمام بولندي بالغراسة المكثفة في منطقة بوحمامة حققت ولاية خنشلة، ريادة على المستوى الوطني في شعبة التفاح، بإنتاج مليون و...
تسجيل تراجع في مقترحات البيع بنحو 40 مليونا: السيارات الجديدة تجمد البيع والشراء بسوق قسنطينة
أدى دخول علامات جديدة للسوق الجزائرية، بأسعار معقولة، إلى جمود في عمليات البيع والشراء في سوق السيارات بحامة بوزيان في...
مديرية التجارة أكدت تلقي شكاوى والحماية المدنية تحسّس
مواطنون يقتنون أجهزة غازية دون تأمين وكواشف التسربات بقسنطينةيقتني مواطنون في ولاية قسنطينة، أجهزة تشتغل بالغاز دون الحصول على تأمين يحميهم في حالة تعرضها لأعطاب بعد استغلالها، فيما يرفض تجار منح...
<< < 1 > >> (1)