قرية "عش النمل" بتموشنت نموذج سياحي  فريد يستحق الاستكشاف
تحتل قرية بوزجار موقعا استراتيجيا ممتازا، حيث تقع ضمن منطقة التوسع السياحي بين ولايتي وهران و عين تموشنت، وهو موقع يمكن للزائر تحديده بسهولة، فبمجرد أن تصل إلى منعطف طريق بوزجار حتى تتضح أمامك معالم المنطقة الخلابة التي تعانق سلسلة جبلية شاهقة من جهة و ترتمي بين أحضان البحر من جهة ثانية، وهو موقع ممتاز اختير لانجاز مشروع قرية سياحية ذات هندسة فريدة، تتناغم مع النظام الطبيعي و تعكس تنوعه، فالشاليهات هنا مختلفة تشبه بيوت النمل المنحوتة في قلب الصخر بطريقة فنية، و تتمتع بتهوية طبيعية و تصميم قريب لتلك الإبداعات التي لا تخرج سوى من مخيلة تشبه مخيلة سلفادور دالي، ألا وهي مخيلة المهندس الفرنسي دانيال غراتالو.

قرية عش النمل.. وكأنك في سويسرا


المشروع المتميز يعرف بقرية « عش النمل» لأنه يشبه تجمعا لبيوت النمل في هندسته، وسيتدعم قريبا بمركز للعلاج بمياه البحر والراحة، وكذا حديقة ألعاب مائية، بهدف ترقية السياحة الشتوية وجعل القرية مفتوحة أمام الزبائن على مدار السنة، كما ينتظر أن تبرمج إدارة القرية أيضا دورات تكوينية في مختلف المجالات منها المتعلقة بالإعلام السياحي الذي يعد أحد ركائز ترقية السياحة في الجزائر، وفق ما أجمع عليه مسيرو و مسؤولو القرية السياحية ببوزجار.  النصر، زارت القرية التي تعد نموذجا لقرى مماثلة توجد فقط في أمريكا وفرنسا و سويسرا، لتقف على  واقع النشاط السياحي فيها، ونقلت صورا عن نموذج مختلف يعد بترقية السياحة في الغرب الجزائري إلى مستوى أعلى، خصوصا و أن القرية التي تتربع على حوالي 30هكتارا، مبنية وفق نسق منسجم مع الطبيعة و يعكس خصوصيتها، فبمجرد ولوجك المكان تجد نفسك أمام سلسلة من الشاليهات المتقاربة فيما يشبه «العش»، فضاؤها الداخلي دائري مع نظام تهوية طبيعي، مقسم بشكل منظم، جزء منها مطبخ مجهز وجزء آخر مفروش، يتكون من  قاعة جلوس و غرفة خاصة توجد بمحاذاة سلالم تؤدي إلى الطابق العلوي أين توجد أسرًة داخل شبه غرفة واسعة مفتوحة على سطح به طاولة، وهو فضاء يمنحك إطلالة على منظر بانورامي خلاب يبعث على الراحلة و الاسترخاء.

صاحب المشروع ابراهيم مكي
نموذج سياحي رائد إفريقيا و عربيا يجمع بين تصاميم غراتالو و الهندسة الإسلامية
إبراهيم مكي صاحب المشروع السياحي ببوزجار، أوضح لنا خلال جولتنا داخل المجمع، بأن القرية لا تسمى في الأصل « بعش النمل»، بل هو مجرد وصف أطلقه الزبائن وبعض الذين يعرفون الموقع عليها، حيث تظهر لهم الشاليهات من بعيد أو من الأسطح على شكل منحنى به مدخل في الأسفل، فيما يشبه عش النمل الذي نراه في المساحات الترابية.  وأضاف المستثمر، بأن صاحب النموذج الهندسي الأصلي «دانيال غراتالو» استوحى أفكاره من محيطه الطبيعي الذي قال، بأنه عبارة عن منحنيات وليس خطوط مستقيمة، مشيرا إلى أنه يحتمل أن يطلق تسمية «مدينة غراتالو» على القرية بعد انتهاء المشروع بصفة كلية. علما أن مشروع القرية السياحية ببوزجار حسبه، تحصل على رخصة عمل خاصة في الهندسة المعمارية المنحنية المنحوتة، من صاحبها الأصلي «دانيال غراتالو»، وهو مهندس معماري عالمي معروف بدمجه بين النحت الفني والتقنية الهندسية في التصميم وإستنباطه للأشكال من المحيط الطبيعي، مشيرا أن هندسة قرية بوزجار تعد فريدة من نوعها عربيا وإفريقيا، لا يوجد مثيل لها سوى في الولايات المتحدة وفرنسا وسويسرا فقط.
 وقال المتحدث، بأنه حظي بثقة المهندس الفرنسي، لأنه كان طالبا عنده وأبدى اهتمامه سابقا بإنجاز تصاميم تجمع بين إبداعات غراتالو والطابع المعماري العربي الإسلامي، الذي يعتمد هو كذلك على شكل القبة، حيث سبق للمستثمر أن أنجز مطعما في الحديقة العمومية لبلدية العامرية بعين تموشنت، وكان نموذجا لهذه الهندسة.
 أما بخصوص القرية فقد لجأ صاحب المشروع لتكوين اليد العاملة على تقنية إنجاز هذا النمط المعماري، الذي يتطلب حسبه، الكثير من المواد الأولية المستوردة، ما عدا هيكل من صفائح معينة قال بأنه ينتج في الجزائر حاليا بعدما كان يستورد هو أيضا، وهو هيكل عام يتم  تغليفه بطريقة فنية هندسية بالإسمنت المسلح، علما أن المشروع  واجه الكثير من العراقيل الإدارية والمالية مع البنوك كغيره من المشاريع السياحية الأخرى،  فالبنوك الجزائرية تمنح للمستثمرين في هذا القطاع قروضا من أجل مشاريع ترقية عقارية وليس مشاريع قرى سياحية مثلما تدل عليه الوثائق، وهو وفق المتحدث، ما عرقل توسعة القرية وإنجاز المرافق الخدماتية بها، ولتجاوز تلك المعوقات لجأ المستثمر الحاج مكي للبحث عن شراكة مع مقاولين خواص لتجسيد المشروع الذي يعتبر نموذجيا على المستوى الوطني.

علوش نعيمة مديرة القرية


العراقيل الإدارية تساهم في تأخر النشاط السياحي ونفور السياح
من جهتها أكدت السيدة نعيمة علوش مديرة القرية السياحية،  أن ارتفاع الطلب على الوجهة السياحية الداخلية هو حقيقة يمكن لمسها بالإقتراب من الفنادق والمركبات السياحية، ولكن قلة هذه المرافق وتدني بعض الخدمات على مستواها يضطر الجزائريين في النهاية للبحث عن بديل في الخارج.
و بخصوص سبب تراجع السياحة في الجزائر، أوضحت أن العراقيل الإدارية تأتي في مقدمة الأسباب، فالإدارة حسبها، تفتح ملفات تسوية وضعية الهياكل السياحية خلال موسم الاصطياف و هو أمر غير منطقي وغير منصف، فلا يعقل كما عبرت، أن تقوم مديرية الضرائب والبلدية ومعظم المؤسسات التي لها علاقة بتسيير الهياكل السياحية بتسوية  وضعية هذه الهياكل في موسم الاصطياف أي خلال فترة الذروة، لأن المسير سيعجز عن التوفيق بين إدارة مرفقه و إتمام الإجراءات الإدارية المطلوبة.
 وتضيف المتحدثة أن هذه المؤسسات لا تزور المركبات السياحية على مدار السنة بل تؤخر الإجراء لموسم الاصطياف وهذا التناقض وفق السيدة نعيمة، من شأنه التأثير على السير الحسن للموسم، وهو من الأسباب التي تكسر النشاط السياحي ككل، فضلا عن أن بعض القرارات غير منطقية وغير مقبولة فكيف يعقل حسبها، أن تؤجر البلدية مساحة الشاطئ المدمجة ضمن مخطط المشروع للمستثمر، الذي يفرض بدوره مبلغا معينا على الزبون لاستغلال الشمسيات و الطاولات الموجودة في المكان باعتباره شاطئا خاصا،  لكن ذات المصالح تترك الجزء المتبقي من المساحة الشاطئية شاغرا و غير مستغل، وهو ما يدفع الزبائن لقصده بحثا عن المجانية.  و من المفروض مثلما أكدت المتحدثة، أن تكون المساحة المخصصة للمركًبات السياحية متضمنة مسبقا في المشروع السياحي وليست معزولة عنه، خصوصا وأن الزبائن من سياح و مصطافين سينعشون النشاط الاقتصادي للبلديات الساحلية خلال فترة الصيف ومن المفروض تسهيل مهمة التكفل بهم وليس العمل على تنفيرهم. وأوضحت السيدة نعيمة على صعيد متصل، بأنها و منذ توليها مهام إدارة القرية قبل سنتين، ركزت على الترويج لها عبر كل وسائل الإعلام، بالنظر لخبرتها السابقة في مجال الاتصال، وبفضل تضافر جهود المسؤولين والعمال شهدت القرية هذا الموسم توافدا كبيرا للسياح والمصطافين من كل ولايات الوطن حسبها، لدرجة أنها اضطرت للاعتذار للبقية بسبب نفاد الحجوزات، مشيرة إلى أن القرية حاليا تخضع لعملية توسعة حيث تتوفر فقط على 54 شاليه، بينما طاقتها الحقيقية هي 180 بيت تخييم يتم إنجازها بالتدريج، إلى جانب حوض سباحة للكبار وملعب لكرة القدم و فضاءات للترفيه وهذا لإرضاء جميع الأذواق وتوفير الراحة للمقيمين في القرية.

سياح مقيمون بالقرية يؤكدون
تعرفنا على القرية بالصدفة، والسياحة الجزائرية ينقصها الترويج والخدمات
خلال  تجوالنا في القرية قابلنا بعض المصطافين و السياح، فكانت لنا معهم دردشة عن أجواء إقامتهم في القرية، على غرار السيد مكناسي القادم من باب الواد بالعاصمة، و الذي أخبرنا أنه كان ينوي السفر رفقة العائلة إلى تونس، لكن صديقا له نصحه باكتشاف قرية «عش النمل»، حيث أجرى بحثا عن القرية عبر الأنترنيت وقرر تجربة الإصطياف فيها وهو القرار الذي ثمنه أولاده بعدما أعجبوا بشكل الشاليهات، وفعلا الجميع يستمتع بتواجده في المركب التي يميزه الهدوء والأمان مثلما أشار محدثنا، بالرغم من تأكيده على نقص النشاطات الترفيهية المسائية الخاصة بالشباب.
 أما محمد القادم هو كذلك من العاصمة، فقال بأنه يتواجد رفقة عائلته وعائلة أخيه  في القرية و الجميل أن الشاليه النملي يستوعب الجميع، كون الفضاء واسع ويكفي لعدد كبير من الأفراد. و في الوقت نفسه عبرت السيدة أمينة، عن ارتياحها لقضائها فترة العطلة في القرية ومما زاد استمتاعها كما قالت، هو تحضير شواء السمك يوميا فمنطقة بوزجار تعرف بغناها بالثروة السمكية، وهو ما انعكس إيجابا على أسعار السردين مثلا، و التي لا تتعدى 200دج، وهي متعة اكتملت بفضل توفر موقد تقليدي «المجمر» في كل شاليه. سحر المكان و جمال القرية، حولها إلى واحدة من بين أكثر الوجهات شهرة على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث أكد لنا السيد محمد أنه قام بالترويج للسياحة في الجزائر عبر صور وتعليقات دأب على نشرها عبر صفحته على فيسبوك منذ وصوله، مبرزا أن موقع المنطقة الإستراتيجي سمح له ولبعض العائلات الأخرى بالتوجه لباقي شواطئ عين تموشنت وحتى تلمسان ووهران، مؤكدا على أهمية العمل أكثر من أجل الترويج للمقومات السياحية الجزائرية استغلالها بشكل يعيد 2مليون سائح الذين يقصدون تونس سنويا إلى أرض الوطن.
هوارية ب

الرجوع إلى الأعلى