موظفون يتحوّلون إلى موالين مع اقتراب عيد الأضحى!
يغتنم موظفون وشبان مناسبة عيد الأضحى من كل سنة لاستثمار ما يملكونه من أموال في تأسيس شراكات مؤقتة مع موالين من أجل اقتناء قطعان صغيرة من الأغنام وإعادة بيعها من جديد، وذلك بهدف تحقيق مكسب مادي، حيث يعرف هذا النشاط اهتماما متزايدا من قبل الكثيرين لما يدره عليهم من أرباح سريعة في وقت قصير، خصوصا بعد الارتفاع اللافت لأسعار الأضاحي خلال السنوات الأخيرة.
تجارة تستقطب المعلمين، رجال الأمن و حتى الأطباء
شريحة هامة من الموظفين حولوا هذا النشاط الموسمي إلى عادة، إذ يقبلون عليه سنويا لثقتهم في كسبه المضمون، حيث يستغلون ما يملكونه من أموال في تجارة الأضاحي و هي تجارة تستقطب منتسبي بعض الأسلاك المهنية على غرار التعليم، والصحة، والأمن، ممن يقبلون عليها لزيادة دخلهم في هذه الفترة، وذلك على الرغم من المخاطر التي تحوم حول هذا النشاط، وإمكانية خسارة كل شيء بفعل انهيار الأسعار، في حين يجد بعض الموالين الذين يعانون من ضائقة مالية في هذه الشَراكات سبيلا لمواصلة العمل وحلا مناسبا، خصوصا وأن نسبتهم من الفائدة تكون أعلى عادة، بالنظر لكونهم مربين و أصحاب إسطبلات، وقد حاولت النصر تسليط الضوء على بعض التجارب التي مكنت بعض الموظفين من مضاعفة دخلهم في هذه المناسبة.
يوضح محمد الذي يعمل موظفا بولاية جيجل أنه جمع حوالي 55 مليون سنتيم رفقة شقيقه بعدما استفادا من صفقة بيع سيارة العائلة، وبعد مرور شهر عن عيد الفطر توجها نحو ولاية المسيلة أين قام باقتناء 16 رأس غنم متوسطة الحجم وقام بنقلها إلى منزل العائلة الكائن بإحدى المناطق الريفية ببلدية زيغود يوسف، كما قام بشراء كمية من التبن تكفي لإطعام الأغنام طيلة الفترة المتبقية إلى غاية عيد الأضحى وذلك على اعتبار أنه لا يملك الوقت الكافي أو الخبرة لرعايتها.
وتابع محدثنا أنه من خلال احتكاكه ببعض الموالين والمعارف استطاع الاعتناء جيدا بالقطيع، ليباشر عملية البيع قبل أسبوع من الآن، من خلال عرض ما يملكه بالقرب من منزله، دون أن يكلف نفسه عناء نقل القطيع إلى السوق،  حيث تمكن بفضل شبكة علاقاته في البلدية من بيع كافة رؤوس الماشية التي يملكها منذ يومين، مع تحقيق هامش ربح تراوح بين 5 آلاف دج إلى 10دج آلاف على كل رأس غنم، وهو ما مكنه في النهاية من تحقيق ربح مادي مقبول، مقارنة مع الجهد الذي بذله والوقت القصير، ليؤكد لنا أنه متلهف لإعادة الكرّة مرة ثانية في العام المقبل، حيث سيسعى إلى مضاعفة رؤوس الماشية من أجل تحقيق مكسب أكبر.
أما يزيد وهو موظف بإحدى ولايات الجنوب، فقد أكد أن مخاوف كثيرة راودته في بداية الأمر، إذ أنه لم يسبق له وأن مارس هذا النشاط من قبل، موضحا، أن بعض زملائه طرحوا عليه الفكرة وطلبوا منه أن يشاركهم في رأس المال على أن تكون له نسبة من الفائدة وهو الأمر الذي رفضه في البداية قبل أن يعيد التفكير و يقرر المساهمة بمبلغ 20 مليون سنتيم، حيث قال: «كانت مخاوفي كبيرة ولهذا لم أساهم بمبلغ كبير وفضلت أن أحد من هذه المخاطر لذلك ساهمت رفقة زميلي بمبلغ 20 مليون سنتيم وهي تحديدا نسبة 50في المائة من مدخراتي الشخصية، فيما وضع كل منهما مبلغ 40 مليون سنتيم بعد أن باعا سيارتهما».
وأضاف يزيد: «قام زميلاي باقتناء قطيع من الماشية من دائرة الشريعة ولاية تبسة وهي المنطقة التي ينحدر منها أحدهما، وذلك قبل حوالي شهر فقط على مناسبة عيد الأضحى وشرعا في بيعها مباشرة دون نقلها من مكان تواجدها، أما نصيبي من المال فقد مكنني من شراء خمسة رؤوس فقط كانت كفيلة بأن أحقق هامش ربح قدره 3 ملايين سنتيم، وهو مبلغ محترم خصوصا وأنني لم أبذل أي مجهود، ولهذا فأنا متلهف لأجرب حظي مرة ثانية ولو أنني لن أضع كل ما أملك في التجربة القادمة أيضا».
موالون بقبعة موظفين
خلافا لمن حدثناهم، اكتشفنا خلال استطلاعنا بين نقاط بيع الماشية  فئة أخرى من الموظفين لا يستثمرون أموالهم على المدى القصير، أي أنهم لا يشترون المواشي و يعيدون بيعها قبيل عيد الأضحى لتحقيق فائدة محدودة، بل يستثمرون على المدى البعيد سعيا وراء ربح أكبر، فهؤلاء يفضلون مشاركة الموالين وإقامة نشاط طويل المدى مقارنة مع الفئة الأولى، وذلك لحبهم لمثل هذه النشاطات و اعتقادا منهم بأن هذه الطريقة أقل خطورة، فضلا على أنها تحقق هامش ربح أكبر. حيث يعمدون إلى استثمار أموالهم في اقتناء نعاج قادرة على التزاوج، لتحمل بخرفان تضعها بعد فترة قصيرة، ليتم التكفل بها بطريقة نظامية من خلال متابعتها طبيا وإطعامها، على أن يتم بيعها في الأعياد و المناسبات، لتلد بعدها النعاج خرفانا أخرى وتستمر عملية البيع و الكسب لسنوات.
ومن بين التجارب التي استطاعت النصر، رصدها ما قام به إلياس وهو طبيب عام بعيادة خاصة، أوضح أنه أسس مع أحد أقربائه شراكة صغيرة، حيث قاما بإقتناء 25 نعجة قبل عيد الأضحى الماضي، وتحفظا عليها في أحد المستودعات التي يملكها قريبه بمنطقة ريفية بولاية ميلة، وبعد مرور أشهر تضاعف القطيع و أصبح يضم أكثر من 40 رأسا، وقد تكفل شريكه بتوظيف راع شاب من المنطقة للاعتناء بها ورعيها مقابل راتب شهري قدره15ألف دج.
وتابع محدثنا: «عقب مرور حوالي ثلاث سنوات كاملة على انطلاق نشاطنا أصبح بمقدورنا بيع بعض الأغنام، وقد تكفل قريبي بذلك» مضيفا: «في الحقيقة لم أسطع استرداد جزء كبير من المبلغ الذي استثمرته لأن الأرباح في هذه التجارة بعيدة المدى لكنها سنوية، إلا أنني تمكنت من ضمان دخل إضافي إلى جانب أنني أملك حوالي 15 رأس غنم ما يعد رأس مال بحد ذاته، وبالتالي أستطيع القول أن هذا النشاط مربح، ومع مرور الوقت سيزيد عدد الخرفان و يتضاعف معه دخلي أكثر خلال السنوات القادمة».
عبد الله.ب

الرجوع إلى الأعلى