اعتزلت العمل الأكاديمي كأستاذة باحثة بالسربونو تفرغت لممارسة الغناء
أوضحت الفنانة حورية عيشي في حوار خصت به النصر، على هامش إحيائها لحفل فني ساهر مؤخرا بقسنطينة، بأنها اعتزلت العمل الأكاديمي كأستاذة باحثة في علم الاجتماع بجامعة السوربون بفرنسا، أين تقيم منذ حوالي 30 سنة، لتتفرغ لممارسة الغناء، حيث تعود في كل مرة إلى الجزائر لجمع أكبر عدد من الأغاني و الألحان من رحم التراث الغنائي لمنطقة الأوراس لتعيد تسجيلها و غناءها، مؤكدة بأن عملية البحث هواية و شغف و لا ترتبط بتخصصها الأكاديمي، كما تحدثت الفنانة المغتربة عن تجربتها في عالم السينما مع  إماطة اللثام عن جديد أعملها.
-النصر: قدمت اليوم كوكتيلا غنائيا منوعا لأشهر الأصوات النسائية الجزائرية، هل هو عمل جديد أم مجرّد اختيار؟
- حورية عيشي : نعم هي عبارة عن مجموعة متنوعة من الأغاني الشهيرة لكبار الأصوات النسوية الجزائرية في طابعي البدوي و السراوي، و كذا القبائلي و حتى الحوزي، و غيرها من الألوان التي جمعتها في آخر ألبوم لي الموسوم “ غنايات”،  و الذي يعد الخامس في رصيدي الفني، و  الذي صدر في نوفمبر 2012.. و يمكن القول بأنه جديدي حاليا لأنني لا أزال أقدم أغانيه خلال حفلاتي داخل و خارج الوطن.. فقد تطلبت عملية تجميعها سنتين من البحث.. و قد أردت بهذا  الألبوم تكريم هؤلاء النسوة، فهو يضم 11 أغنية لكل من زليخة، بقار حدة، سلوى، نورة، مريم فكاي، و أخريات، اخترت العمل عليه للخروج من الطابع الأوراسي الذي تبناني من خلاله الجمهور في بداياتي، وهو كذلك محاولة لإعادة الاعتبار لهاته الأصوات و لأغانيها الخالدة، التي تنجح في كل مرة في استقطاب استحسان الجمهور خلال كل حفلة تجمعني به سواء في الجزائر أو خارجها، فالأصالة لحن يقدره الجميع و الموسيقى لغة يفهمها العالم بأسره.
-هل هو جزء من عملك التوثيقي للتراث الغنائي الجزائري، وهل تعتقدين بأن التراث مهدد بالاندثار؟
ـ لا أنا لا أقوم بأي عمل توثيقي للتراث الغنائي الجزائري بالمفهوم الأكاديمي أو التوجيهي، عملي هو جمع أكبر عدد من الأغاني القديمة و إعادة تسجيلها، بهدف غنائها مجددا، لأنني وببساطة أحب ما أقوم به أعشق الغناء و تحديدا أغاني منطقتي الأم الأوراس، فقد ولدت بعائلة تقليدية متمسكة  بشدة  بتراثها الغنائي، كنت أستمع إلى هذا الغناء يوميا، كنا نحن النساء والفتيات نعيش في بيت “حوش” كبير، حيث نمارس حياة اجتماعية وفنية خاصة بنا، وهناك تعرفت على هذا الفن وعشقت ألحانه، كانت الثقافة التي ترعرعت فيها قائمة على الترابط الأسري، وعلى أحكام صارمة وتقاليد لغناء لا مثيل له إلاَّ في هذه المنطقة بالذات، و قد لعبت جدتي دورا مهما جدا في تربيتي الموسيقية، للأسف توفيت قبل أن أحترف الغناء لكنها علمتني أصوله منذ الصغر، حين كنت أرافقها في حفلات الزفاف والختان، التي كانت تحييها باعتبارها صاحبة صوت و أداء، كنت أسترق السمع وأغني معها ومع غيرها من النساء.. صحيح أنني اخترت في البداية طريق البحث العلمي و العمل الأكاديمي لكن شغفي بالغناء كان أكبر، أما عن سؤالك بخصوص ما إذا كان التراث الغنائي للمنطقة مهددا بالاندثار، فلا يمكنني الجزم بصحة الأمر أو خطأه، لأنني فنانة و لست باحثة.
-ماذا عن توجهك الأكاديمي كباحثة في علم الاجتماع، هل له علاقة ببيئتك الأم و عملك على تجميع تراث المنطقة؟
ـ قطعا، فقد تخليت منذ سنوات عن نشاطي كأستاذة و باحثة في علم الاجتماع، لأتفرغ لمهنة الغناء، بعدما تأكدت بأن هذا المجال هو بيئتي الحقيقة و الغناء هو فعلا ما أريد القيام به، لذلك اخترته كمستقبل لي، الغناء بالنسبة لحورية عيشي، هواية و شغف، أحبه فعلا و أجد نفسي بين كلمات و ألحان منطقة الأوراس.
عملي كباحثة كان أكاديميا توجيهيا بحثا، لم تكن له علاقة بنشاطي الموازي كمغنية، و لا باهتمامي بالتراث الغنائي لمنطقة الأوراس، أما حاليا فتنقلاتي بين فرنسا و بلدتي الأم بباتنة أسبابها مهنية، حيث أنني أعود في كل مرة إلى الأصل لأبحث عن المزيد من الأغاني و الألحان من أجل التحضير لألبوماتي الجديدة.
-في سنة 1990، اختارك المخرج الإيطالي الشهير برناردو برتوليتشي لغناء شارة فيلمه السينمائي « شاي في الصحراء»، حدثينا عن هذه التجربة؟
ـ بالفعل لكن لم تكن شارة العمل ككل، بل استأذنني لإدراج مقاطع من أغنياتي في الفيلم، وهو ما تم فعلا، حيث اختار مقطعا من أغنية عين الكرمة، و مقطعا من أداء لي في طابع السراوي  بأغنية بدوية أديتها بالصوت و بدون موسيقى، « أنين»، وقد أعدت نفس التجربة مع مخرج فرنسي في فيلم سينمائي عنوانه « بور»، كانت فعلا تجربة ناجحة و قد شجعتني كثيرا على مواصلة الغناء، فقد أحسست حينها بأن ما أقوم به ذو قيمة حقيقية و يستحق التضحية و العناء.
-هل تلقيت عروضا مماثلة من مخرجين جزائريين؟
-لا لم أتلق أية عروض من هذا النوع في الجزائر، مشاركاتي تقتصر على الحفلات و المهرجانات  فقط.
-هل تحضرين لألبوم جديد حاليا؟
ـ أجل بدأت العمل على ألبوم غنائي جديد، أنوي العودة إلى بلدتي الأم بباتنة قريبا لمواصلة البحث عن التراث الغنائي للمنطقة، فقد قررت العودة لغناء موسيقى الأوراس مجددا، بعد تجربة ألبوم « غنايات»، و إن كنت لا أملك حاليا تصورا نهائيا للعمل، و لم أضبط خطوطه العريضة بعد، فأنا واثقة بأنه سيكون إضافة حقيقة لمسيرتي الفنية.
حاورتها: نور الهدى طابي

الرجوع إلى الأعلى