أضربت عن الطعام في 1989 احتجاجا على تفشي الفساد والمطالبة  بتشبيب  الحكم
 " اخترت أن أعيش كعامة الناس بعد الإستقلال . لم تكن تغريني المناصب والمكاسب والمسؤوليات . لأنني أعتقد أن واجبنا كمجاهدين ومجاهدات هو تحرير الوطن . وإخراج المستعمر مدحورا مهزوما . لذلك يكفينا شرف الجهاد وتحرير البلاد ، والإستشهاد .وعلى الأجيال المتعلمة والكفاءات الشبانية إتمام رسالة المجاهدين والشهداء ، وتحقيق حلمهم في بناء دولة حرة مستقلة متطورة يتساوى فيها كل أبنائها ... " .  هذا التصريح للمجاهدة الشهيدة التي لم يتمكن جيش فرنسا الإستعمارية وأعوانه ، من إغتيالها في عديد المحاولات والمكائد والترصدات . هي جميلة بوباشا التي نستضيفها في هذا الحوار المثير ، والذي إنتزع منها إنتزاعا ، لأنها ببساطة إمرأة متواضعة إلى أبعد الحدود . لا تحب الأضواء . ولكنها قبلت التحدث لجريدة النصر على الخصوص ، لأن للنصر – كما تؤكد -  مكانة خاصة في قلبها  دون غيرها ، فهي تحمل إسم النصر المبين والإستقلال  وكل المثل الوطنية النبيلة .  
تحدثت في هذا الحوار ، عن منبعها الثوري ، كونها إبنة عبد العزيز بوباشا أحد أبناء الرعيل الأول للحركة الوطنية . وتحدثت عن علاقاتها وخلافاتها مع رؤساء الجزائر المتعاقبين . وذكرت بأنها أضربت عن الطعام في عام 1989 ، إحتجاجا على تفشي الفساد ، والمطالبة بتشبيب الحكم ...  وأبدت موقفا مما قاله ياسف سعدي عن المجاهدة زهرة ظريف ... 
جميلة بوباشا  ، انضمت للثورة عام 1955 و هي تلميذة . كان دورها نقل الأدوية والوثائق للثوار، و إيواء المناضلين المطاردين من طرف القوات الاستعمارية الفرنسية ، فضلا عن مشاركتها في عديد العمليات الفدائية. اعتقلت بالعاصمة في ليلة 09 إلى 10 فيفري عام     1960، وذاقت مختلف أنواع  التعذيب التي يمكن أن تسلط على إنسانة ، بقيت رهينة السجن إلى أن أطلق سراحها في شهر أفريل .. 
كيف خلق الوعي النضالي والثوري لديك؟
أنا من أسرة ثورية فوالدي عبد العزيز بوباشا كان ينشط في الحركة الوطنية ، في صفوف حزب الشعب الجزائري ، كما كان أخوالي وسائر أفراد العائلة ينشطون في الحركة الوطنية، وأتذكر أنه عندما كنا صغارا بين 4 و 5 سنوات كنا نردد نشيد '' فداء الجزائر '' وكان أولياؤنا يحذروننا من أدائه علانية أمام المستعمر، وكانوا يحرصون على غرس قيم الوطنية والروح النضالية فينا .. وببلوغي 15 سنة  من العمر أعلنت رغبتي في الانضمام إلى الفرع النسوي في حزب الشعب الجزائري ، غير أن والدي أخبرني بأنه لا يوجد فرع نسوي في الحزب .. لم أفقد الأمل في الالتحاق بالحركة الوطنية وتمكنت من ذلك سنة 1953، بانضمامي إلى الإتحاد العام للطلبة المسلمين الجزائريين،  وحزب الاتحاد الديمقراطي للبيان الجزائري الذي أسسه فرحات عباس، أين كانت تنشط معلمتي '' خيرة أبو بكر ''، والمطربة سلوى ، وذلك في سنة 1953، كما انضممت إلى صفوف الكشافة.
عندما اندلعت الثورة ظل والدي يلتقي بمناضلي الحركة الوطنية ويستقبلهم في بيتنا سرا ومن بينهم سي محمود بوزوزو، العضو البارز في الكشافة الإسلامية الجزائرية ، والمسؤول البارز أيضا في الحركة الوطنية  الذي ظل مختفيا لمدة في بيتنا بدالي ابراهيم في العاصمة، كونه كان من المبحوث عنهم لدى إدارة الجيش الفرنسي .

مع انطلاق الثورة في سنة 1954 أصبح والدي ورفاقه من مناضلي الحركة الوطنية ، شديدي الحرص على الاتصال  بالأشخاص الموثوق بهم فقط  لتعزيز صفوف  الثورة ولما علم الثوار بأن والدي كان يخفي المناضلين المبحوث عنهم على غرار محمود بوزوزو، اتصل به '' سي عبد الكريم المدعو مونفرير'' الذي كان الذراع الأيمن لسويداني بوجمعة وهو من كان سببا في تجنيد  شقيقي الأكبر جمال  في صفوف الثورة ، قبل أن التحق به أنا في أفريل 1955.
ومن ساعدك على الالتحاق بالثورة وما هي المهام التي أسندت لك؟
عندما اكتشفت حقيقة التحاق شقيقي بالثورة ، طلبت منه أن يساعدني أنا أيضا من أجل الانضمام إلى الجهاد من أجل الوطن ، ولم يكن من السهولة في البداية افتكاك اعترافه بالالتحاق بالثورة ، حيث نفى في البداية أي صلة له بالثوار، لكنه عندما تأكد من حقيقة رغبتي عرض الأمر على أحد مسؤوليه وهو المجاهد مصطفى شلحة ( شهيد ) الذي أقنع أخي المتردّد ، بضرورة وأهمية تجنيدي ، فبدأت العمل مع شقيقي وكنت أتكفل بنقل المنشورات والرسائل بين المجاهدين والسلاح من مكان إلى آخر، فضلا عن قيامي ومن معي  بتنظيف السلاح ، فيما كان شقيقي يتكفل بنقل المبحوث عنهم ، من مكان إلى مكان آخر بين دالي إبراهيم نواحي أولاد منديل  بالدويرة ومعالمة ، إلى جانب نشاطنا بين دالي إبراهيم ومنطقتي بوفاريك والبليدة . 
شاركت في بعض العمليات الفدائية وكان لي الشرف في وضع القنبلة التي انفجرت في مقهى الجامعة في سبتمبر 1959، كنت ومن معي، نتكفل بنقل الأدوية للمجاهدين من الصيدليات.
من هي الشخصيات الثورية التي جاهدت إلى جانبها؟
جاهدت رفقة سويداني بوجمعة ونسيبة مالكي وعلي شريفي ومصطفى شلحة الذي كان مسؤولا كبيرا في الثورة ، وأحد مهندسي معركة الجزائر والذي كان يكلفنا بنقل الأسلحة من محله الكائن في أحد الأنهج القريبة من جامع كتشاوة ، إلى جانب عملي مع نادية حفيز وشقيقيها محمد سمير ومراد وهما أشقاء  للمجاهد سليم حفيز الذي توفي مؤخرا وكان يشغل قبل وفاته رئيس مصلحة جراحة الفك والوجه بمستشفى مصطفى باشا الجامعي . ومن بين الذين جاهدت إلى جانبهم أيضا ، أفراد عائلة زناقي و رفقة رابح دوخ وبوعلام لافرانس وسي المدني أطال الله عمره وسي ابراهيم وجمال بناي وخضرة بوفجي في 1957 ومالكي سيد أحمد الذي التحقت معه بالجبل في 1958. 
متى تم توقيفك لأول مرة من طرف المستعمر؟
تم توقيف كل أفراد الأسرة أول مرة سنة 1957، عندما ألقي القبض على شقيقي جمال في معركة بناحية بير خادم ، حيث أوقفوني رفقة والدي وشقيقتي نفيسة وعمي الذي كان ضيفا في بيتنا، وقد تم الإلحاح على توقيفي شخصيا بناء على معلومات حول نشاطي الثوري لكن شقيقي عندما تم استنطاقه  وسؤاله عني نفى أن تكون لي أي علاقة بالثورة خوفا من أن اعترف تحت وقع التعذيب لأنني كنت أعرف الكثير من الأشياء والأسرار عن الثورة ..  قال لهم ، إن نفيسة هي التي تساعدني وقد تعرضت للاستنطاق والتعذيب قبل أن يطلق سراحها كما أطلق سراحنا .. وكان شقيقي قد تعرض للسجن أول مرة في 1956 لمدة  شهرين في السجن ليطلق سراحه هو الآخر، لانتفاء أدلة اتهامه ، فعاود الصعود إلى الجبل إلى غاية القبض عليه في 1957 وبقائه في السجن إلى غاية الاستقلال .
كنت قد واصلت أنا أيضا العمل مع المجاهد الضابط ، مصطفى شلحة الذي استشهد فيما بعد إلى غاية إلقاء القبض علي سنة 1960 وبقيت في السجن سنتين ونصف. سجنت  بداية في حي الأبيار، وتعرضت لشتى أنواع التعذيب الذي لا يمكن أن يخطر على بال لمدة 33 يوما متواصلة ( وهنا أجهشت بالبكاء عندما تذكرت كيف كان الجلادون يتفننون كما قالت في تعذيب جميع المجاهدين والمجاهدات بقسوة شديدة ) ، وقد نقلوني إلى ثكنة جيني بحسين داي قبل أن يعيدوني إلى الأبيار ومنه حولوني إلى سجن سركاجي 
تعجل المستعمر محاكمتي آنذاك وعندما حضرت محاميتي جيزيل حليمي، من أجل المرافعة منحوها ترخيص إقامة ينتهي عشية المحاكمة ، قبل أن تتعرض للطرد وأراد المستعمر أن يعين لي محام من طرفه فرفضت وذلك قبل أن يأتي المحكمة أمر بتوقيف محاكمتي، وبقيت في السجن إلى غاية الاستقلال .
لماذا كل هذا التواضع ولما لم تسعين لإبراز دورك في الثورة ؟
في الحقيقة أنا لم أكن أريد ذلك ، وفضلت أن أعيش حياة عادية . اشتغلت بوزارة العمل إلى غاية التقاعد ، رغم ما عرضه علي بن بلة من مناصب أنا وزوجي ، لكن قررت أن أكون كعامة الجزائريين الذين ظلوا يعيشون نشوة الاستقلال لسنوات ، كلهم كانوا متأثرين بأجواء الثورة ، لذلك كان الاحترام والتقدير هي الصلة التي تربط ما بين أفراد المجتمع . الصغير يحترم الكبير . وللمعلم مكانة لا يضاهيها أحد ، عكس ما نراه اليوم ، للأسف لقد تغير كل شيء.
من أطلق عليكن تسمية جميلات الجزائر؟ 
تتنهد وترد : في الحقيقة  كل نساء الجزائر  جميلات ... وأكتفي بهذا .
كيف كانت صلتك بالمجاهدة جميلة بوحيرد ؟
هي أخت لي وأنا أحبها كثيرا، مع انه لم تكن تربط بيننا أي علاقة أثناء الثورة التحريرية، هي كانت تنشط في جهة غير التي كنت أنشط فيها، فهي كانت في جبهة وأنا في جبهة أخرى.
ألا تعتقدين أنك ظلمت نوعا ما مقارنة بما قدمتيه للجزائر؟ 
أقول لك صراحة أنا جاهدت في سبيل الله ، ولم أكن أنتظر لا جزاء ولا شكورا من أي أحد، أنا لم اطلب شيئا.
هل لك إتصالات مباشرة  برئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة ؟  
نعم هو يتصل بي ويوجه لنا دعوات باستمرار للتكريم ، وأذكر أنني التقيت به أول مرة عام 1963، وكان آنذاك وزيرا للشباب ، حيث تمت دعوتي لحضور نشاط خاص بمستشفى بني مسوس بالعاصمة لتوزيع الهدايا على الأطفال المرضى، وقد ناداني حينها شخصيا لتسليم الهدايا ، وهو في الحقيقة لم يبخل علي ولو مرة إذا احتجت إلى مساعدة .
أمازال يتصل بك؟
نعم ما زال يتصل بي ولو بشكل غير مباشر من خلال الدعوات التي توجه إلينا لحضور المناسبات والتكريمات.
وكيف كانت علاقتك بالرئيسين السابقين هواري بومدين والشاذلي بن جديد؟
علاقتي بالراحل بومدين كانت عادية ، ولكن لم يكن لي أي اتصال بالشاذلي بن جديد. 
هل كان لك خلاف ما مع الشاذلي بن جديد باعتبار أنك كنت قد دخلت في إضراب عن الطعام أثناء فترة حكمه ؟
كنت خلال فترة حكم الشاذلي أدعو دائما لمنح الفرصة للشباب ، وقد دخلت لأجل ذلك في إضراب عن الطعام لمدة تسعة أيام سنة  1989 ، وكنت أقول بأن من قاموا بالثورة عليهم مرافقة الجيل الشاب لإرشاده إلى الطريق الصحيح ، إلى أن يتمكنوا من استلام المشعل، وأنا اعتقد بأن الكثير من المسؤولين من أفراد الأسرة الثورية لم يحققوا فيما بعد أهداف الشعب، منها توزيع الثروات والمناصب بالتساوي، وقد كان زوجي يوافقني الرأي، وناضل لأجل ذلك كثيرا ، وكان يقول لمن كانوا في الحكم ، إن سرتم في الطريق المستقيم أساعدكم ، 
 وحينما قمت بالإضراب كان ذلك احتجاجا على بعض الأشخاص، وعلى السياسة التي كانت منتهجة ، من بينها الترخيص بتوزيع الأراضي الفلاحية ، التي استفادت منها مجموعة عن طريق الرشوة . 
 ومع الراحل بومدين كيف كانت علاقتك به؟
لم يكن لي خلاف مع بومدين، لكن هو كان متقشفا ، في حين كان أبناء مسؤولين كبار في الدولة يأتيهم كل شيئ من التعاونيات ، ويتمتعون بتلك الخيرات في الشارع أمام أعين أبناء الشعب ، الذين كانوا لا يعرفون في غالب الأحيان  تسمية ما كان يأكله هؤلاء ، لذلك فأنا أردد دائما المثل القائل : " كول ودرق ولا كول وفرق ". 
 بما ذا تعلقين على تصريحات المجاهد ياسف سعدي؟
أصارحكم ، هذا لا يناسب الثورة ولا يخدمها ، لأنه لا يجب أن يغتاب شخص شخصا آخر، وهو شخصيا كان يعمل مع زهرة ظريف بيطاط وجميلة بوحيرد، خاصة عندما كانوا عند فتيحة بوحيرد زوجة عم جميلة ، وتم القبض عليهم عندها في بيتها ، فكيف يكونون معا في الجهاد ، ثم يأتي اليوم ويوجه لمجاهدات معروفات  تلك التهم ، ليس من حقه ذلك ، إن كانت ثمة مشاكل بينهم ينبغي معالجتها في إطار ضيق ، دون ان تخرج إلى العلن ويسمع بها كل العالم ، خاصة أنهم من صناع الثورة.
 ما موقفك بشأن ما كتب حول الثورة ؟
بالنسبة لي، أنا أرى أن من كتبوا الثورة في البداية كتبوا حقائق وقعت فعلا، لكن هناك من حاولوا فيما بعد أن يظهروا أنفسهم أبطالا من خلال تزيين أفعالهم ، كل واحد يريد إظهار نفسه ، وما يحز في نفسي أن بعض الشهادات زيفت الأحداث ، إلى درجة أن وقائع تاريخية قامت بها أسماء معينة ما تزال على قيد الحياة ، كوضع القنابل على سبيل المثال ، لكن للأسف هناك من نسب لنفسه تلك الأفعال ، هذا كذب وتزوير، وهو غير ومناسب ولا يليق بالثورة.
هل كتبت مذكراتك؟
لقد زارتني عدة مرات الصحافية الباحثة في التاريخ ، نجود التي كانت تحرر شهادات عن المجاهدين لفائدة جريدتكم "النصر" وسجلت شهاداتي مطولا، جمعتها كلها في كتاب عرضته فيما بعد بالمكتبة الوطنية ، وأنا أهديتها بالمناسبة ورودا، كما سبق وأن اتصل بي منذ سنة المخرج معمري ودوّن سيرتي الذاتية من أجل نشرها في كتيب ضمن سلسلة موجهة للأطفال تعرف بالمجاهدين وشهداء الثورة ، على غرار العقيد لطفي و عبان رمضان وهواري بومدين ، كما كتبت عني يومية ناطقة بالفرنسية مقالا صغيرا. 
وماعدا ذلك ليس لي مذكرات ، لكن بودي أن أكتب من خلال التسجيلات ، وقد عرض علي الكثيرون ذلك ، حتى من الخارج ، لكنني رفضت ، لأنني أريد أن أكتب تاريخ  الثورة في الجزائر وليس من أوروبا ، وأنا آمل ذلك لكنني لم أقرر بعد.
 وما السر في تواضعك رغم أنك مجاهدة كبيرة ؟
لقد فضلت الابتعاد عن الأضواء بمحض إرادتي، فأنا لا أحب القيل والقال، وأنا بسيطة في كل شيء حتى في أثاث البيت ، أفضل كل ما هو جزائري أصيل 
أمازالت تربطك علاقة بفرنسيين من أصدقاء الثورة ؟
لقد كانت معنا أخوات فرنسيات ، وأذكر على سبيل المثال" آني ستينر" و"جاكلين قروج "،  وهن من قدامى المحكوم عليهن بالإعدام ، إلى جانب  " إيفلين لافاليت " التي توفيت مؤخرا، و"دانيال مين"  وجميلة عمران وهي ابنة جاكلين قروج وفرنسية راحلة أخرى .
كيف تنظرين إلى وضع البلاد بعد 52 عاما من الاستقلال؟
أنا أرى دائما بأنه حينما يكون هناك انسجام بين القيادة والشعب تسير الأمور كما ينبغي، علما أن زوجي المجاهد "عمر خالي" يقاسمني نفس المبادئ وكان هو الآخر مجاهدا في الثورة ، وهو الذي عارض بشراسة حذف المقطع الثالث من نشيد قسما سنة  1986، حينما كان نائبا في البرلمان .

الشهيدة التي لم تمت .. جميلة

هي إحدى الجميلات الثلاث ( جميلة بوباشا وجميلة بوحيرد وجميلة بوعزة ) . مجاهدة من الرعيل الأول . لا تحب الأضواء . متواضعة إلى أبعد الحدود . فدائية دوخت المستعمر وجيش الإحتلال . حملت الجزائر ، ولازالت في قلبها ، كقناعة وإنتماء . التحقت بالثورة تلميذة  صغيرة  عام  1955 . داخل محفظتها وداخل ملابسها ، كانت تحمل الأدوية والوثائق السرية ،  والقنابل اليدوية ، والتعليمات المشفرة المرسلة إلى المجاهدين ، وإلى الفدائيين ، وإلى أبطال ثورة التحرير . إبنة بولوغين بالعاصمة . أشرقت علينا في التاسع من فيفري من عام 1938 .  إنها المجاهدة الفدائية جميلة بوباشا .
بعد الإستقلال ، إختارت الظل والإنسحاب من واجهة السياسة والأحداث . ورفضت المسؤوليات وابتعدت عن سلطات القرار . تقول أنها أدت دورها في تحرير الوطن وكفى . لا تريد جزاء أو شكورا . وأن الدفاع عن الوطن رسالة وليس وظيفة تنتظر مقابلا أومكافأة . تواضع رفعها في نظر الجزائريين ، سيما الشباب والأجيال الصاعدة إلى أعلى درجات العرفان والتقدير والإحترام والإقتداء . 
جميلة بوباشا ، إمرأة من بلادي تعدت شهرتها ونضالها وجهادها حدود قلوب الجزائريين ، وحدود الوطن . كانت بطولاتها نبراسا  ومادة  للمؤرخين . وقدوة للمناضلين والمكافحين في حركات التحررلإنتزاع حرياتهم وإستقلالهم . وأصبح جهادها  رمزا وأسطورة فخر في كتب سيمون دو بوفوار ، وجيزيل حليمي ( محاميتها ) ، قبل أن تصبح فيلما تاريخيا سينيمائيا ، وفي روايات وأشعار البطولات ، يتناقلها المبدعون في كل البلدان والأوطان . وقبل أن أن يحولها أشهر رسامي العالم على مر التاريخ ، بيكاسو إلى لوحة من لوحات إبداعاته  الفنية . 
جميلة بوباشا ، إمرأة من حفيدات سيليا وماسيليا والكاهنة وللا فاطمة نسومر ... والجزائريات الأخريات  الجميلات ،  وهن كثيرات كما تقول بوباشا في لقائها  بجريدة النصر ، اللواتي كتبن تاريخهن وتاريخ الجزائر بأحرف من دماء ودموع وجهاد ... من أجل أن تحيا الجزائر .  

ع/ ونوغي 
الرجوع إلى الأعلى