الرئيس الأمريكي الجديد لن يختلف عن سابقيه وسينفذ ما تنتجه مراكز التفكير والدراسات
الإدارة الأمريكية الجديدة ستحاول فرض الهيمنة ومازلنا في العصر الأمريكي
يرى المحلل السياسي والباحث في العلوم السياسية والعلاقات الدولية الدكتور يوسف بن يزة، أن الرئيس الأمريكي الجديد سيكون مثل سابقيه، وأوضح أن الرئيس في منظومة الحكم الأمريكية يتولى تنفيذ ما تنتجه مراكز التفكير والدراسات الإستراتيجية من توصيات  بشأن الملفات الدولية والإقليمية، مضيفا في حديث للنصر، أن السياسة الأمريكية مستمرة وهي تعتمد على بسط النفوذ والهيمنة ودور الرئيس فيها بسيط جدا مقارنة مع أدوار اللوبيات وخاصة مراكز الدراسات وغرف التفكير وأفاد أن الحكومة الأمريكية تبحث عن مصالحها وهي ماضية في تجسيد نظرية الفوضى الخلاقة
• النصر : مع وصول رئيس أمريكي  جديد إلى البيت الأبيض ، هل ستشهد المرحلة القادمة تغييرات هامة على الصعيد الدولي، سيما فيما يتعلق بملفات الشرق الأوسط والحرب على الإرهاب؟
• يوسف بن يزة : نموذج الرئاسيات الأمريكية ونموذج النظام السياسي الأمريكي هو نظام رئاسي يلعب فيه الرئيس دور الواجهة ورغم أن لديه  صلاحيات  كبيرة وحق الفيتو وعنده دور كبير، إلا أنه يعتبر منفذ لتوصيات تتولاها مخابر متخصصة خاصة في الشؤون الدولية، و هناك ملفات إقليمية تشتغل عليها عشرات مراكز الدراسات وفيها علماء ومتخصصون في قضايا معينة يقومون بإجراء دراسات علمية وتقديم ما يسمى بنظم دعم القرار لصانع القرار والذي هو الرئيس الأمريكي ومساعدوه وبناء على هذا النموذج فنحن نعتقد أن الرئيس القادم سيكون مثل سابقيه في منظومة الحكم الأمريكية يتولى تنفيذ ما تنتجه مراكز التفكير والدراسات الإستراتيجية من توصيات  بشأن هذه الملفات. وإذا تكلمنا عن ملفات الشرق الأوسط والحرب على الإرهاب، يجب أن نذكر أننا كمسلمين كنا قد تفاءلنا بقدوم الرئيس باراك أوباما إلى سدة الحكم في أمريكا ولكن خلال عهدتيه السابقتين شهدت منطقتنا الكثير من الأحداث والتطورات لم يستطع أوباما أن يفعل أي شيء حيالها، ولذلك لا يجب أن ننتظر أي جديد من الرئيس القادم مهما كان ، فالسياسة الأمريكية مستمرة وهي تعتمد على بسط النفوذ والهيمنة ودور الرئيس فيها بسيط جدا مقارنة مع أدوار اللوبيات وخاصة مراكز الدراسات وغرف التفكير .
• النصر : بحسب رأيكم لن يكون هناك تغييرا كبيرا في السياسة الخارجية الأمريكية؟
• يوسف بن يزة :  معروف عن دور الرئيس في أمريكا أنه واجهة لمحصلة تجاذبات القوى والتيارات واللوبيات المتواجدة داخل منظومة الحكم  والممثلة في مراكز الدراسات الإستراتيجية، وبالتالي المنهج واضح هو مواصلة الطريق نحو سيادة العالم والهيمنة وتسويق النموذج الأمريكي على أساس أنه هو النموذج الأوحد والناجح ، وهناك نقطة أخرى يمكن أن نتحدث عنها وهي أن الأمريكيين استطاعوا أن يقدموا نموذجا  للعالم على أنهم البلد الذي يحارب التمييز والعنصرية، فقد انتخبوا رئيسا أسود لعهدتين  وينتخبون امرأة لترأس الولايات المتحدة ويبدو أنهم يقدمون دروسا للعالم في المثل الديمقراطية  وإدارة التنوع داخل المجتمع الأمريكي، واستخدام هذا التنوع في إدارة الدولة الأمريكية،  وبالنسبة لأسلوب التعاطي مع مختلف  القضايا فكلينتون ستكون أكثر مرونة أما من حيث حقيقة هذه الملفات فالإدارة الأمريكية الجديدة ستحاول فرض الهيمنة كالمعتاد فمازلنا في العصر الأمريكي، ومازال الأمريكيون يتحكمون في قيادة العالم في انتظار أن يتضح إن كان هناك معسكر جديد تقوده روسيا .
• النصر : هل سيكون هناك حسم في مختلف الملفات الساخنة دوليا ومنها الأزمة السورية بعد فترة التردد التي سادت في عهد أوباما ؟
• يوسف بن يزة : الحكومة الأمريكية تبحث عن مصالحها وهي ماضية في تجسيد نظرية الفوضى الخلاقة التي بدأتها كوندوليزا رايس، و من مصلحة الأمريكيين أن تحدث هذه الفوضى في سوريا وفي غيرها من الدول العربية، على اعتبار أن الاستقرار يهدد مصالح أمريكا في المنطقة ويمنع تدخلها بشكل من الأشكال وفي هذه الحالة يمكن أن نميز بين لهجتين أو أسلوبين مختلفين نوعا ما، ففي حالة فوز ترامب  اعتقد أن الأحداث ستتسارع  وسيكون فيه حزم تجاه حسم هذه  الملفات أما بالنسبة لكلينتون أعتقد  أنها ستستمر في نهج أوباما بالتردد وعدم الحسم في هذه الملفات
• النصر : ماذا عن مسعى واشنطن في مجال مكافحة الإرهاب الدولي و القضاء على تنظيم «داعش» خلال المرحلة القادمة؟
• يوسف بن يزة : ليس من الهين أن نصدق بأن هذا التنظيم لا توجد وراءه قوى عظمى على غرار الولايات المتحدة الأمريكية، وبالتالي يمكن سحب هذا التنظيم من منطقة وبثه في منطقة أخرى. وأنا أرجح إذا تمت مطاردة عناصر هذا التنظيم في سوريا والعراق، سينتقل الآلاف من أفراده إلى  شمال إفريقيا وإلى ليبيا خاصة ، أما مسألة القضاء عليه، فاعتقد أنه   سيتم التخلص منه متى أنهى دوره وهو ما حصل مع شبكة القاعدة سابقا، وممكن استخلافه بآلية أخرى تضمن للقوى الكبرى التدخل في مناطق البترول خاصة، حيث نلاحظ أن خريطة انتشار التنظيم موجود في المناطق التي يوجد فيها البترول، وإذا رجعنا إلى أدبيات القوى الاستعمارية الجديدة فإننا نجدها  تبحث عن موطأ قدم بالقرب من منابع البترول حتى تحمي مصادر الطاقة والتي تعتبر شريان الحياة بالنسبة للحضارة الغربية على الأقل في الوقت الحاضر.
• النصر : ما هو الجديد الذي ينتظر العالم العربي والإسلامي  مع الرئيس الأمريكي الفائز في الانتخابات ؟
• يوسف بن يزة : نظرية الفوضى الخلاقة  ومشروع الشرق الأوسط الجديد ماضٍ  في طريق الانجاز ، البدايات ببث الفوضى في كل البلدان ثم إعادة تشكيلها وربما نصل إلى صيغة جديدة لاتفاقية سايكس بيكو المعروفة والتي قسم على إثرها العالم العربي بين القوى الاستعمارية التقليدية وأقصد بريطانيا وفرنسا آنذاك والجديد في القضية هي أن الولايات المتحدة الأمريكية هي الفاعل الجديد في المنطقة، وطبعا على الطرف الآخر توجد روسيا وبعض القوى الإقليمية، كإيران وتركيا، وكلهم يبحثون عن نصيبهم من الكعكة الجديدة المتوقعة وهذا السيناريو يمكن أن يتحقق على مدى 10 سنوات أو 20 سنة إلا في حالة ما إذا أدركت الشعوب هذه المخاطر، وغيرت الاستراتيجيات فيما يخص هذه الحروب الداخلية وتوحدت لمواجهة  هذا الخطر.
مراد -ح

الرجوع إلى الأعلى