تحالفات الإسلاميين ظرفيـــة و بــذور الانفجـــار ما تــزال قائمــة
النصر: كيف تقرأون عمليات التحالف والاندماج التي يعرفها التيار الإسلامي هذه الأيام؟
 الدكتور يوسف بن يزة: أعتقد أنها تحالفات ظرفية انتخابية فقط، ومن الممكن أن تكون خطة أو حيلة للإفلات من الإشكالية القانونية المتعلقة بشرط الحصول على نسبة 40 من المئة في انتخابات سابقة مقابل المشاركة في انتخابات جديدة، التي وضعها قانون الانتخابات.
وبرأيي فإن بذور انفجار التيار الإسلامي ما تزال قائمة بسبب مشكلة «الزعماتية» التي تطغى على هذا التيار ككل، وقد كانت تجارب شبيهة في وقت سابق لكنها لم تصمد، لذلك أعتقد أن هذا التحالف يكتسي طابع الظرفية لأننا لم نر بعد تحالف بين مجالس الشورى أو خطوات أخرى، وإذا كانت هناك مراحل لاحقة لهذا التحالف سيكون عندها كلام آخر.
معنى هذا أن قانون الانتخابات هو الذي وحّدهم، وكيف ستكون الحال لو فازوا في الانتخابات هل سيستمر تحالفهم؟
 لا أظن ذلك حتى ولو فازوا في الانتخابات لأن هناك تجارب قبل هذا اليوم، المهم هنا أن ما جعل هذه الأحزاب الإسلامية تنفجر ما يزال قائما، هي في الواقع أحزاب مغلقة وغير منفتحة على البيئة العامة، ليست فيها ديمقراطية و آليات واضحة للتسيير، مع التأكيد على أنه لا يمكن في الوقت الحالي تقييم هذه التجربة الاندماجية الجديدة.
 لكن برأيكم لماذا لم يستطع هذا التيار التوحّد منذ عدة عقود رغم المحاولات العديدة؟
لابد من الإشارة أولا أن التيار الإسلامي يحمل بداخله تيارات متعددة، وهم لا يتوافقون ولا يتفاهمون مع بعضهم البعض، فمثلا الإخوان لا يتفقون مع الجهاديين، ومع السلفيين وغيرهم، فضلا عن أنهم يتعاملون أو يخضعون لعقلية الاتباع، لأن التوصيات والأوامر التي تأتيهم صارمة وواضحة، كما أنهم ينشطون في بيئة مغلقة على نفسها لا تنتج آليات ديمقراطية.
فمثلا نجد أن الشيخ أو الزعيم لا يتزعزع من مكانه إلا بسبب الوفاة، و أحسن مثال على ذلك الشيخ عبد الله جاب الله، الذي تنقل بين عدة أحزاب لكنه ظل في مكانه، هذه مشكلة كبيرة داخل التيار الإسلامي.
 تعدد المرجعيات إشكالية عويصة أيضا بالنسبة لهذا التيار، تعدد المذاهب والمرجعيات الفكرية والسياسية غالبا ما تؤدي بالأحزاب الإسلامية إلى الخروج من السياسة والتوغل في الدين وأمور أخرى، وهو ما يزيد من تباعد المسافات بينهم.
لكن نلاحظ مثلا وجود تداول على القيادة في حركة مجتمع السلم ورغم ذلك انفجرت قبل سنوات؟
هو في الحقيقة ليس تداولا بأتم معنى الكلمة، صحيح أن حمس هي أكثر الأحزاب الإسلامية انضباطا وتنظيما، لكن لا يمكن اعتبار ما يحدث بها تجربة رائدة في هذا المجال، لأن هناك تيار تغلب على تيار لأسباب ما فقط، لقد كان أبو جرة سلطاني يمثل تيار المشاركة و استطاع التغلب على معارضيه في وقت ما، لكنه تراجع في وقت لاحق لصالح تيار آخر، هو أذن ليس تداولا بالمعنى الصحيح بقدر ما هو منهاج مغاير فقط، أي منهج تغلب على منهج آخر.
هل تعتقدون أن تيار الإخوان العالمي يتحكم في الأحزاب الإسلامية في الجزائر إلى الدرجة التي تفقد معها أي مرونة في التعامل؟
نعم التنظيم العالمي للإخوان المسلمين معروف وله فروع في كل الدول، وفي الجزائر كانت له تجربة مريرة خاصة في التسعينيات، وأكيد أنه يؤثر في قرارات الأحزاب التي تتبعه، وله ميكانيزمات عديدة في التعامل والتأثير في الجوانب السياسة والاجتماعية وحتى في جانب التمويل، وهناك انضباط واضح في هذا المجال، وتقيد بالتوصيات التي تأتي منه عبر قنوات كثيرة للتواصل مثل المؤتمرات والندوات وغيرها.
لكن في حال حصول الإسلاميين على نتائج جيدة في الانتخابات القادمة هل تتوقع استمرار وتعزيز تحالفاتهم في المستقبل؟
انطلاقا من التجارب السابقة لا أعتقد ذلك،  و أرى شخصيا أن التيار الوطني سيبقى هو الرائد لأنه هو المهيمن على الانتخابات اليوم وغدا، أما بالنسبة للتيار الإسلامي ربما سيكون تمثيله أحسن من اليوم لكن لا أعتقد أن ذلك كاف لاستمرار تحالفاته، لأن خطابه السياسي مستهلك وليس له أي مصداقية، وهو يعتمد فقط على ميكانيزمات النقد دون تقديم البديل، والجزائريون يعرفون جيدا هذا التيار ويحفظون تجاربه، وبالتالي فمهما كانت النتائج التي سيحققها هذا التيار فلن تضيف له شيئا كبيرا في المستقبل.
حوار: إلياس بوملطة

الرجوع إلى الأعلى