سنشارك في إعداد الكتاب  المدرسي و وضع حد لفوضى الفتاوى

اتهم رئيس المجلس الإسلامي الأعلى بوعبد الله غلام الله المستعمر بتأجير عقول جزائرية لزرع الفتنة والبلبلة، ولتشتيت الوحدة الوطنية، قائلا إنه لا يوجد لا إسلام وسطي ولا معتدل، بل هناك الإسلام فقط، ومن تجاوزه فقد خرج عنه، معلنا عن إطلاق عمل واسع قريبا على مستوى الولايات بعد هيكلة المجلس، للتصدي للتيارات الدخيلة، فضلا عن التنسيق مع سلطة الضبط للسمعي البصري لوضع حد لفوضى الفتاوى، غير مستبعد نشوب احتجاجات أخرى بعد أحداث بجاية، بسبب استمرار محاولات تحريك الشارع، داعيا الأئمة ليكونوا أصحاب رسالة لا موظفين، نافيا  وجود تداخل في المهام بينه وبين وزير الشؤون الدينية، كاشفا أن المجلس الإسلامي الأعلى سيساهم في إعداد الكتب المدرسية وتقويمها لترسيخ القيم الوطنية والمرجعية الدينية، التي ربطها بتوحيد طرق ممارسة الدين الإسلامي.  
حاورته: لطيفة بلحاج
بعد تنصيبكم على رأس المجلس الإسلامي الأعلى ما هي الرسالة الجوهرية التي تريدون تكريسها في سياق الحفاظ على المرجعية الدينية الوطنية؟
إن المهام الأساسية للمجلس يحددها الدستور، على رأسها توضيح حقيقة الإسلام في الإطار الذي عاشه الجزائريون، لأن الإسلام والوطن عندنا متصلان اتصالا وثيقا، وللمجلس دوران ، ويكمن الدور الأول في التعريف بما هو الإسلام، لأن هناك شائعات وأفكار وتيارات تدعي الإسلام وهي غير ذلك، وآخرين يتحدثون عن الإسلام الوسطي أو المعتدل، في حين أن الإسلام واحد، وما جاوز الحد ليس إسلاما، والإسلام يترك للمسلم المثقف بالدرجة الأولى حرية التفكير وهو لا يوقف العقل والاجتهاد، خاصة في ما يتعلق بالمستجدات.
المجلس يتولى الملفات التي تحيلها الرئاسة
 أما الدور الثاني للمجلس، فهو التفكير في المستجدات وتوفير شروحات لها بواسطة الاجتهاد بمفهومه الأصولي، أي عن طريق علم الأصول الديني، لأن الاجتهاد ليس متاحا لأي كان، ومع ذلك نحن نرى كثيرا من الناس يدعون أنهم مجتهدون وهم في الحقيقة أميون، ويفرضون آراءهم على الناس بالجهل أو التقليد، كما يتولى المجلس الملفات التي تحيلها إليه الرئاسة، لأن الدولة تتخذ أحيانا مواقف ويمكن لرئيس الدولة طرح سؤال بشأنها وأخذ الجواب من المجلس الإسلامي الأعلى، للتأكد عما إذا كانت تتوافق مع الإسلام، ولا تتنافى معه من ناحية المعتقد.
هل أحالت إليكم الرئاسة ملفات هامة للفصل فيها، خاصة ما تعلق بالاقتصاد الإسلامي أو الصيرفة الإسلامية؟
يجب أن نعود إلى تاريخ المجلس الإسلامي أولا، الذي لم يتم تجديد أعضائه منذ تعيينهم قبل 18 عاما، وخلالها المجلس فقد ستة أعضاء، و خمسة آخرين على الأقل بسبب حالة عجز، لذلك هو لم يشتغل منذ أربع أو خمس سنوات، وفي هذا الخريف كلفني رئيس الجمهورية برئاسة الهيئة، وأنا لا أستطيع أن أفكر حاليا في الموضوعات، بل في إعادة الهيكلة وتجديد واستخلاف الأعضاء الذين توفوا أو الذين هم في حالة مرض ولا يستطيعون القيام بمهامهم، وهذا يتطلب مني بعض الوقت. كذلك النصوص التي يسير عليها المجلس يجب تحيينها، وهو ما أعكف عليه حاليا، أكثر من القيام بالمهام الجوهرية، ولما نتمكن من الهيكلة سننظر في المسائل المطروحة في المجتمع، التي لم تحل علينا بعد، رغم أن كل الناس تتحدث فيها وتفتي، لأن المجلس لا يمكن أن يصدر رأيه في أي موضوع لم يطرح عليه بصفة مباشرة.
من هي الجهات أو المؤسسات المخولة بإحالة الملفات المطروحة في المجتمع لهيئة الفتوى بالمجلس؟
إما أن تأتي من خلال المؤسسة الأساسية وهي الرئاسة، أو من مؤسسات أخرى، وفي هذه الحالة يجتمع أعضاء المجلس ويفكرون في الموضوع، ويعطون رأيهم، غير أن رأي المجلس يجب أن يأخذ بعين الاعتبار مواقف سابقة للعلماء الجزائريين، فهناك مواقف أصدرها المجلس الإسلامي في سنوات ماضية، حينما كان يعمل تحت إشراف وزارة الشؤون الدينية في عهد الشيخ حماني رحمه الله، ثم الشيخ عبد الرحمان شيبان، هذه الآراء لا يمكن إغفالها، لأن المجلس هو استمرار.
الاضطرابات تحوم حولنا وتريد أن تثأر من الجزائر
كيف سيتحقق الحضور الميداني لهذه الهيئة لحماية البلاد من المخاطر المحدقة بها؟
 لما يلتئم كافة الأعضاء و يتهيكل المجلس لا بد من الشروع في النشاط، ولا بد أن أوضح أن الأوضاع الحالية التي تعيشها البلاد ليست هي التي كانت من قبل، بالنظر إلى الاضطرابات التي تحوم حولنا، وتريد أن تثار في الجزائر،  و التي لا بد أن ينتبه  لها الجزائريون، مع ضرورة قيام  المجلس بدوره الوطني، وهو العمل على حماية العقل والشعور الجزائري وكذا الوطن، لأن الممارسة الدينية تكون داخل الوطن، وإذا كان مهددا فإن الممارسة الدينية بدورها تصبح مهددة.
هل بإمكانكم الكشف عن الأطراف أو التيارات التي تهدد وحدة واستقرار البلاد؟
التيار الأكثر تهديدا للجزائر هو الاستعمار، كنا نتكلم من قبل عن الذين تعاونوا مع الاستعمار، وهم للأسف ما زالوا موجودين، ومازال الاستعمار يؤجر عقولا جزائرية، خاصة الموجودين في الخارج ويتكلمون عن الجزائر بما يرضي الاستعمار، ويمنع تأثير العقل والنشاط والتفكير والثقافة الجزائرية على الأفراد، وأذكر مثلا بلدانا في إفريقيا تشهد حاليا نشاطا ثقافيا وإعلاميا يشارك فيه جزائريون مع كتاب فرنسيين، وهو موجه لإفريقيا ويعادي الجزائر، ومكتوب بأقلام جزائرية، هذه الأمور لا بد أن نتصدى لها.
ومـــــــــــــــــاذا عن التيارات الدينـــــــــــــية الدخيلة؟
لا يجب أن نتركها تتمكن، لا بد من تنبيه الجزائريين، وإن شاء الله لما يلتئم أعضاء المجلس، سنقوم بعمل ونشاط في جميع الولايات، ليساعد الجزائريين على العودة إلى الأصل، لأن الإسلام هو الذي  أنقذنا من الاستعمار، وحصّن وحدة الجزائريين، وإلا كيف يشعر من في بسكرة وتلمسان و الشلف و تبسة، وغيرها من المناطق بنفس الشعور ونفس الموقف من الاستعمار، ما هو الشيء الذي جعلهم يتحدون؟، هو الإسلام والانتماء الجغرافي، الذي جعل الترقي والقبائلي و الوهراني و الشلفي و الأغواطي يحسّون بأنهم يشكلون أمة واحدة.
مازال الاستعمار يؤجّر عقولا جزائرية
 وأؤكد أن الجزائريين كانوا يمارسون الشعائر الدينية بصفة موحدة، وأنه قبل 40 أو 50 سنة لم نكن نجد اختلافات في إقامة الصلاة مثلا، وكان للنساء والرجال زيّ واحد، وهو إما الزي الذي أخذناه من الأوروبيين الذين عاشوا هنا لمدة قرن و30 عاما، أو الزي الرسمي أي التقليدي، واليوم أصبحنا نرى أكثر من 10 أزياء، كل واحد يأتي بزي خاص من البلد الذي يذهب إليه، من يذهب إلى العمرة يأتي بزي، ومن يقصد تركيا او أفغانستان يستقدم زيا آخر، وهذا التشتت في المظاهر يسيء للوحدة الوطنية، وهو ما نسميه المرجعية، التي لا تقتصر فقط على الشهادة أن لا إله إلا الله، التي نشترك فيها مع جميع المسلمين في العالم،  لأنه لكل واحد أسلوب ممارسة الشعائر الدينية وفق طرائق معينة، إن هو تخلى عنها لا يجد طريقا جديدا، وتصوري معي أن يأتي أحد ويقول لك أن والدك كان على ضلال، معناها أن جدك وجد جدك كانوا بدورهم على ضلال، يعني أننا كلنا على ضلال، فمن هذا الذي ينفي الإسلام على الجزائريين ويكفر المسلمين؟، علما أن الجزائريين كان لهم والحمد لله تأثير قوي في إفريقيا، وإذا وجد الإسلام بها فبفضلهم، وبفضل الشيخ المغيلي، والشيخ التيجاني ومن كان في مستواهما، تم يأتي أحدهم ويقول إن جميع هؤلاء كانوا على ضلال، إذا الإسلام الذي بلَغه هؤلاء للناس هو أيضا على ضلال، والمسلمون الذين في إفريقيا وعلمناهم الإسلام كذلك كلهم كفار، وعلى ضلال، إذا من هم الذين ليسوا على ضلال؟، هل من يقابح ويضلل في الناس ويكفّرهم.. هذه المشاكل لا بد أن تقاوم، ليفهم الجزائريون أن هؤلاء الناس لا يريدون لهم الخير.
في تقديريكم أين يكمن العجز، وما هي الجهة التي قصرت في مهامها حتى بلغنا هذا الوضع؟
لا ننسى أننا مررنا بمرحلة الإرهاب، الذي بدأ في نهاية الثمانينات، وخلالها غُرر بالجزائريين، وقيل لهم تعالوا للجهاد في أفغانستان، التي كانت بها مراكز للتجنيد، ونذكر على سبيل المثال العائلة التي توجهت للعمرة، من أجل حمل الأموال لصالح الجماعات الإرهابية، هؤلاء غرر بهم، عن طريق المواقع الإلكترونية أو الفضاء الأزرق، فضلا عن وجود رغبة لدى البعض للخروج عن المألوف، في حين أنهم على خطأ، والإنسان المضلل يخسر وقته وماله ويصبح ملاحقا من الأمن، ومن ضلله كثيرون، وهم الذين يؤجرون عقولا جزائرية تخدم أهدافهم، وهم موجودون، ونراهم ينشر في مجلات فرنسية موجهة إلى إفريقيا، ويكتب فيها جزائريون، من بينهم من كانوا يكتبون وقت الثورة.
كيف ستنسّقون مع وزارة الشؤون الدينية لمواجهة الوضع دون تداخل في المسؤوليات؟
لما نجمع أعضاء المجلس سنتعاون مع وزارة الشؤون الدينية في توعية الأئمة، ليس بالمفهوم السياسي، وإنما بالمفهوم العلمي والوطني والثقافي، حتى يكون الإمام صاحب رسالة، لأنه ليس موظفا، بل لا بد أن يكون له تأثير في المجتمع، وهذا لا يتحقق إذا أصر على اعتبار نفسه موظفا ، يقضي ساعاته وينصرف، بل يجب أن يكون مستعدا للتضحية وتحمل المشاق حتى يرشد الآخرين، لأن مهمته ليست الحضور فقط إلى المسجد وتقاضي المرتب ، بل أن يجعل من رواد المساجد من المهتدين الذين لا يمكن أن تشترى عقولهم، سننسق مع وزارة الشؤون الدينية والثقافة والاتصال في هذا المجال.
من يظن أن الإسلام لا يشكل عمق الشخصية الجزائرية مخطئ
ما حقيقه وجود جماعات تمارس شعائر غريبة عن الإسلام وفق ما كشفه وزير الشؤون الدينية، على غرار القاديانية؟
فعلا توجد، وإلا لما تحدث عنها وزير الشؤون الدينية، هو لديه معطيات، ولكن يجب أن نتعاون جميعنا، مع ضرورة التنبيه إلى التضليل الذي يمارسه المستعمر، لأنه ألعن وأسوأ، وحتى الإلحاد يأتي من عدم التربية، ولا ننسى أن نسبة التمدرس بلغت عندنا 96 في المائة، ولا يوجد جزائري لم يستفد من التعليم، إلا في حدود نسب قليلة جدا، تتعلق بالبدو الرحل، فالتعليم الإلزامي فرض منذ سنة 76، لكن ما هو الأثر الذي أمكن للمدرسة أن تحدثه في ربط الشباب والمتعلمين بحقيقتهم، وهي الجزائر والإسلام، ومن يظنون أن الإسلام لا يشكل العمق الحقيقي للشخصية الجزائرية هم مخطئون، والإنسان الذي يشك في ارتباط الجزائر والأمة الإسلامية، هو في الواقع تفكير لا يخدم الجزائر، بل من شأنه أن يضعفها.
هل تقصدون من كلامكم أن المنظومة التربوية أيضا لم تقم بدورها؟
 يجب تصحيح الخطأ، وهي أن نقول إنها لم تقم بمهمتها أو واجبها وليس دورها، وهذا أكيد، لأنها لو قامت بواجبها لما كنا في هذه الوضعية، لكن لا نتهم المنظومة التربوية لوحدها، لأن الأسرة أيضا لها جانب من المسؤولية، أي الوالدين، فأيهما يتحمل مسؤولية التيه  الذي يعاني منه الشعور الجزائري، أي الناحية العاطفية وإحساس الجزائري بجزائريته وانتمائه، فالإحساس العام يعاني نقصا بسبب العجز في الأداء، سواء الإمام بالمسجد أو المعلم في المدرسة، لهذا يجب أن تتضافر الجهود، ونحن سمعنا وزيرة التربية تقول إن المعلم هو صاحب رسالة ولا بد أن يؤديها، وأن لا تسيره النقابات، بل ضميره وإحساسه بمسؤوليته اتجاه من يعلمهم، فهو يأخذ قيمته وشخصيته من التأثير الذي يحدثه في التلاميذ، وليس في تقاضي الأجر بسبب حضور التلاميذ.
هل ستتعاونون مع وزارة التربية في إعداد المناهج؟
أجل بالفعل، سيشارك المجلس الإسلامي الأعلى في إعداد الكتب المدرسية، وهذا موجود ضمن مهامه، لكن لم يمارسها بعد، كما سوف يشارك في تقويم الكتب والوسائل المدرسية، وفي تكوين المعلمين، سواء في المعاهد أو المدارس العليا للأساتذة، عن طريق التوجيه وإلقاء المحاضرات، لتنمية الوعي الرسالي لدى المعلمين، إلى جانب الأئمة، وهذه مهمة أساسية سيقوم بها المجلس.

الإحساس العام يعاني من التيه
شهدت بعض المناطق مؤخرا احتجاجات ضد ارتفاع الأسعار، هل توجد أطراف خفية تحركها؟
لحسن الحظ أنها أحداث معزولة، ولكن هذه المحاولات مازالت تتكرر، ولا تظنين أن الأحداث التي وقعت في الأيام الماضية هي الأخيرة، هذه الأحداث ستتكرر مستقبلا، وأتذكر في هذا السياق حينما كنت مديرا للتربية في العاصمة سنة 84 لما خرج التلاميذ من ثانوية الأمير عبد القادر وطالبوا برمي التاريخ في المزبلة، هذه المحاولات دائما موجودة ولا بد أن نحاربها عن طريق التربية والتوعية، حتى يفتخر الجزائري بأنه جزائري، وللأسف هو لا يفتخر حتى بانتمائه لوالديه، في حين أن الإنسان يجب أن يأخذ المثل من الوالد والمعلم ومدير المدرسة، ومن كبير الحي، لكننا نلاحظ  اليوم تقلص العلاقات الاجتماعية ما بين الابن والأب والأم، بسبب سيطرة الجانب المادي، واستقاء القيم من الآخرين.
أين يكمن دور الأعيان في ضمان الاستقرار واللحمة الاجتماعية؟
العقلاء موجودون، ولولاهم لما هدأ الشباب الذين أثيروا ودفعوا في هذا الأتون الأسود، يجب أن نفهم أن العدوان هو اعتداء على الناس وأملاكهم، واستهانة بحق الآخر، وهناك من شارك في الاحتجاجات كي ينهب ويسرق، ومن لديه هذه اللهفة والبغض للآخرين، ويسمح لنفسه بالتعدي على أموال الآخرين وممتلكاتهم، هو إنسان يحتاج إلى تكوين وتربية وترميم، لهذا قلنا لا بد أن ننمي الشعور بالمسؤولية والكرامة.
لكن الناس تتحجج بالتقشف والضائقة المالية؟
لم نرها بعد، كما لا ينبغي أن يكون الإنسان كله ماديا، بل يجب أن يقدم عملا ويبذل جهدا، وأن نعلم الناس أن يأخذوا مقابل الجهد، مع استحالة الحصول على كل ما يرغبون فيه، لأنه أمر مستحيل التحقيق ولن يقع، حتى لو نهبنا وكسرنا و حرقنا،  فكل واحد يحصل على حسب مقدوره وجهده وعمله وإنتاجه، وهذا ما يجب أن نعلمه لأبنائنا، أن يأخذوا حقهم مقابل أداء واجب، مع ضرورة العودة إلى ما قاله المفكرون، على رأسهم مالك بن نبي الذي ربط العلاقة ما بين الحق والواجب، وأيهما يسبق، أي نطالب بالحق عندما نقوم بواجبنا، وأنا لا أقصد الحقوق الأساسية، كحقوق المواطنة وغيرها، وإنما الحق الاجتماعي الذي يبقى ثمرة العمل، وهو ما يجب تبليغه للمواطن، بواسطة جهاد النفس الذي يسميه الرسول بالجهاد الأكبر.
توسيع مهامنا ليس استحواذا على مهام الوزارة
من يهددنا أكثـر الحركات الجهادية أم الأزمة الاقتصادية أم المذاهب الدخيلة؟
كلها متضافرة، و»هيلاري كيلنتون» قالت في حملتها الانتخابية الأخيرة إنها هي من خلقت داعش، ونحن الآن نعاني مما صنعه الاستعمار، ولكي نتحرر منه لا بد أن نفهم وندرك طبيعة واجباتنا.
وماذا بشأن دور الزوايا التي يطعن فيها البعض، وهل هي تريد فعلا  الاستحواذ على دور المساجد؟
الطعن فيها سهل، لكن كيف يمكن تعويضها، علما أن الموجة التي تحدثت عنها منذ الثمانينيات، كان غرضها نفي دور الزوايا، لكن بماذا نستبدلها، وأنا أرى أن المساجد والأئمة والزوايا يؤدون جميعهم نفس المهمة، وأنه لا بد من انسجام في ممارسة الشعائر الدينية بين المسجد والزاوية، التي تكمن مهمتها في التعليم الإرشاد والمحافظة على الوحدة والجماعة والعمل الجماعي عن طريق الاتصال المباشر، وهي لم تدفع الناس يوما لحمل السلاح ضد بعضهم، أو التخلي عن الصلاة أو الدين، بل تدعو منذ القدم للمحبة وتعلم القرآن وتعليم العلوم الإسلامية، وانحراف بعض الأشخاص لا يعني انحراف الزوايا.
لكن هناك نقص فادح في عدد الأئمة، مما أثر على تأطير أفراد المجتمع في الاتجاه الصحيح؟
اعتقد أن التسارع في بناء المساجد إلى جانب النمو الديمغرافي سبب هذا الإشكال، على غرار ما شهده قطاع التربية من حيث نقص عدد المعلمين رغم التوظيف الكبير، كذلك بالنسبة للأئمة فالتسارع في بناء المساجد جراء النمو الديمغرافي، وتوسع الأحياء والبناءات الجديدة، طرح عجزا في التأطير، ومع ذلك هناك توظيف مؤقت بوزارة الشؤون الدينية لشغل  المناصب المفتوحة التي لا تجد أحيانا من يملأها.
كيف سيتم وضع حد للفتاوى التي تبثها قنوات تلفزيونية دون العودة إلى وزارة الشؤون الدينية أو المجلس الإسلامي الأعلى؟
سيعمل المجلس على ضبط الأمور،  ونحن نظمنا ندوة شهر ديسمبر الماضي  حول الإعلام في القرآن وتكلمنا عن ضبط الإعلام حتى لا يكون الإفتاء إلا من طرف قناة واحدة، وهي وزارة الشؤون الدينية والأوقاف عن طريق المجالس العلمية، وعلى القنوات التي تريد بث فتاوى أن تلجأ للوزارة، وللإطارات التي تضمها المجالس العلمية، التي تتولى مهمة الإفتاء إلى جانب الأساتذة المكلفين بتكوين الأئمة، على غرار الذين ينشطون بقناة القرآن، وسوف نتصل بالقنوات التلفزيونية عن طريق سلطة ضبط السمعي بصري لضبط الأمور، في انتظار تنصيب لجنة الفتوى التابعة للمجلس الأعلى.
سوف ننسق مع سلطة   ضبط السمعي البصري لتنظيم الفتاوى
هل صحيح أن هناك محاولات من المغرب  للاستحواذ على بعض الزوايا؟
لا ينبغي أن نتنافس مع الجيران في أمور الدين، لأن الدين واحد، والإسلام واحد، كما أن شيوخ الزوايا تعلموا في جامعة الزيتونة بتونس وكذا بجامعة القيروان، وهناك تأثير متبادل في قضية الانتماء إلى الطرق الدينية أو الصوفية، والزوايا موجودة في الجزائر وخاصة بمنطقة الغرب، وهي مشتركة ينتمي إليها الجزائريون والمغاربة، وعلاقة الجزائر بالمغرب هي علاقة أخوة وصداقة وتعاون وليست علاقة استيلاء.
 سوف تعدلون قانون المجلس الإسلامي الأعلى لتوسيع مهامه، ألا يمكن أن يقود هذا الإجراء إلى تصادم بينكم وبين وزارة الشؤون الدينية؟
سوف نعمل على تحيين قانون المجلس لنجعله أكثر عمليا وليس نظريا كما كان من قبل، نريد الاقتراب من النظري إلى العملي، سنوفر له العناصر لتحقيق هذا الهدف، وهذا لن يقود إلى تصادم مع وزارة الشؤون الدينية، هذا لن يقع أبدا ولا ينبغي أن يكون، وتوسيع مهامنا ليس استحواذا على مهام الوزارة، بل نحن نتعاون معها.
 هل ستواكبون التطور التكنولوجي أو الفضاء الأزرق الذي يستقطب نسبة كبيرة من الشباب؟
سنعمل على ذلك ؛ فرغم أنه أمر صعب  لكننا سنحاول، على الأقل بتقديم النصح للأولياء، نحن تعلمنا عادة سيئة، كي نتخلص من أبنائنا  نشتري لهم هذه الأجهزة الإلكترونية، لكن في الواقع نحن نتصل من مسؤولية متابعتهم، وهذا لا يجوز .
المنظومة التربوية والأسرة قصرتا في تحصين الجزائري وتعزيز شعوره بالانتماء
 وماذا عن نشاطك السياسي وعن تحالف الإسلاميين؟
ما زلت أواصل نشاطي بالحزب الذي أنتمي إليه، وهذا لا يكلفني وقتا كبيرا، لأن حضور الاجتماعات يكون عادة خلال أيام العطل، وكلما تحالف الجزائريون هو أنفع للبلاد.
وما تعليقك عن تنظيم موسمي الحج والعمرة وإطلاق المسار الإلكتروني؟
في الحقيقة الأمور تسير من الحسن إلى الأحسن، والمسار الإلكتروني هو أمر تقني، لأن الجزائر  هي طرف في تنظيم الموسمين، وهناك طرف آخر الذي يعطي التأشيرات عن طريق هذا المسار أي الجانب السعودي، الذي أضحى من مقتضيات التكنولوجيا، ونحن لدينا 150 ألف معتمر سنويا، لا يمكن أن يقفوا جميعهم أمام السفارة للحصول على التأشيرة، لكن من ناحية الإسكان كما فهمناه من حج الموسم الفارط، أي حجز الغرف عن طريق المسار الإلكتروني، نحن لسنا مهيئين بعد لدخول هذه التجربة التي  اقترحها المتعاملون السعوديون، وهي تفيد  أكثر في حال التكفل بأفراد وليس بجماهير.  
ل.ب

الرجوع إلى الأعلى