مشكلـة الكـرة الجزائرية أعمـق من رحيـل أو بقــاء رئيس الفــاف
يرى الدولي السابق جمال مناد، بأن الاهتمام برحيل أو بقاء رئيس الفاف محمد روراوة مضيعة للوقت، على اعتبار أن مشكل الكرة الجزائرية أعمق من ذلك بكثير. كما قال مناد في هذا الحوار الذي خص به النصر، بأنه كان يتوقع خيبة «كان» الغابون، بالنظر إلى المعطيات التي سبقت الدورة، كما تحدث عن أمور أخرى تخص الخضر تكتشفونها في هذا الحوار الذي خصنا به صبيحة أمس.
هل توقعت إخفاق المنتخب الوطني في الغابون؟
الناس لديها ذاكرة قصيرة، ونسيت بسرعة بأن المنتخب الوطني واجه مشاكل بالجملة قبيل انطلاق دورة الغابون، والبداية بالمباريات التي خاضها ضمن تصفيات مونديال روسيا، عيث عجز رفاق محرز عن تخطي عقبة الكاميرون بملعب مصطفى تشاكر بالبليدة، وليس هذا فحسب بل ظهروا بمستوى جد متواضع، ولم يتوقف الأمر عند هذه المباراة، كونه امتد إلى مواجهة نيجيريا التي كانت كارثة بأتم معنى الكلمة، بعد السقوط بثلاثية كاملة. كنت أتوقع انتكاسة الغابون للأسباب السالفة الذكر، رغم أن هناك من حاول بيع الأوهام للجمهور الجزائري، من خلال التأكيد بأن الخضر سيتنقلون إلى الغابون من أجل العودة بالتاج الإفريقي، وهو كلام اعتبره غير مسؤول، في ظل الوضعية التي كان يعيشها المنتخب الوطني قبيل الاستحقاق القاري.
تصريحات مجاني وفغولي كانت إنذارا مسبقا و روراوة أخطأ بإبعادهما
لكن هل كنت تتوقع الظهور بذلك الوجه الشاحب، إلى درجة أننا عجزنا عن الفوز على منتخب زيمبابوي الحلقة الأضعف في المجموعة؟
     أجل توقعت أكثر من ذلك، لأنه لا يعقل استهلاك ثلاثة مدربين في فترة قصيرة جدا، وحتى البرصا والريال لا يمكنهما النجاح في غياب الاستقرار الفني. لقد واجه المنتخب الوطني صعوبات جمة مؤخرا، والبداية بالتخلي عن الصربي ميلوفان راييفاتس، من أجل إرضاء بعض اللاعبين، الذين أكدوا استحالة العمل معه، ليتم الاستنجاد بجورج ليكنس، الذي لم يكن في مستوى التطلعات، بدليل أننا لم نشاهد لمسته في كافة المباريات التي أشرف فيها على الخضر. صدقوني لقد كانت هناك عدة معطيات تشير إلى أن الخضر مقبلون على انتكاسة في الغابون، لكن هناك من من كان يكذب على الجمهور الجزائري، من خلال التأكيد بأن التشكيلة الحالية قادرة على التألق، وإحراز ثاني لقب قاري.
ألهذه الدرجة لم تكن تثق في هذه المجموعة، رغم امتلاكنا لنجوم كبار كمحرز وبراهيمي وسليماني؟
     النجوم وحدها لا تكفي لتشكيل منتخب قوي، وهو ما يوافقني فيه عديد التقنيين وأهل الاختصاص، خاصة وأن روح المجموعة كانت غائبة قبيل دورة الغابون، بعدما حدث مع كارل مجاني وسفيان فغولي، اللذين تم إبعادهما بطريقة غير مقبولة، لا لشيء سوى لأنهما كشفا حقيقة ما يحدث داخل المنتخب الوطني. لقد أخطأ رئيس الفاف في التعامل معهما، وكان من الأجدر عليه عدم التخلي عن خدماتهما، خاصة وأنهما يمتلكان الخبرة، وكانا قادرين على تقديم المساعدة للخضر في استحقاق الغابون، كما أود الحديث عن نقطة أخرى، وهي أننا لم نحسن التعامل مع تصريحات فغولي ومجاني، إذ كنا مطالبين بأخذها من منظور إيجابي، كونها كانت إنذارا مسبقا لواقعنا المرير.
بعض الإعلاميين في الجزائر يتعاملون مع اللاعبين بسياسة الكيل بمكيالين
لماذا نفشل دوما في أدغال إفريقيا؟
     تحدثنا في هذا الموضوع مرارا وتكرارا، ولكن دون أن نستخلص الدروس اللازمة. يجب أن نعترف بأن منتخبنا الوطني يجد صعوبات بالجملة في أدغال إفريقيا، والبداية بعامل المناخ، حيث تعجز عناصرنا المحترفة في التأقلم مع درجات الحرارة المرتفعة والرطوبة العالية في القارة السمراء، دون نسيان أرضيات الميدان السيئة، مقارنة بتلك التي يلعبون عليها في الخارج، كما لا يجب أن نغفل عن نقطة جد مهمة، وتتمثل في غياب الإرادة والروح، حيث كانت غائبة في المباريات الثلاث التي خضناها في نهائيات الكان»، عكس ما لاحظناه مع المنتخبين المغربي والمصري، اللذين أبهراني بالروح الوطنية الكبيرة التي يلعبون بها، وهي التي مكنتهما من الوصول إلى هذه الأدوار المتقدمة.
لكننا في المقابل نتألق في نهائيات كأس العالم؟
     هذا الأمر مفروغ منه، كون البطولة أكبر والمنتخبات تكون متابعة من طرف الجميع، عكس نهائيات كأس أمم إفريقيا التي ترغب بعض العناصر في مغادرتها مبكرا، من أجل العودة إلى فرقها الأوروبية، سيما وأن مكانتهم كأساسيين تكون مهددة خلال هذه الفترة بالفقدان. نحن نعاني من هذا الإشكال منذ عدة سنوات، والدليل نتائجنا المخيبة في نهائيات «الكان»، ولذلك يجب علينا إعادة النظر في الموضوع، إذا أردنا فعلا معانقة التاج القاري الغائب عن خزائننا منذ سنوات طويلة.
بعض الدوليين السابقين يطالبون بالاعتماد على المنتوج المحلي، في الوقت الذي يصر البعض الآخر على  مواصلة الاستنجاد بالمحترفين، ما رأيك في هذا الموضوع وأي الخيار تفضل؟
لست مع هذا أو ذاك، ولكني أعترف بحكم تجاربي الكثيرة كمدرب في البطولة الوطنية، بأننا لا نملك أي منتوج محلي، وفرقنا عاجزة عن تقديم عناصر في المستوى للمنتخب الوطني، صراحة لا يوجد أي لاعب محلي بإمكانه الدفاع عن الألوان الوطنية في الوقت الحالي، إذا ما استثنينا حراس المرمى، ولكن إن أردنا العكس علينا أن نستفيد من التجربة المصرية، التي أثبتت نجاحها خلال نهائيات كأس الأمم الإفريقية الأخيرة، حيث تمكن الفراعنة من العودة بقوة، بعد خيبة السنوات الست الماضية، يجب أن يكون لدى المسؤولين في البلاد الشجاعة من أجل إعادة بعث مشروع الإصلاح الرياضي، كونه الخيار الأنسب للرياضة الجزائرية، إذا ما أردنا أن نشكل منتخبا من المحليين قادرا على قول كلمته في أدغال إفريقيا. على العموم الظروف لا تسمح الآن، ونحن مطالبون بالاستنجاد بالعناصر المحترفة، ولكن شريطة أن تكون في المستوى وتنشط في أقوى الفرق الأوروبية.
لا نملك منتوجا محليا والعودة إلى الإصلاح الرياضي الخيار الأنسب
هناك من العناصر الوطنية من تعرض إلى حملة شرسة، على غرار سليماني، كيف تنظر إلى هذا الموضوع؟
أجل إسلام سليماني تعرض إلى حملة شرسة خلال نهائيات كأس الأمم الإفريقية بالغابون، حيث كان مستهدفا بطريقة غير مقبولة، رغم أنه كان من أحسن العناصر الوطنية خلال هذه الدورة. يجب أن نعترف بأن هناك بعض الإعلاميين في الجزائر يتعاملون بسياسة الكيل بمكيالين مع اللاعبين الدوليين، حيث كانوا يتوددون للمغتربين، في وقت حاولوا فيه بشتى الطرق استفزاز سليماني. أنا أنصحه بالتركيز على الميدان وعدم الاهتمام بمثل هذه الأمور، خاصة وأنها قد تؤثر على مشواره الكروي، سواء مع المنتخب الوطني أو النوادي. أستغل هذه الفرصة من أجل تهنئته على الالتحاق بي كرابع هداف للخضر، بعد أن رفع رصيده من الأهداف الدولية إلى 25، وفي هذا الصدد أريد أن أضيف نقطة أخرى.
تفضل...
     المتتبع للمنتخب الوطني يدرك بأن هناك بعض الانقسامات بين اللاعبين المحترفين والمحليين، وهو ما لاحظناه مع لاعب الإفريقي التونسي مختار بلخيثر، الذي دفع ثمن الخطأ الذي ارتكبه في لقاء زيمبابوي، حيث تم إبعاده بشكل نهائي، كما تم تحميله مسؤولية التعثر الأول، في الوقت الذي تم التعامل مع الخطأ الكارثي لفوزي غلام ببرودة أعصاب. ليس هكذا يتم تشكيل منتخب قوي، وإذا أردنا إعادة الاعتبار للخضر، يجب الاهتمام بمثل هذه الأمور التي تبدو بسيطة، ولكن تأثيراتها كبيرة جدا.
أنت مع بقاء أو رحيل رئيس الفاف الذي أحدث مؤخرا انقساما في الشارع الرياضي الجزائري، بين مؤيد ومعارض لسياسته التسييرية؟
لا يجب أن نهتم برحيل أو بقاء رئيس الفاف محمد روراوة، لأن مشكل الكرة الجزائرية أعمق من ذلك بكثير، و لكن هناك بعض الأطراف تريد أن تحصر الإخفاق في هذا الشخص، من أجل إبعادنا عن الحقيقة من جهة، ومن أجل ذر الرماد في العيون من جهة أخرى. نحن نتخبط في جملة من المشاكل والعراقيل التي أثرت على مردود منتخبنا الوطني، و الذي هو بحاجة إلى نفس جديد، من أجل العودة إلى سابق عهده. أنا أتمنى من القائمين على شؤون البلاد أن يعيدوا بعث مشروع الإصلاح الرياضي، كونه أتى بثماره في حقبة الثمانينات، وحققنا بفضله نتائج أكثر من باهرة، يجب أن نهتم الآن بالعمل القاعدي، كونه سبيلنا الوحيد من أجل إعادة أمجاد الكرة الجزائرية.
حتى البارصا و الريال لا يمكنهما النجاح بثلاثة مدربين في ظرف 3 أشهر
أنت مع خيار المدرب الأجنبي أو المحلي لتولي زمام العارضة الفنية للخضر في الفترة المقبلة؟
المنتخب الوطني مقبل على فترة جد حساسة بعد النكسات الأخيرة، و على المسؤولين اختيار الشخص المناسب لقيادة الخضر. أنا لست مع الأجنبي وكذلك لست مع المحلي، أنا مع المدرب الكفء والقادر على فرض الانضباط على المجموعة، خاصة وأن المنتخب الوطني يعاني من عدة مشاكل. يجب جلب المدرب المناسب، مع منحه الوقت الكافي من أجل العمل، لأنه لا يعقل حصد ثمار النجاح بعد شهر أو شهرين، كما كان الناخب الوطني السابق جورج لكنس يمني النفس، حيث كان يعتقد بأنه قادر على تشكيل منتخب قوي في ظرف وجيز، و لكن حقيقة الميدان كانت مغايرة.
حاوره: مروان. ب

الرجوع إلى الأعلى