نحن أمام جيل جديد من الإرهاب متحالف مع الجريمة المنظمة
أكد الخبير الأمني الدكتور أحمد ميزاب، بأن الجزائر ومنطقة الساحل تواجه موجة إرهاب من نوع جديد ويتعلق الأمر بالإرهاب المتحالف عضويا مع الجريمة المنظمة ولا سيما التهريب، على اعتبار أن هناك تقاطعا للمصالح بين الجريمة المنظمة والإرهاب، مشيرا إلى أن هشاشة الوضع الأمني في المنطقة وانتشار السلاح ساهم في تشكيل هذا التحالف بين الإرهاب والجريمة المنظمة، مشددا على أن الجزائر تتحمل العبء الأكبر في التصدي لهذا التهديد.
 النصر: تشير تقارير أمنية إلى تزايد العمليات على الحدود الجنوبية، وخاصة محاولات تهريب الأسلحة، إضافة إلى عشرات المحاولات لتسلل إرهابيين عبر الحدود الجنوبية، كيف تقيمون الخطر الإرهابي في المناطق الجنوبية؟
الدكتور أحمد ميزاب :  جملة العمليات الإرهابية تتركز في الجنوب حيث تم إحباط محاولات لتهريب السلاح، وهذا يحمل عدة دلالات، ومنها أن طبيعة المخاطر المحيطة بالجزائر هي في الشريط الحدودي سواء مع ليبيا أو النيجر أو مالي أو منطقة الساحل بشكل عام، وهي مناطق مضطربة متاخمة للجزائر، وهذا ما يبرر محاولات متكررة لتلك الجماعات الإجرامية لتفعيل نشاطاتها في جنوب البلاد.
هذا يفسر الكلام عن إستراتيجية أمن الحدود التي تقضي بضرورة الحيلولة دون أن يكون هناك اختراق للحدود الجزائرية أو القدرة على تهريب الأسلحة عبر المعابر الحدودية الجزائرية وعلى هذا الأساس نسجل أن تلك التنظيمات تحاول بشكل خاص التركيز على المناطق الجنوبية لأنها تأتي من بؤر الصراع الإقليمية المتاخمة للحدود الجنوبية.
 النصر: العملية الأخيرة التي نفذها الجيش وعدة تقارير أمنية، كشفت بوضوح عن ترابط عضوي بين الإرهاب ومهربي المخدرات، كيف ترون هذا الترابط ؟ وهل يزيد من تعقيدات الوضع الأمني على الحدود؟
الدكتور أحمد ميزاب:  نحن الآن نتحدث عن موجة جديدة من الإرهاب وعلى جيل جديد من الإرهاب، هو الجيل المتحالف عضويا مع الجريمة المنظمة ولا سيما التهريب، على اعتبار أن هناك تقاطعا للمصالح بين الجريمة المنظمة والإرهاب.
هذا التقاطع في المصالح هو الذي يفرض التحالف بين هذه المجموعات والعمل في إطار واحد، أولا من حيث التمويل، أي أن الجريمة المنظمة لها قدرة على التمويل ودعم الجماعات الإرهابية ماديا، بالمقابل الجماعات الإرهابية لها القدرة على تأمين المسالك والطرق لهذه العصابات في إطار التهريب أو في إطار ممارستها لأنشطتها الإجرامية وبالتالي تقاطع المصالح أدى إلى بروز ما نسميه بالتحالف العضوي بين الإرهاب والجريمة المنظمة، وهذا يدخل في قاموس المصطلحات الأمنية التي رافعت من أجلها الجزائر في السنوات الأخيرة، والتي حاولت الجزائر أن تركز عليها بشكل كبير جدا وان تقنع المجتمع الدولي والفاعلين الإقليميين بضرورة ربط المجموعات الإرهابية بالجريمة المنظمة، حتى تكون مقاربة محاربة ومواجهة هذه الظاهرة بنفس الوتيرة التي يتم التعامل بها مع التهديد الإرهابي.
النصر: هذا التحالف العضوي، هل يفرض مراجعة الإستراتيجية الأمنية لتأخذ بعدا إقليميا، خاصة وأن تلك المجموعات الإجرامية تنشط في دول أخرى وهو ما قد يستدعي مقاربة أمنية إقليمية لمواجهة تلك التهديدات ؟ 
الدكتور أحمد ميزاب: أولا لا يمكن الحديث عن مقاربة أو إستراتيجية أمنية إقليمية إذا لم تكن لديك إستراتيجية وطنية واضحة وفعالة ميدانيا، ونحن بالفعل لدينا إستراتيجية أثبتت نجاعتها في الميدان، واستطاعت الجزائر أن تحقق إستراتيجية أمنية في مجال مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة، بالتالي نجد بأن الجزائر ترافع في السنوات الأخيرة من أجل مقاربة إقليمية لمواجهة التهديدات، لكن هذه المقاربة الإقليمية تستدعي وجود مؤسسات أمنية قوية لدى دول الجوار قادرة على التنسيق، لكن للأسف لدى الكثير من دول الجوار هشاشة في الأداء الأمني وضعف في مستوى التنسيق الأمني، هذا الضعف في التنسيق الأمني يؤدى إلى اختلال الموازين، وبالتالي تبقى الأعباء على طرف واحد وهو الطرف الجزائري الذي يحاول بشكل كبير وبكل ما أوتي من قوة ضبط الحدود وكذلك فرض طوق أمني على هذه المجموعات حتى لا تستطيع اختراق الحدود الجزائرية.
لكن لو كانت هناك مقاربة إقليمية مبنية على التنسيق الأمني مع دول الجوار، لربما تكون الأعباء أخف على اعتبار أن أهمية المعلومة الأمنية لها قوة ولها فاعلية في مجابهة ومحاربة هذه الظاهرة، وعلى هذا الأساس نسجل دائما أن الجزائر تتحرك وتنادي وتنسق الجهود، فعلي سبيل المثال لما نلاحظ غرفة العمليات المشتركة التي مقرها تمنراست فهي تؤدي خدمة، ولكن بالمقابل الدول المنخرطة في الغرفة المشتركة هي ضعيفة نوعا ما على اعتبار أنها لا تتوفر على مؤسسات أمنية قوية قادرة على التحكم في زمام الأمور وذلك ناتج عن إشكالات داخلية تعاني منها هذه الدول.
أنيس نواري

الرجوع إلى الأعلى