استلهمت فكرتي من الطبيعة وتلقيت عروضا مغرية من مخابر أجنبية
من أقصى الشرق الجزائري بمدينة سوق أهراس بزغ نجم  الدكتور وعالم الكمبيوتر يوسف غرايبية ، الذي استطاع أن يصنع لنفسه مكانة في أكبر  مراكز البحث العالمية،  بابتكاره لخواريزمية مستوحاة من طريقة عيش حيوان البطريق واستخدمها في مجال تصميم البرمجيات الأمنية للسيارات الذكية..
حاوره : لقمان قوادري
النظام الجديد بات مطمعا لكبرى مخابر البحث وشركات صناعة السيارات الكبرى، كما تداولت خبر هذا الإختراع  كبرى الوسائل الإعلامية الأوربية، كالدايلي ميل وإذاعة البي بي سي ، كما أطلقت عليه العديد من المواقع الصحفية لقب نيوتن الجديد، النصر ألتقت مع الباحث الشاب وأجرت معه حوارا، تحدث فيه بإسهاب وتواضع عن ابتكاره الجديد وتجربته الحالية مع مخبر «هول» البريطاني الذي يعمل مع كبار مصنعي السيارات كهيونداي و تويوتا و ماكلرلين، كما أكد بأنه يسعى إلى إنشاء معهد أو هيئة للبحث في تصاميم السيارات من أجل التأسيس لقاعدة صناعية ميكانكية جزائرية خالصة.
التحقت بمخبر يعمل مع أكبر مصنعي العالم
النصر : بداية نود أن نعرف القراء بيوسف غرايبية؟
أنا من مواليد عام 1986 بولاية سوق أهراس، تحصلت على شهادة مهندس دولة في الإعلام الآلي بجامعة أم البواقي، ثم سافرت إلى المسيلة أين أكملت دراساتي العليا ونلت الماجستير، ثم انتقلت إلى جامعة باجي مختار بعنابة وتحصلت على شهادة دكتوراه، اشتغل حاليا كأستاذ جامعي بجامعة المدينة التي ولدت فيها، أبي أستاذ وأمي سيدة ماكثة بالمنزل، أحب الطبيعة والتأمل فيها منذ صغري.
  كرمتم من طرف وزارة التعليم العالي بجامعة قسنطينة03، تقديرا على ابتكار أحدث طفرة في مجال صناعة السيارات، حدثنا عن هذا الإختراع؟
أولا الفكرة الأصلية، التي انطلقت منها في عملي هذا، هو البحث  عن كيفية و تطبيق طرق جديدة في العالم الصناعي انطلاقا من الطبيعة، نحن كمسلمين لا يناسبنا الإنطلاق من نظرية التطور لمبتكرها شارل داروين التي تعد أول فكرة في هذا المجال، كما أنها  تعرف العديد من النقائص،  حاولت في السنوات الأخيرة خلال فترة فراغي بين الماجستير والدكتوراه، أن أجد نظاما طبيعيا متكاملا من أجل أن استنبط منه طريقة جديدة لتأمين السيارات، ووقع اختياري على البطريق كنموذج، بالإعتماد على برامج كمبيوتر و خوارزيميات، النظام جد معقد ويحاول أن يضبط مستوى الأمان للسيارات، بدأت الدراسة على البطاريق وكيفية تسيير حياتهم في الجليد و أخرجت منها قواعد حياة وحولتها إلى نمط رياضي، زرت أمستردام في إطار خرجة علمية ووضعت الخطوط العريضة للفكرة ثم قررت ولوج عالم السيارات،  ثم التحقت بمخبر جامعة هول في انكلترا الذي يعمل مع مصنعي كبار كهيونداي فولفو و هوندا وكذا ماكلرين، وكانت نتائج البحث جد ممتازة،...ليس لدي الكثير من التفاصيل لأن  المخبر هو الذي يمتلك جميع المعلومات، وأنا أركز جل اهتمامي على البحث.
النظرية جزائرية مائة بالمائة
هل أنت من قام بتطوير فكرة هذا الإبتكار أم أنه جاء مناصفة مع المخبر الإنجليزي؟
 يبتسم ...نظرية البطريق نظرية جزائرية مئة بالمائة وهي فكرتي ، هذا المشروع هو بحث علمي ليس بحاجة إلى براءة اختراع بقدر ما هو بحاجة إلى تطبيقه على أرض الواقع، كان لزاما أن أشتغل مع المخبر الاجنبي لعدم توفر قاعدة صناعية ميكانيكية في الجزائر وأسعى حاليا مع المسؤولين على البحث العلمي، لإنشاء مشروع صناعي جزائري لتصميم السيارات من بدايته إلى نهايته، المهم أن الاختراع  جزائري ومسجل في المجلات العلمية العالمية ولا احد يستطيع أن ينكر هذا.
نود أن تقدم لنا شرحا أكثـر عن الإختراع و ماذا أضفت للصناعة الميكانيكية من جديد؟
تعد مرحلة تصميم السيارات أصعب مرحلة في صناعة أي مركبة في العالم، حيث أنها تأخذ وقتا وأموالا كثيرة ، في مجال التصميم ما تزال مشاكل عديدة في مجال كيفية وضع مستوى الأمان لكل هيكل بداخل السيارة، لقد طبق الباحثون طرقا كثيرة ولم تأت بنتائج جديدة، حتى جاءت فكرة البطاريق وقدمت إضافات كبيرة في مجال ربح الوقت وفي نوعية المنتوج وبأقل تكلفة ممكنة، وأود أن أوضح، بأن التصميم كان يتم بشكل يدوي وبالتالي فإن  نسبة الخطأ ستكون مرتفعة جدا.
 ومعلومة أخرى يجب ذكرها  هي أن  طيور البطريق تتميز بذكاء جماعي وتصرفات خارقة ومبهرة في حال تواجدها في مجموعة من أجل إيجاد حلول للمصاعب التي تواجهها، ولا يستطيع حتى الإنسان أن يقوم بها ، وهو الشيء الذي طبقناه على هياكل أمان السيارات الذكية لتعمل في انسجام أكثر فيما بينها ، هناك أيضا العديد من الدراسات العلمية على ممالك النحل والنمل، كبار المصنعين اليوم كمرسيدس يسعون إلى ربط أنظمة أمان السيارات عبر الهواتف الذكية  ، في الوقت الراهن وبمعية المخبر الأجنبي نحاول تطبيق «نظام البانغوين» على كل مشكل نجده في السيارة.
برنامجي جرب على الكثير من الموديلات وحقق نتائج مبهرة
هل دخل مشروعك حيز التطبيق؟
المشروع لم ينته إلى حد الساعة،  لأن تصميم السيارة لا يعتمد فقط على وضع نظام الأمان، و ورشات التصميم أكبر عشر مرات من الأماكن المخصصة للتصنيع، وهو الأغلى ثمنا أيضا في تركيبة السيارات، كما أنه يصنع الفارق في التنافسية والسعر، البرمجيات التي تباع حاليا هي قديمة، لكن برنامجي جرب على أنظمة الفرامل على العديد من الموديلات وحقق نتائج مبهرة، لا أعلم متى سيدخل السوق،  المهم أن نظرية البطريق حلت العديد من المشاكل وأحدثت ثورة في المجال.
هل نلت الدعم من المسؤولين والسلطات الجزائرية؟
وجدت دعما كبيرا من طرف الوزارة والقائمين على جامعة سوق أهراس، سواء في التربصات أو الملتقيات العلمية التي ساعدتني كثيرا في الاحتكاك مع باحثين كبار، التقيت أيضا بمصنعين عالميين وزرت شركة ماكلرين الرائدة في مجال صناعة السيارات، البرمجة الإلكترونية تتطلب إمكانيات بسيطة جدا، لكن تطبيقها يعتمد على قاعدة صناعية، حاليا أنا أنسق مع المسؤولين الجزائريين، من أجل إنشاء معهد أو هيئة للبحث في تصميم السيارات قصد مرافقة الصناعات الميكانيكية في الجزائر، لأنها تعد من أصعب المجالات وهو ما يعكس العدد القليل للمصنعين للسيارات في العالم.
أنسق مع مسؤولين لإنشاء معهد للبحث في تصميم السيارات
هل تلقيت دعوات للعمل في جامعات ومخابر بحث أجنبية؟  وكيف تنظر إلى مستقبل صناعة السيارات في الجزائر؟
المصانع الجزائرية حاليا في مرحلة التركيب، ونسبة الاندماج  ما تزال منخفضة، لكن كلما زادت هذه النسبة، كلما اقتربنا أكثر إلى مرحلة التصميم و البرمجة الإلكترونية، والتي  لا تتطلب إمكانيات ضخمة كما ستكون الأرضية مهيئة لأصحاب البرامج الذين تزخر بها الجزائر، للعمل وتطوير الصناعة بالبلاد، لقد أثيرت ضجة إعلامية كبيرة في انجلترا، حول كيفية ربط العلاقة بين البطريق وصناعة سيارة، إلى درجة أن الوزارة تدخلت، و تلقيت عروضا كبيرة ومغرية  من معاهد ومخابر أجنبية، وحتى من بعض المؤسسات الصناعية الكبرى في الجزائر، لكني لا أستطيع أن أفصح عنها  مادمت لم أقبل بهذه العروض.
ل/ ق

الرجوع إلى الأعلى