إداريون و مترشحون في السجن بسبب التزوير

*على كل من يتحدث عن رشاوى أن يقدم الأدلة          
*  نحن طرف في العملية الانتخابية و لن نحل محل الهيئات الأخرى
كشف عبد الوهاب دربال، رئيس الهيئة العليا المستقلة لمراقبة الانتخابات عن سجن إداريين ومترشحين بسبب التزوير واستعمال المال في جمع التوقيعات للمترشحين، ولم يقدم تفاصيل إضافية بهذا الخصوص، وشدّد دربال في حوار خص به النصر على أن الهيئة لا تعتد بالكلام وبما يروج في الشارع، وعلى كل من يتحدث عن حالات رشاوى واستعمال المال في العملية الانتخابية أن يقدم دلائل الإثبات، كما نبه الشركاء أيضا إلى أن تنصيب الهيئة العليا اليوم لا يعني أن الانتخابات ستكون نزيهة وشفافة بين عشية وضحاها، بل إن العملية الانتخابية مرتكزة على أطراف عدة، وهي تبنى مع مرور الزمن.
أجرى الحوار : إلياس بوملطة
- النصر: هناك نظرة عامة تقليدية لدى الأحزاب السياسية والمترشحين بأن هيئة مراقبة الانتخابات وانطلاقا من التجارب السابقة لا يمكن التعويل عليها لضبط العملية الانتخابية كما يجب، وتفادي كل التجاوزات و إعطاء كل ذي حق حقه، ما تعليقكم على هذا؟
- عبد الوهاب دربال: أعتقد أنه  من منطلق الحرص للوصول إلى انتخابات نظيفة، فإن الشك يفضي إلى البحث، والبحث يفضي الى المعلومة، فإذا كان هناك من يضع علامة استفهام على الهيئة من حقهم هذا، ومن حقهم أن تقوم الهيئة بصلاحياتها لتثبت للناس أنها قادرة على فعل شيء، وهو ما نحاول القيام به.
لكن بالنسبة للتجارب السابقة عندهم، فيما كان يسمى لجنة مراقبة الانتخابات، فأنا اعتقد أن هذه الهيئة مختلفة من حيث النشأة  والتكوين و من حيث التأسيس القانوني ومن حيث المهام، وهذا يصنع الفارق، وبالتالي لم تكن لمثيلاتها و شبيهاتها في السابق كل هذه الميزات، وعليه ما ينتظر من هذه الهيئة لم ينتظر مما سبق، أنا لا يمكن أن أقول لهم يجب أن تثقوا بها، بل أقول لمنتسبي الهيئة عليهم أن يعملوا و يلتزموا بالقانون من أجل أن يأخذوا ثقة الناس، لأن الثقة تؤخذ ولا تعطى، ونحن نعمل بكل صدق و نمارس كل صلاحياتنا، وهي كبيرة  من أجل أن ندخل جديدا في العملية الانتخابية بما يضع الناس في طمأنينة، ولكن يجب أن يعلم هؤلاء الناس أن هذه الهيئة ليست نبيا مرسلا يمتلك كل الحق وكل الصلاحيات ويأخذ بيد كل واحد، فهذه هيئة دستورية لها  جزء من الصلاحيات كالهيئات الدستورية الأخرى.
على كل من يتحدث عن تزوير  أو رشاوى أن يقدم دلائل الإثبات
 وعليه من أجل أن تصل هذه الهيئة إلى نزاهة الانتخابات هناك إجراءات لابد أن يقوم بها الآخر، صاحب المصلحة الذي يتظلم أو الذي يشك أو من يملك دليلا، هو الذي يجب أن يتحرك من أجل أن يوصل إلى الناس حقهم أو يفتك هو حقه، أو من أجل أن يبرهن على صحة وسلامة صلاحيات هذه الهيئة إلى غير ذلك، أما من يملك حزبا ويتفرج فقط على الهيئة هل تقوم بفعل ما أم لا تفعل، هذه ذهنية « قريني وأنا سيدك» انتهت ولهذا الهيئة لها صلاحيات، لكن هناك إجراءات مرتبطة بهذه الصلاحيات، ولا تتحرك إلا إذا توفرت لها أسباب التحرك.
- هناك حديث عن رشاوى واستعمال المال لجمع التوقيعات وترتيب الأسماء في القوائم وغيرها، هل تلقيتم شكاوى و إشعارات في هذا الشأن؟
- بدأنا العمل قبل الحديث عن الرشاوى، إلى حد الآن الذي وصلنا كلام فقط، الجميع يتكلم، والكلام في الحقيقة مسؤولية،  من السهل جدا القول أن هناك رشاوى لكن اعطني حالة.. لا توجد، هذا التسويق دون دليل مسؤولية، وأنا  أخشى أن الناس يسوقون لهذه المسألة من أجل تشويه الانتخابات، أخشى أن يكون هذا هو قصدهم فقط، عندما تقول كلاما لا دليل فيه يصبح السؤال حول نية الناس، أنا لا استطيع لا أن اثبت ولا أن أنفي.
 ما وصلنا في هذا الشأن كانت محاولات هنا وهناك، الذي تأكدنا فعلا منه بالدليل مقترفوه هم في السجن الآن، لكن لا نحب الاشهار في هذا المجال، لكن  هذا اللغط وهذا الكلام عن كل واحد، وعن كل حزب وعن كل الناس، أنا لا استطيع أن أروج لمن لا دليل لهم عندي، و إذا وصلني دليل عن أي كان نتابعه قضائيا وينال جزاءه، أما أن ندخل في حديث المقاهي والمجالس والفضاء الأزرق، والناس كلها تتكلم، الكلام  مجاني لو كان كل من يتكلم يقام عليه الدليل أو يقام عليه حد، فإما أن يتكلم بالدليل أو لا يتكلم.
  ولذلك أنا أخشى أن الترويج لهذه المسألة هكذا بدون دليل وراءه نية تشويه الانتخابات من حيث المبدأ، وقد قلت سابقا أن قناعتي الآن أن الناس لا يخشون من تزوير الانتخابات بل يخشون من نظافتها، لأن تزوير الانتخابات ستكون حجة لتغطية الفشل، والمعتاد على التزوير وما دام الناس كلها تتكلم عن التزوير لماذا لا يزور، يزور ويستفيد إذا كان  معتادا عليه، الذي يخيف الناس اذن هي النظافة لأنها تزيل عن كل الناس التغطية، الفاشل يظهر فاشلا ومن ألف التزوير تسقط عليه، الناس تخاف النظافة ولا تخاف التزوير لأن التزوير يخدم هؤلاء جميعا، وأنا أخشى أن الكلام عن تشويه الانتخابات هو من أجل إيجاد هذا الجو العفن.

- هل يمكن أن تقدموا لنا تفاصيل عن الذين سجنوا بتهم استعمال المال والرشاوى في هذا المجال؟
- لا لن أعطيك أي تفاصيل لأن الأمر يتعلق بأناس متهمين.
- وكم عددهم؟
- لا أعطيك العدد، لكن أقول إنهم ضبطوا خلال عملية جمع التوقيعات، و بينهم إداريون ومترشحون هم الآن موجودون في السجن.
 - هل تملك هيئة مراقبة الانتخابات الوسائل اللازمة حتى تقوم بعملها على أكمل وجه؟
- هذا كلام عام نحن في أسرنا لا نملك كل الوسائل، نحن بناء قانوني صحيح، لدينا قضاء وقد سمعتم وزير العدل يقول إذا وقع فيه اعتداء على النائب العام ألا ينتظر حتى يحرك أحد ما الدعوى فليحركها مباشرة، هذا مكسب كبير للانتخابات لم يكن موجودا من قبل، كما لم تكن من قبل هيئة مراقبة الانتخابات ولها صلاحية تحريك الدعوى وحق إخطار النائب العام، لم يكن لدينا من قبل هيئة تراقب الانتخابات ولها حق تسخير القوة العمومية، لدينا العديد من الوسائل وبإمكاننا العمل.
الهيئة طرف في العملية الانتخابية ولا يمكن أن تحل محل الهيئات الأخرى
لكن العملية الانتخابية ليست مرتكزة على الهيئة والسلطات العمومية، فهي مرتكزة على السلطات العمومية أولا، وعلى الهية ثانيا، وعلى الأحزاب ثالثا، وعلى  الإعلام رابعا وعلى التربية الاجتماعية العامة خامسا وهكذا، العملية الانتخابية عملية اجتماعية عامة كل طرف يلعب دوره، الوسائل موزعة على الناس، نعم الدولة هي التي تنظم الانتخابات، أنا اعتقادي أن كل القوانين في صالح تنظيم انتخابات شفافة.
والهيئة هذه ليست هي القضاء، وهي الإدارة، وهي التشريع، وهي الاعلام، وهي الناخب، هي ليست كل هذا، بل لها دور فقط، فالقضاء له دور والإعلام له دور والناخب أيضا له دور، الناخب هذا الذي لا يقوم بأي شيء كيف تكون انتخابات نظيفة، من يقبل بيع ذمته بالمال هل هذا يمكن يكون ناخبا حقيقيا؟، المترشح الذي يدفع من أجل ان يرتب في رأس القائمة هل يمكن أن يكون مترشحا صحيحا؟  هل مثل هذا لا تقع عليه مسؤولية؟ إذن فالمسؤولية مشتركة ومتقاسمة، الذي يطلب النظافة يجب أن يكون نظيفا.
 - هل اطلعتم على الهيئة الناخبة لأن هناك احتياطيا من الأموات المسجلين تقول الأحزاب دائما أنه يستعمل لصالح بعض الأطراف؟
 -  مراجعة الهيئة الناخبة لم تنته بعد، ونحن نتابع في هذه العملية، أنتم تعرفون أن وزارة الداخلية تستعمل لأول مرة تطبيقا لإسقاط المتوفين، وإسقاط من يوقع لمترشحين مرتين، ولذلك بالمناسبة الكثير من الناس سقطوا، فنتيجة الجهل يمكن للناس التوقيع لأكثر من جهة، لذلك نتيجة لاستعمال هذه التطبيقات سقطت الكثير من القوائم والكثير من المتوفين الذين لم يسقطوا من قبل.
الذي وجدناه أن مصالح الحالة المدنية في البلدية الواحدة لا تعطي حالات كل المتوفين، تجد المتوفي مثلا سقط في الحالة المدنية لكنه موجود في سجل الناخبين، الآن وبالنظر لهذا الربط سقطت مئات الآلاف، ولا نستطيع في الوقت الحالي تقديم كل الإحصائيات لأن المراجعة لا تزال مستمرة، لكن أؤكد أن أعدادا كبيرة من المتوفين سقطت على الأقل حيث استعمل التطبيق سالف الذكر.
وعليه في رأيي، أن مراجعة الهيئة الناخبة لا بد ألا تكون في المناسبات فقط، بل يجب أن تكون دائمة، لأنه بقدر صحة البطاقية بقدر صحة النتيجة وبقدر صحة الشرعية، ولهذا قضية تصفية القوائم لابد أن تكون عملا دائما، لذلك بعد الانتخابات نقترح على الحكومة أن يكون الموظفون في البلديات والإدارة المحلية متخصصين في الانتخابات، مهمتهم الانتخابات فقط، يتدربون ويتكونون على كل ما له علاقة بالانتخابات ويمارسونه، حتى يكون التطبيق واحدا موحدا في كل الولايات والجهات.
 ومن هذا المنطلق، قلت في السابق إن الوصول إلى انتخابات نظيفة عملية تبنى في الزمن، وهو عمل طويل المدى يبنى في مدة زمنية طويلة، ولكن من يعتقد أن الهيئة موجودة الآن معنى ذلك أن الانتخابات لابد أن تكون جد نظيفة، هذا غير معقول وغير منطقي، فعملية الاصلاح مثل العلاج لابد أن تأخذ وقتا في الزمن، لا يمكن معالجة تراكم لمدة 50 سنة بين عشية وضحاها، هذا غير منطقي وغير علمي.
مسألة تنظيف الهيئة الناخبة لابد له من وقت، لا يمكن إجراء تنظيف للهيئة الناخبة التي قيل حولها كلام طويل لسنوات من خلال مراجعة استثنائية، لكن أنا سعيد جدا بالنتائج التي تحققت لحد الآن، ولكن رؤية الهيئة هي العمل على الاستمرار في هذا التنظيف حتى نحقق أقصى ما يمكن من الوضوح، و أنا حريص على نظافة الانتخابات مثلما هم (الأحزاب والمترشحون) حريصون على نظافتها.
كل مترشح  يرى أن القانون تجاوز حقه يخبرنا فقط  ونحن نتكفل
ـ ماذا عن لقائكم بسلطة ضبط السمعي البصري؟
-  سلطة ضبط السمعي البصري هي هيئة مستقلة ماليا و قانونيا، مهمتها متابعة تطبيق قانون الإعلام وأخلاقيات المهنة وتسهر على ذلك ليس بمناسبة الانتخابات فقط بل دائما، ما يهمنا أثناء الحملة الانتخابية أن الاعلام ينضبط بالقانون، وعندما لا ينضبط من هي السلطة التي توقفه، هي سلطة ضبط السمعي البصري، وهذا ما نقوم به مع هيئات أخرى.
الحملة الانتخابية ينظمها القانون، ونحن مكلفون بالتوزيع الزمني والجغرافي المتساوي في السمعي البصري العمومي وفقط، لأن الحملة الانتخابية القانونية لا تمارس إلا في السمعي البصري العمومي، هناك فرق بين تغطية حملة وممارسة الحملة، تغطية التجمعات وإجراء الحوارات مفتوح للقنوات، لكن برنامج وخطاب المترشحين لا يمر إلا في السمعي البصري العمومي.
- نعود إلى مسألة تصويت الهيئات النظامية،  عادة ما تشتكي أحزاب عديدة  من توجيه تصويت هذه الهيئات؟
- قانون الأحزاب الجديد أنهى هذا المشكل نهائيا، وأفراد الهيئات النظامية اليوم مثلهم مثل الموظفين والطلبة حيث يعملون يصوتون، وانتهينا من هذا المشكل تماما.
- لكن مهما كان ذلك يمكن توجيههم؟
- أنا ليست لدي هذه المعلومة، إذا كانت الأحزاب لا تستطيع توجيه مناضليها للتصويت عليها، فذلك أنت تقول يمكن توجيه الهيئات النظامية و أنا أقول لا يمكن.  
- أين تبدأ وأين تنتهي مهام الهيئة بالنسبة للعملية الانتخابية برمتها، هل تعمل على التجاوب مع انشغالات الأحزاب والمترشحين ومتابعتها على آخر مسارها، أم ينتهي عملها عند رفع التقارير؟
- الهيئة لن تكون ناقلا للتقارير، أي تقرير يأتينا ممضي وغير مرفق بدليل لا نعير له أي اهتمام ولا نفعل به شيئا، التقرير الذي لا يرفق بأدلة إثبات لن أفعل به شيئا، لأن كل شخص قادر على كتابة أي شيء خاصة في الزمن الرديء الذي نحن فيه، أنا رجل قانون احترم القانون واحترم أجهزة الدولة، كل من لا يملك دليلا على ما يقوله هو من يتابع من المفروض، كل من يقدم الأدلة سأقف معه حتى يأخذ  حقه، من ليست له أدلة لا وزن له، هذا شيء واضح، والقانون يلزم النائب العام كي يحرك الدعوى، أنا الزمه أيضا بتحريكها لأن القانون يعطيني حق إلزامه، ومع التحريك حق المتابعة أيضا.
إذا كان العمل السياسي من أجل التموقع  و المسؤولية فسد
اليوم هناك الكثير من الناس تروج للدعاية السوقية، وليس للواقع، من لا يعرف الإجراءات يأتي مباشرة ليدعي أنه عرقل من طرف مصالح الإدارة، لكن بعد التحري يظهر أنه هو من يجهل القانون، وقام بإجراءات خاطئة ثم يتهم الغير ولا يتهم نفسه، وهذا واقع موجود عشناه مئات المرات، فكل مترشح  يرى أن القانون تجاوز حقه يخبرنا فقط  ونحن نتكفل به لكن يقدم لنا شيئا واقعيا، وليس القيل والقال.
- هل تتواصل الهيئة مع الأحزاب  السياسية؟
- لدينا علاقات بكل الأحزاب، واحترام متبادل ونسعى إلى العمل المشترك، ونسعى لنتبادل، وننبه بعضنا البعض في بعض الأحيان، نحن حلفاء للأحزاب الجادة التي تريد حقيقة انتخابات شفافة ونزيهة.  
- بصفتكم مناضلا قديما في حزب معارض واليوم أنتم على رأس الهيئة السياسية العليا لمراقبة الانتخابات كيف تقيمون التجربة الديمقراطية في الجزائر التي يقول البعض أنها أخفقت؟
- العمل السياسي كما أفهمه، وفهمي هذا لا يلزمني إلا أنا، هو إسداء الخير للغير، لخصه في برنامج أو تنظيم كما تريد، لكن هو وسيلة لتقديم شيء للأمة والبلد الذي تنتمي إليهما، فإذا خرج العمل السياسي من هذا المسار و أصبح من أجل التموقع  من أجل المسؤولية فسد، حتى المسؤولية في العمل السياسي هي وسيلة للوصول إلى الخير الذي تريد، والإضافة التي تريد أن تخدم بها بلدك أو شعبك، فإذا كان العمل السياسي والحزب مركوبا من أجل الوصول به إلى مسؤولية معينة فقد انحرف، أنا أرى أن العمل السياسي أيضا عمل ثقافي، العمل الديمقراطي عمل ثقافي، الذي لا يملك ثقافة ديمقراطية لا يسأل الناس بعد ذلك، واعتقادي أننا في الطبقة السياسية نحتاج إلى الكثير من الحوار كي نرتقي بالعمل السياسي.
إ.ب

الرجوع إلى الأعلى