عالم المناجرة يعج بالدخلاء و الرؤساء يفضلون التعامل مع الوسطاء

يرى المناجير المعتمد لدى الفيفا عبد العالي عاشوري بأن مهنة وكلاء اللاعبين تعج بالدخلاء و"السماسرة" الذين يبحثون عن الربح السريع، في ظل غياب ثقافة التعامل مع وكيل الأعمال المحترف حفاظا على حقوق كل طرف، وحرص رؤساء الأندية على التعامل مع وسطاء يكتفون بالحصول على عمولات لإبرام صفقات قد تتسبب في تحطيم مشوار لاعبين شبان.
حاوره: نورالدين - ت
عاشوري الذي اشتغل في ميدان الكرة، بداية كلاعب من خلال حمله قميص هلال شلغوم العيد، ثم مدربا في ذات الفريق، يعد من أوائل وكلاء اللاعبين في الجزائر، حيث تحصل على الاعتماد من الفيفا عام 2003 ، ما يجعله في موقع جيد لتقييم المهنة والحديث عن شؤونها وخباياها.
• بداية كيف تعلق على قرار المكتب الفيدرالي الأخير، بعودة اللاعبين الأجانب إلى الدوري المحلي؟
أرى أن القرار إيجابي من عدة نواحي، على رأسها الجانب الإنساني حيث تم اتهامنا في مناسبات سابقة بالعنصرية في أعقاب صدور قانون منع انتداب اللاعبين الأجانب، كما أن القرار مفيد لبطولتنا من الناحيتين الرياضية والمالية.
•  و حصر العدد في انتداب لاعبين اثنين هل هو كاف، أم أنتم مع رفع العدد؟
المشكل ليس في عدد اللاعبين، لكن ما لم نفهمه كمناجرة يتمثل في أن المكتب الفيدرالي في اجتماعه الأخير رفع الحظر عن انتداب اللاعبين الأجانب عند رغبة رؤساء الأندية، ودون شروط باستثناء أن يكون اللاعب دون الثلاثين من عمره، لكن الرابطة الوطنية اشترطت سن 27 سنة يوم إمضائه واكتساب اللاعب صفة الدولي، علما وأن هذه الصفة من السهل على اللاعب الإفريقي جلبها ولو لم يكن دوليا، وحتى ما حدث عند اتصال الفاف باتحادات اللاعبين الأفارقة، أين يتم في كل مرة “تزوير” الوثائق على أن اللاعب دولي، وعليه نتساءل لماذا اشتراط سن دون 27 سنة، رغم أن المكتب الفيدرالي سمح بجلب لاعبين دون الثلاثين.
جل اللاعبين  ينصبون الأموال في المقام الأول
•  وفي ظل الشروط المعلن عنها هل بإمكان أنديتنا جلب لاعبين دوليين دون 27 سنة؟
مرة أخرى أؤكد أن اشتراط سن أقل من 27 سنة أمر محير، كما أن صفة الدولي قد لا تعني شيئا، لأن بعض اللاعبين غير الدوليين قدموا مستويات كبيرة وفاقوا بإمكاناتهم اللاعبين الدوليين، ما جعلهم يقدمون إضافات هامة للكرة الجزائرية رياضيا من خلال مردودهم الطيب، وماليا نتيجة انتدابهم بمبالغ متواضعة، وتحويلهم في ما بعد إلى أوروبا وبلدان الخليج مقابل مبالغ مالية جد هامة.
•  من بين الشروط المعلن عنها ضرورة ضخ رواتب ستة أشهر في أرصدة اللاعبين كضمان للاعب الأجنبي، كيف ترى هذا الإجراء؟
هذا الشرط كان معمولا به منذ عهد الرئيس السابق محمد روراوة، حيث كان يشترط على النادي تقديم صك ضمان بمستحقات اللاعب على مستوى الرابطة، وعليه أرى أن هذا الشرط لن يغير من الوضع في شيء، لأن اللاعبين الأجانب صاروا لا يلجأون مباشرة إلى الفيفا دون المرور بلجنة المنازعات على مستوى الفاف، وبالمناسبة أدعو إلى ضرورة سن قوانين ردعية، بمعاقبة كل ناد لا يدفع مستحقات لاعبيه، وبعبارة أخرى الإشكال يكمن أساسا في عدم جدية نوادينا التي لا تحترم تعهداتها والتزاماتها تجاه اللاعبين الأجانب.
•  وماذا عن ضخ المستحقات في الأرصدة بالعملة الوطنية؟
هذا الإجراء معمول به من قبل، حيث يتم فتح حساب بنكي للاعب ويتم ضخ مستحقاته فيه، وعند التفاوض مع اللاعب حول تحديد الراتب حسب قيمة العملة الصعبة في السوق السوداء “الموازية”، وعلى اللاعب أن يحول أمواله إلى عملة صعبة، ولأن القوانين تمنع تحويل العملة إلى خارج الوطن، فإن للاعب الحق في تحويل مبلغ 7 ألاف يورو في كل مرة يغادر فيها أرض الوطن.
•  وكيف هي العلاقة بين المناجرة وموكليهم، في ظل اتهام البعض للمناجرة بالكسب السهل؟  
أشاطرك الرأي بخصوص هذه النقطة، لأن عالم المناجرة في بلادنا يعج بالدخلاء، فكل من هب ودب يكون وسيط وينتحل صفة المناجير لاقتراح اللاعبين على الرؤساء والمسيرين، ومنهم  من يكتفي بقراءة الجرائد والمواقع ويقوم باقتراح اللاعبين في محاولة للحصول على الأموال، وعليه فكل لاعب يرتبط مع وكيل بموجب عقد، أو يمنحه تفويضا لمباشرة مهامه داخل وخارج الوطن يكون في مأمن عند الانتقال إلى أي فريق. وكما هناك لاعبين ومدربين محترفين، هناك مناجرة معتمدين ومحترفين يزاولون نشاطهم في شفافية وفي إطار القوانين المعمول بها.

•  يلاحظ في سوق الانتقالات أن بعض الرؤساء يتحاشون المناجرة ويفضلون التفاوض مباشرة مع اللاعب أو المدرب، فما السبب برأيك؟  
هؤلاء يتحاشون المناجرة المحترفين، لأنهم يفرضون شروطا وبنودا يراها الرؤساء تعجيزية، لذلك يفضلون اللجوء إلى وسطاء يكتفون بالحصول على عمولات مقابل الخدمة، وشخصيا صادفت في مشواري مناجرة لا يحسنون قراءة عقد، خاصة وأن العقود عادة ما تحرر باللغة الفرنسية، كما أنهم لا يفرقون بين الراتب الخام والصافي، ما يمكن الرؤساء من وضع أي بند في العقد دون اعتراض من الوسيط.
•  على ذكر العقود، لا يتم الحديث فيها عادة إلا على المدة وقيمة العقد، فكيف تفسر ذلك؟
لا، هناك عدة بنود من بينها القانون الداخلي للفاف، الذي لا يسأل عنه اللاعب، إلا في حال فسخ العقد من طرف واحد، وأخيرا تم اشتراط ذكر الحساب البنكي وعنوان اللاعب وعديد المعلومات عنه.
•  ورد في الإجراءات التنظيمية  للموسم الجديد اشتراط الفاف تسليم كل لاعب نسخة عن العقد الرسمي الذي يربطه بالفريق.
الإجراء ليس جديدا، حيث كان يفترض أن يحصل كل من اللاعب والمناجير والنادي على نسخة من العقد الموجود على مستوى الرابطة الوطنية، لكن للأسف لم يكن معمولا به، والنوادي بعد حصولها على العقود من الرابطة لا تقوم بتسليمها للاعبين وفق ما هو منصوص عليه في العقد ذاته، لأن النية ليست صافية.
•  ما هي حدود صلاحيات المناجير في تسيير شؤون موكليه؟
الأمور عندنا مختلفة في طريقة تعامل مختلف الأطراف، فعادة المناجير من يقوم بالاتصال بالنوادي لعرض خدمات لاعبيه، واللاعب عند تلقيه أي اتصال يقوم بتوجيه طالبي خدماته نحو المكلف بأعماله، لكن للأسف وجود الدخلاء والوسطاء أفسد كل شيء.
•  هل للمناجرة الناشطين في الساحة ثقافة الاهتمام بالرهان الرياضي وتوجيه مسار اللاعبين عند تحديد وجهتهم؟
قلة هم المناجرة الذين يسلكون هذا النهج، لأن الأكثرية تنصب الأموال في المقام الأول، رغم أن تحويل لاعب شاب إلى فريق كبير بحجم مولودية العاصمة مثلا، قد يتسبب في تحطيم مشواره، لأن تلقيه أموالا لا يعني بالضرورة فرض نفسه وتطوير إمكاناته، على النقيض من تحويله إلى فريق يمنحه فرصة اللعب وإثبات قدراته ووضع الخطوات الأولى نحو عالم التألق والنجاح، وهو ما يقتضيه الاستثمار الحقيقي في لاعب شاب، يمكن تمكينه لاحقا من اللعب في النوادي الكبيرة وحصد الأموال.
بين المناجرة ورجال الإعلام علاقة مصلحة
والغريب أن بعض المناجرة يقومون بتشويه صورة اللاعبين، بتقديم معلومات خاطئة بأن يتم الترويج بأن اللاعب الفلاني يتلاعب بنتائج المباريات أو يعاني من إصابات، وغيرها من السلوكات التي تخول لهم ترويج "بضاعتهم" في سوق الانتقالات.
•  واشتراط الفيفا لتواجد ختم المناجير على عقد اللاعب هل هو ضمان لحقوقه؟
بالطبع وقد تم تغيير الاسم مؤخرا ليصبح وسيط أو وكيل اللاعب، ومن مهامه حل مشاكل اللاعب مع النادي بطرق سلمية، وفي حال تعذر ذلك يلجأ إلى الفيفا وهو من يتكفل بضمان حقوق اللاعب.
•  وكيف هي العلاقة بين المناجرة و وسائل الإعلام وسعي البعض لاستغلال الأخيرة لتلميع صورة موكليهم؟
هي حقيقة قائمة بذاتها، وعادة ما يستغل المناجرة بحث الصحفي عن المعلومة لطلب خدمة تحسين صورة الموكل في وسائل الإعلام، خاصة وأن رؤساء الأندية في الجزائر يعتمدون على وسائل الإعلام عند بحثهم عن العصافير النادرة من اللاعبين عند دخول سوق الانتقالات. وبالعودة إلى سؤالكم هناك علاقة المصلحة وهناك علاقة المهنية.
أحضر لتحويل حارس المنتخب الفلسطيني للاحتراف في الجزائر
•  كنت من أوائل الذين اقتحموا مجال المناجرة في الجزائر، فكيف تم ذلك؟
لقد كنت لاعبا في صفوف هلال شلغوم العيد ثم مدربا لذات الفريق كما اشتغلت في عالم الصحافة الرياضية، ما جعل علاقتي طيبة بمختلف الفاعلين في الميدان الرياضي، وحفزني على دخول عالم المناجرة في محاولة لأكون وسيطا بين اللاعب والنادي.
•  من خلال عملك مع عديد الفرق، كيف هي الأمور داخل إدارات أنديتنا؟  
ماعدا فريقين أو ثلاثة إداراتها مهيكلة بأتم معنى الكلمة في صورة وفاق سطيف واتحاد العاصمة، باقي الفرق تعمل بمتطوعين وبعيدة جدا عن عالم الاحتراف.

•  ما تقييمك لنشاط المناجرة في بلادنا؟
هناك ما يقارب الألف مناجير ينشطون في الجزائر والنشاط صراحة دون المستوى، فسكرتير الفريق مناجير وكذلك الحال للمراسل الصحفي والمناصر وحتى بعض الرؤساء، ما جعل هذا المجال “متعفنا” ويضم عديد الدخلاء، رغم وجود وكلاء نزهاء ورؤساء أندية في المستوى.
•  ما هي الإيجابيات التي قدمها المناجرة للكرة الجزائرية؟
رياضية بالدرجة الأولى نتيجة انتدابهم لاعبين ذوي مستوى فني عال، كما كان الحال مع شريف توري الذي حمل ألوان مولودية الجزائر ودابو في شبيبة القبائل وإينيرامو في اتحاد الجزائر وغيرهم ممن ساهموا في رفع مستوى بطولتنا الوطنية. كما أن بعض الوكلاء أفادوا الأندية من خلال تمتعهم بعلاقات جيدة في الخارج ما مكنهم من تحويل اللاعبين بالعملة الصعبة.
•  كيف تفسر اقتصار حضور الأجانب في بطولتنا على اللاعبين الأفارقة؟
بسبب عدم بذل الوكلاء مجهودات في هذا الإطار، كما أن رؤساء أنديتنا لا يؤمنون بهذه الفكرة، والكرة برأيي في مرمى المناجرة الذين عليهم بفرض لاعبيهم من مختلف الجنسيات، كما أن اللاعبين الأجانب يملكون نظرة سيئة عن الوضع المالي لأنديتنا.
وبالمناسبة أكشف عبر جريدة النصر بأنني أحضر لاستقدام حارس المنتخب الفلسطيني توفيق علي للاحتراف بالجزائر.
اللاعبون الأجانب يملكون نظرة سيئة عن الوضع المالي لأنديتنا
•  وأفضل اللاعبين الأفارقة يجعلون من بطولتنا محطة للاحتراف في أوروبا.
وحتى الوكلاء يفكرون في ذلك لأن بطولتنا تحظى بالتغطية الإعلامية الكبيرة، فالاحتراف في صفوف فريق بحجم وفاق سطيف كفيل بإحداث نقلة نوعية في مشوار اللاعب.
•  من هم أفضل اللاعبين الذين انتدبتهم للعب في الجزائر؟
على كثرتهم أذكر تحويل الشريف توري الدولي الطوغولي من فرنسا للاحتراف في مولودية الجزائر وأدريانو لاعب منتخب الرأس الأخضر لحمل ألوان اتحاد العاصمة مباشرة بعد لقاء منتخب الرأس الأخضر والمنتخب الوطني، نغوموجيل وإيفوسا لشباب قسنطينة.
ن.ت

الرجوع إلى الأعلى