مــشــيــت خــلــف جــنــازة ابـن بــاديــس و شـتـمــنـي الحــركــى في  كــان
فتحت الممثلة القديرة شافية بوذراع  قلبها للنصر في حوار تطرقت فيه للعديد من النقاط كمشاركتها الأخيرة في بعض الأعمال في شهر رمضان بالإضافة  إلى نظرتها  لواقع السينما و الدراما الجزائرية، كما استرجعت  
"لالا عيني" العديد من ذكريات طفولتها بقسنطينة.
حاورها: فوغالي زين العابدين
في البداية نشكرك على قبولك دعوة النصر ونود معرفة آخر أخبارك؟
والله يا ابني منذ فترة طويلة لم أجر حوارا صحفيا لكن عندما قلت لي جريدة النصر تذكرت قسنطينة وحنينها وفرحت كثيرا، والحمد الله أنا في صحة جيدة وسط أبنائي وأحفادي وهذه هي عائلتي الصغيرة ، أما عائلتي الكبيرة فهي الجمهور الجزائري الذي أعطاني لقبا غاليا على قلبي وهو «أم الجزائريين» ويستفسر دائما عن حال  شافية بوذراع.
التلقائية في التمثيل جعلتني أنال لقب أم الجزائريين
شاركت  في مسلسل ابن باديس في دور رمزي، ما هو تقييمك لهذه المشاركة؟
لا يمكنك تتصور سعادتي لما اخبروني بأنني سأشارك في مسلسل «سيدي حامد» كما كنا نطلق عليه، وقالوا لي يجب أن تشاركي فيه لعلمهم بأنني عاصرت العلامة ابن باديس في طفولتي ويوم مات كان عمري10 سنوات، وأتذكر جيدا العديد من الأحداث التي لا يمكنها أن تمحى من ذاكرتي.
ما هي ابرز المحطات التي ما زلت  تتذكرينها عن عبد الحميد ابن باديس؟
يمكنني أن أنسى أحداثا حدثت يوم أمس لكن لا أنسى تلك الأيام، فانا ابنة قسنطينة وترعرعت في أزقتها القديمة وولدت في المكان المسمى حاليا شارع المكي ابن باديس وأتذكر جيدا يوم وفاة الشيخ،  يومها كنت في الكشافة الجزائرية وحضرت جنازته، وأتذكر أن الطلبة كانوا يحملون الجثمان وكنا نحن أعضاء الكشافة خلفهم ، في ذلك اليوم كنت أرتدي تنوره خضراء و مئزرا أبيض وربطة عنق حمراء، وفي تلك الفترة كنت أدرس بمدرسة التربية والتعليم التي كانت موجودة بدروج الرماح مع عتيقة بوشمال و سليمة بلحربي والأخت الكبرى لزهور لونيسي كاتبة سيناريو المسلسل،  كانت في تلك الفترة تأخذني والدتي لحضور دروسه وأتذكر جيدا يوم أخذته الشرطة الفرنسية من حي الجزارين مرورا برحبة الصوف إلى غاية قسم الشرطة، ويومها  طالبني والدي بالعودة إلى المنزل فرفضت، وقلت له لن أعود حتى يطلقوا سراحه.
كما أن زوجي الشهيد صالح بوذراع رحمه الله درس عند ابن باديس وأرسلوه ليدرس في الزيتونة بتونس.
 أطلت علينا الفنانة شافية بوذراع  أيضا في رمضان  من خلال  برنامج»شيش أتحداك» وطلبوا منك إعادة لقطة من مسلسل الحريق، كيف كان شعورك في  تلك اللحظة؟
في هذا البرنامج  يوضع  الضيوف  من  فنانين وشخصيات معروفة   في اختبارات بدنية وغيرها، وأنا وبسبب سني(87 سنة) تحدوني بإعادة مشهد من مسلسل الحريق دار السبيطار، ولأن ذاكرتي قوية أعدت مشهدا أتذكره جيدا، وقاموا في المونتاج بمزج بين اللقطة القديمة واللقطة التي قمت بها وكانت مطابقة تماما، وفي تلك اللحظة تذكرت محمد ذيب و مصطفى بديع، كما أود أن استغل حواري معك لأذكر شخصين مهمين في العمل لم يتم ذكرهما من قبل.
تفضلي
هما  لم يذكرا رغم أهميتهما في العمل،  ويتعلق الأمر حسان شافعي المهندس  الذي صمم الديكور الخشبي بالإضافة للبئر الذي كان اصطناعيا وكان بقصر المعارض، حتى أن من يشاهد العمل يعتقد انه منزل حقيقي، بالإضافة للراوي الذي نسيت اسمه.
سجلت  أيضا مشاركتك  في سيت كوم فكاهي،  وهناك من يرى أن العمل لم يكن مناسبا لمكانتك كفنانة قديرة ولها تاريخ، هل أنت  راضية عن العمل ؟
اتصلت بي بشرة صاحبة العمل وألحت علي أن أشارك معها في أول عمل لها وقبلت خصوصا أن الفكرة أعجبتني،  لأنها تتحدث عن التكنولوجيا الحديثة وكيف سيطرت على عقول الشباب، و قد لعبت دور الجدة التي تحاول أن تعيد للبيت روح الأسرة على الطريقة التقليدية عن طريق المحاجية و البوقلات، وحسب رأيي العمل كان ناجحا ولم يفشل.
  سجلت عودتك  في رمضان بقوة ، هل كانت مشاركاتك مدروسة أم  أنه قبول  بأعمال  من أجل العودة وفقط؟
لا أبدا، أنا لا أقبل بأي عمل وإذا لم يكن هادفا ومحترما لا أشارك فيه، ومعروف عني أثناء تفاوضي مع أي منتج أنني قبل أن أتحدث عن المبلغ المالي أطلب أولا معرفة باقي الممثلين لكي أعرف مع من أعمل وكيف سأعمل ،لأنهم لو كانوا شبانا لا يملكون الخبرة أحاول أن أساعدهم وإذا كانوا مخضرمين فإن طريقة العمل ستختلف أيضا.
من الطبيعي أن تتقلص مساحة دور الفنان  عندما يكبر
باعتبارك نجمة  لها وزنها فنيا هل تفرضين شروطك المادية أثناء التفاوض مع أي منتج أم  ترين أن الأمر ثانوي؟
لما أقول للمخرج أو المنتج كم ستعطيني أريد من خلال سؤالي بالدرجة الأولى أن أعرف قيمتي عنده فإذا أعطاني قيمة صغيرة لا أقبل، ليس من أجل المال وإنما لأنه لم يقيمني جيدا، وهناك أعمال شاركت فيها مجانا خصوصا الأفلام التي يود أصحابها أن يشاركوا فيها في مهرجانات دولية، وهو ما حصل معي  يوم جاءتني مخرجة رفقة عبد الكريم بهلول ، حيث شاركت معها في الفيلم  دون مقابل و قد فازت بجائزة في فرنسا، و قد تنقلت إليها ولمتها لأنها لم تخبرني بفوزها، وبعد 8 أشهر فقط عرض علي فيلم «شاي بالنعناع» سنة 1982 الذي كان بوابتي للمشاركة في عدة أعمال في فرنسا،  بلغ  عددها 35 فيلما بما في ذلك  مسلسل فرنسي من 50 حلقة صورته في تولوز وكان له صدى واسع وقتها في فرنسا.
شاركت  في العديد من الأفلام الفرنسية والأفلام المشتركة، فما هو الفرق بينها وبين الأفلام الجزائرية؟
من حيث المستوى و الإبداع لا يوجد فرق، ربما في فترة زمنية كان هناك نقص من حيث الإمكانيات و العتاد ليس أكثر.
ماهو رأيك في السينما الجزائرية حاليا و سبب الغياب عن المحافل الدولية الكبرى؟
سأجيبك عن هذا السؤال بمثل شعبي، حيث قيل مرة لامرأة عجوز لماذا بيتك غير مرتب فقالت لهم «باه تتسقم يلزمها كيسة معمرة ومرا مشمرة» والحديث قياس(تضحك)، السينما الجزائرية يلزمها أموال وإمكانيات لكي تفوز بجوائز دولية.
هل صحيح أن أهل قسنطينة  قد لاموك على ارتدائك للباس عاصمي   في مهرجان كان2012؟
(تضحك) نعم هذا صحيح وتلقيت العديد من الاتصالات وقتها من قسنطينة لاموني لأنني لم أرتدي  الزي القسنطيني في كان أثناء مشاركتي بفلم»خارجون عن القانون» لرشيد بوشارب، والسبب هو تفضيلي لهذا الزي لكي أمثل الجزائر بأكملها وليس منطقة واحدة ولكي لا أتهم أيضا بالجهوية لمسقط راسي، وقد راضيتهم بارتدائي لباس قسنطيني أثناء مروري على التلفزيون الجزائري  في برنامج ريحة زمان.
ما هي الذكريات التي تحتفظين بها من مهرجان كان؟
 كانت  محطة لا تنسى،  يومها وأثناء دخولنا للبساط الأحمر جاء بعض الحركى وشتمونا ولم نعرهم اهتماما وأثناء مرورنا وضعوا أغنية «يا الرايح وين مسافر» ولم أتمالك نفسي وبدأت أرقص(تضحك)، وللأسف لم يفز فيلم خارجون عن القانون بالجائزة ومنحوها لفيلم فرنسي عن رهبان تيبحيرين.
هناك أعمال شاركت فيها مجانا
بما أنك  عايشت  مرحلتين من الإنتاج الجزائري مرحلة العصر الذهبي أيام الأبيض و الأسود و المرحلة الحالية، فما هو الفرق بينهما؟
كما قلت لقد كان ذلك الوقت  كان عصرا ذهبيا بكل ما تحمله الكلمة من معنى رغم نقص الإمكانيات، وحاليا  تقدمت التكنولوجيا في مجال الإنتاج الفني وعلينا أن نواكبها حتى ولو كنا لا نحبها ،   في السابق    كان الفنان  مطالب  ببدل مجهود إضافي ليخرج اللقطة بشكل جيد  أما اليوم ومع التكنولوجيا الجديدة اختصرت الكثير من المسافات في هذا المجال.
ما  رأيك في الإنتاج الدرامي الذي عرض خلال شهر رمضان؟
والله بصراحة وبدون مجاملة أعجبتني العديد من الأعمال مثل الخاوة وحتى العديد من السكاتشات القصيرة.
  كثـرت في الفترة الأخيرة الانتاجات التاريخية  ، برأيك هل  تخدم هذه الأعمال الثورة  أم أنها مجرد توقيع حضور مناسباتي؟
بعد الاستقلال بسنوات قصيرة ظهرت العديد من الانتاجات التاريخية التي تحاكي تلك الحقبة وبعدها جاءت فترة من الركود عقبتها العشرية السوداء ثم عادت مؤخرا العديد من الانتاجات، واعتقد اننا بحاجة للمزيد منها، وعلينا تثمين كل عمل جديد بهذا الخصوص لأنه إضافة للقضية وليس مشاركة من أجل المشاركة.
في الأعمال التاريخية غالبا ما  يتم التركيز على شخصيات معينة أو تواريخ بارزة لكن نادرا ما  يسلط الضوء على الجوانب الإجتماعية في  تلك الفترة  ، ما هو تعليقك؟
نعم صحيح، وأنا أقترح لو يتم التنقل إلى القرى والمشاتي التي عايشت مثلا حقبة الاستعمار ومحاورة كبار القرية الذين عايشوا تلك الأحداث ويمكن بواسطتهم اخراج  فيلم تاريخي بشكل جديد تدور احداثه حول زاوية لم نكن نعرفها.
 شافية بوذراع في الذاكرة الجماعية  تُستحضر كنموذج  للأم الجزائرية،  برأيك   هل وفق  الإنتاج الحالي  في إعطاء صورة حقيقية عن الأم الجزائرية ؟
  كنت أؤدي الدور بتلقائية وعفوية لهذا أغلب  من أصادفهم في الشارع    يقولون لي «أنك تشبهين أمي»، ليس من حيث الشكل وإنما من حيث الأخلاق و العفوية والحشمة،  فخلال مشواري لم أقم بدور يؤذي الأسرة الجزائرية، فمثلا في دور لالا عيني لعبت دور الأم التي تغضب ولكنها حنونة على أبنائها رغم ما تعانيه من قساوة العيش، أما في الوقت الحالي فلا يجب أن نلوم من تؤدي دور الأم بل نلوم من يضع السيناريو ومن يخرج العمل.
ثغرة عدم التحكم في اللهجات موجودة بكثرة في الإنتاج الجزائري
رغم انك قسنطينية لكنك  أديت أدوار المرأة العاصمية بإتقان، عكس ما نراه حاليا في اختلاف اللهجات في الأسرة الواحدة، ما هو تعليقك؟
نعم صحيح وهذا يرجع للممثل الذي يجب عليه أولا أن يلائم الدور، فإذا كانت الأسرة وهرانية فلا بد أن يتكلم باللهجة الوهرانية، وهنا نلقي اللوم على المخرج الذي لابد عليه أن يتحكم في زمام الأمور وهو من يوجه الممثلين فهذه الثغرة موجودة بكثرة في الأعمال الجزائرية.
ما هو سبب حصر الممثلين الكبار في أدوار صغيرة مؤخرا؟
يا ابني»اللي فاتو وقتو ما يطمع في وقت الغير»(تضحك)، اعتقد أن لكل سن دور مناسب فإذا تقدم الممثل في العمر فأكيد أنه سيحصل على دور الجد ويكون ظهوره أقل، وأنا مثلا سني يناسب دور عجوز تنغص حياة زوجة ابنها(تضحك).
  هل يمكن للإنتاج الجزائري أن ينجح  بتقليد الأعمال التركية؟
نعم و لما لا ، الإنتاج التركي ناجح، ولا أرى مانعا في تقليدهم من ناحية الإخراج و المؤثرات البصرية وغيرها، أما من ناحية السيناريو فهذه النقطة لابد لها من دراسة طويلة.
هل هناك ممثلة صاعدة ترين أنها خليفتك أو لها نفس أسلوبك؟
لا أحد يشبه أحد وعلى كل ممثل أن يتبنى أسلوبه الخاص أما إذا قلد ممثل آخر فقد كتب على نفسه النهاية.
 كيف تقضي شافية بوذراع  يومياتها عندما تزور قسنطينة من  حين  إلى آخر؟
أنا ازور مسقط رأسي على فترات متقطعة وأول ما أقوم به هو زيارة الأماكن التي عشت وترعرعت فيها، كما أغتنم الفرصة لاقتني الشخشوخة و النعمة و التريدة و القناوية وماء الزهر.
وهل مازلت  تطبخين؟
نعم فانا أحب المطبخ وأطبخ كل شيء قسنطيني و عاصمي وكل المأكولات التقليدية وأخبز الكسرة (تضحك).
يمكن محاكاة التاريخ فنيا من زوايا غير معروفة
وكيف تقضي يومياتك؟
مثل كل أم وجدة جزائرية وبالمناسبة نادرا ما أخرج من المنزل واقضي يومي في القيام ببعض الأعمال المنزلية والطبخ.
لماذا لا تفتح شافية بوذراع صفحة على الفايسبوك للتواصل مع محبيها؟
«مانعرفوش ومانديروش في داري» (تضحك).
 كلمة تودين توجيهها لجمهورك في ختام هذا الحوار
أود أن أحيي كل من يحب شافية بوذراع وأحيي كل قراء النصر الذي يذكرني بقسنطينة وأيامها الخوالي.

الرجوع إلى الأعلى