نافست علولة وكاتب ياسين  بـ «الطاروس» و « البزانسية»  استولوا على المسرح
  فتح الممثل حميد قوري قلبه للنصر في حوار استرجع فيه أهم المحطات في مشواره الفني سواء في المسرح أو التلفزيون أو السينما، كما كشف عن بعض الجوانب الخفية في أحد أهم الأعمال التي كتبها وشارك فيها وهي سلسلة عيسى سطوري، حيث أكد أن القصة مستلهمة من قصص عائلته، كما أن شخصية الشاعر الفيلسوف مستلهمة أيضا من الواقع، وأضاف مجسد شخصية «عيسى الجرموني» أن مسرح عنابة في مفترق الطرق، بسبب بحث أغلب الممثلين عن لقمة العيش مما جعلهم ينساقون إلى الأعمال السهلة و"السكاتشات" على حد قوله مما أدى إلى بقاء  المسارح خاوية على عروشها.
حاوره: فوغالي زين العابدين
في البداية نود معرفة آخر أخبارك في الفترة الحالية؟
أولا أشكر جريدة النصر على فتح  صفحاتها لي، أنا  متواجد كالعادة في مدينتي عنابة، وأنا أسعى حاليا في كل الاتجاهات من أجل طباعة مسرحياتي خاصة ( لويزة و الطاروس و الأحلام القذرة و أجنحة الحب).
حدثنا عن بداياتك في عالم الفن، وهل صحيح كنت تنوي التنقل للخارج في سن مبكرة؟
بدايتي كانت في المسرح لكن كنت أحلم باقتحام السينما و لكن صغر سني و ظروف أبي المادية لم تسمح لي بالسفر إلي الخارج للالتحاق بأحد المعاهد السينمائية و رغم ذلك أشترى لي والدي ( كاميرا سوبر) وأخرجت فيلما قصيرا نلت به الجائزة الثانية في إحدى  المسابقات.
استلهمت  «عيسى سطوري» من حكايات عائلتي
هل ساعدتك العائلة في بداياتك؟
نعم بالتأكيد، فأبي كان يشجعني و كذلك أختي ناهيك عن عمتي التي كانت تملك طاقة قوية في سرد الحكايات ، و  رغم أنها أمية إلا أنني لما كبرت و أطلعت على قصص ألف ليلة وليلة و جدت أن حكايات عمتي كانت مقتبسة منها و فهمت أصل الموروث الشعبي المتداول عبر الأزمنة.
وهل لفترة الطفولة دور في تكوين شخصيتك الفنية وخلق حس الابداع؟
  في مرحلة الطفولة عدد قليل من العائلات  كانت تملك تليفزيونا فكنا في «الحومة»
( ديدوش مراد ) نخترع الألعاب في الشوارع و كانت المدرسة الابتدائية التي درست  فيها تقدم لنا أفلام «شارلي شابلن»، و تلك كانت أول مغامراتي في عالم الفن،  سمحت لي تلك الفترة كما قلت في سؤالك بخلق حس الابتكار وتوسع الخيال لدي.
وماذا عن الكتاب و المطالعة؟
في زماننا كان الكتاب قيمته أغلى، وكان الكل يطالع، وفي تلك الحقبة كان الكتاب موجود في كل مكان و يباع مع البطاطا و الطماطم في الشوارع .  كانت والدتي تزين( البيبليوتاك) بالكتب، و كان وجود الكتاب في المنزل هو رمز من رموز التحضر وقتها، عكس ما هو عليه الحال الآن.
ما هو الشيء الذي حثك على الاهتمام بالمسرح؟

بدأت اهتم بالمسرح و بمطالعة تاريخ المسرح و البحث عن كبار الكتاب و ساعدتني اللغة الفرنسية التي كنت أتقنها جيدا منذ الصغر على الاطلاع على المسرح الغربي واستلهام الكثير من الأشياء منه.
من الذي ساعدك في بداياتك في مسرح عنابة؟
كان لي الحظ أني تعرفت على سليمان بن عيسى  الذي كان مديرا في مسرح عنابة  آنذاك و كنت وقتها انتمي إلى فرقة الهواة وهو من مد لنا يد العون و بفضله تعرفنا على ممثلين كبار كصونيا بن قطاف وعمر قندوز و غيرهم.
الدراما الحالية  تفتقد لأدنى شروط النجاح
حدثنا عن أول نجاح لك في المسرح والذي نافست به علولة سنة 1987؟
طموحي كان كبيرا و شجعتني مطالعة الأدب على اقتباس «الخبز الحافي» و هي رواية للكاتب المغربي رحمه الله محمد شكري و كان عملا كبيرا تحت عنوان ( الطاروس) و به اقتحمت الاحتراف و نافست علولة و كاتب ياسين في مهرجان المسرح الوطني 1987 و أنا قزم صغير في بداياتي.
دخلت عالم التلفزيون من بوابة"عيسى سطوري" الذي كتبته ومثلت فيه، حدثنا عنه؟
احتكاكي بالناس و الأحياء الشعبية مع روح المغامرة و المشاكسة و جنون الشباب جعلني أغامر مرة أخرى فكتبت سيناريو( عيسى سطوري) و وجدت في شخص المخرج الفنان الرائع علي عيساوي رفيقا مجنونا فصورنا المسلسل في قمة السنوات الحمراء و نالنا نجاحا باهرا حتى أن كثيرا من الناس سموا محلاتهم عيسى سطوري.
من أين استلهمت قصة «عيسى سطوري»؟
ربما أفاجئك إذا قلت لك أنني لم أذهب بعيدا واستلهمت قصصه اليومية من قصص عائلتي وحكاياتها اليومية ومنها استلهمت السيناريو.
نفهم أنه بإمكان كاتب السيناريو أن يبحث في القصص اليومية الواقعية دون الحاجة لإطلاق العنان لمخيلته؟
الأدب و كباره كطه حسين و غبريال  غارسيا ماركيز علموني أن الأعمال الفنية الكبيرة تبدأ من الأحياء الشعبية و من «الحدوثة» من القصص الشخصية، أكتب بصدق و سترى بأم عينك النجاح الحقيقي.
نلت شهرة واسعة في مسلسل «عيسى سطوري» بدور الشاعر الفيلسوف المجنون، من أين استلهمته؟
شخصية الشاعر المجنون مستلهمة من الواقع، فهناك عدة عوامل كونت تلك الشخصية منها التهميش وانفصام الشخصية والبحث عن الهوية، وهذه موجودة في أغلبية الجزائريين بدرجات متفاوتة حتى أننا لحد الآن اشتهرنا بسؤال من نحن ؟ شكون حنا؟ (يضحك).
بعض المرتزقة و الدخلاء استولوا على المسرح
هل إتقانك للشخصيات التاريخية  كان سبب اختيارك   لأداء دور عيسى الجرموني؟
نعم بالتأكيد وحكايتي مع شخصية «عيسى الجرموني «فهي تمتد لشخصيات تاريخية مثلتها كشخصية الحراز لفوزية أيت الحاج و لسان الدين ابن الخطيب وهو ما جعل جميلة عراس التي كانت معجبة بطريقة تقمصي للشخصيات،  يقع اختيارها علي لأداء دور البطولة ومن هنا جاء تقمصي لشخصية عيسى الجرموني.
لماذا لم نر  أعمال أخرى تخلد سيرة نجوم التراث الجزائري ؟
لا أدري ربما لأن  البعض أصبح يبحث عن «السكاتشات» و الأعمال المربحة ماديا أكثر من اهتمامهم بهذا النوع من الفن.

وماذا عن الأعمال التاريخية التي تخلد حقبة زمنية أو شخصية معينة؟
في ما يتعلق بتصوير أعمال تاريخية فبصراحة نحن مقصرين في هذا الجانب و نخاف من الولوج إليها و هذه الأعمال يجب أن تكون من مخططات الدولة لأنها صورة تعكس تاريخ هذه الأمة.
ما هو تقييمك لدورك في الفيلم المشترك الفرنكو جزائري بلجيكي «مصدق حلال»؟
أنا لم أنقطع عن السينما ومؤخرا قدمت دورا سينمائيا في فيلم لمحمود زموري « مصدق حلال» مع ممثلين كبار و كان دوري ناجحا بامتياز.
ما هو تقييمك للأعمال التي عرضت مؤخرا ؟
من ناحية التليفزيون و الله   بصراحة لا أريد أن أعلق.
ما هو الشيء المطلوب لتحسين مستوى الأداء الدرامي حسب رأيك؟
يجب على الدولة أن تضع سياسة واضحة تخدم الإنتاج الدرامي، للأسف نحن في ذيل الانتاجات العربية و الإفريقية رغم امتلاكنا لرصيد  و تاريخ  مشرف على رأسه،  أفلام لخضر حامينة، علواش، رويشد علولة كاتب ياسين و كتاب كبار كجعوط واسيني لعرج و  أمين زاوي و غيرهم و علينا اقتباس أعمالنا الأدبية فكل دول العالم تقتبس من الأدب.
اتقاني للأدوار التاريخية سبب اختياري لأداء عيسى الجرموني
هل ترى أن هناك مواهب شابة صاعدة، وبماذا تنصحهم ؟
نعم هناك طاقات شابة جديدة رائعة بشرط أن لا يسقطوا في شباك الدخلاء و «البزانسية» و «البقارة» الذين اقتحموا الوسط الفني وأصبح سلعة تباع وتشترى وفقد قيمته.
هل هناك من لفت انتباهك؟
لفت انتباهي كثير من الفنانين بصراحة، فقط يجب توجيههم بالشكل الصحيح.
هل ترى أن الدراما الجزائرية في الفترة الأخيرة أصبحت تهتم بالكم  على حساب النوعية ؟
الدراما الجيدة قضية قرار و التزام و صدق و قانون و وعي و هذه الشروط غير متوفرة بالكامل حاليا.
وأين هو مكمن الداء حسب رأيك ؟
مصيبة الإنتاج الدرامي أصبح يعتمد على الربح السريع و لا تهمه الجودة، و الكثير من المنتجين لا علاقة لهم بالفن همهم الربح السريع، والكثير من الأعمال الدرامية هي أعمال «ساندويتش» إن صح التعبير.

ماهي أفضل الأعمال المسرحية التي كتبتها في مشوارك؟
أجمل ما كتبت هي مسرحية» لويزة» و قال عنها الناس أنها أبكتهم و هي من بين أكبر الأعمال الجزائرية.
هل ترى أن هناك نقد فني بناء حاليا في المسرح؟
للأسف غياب النقد واستيلاء بعض المرتزقة و الدخلاء على المسرح جعل الأعمال الهزيلة و «الساكتشات» هي من يروج لها حاليا.
ماهو عدد الجوائز التي قدمتها لمسرح عنابة من خلال أعمالك؟
قدمت لمسرح عنابة سبعة جوائز وطنية  من خلال أعمالي ومسرحياتي و أنا فخور بذالك وهذا جزء بسيط من دين مسرح عنابة اتجاهي.
فنانون هربوا الى السكاتشات من أجل لقمة العيش
وهل هناك عمل تعده حاليا في المسرح؟
حاليا أقوم بإخراج عرض مسرحية» بنات السطح»، و على فكرة كل أعمالي المسرحية تدور حول الحب و التمرد.
حسب رأيك ما هو واقع المسرح حاليا سواء مسرح عنابة بصفة خاصة أو باقي مسارح الوطن؟
مسرح عنابة في مفترق الطرق ككل المسارح وهو يعاني من  الضياع  و التقيد بقوانين بالية أكل عليها الدهر و شرب بالإضافة  للتقشف و هروب معظم الفنانين إلى «السكاتشات» من أجل لقمة العيش، كل هذا ترك المسارح خاوية على عروشها.
ما هو الفرق بين جيلكم و الجيل الحالي؟
الفرق بين الجيل الجديد و جيلنا، نحن كنا مقاتلين من أجل الوصول إلى أهدافنا و كنا  قنوعين نحلم بالشمس و نطالع و نحترم الكبار و نستمع للآخرين، ولا نغضب من نصيحة الكبار.
هل ترى أن التكوين الأكاديمي كاف لصناعة الممثل ؟
في كل المجالات لا يكفي التكوين الأكاديمي، الأهم هو توفر الموهبة و الأهم من كل هذا هو حب المهنة، لأن حبها هو من يجعلك تتحمل الصعاب و العراقيل و المطبات التي توضع لك طيلة مشوارك، والمسرح والسينما و غيرها كالحب ينبع من القلب و إلا  يتحول إلى شيء  آخر يجلب العار لصاحبه.    
ف.ز

الرجوع إلى الأعلى