كثرة العروض التراجيدية غير الهادفة وراء عزوف الجمهور عن المسرح
أرجع الممثل و المخرج المسرحي العمري كعوان سبب عزوف الجمهور عن المسرح في السنوات الأخيرة إلى رداءة الإنتاج المسرحي و كثرة العروض التراجيدية غير الهادفة، و أضاف بأن الجمهور في الظرف الحالي متعطش للأعمال  التي لا تخلو من الجانب الترفيهي و مثقلة بالرسائل الهادفة، كما كشف في حوار خص به النصر، عدم حصوله على مستحقاته عن دوره في  سلسلة «ماشي ساهل».
حاورته : أسماء بوقرن
. النصر: تعتبر من الولوعين بخشبة المسرح و من أبرز محترفيه ، منذ متى بدأت التمثيل المسرحي؟
ـ العمري كعوان: قضيت 40 سنة في مجال التمثيل، لقد اعتليت الركح سنة 1978 و أنا في 14 من عمري ، فبدايتي كانت بالمسرح المدرسي ، و انخرطت بعد ذلك  في دار الشباب بسطيف مع مجموعة من الزملاء من هواة المسرح، مثل مراد بن الشيخ المشرف حاليا على إدارة مسرح بسكرة، و عبد المالك بوساهل و عبد الكريم هيشور و فيصل زواق ، شاركت في عديد العروض المسرحية بأدوار صغيرة، ثم أدوار رئيسية، لأصبح ممثلا متمكنا و كاتبا للنصوص و مخرجا.
«ماشي ساهل» من الأعمال الرديئة التي شاركت فيها
. كيف انتقلت من التمثيل إلى كتابة النصوص و الإخراج ؟
ـ عندما كنت في المسرح الهاوي ، كانت كتابة النصوص و الإخراج و التمثيل تتم بشكل جماعي، حيث نتفق على فكرة و نكتب نص العرض معا، و هو ما ساعدني على الانتقال لكتابة النصوص و الاخراج بسهولة، حيث قمت بكتابة حوالي 20 أو 25 نصا، في إطار جمعيات ثقافية.  إن أول جمعية أسستها هي جمعية الشهاب للفن الدرامي في التسعينات، و شاركت في 10 ملاحم قام بكتابة نصوصها عز الدين ميهوبي، و تعتبر ملحمة 8 ماي 1945 من الملاحم الناجحة التي شاركت فيها و ضمت حوالي 200 ممثل.
. ما هي العروض المسرحية التي قدمتها و ترى بأنها حققت نجاحا؟
ـ مختلف العروض التي قدمتها كانت ناجحة، غير أن عرض «الساعة صفر» ، هو أفضل العروض، لقد لقي نجاحا كبيرا، و تم تقديم  300 عرض منذ سنة 2014 ، و سأطوره لسلسلة فكاهية، و ستنطلق عملية تصوير مشاهدها في شهر فيفري المقبل، بنفس الطاقم التمثيلي ، و من بين العروض التي قمت بها و حققت نجاحا أيضا عرض « جن و بلعطوه»، فمنذ 10 سنوات من عرضه الشرفي عرض ألف و 200 مرة .
. تألقت في عديد المسلسلات الدرامية و الأفلام، غير أن ظهورك على شاشة التلفزيون مؤخرا، أصبح مقتصرا على الأعمال الصغيرة، ما السبب؟
ـ أشارك سنويا بثلاثة أعمال تلفزيونية ، غير أنني لا أبرز لكونها رديئة، فالأعمال المقدمة في  التلفزيون ليست في المستوى المطلوب، سواء من حيث الإخراج و السيناريو و حتى من حيث التمثيل، فالعمل عندما يهيمن فيه الممثلون غير الأكفاء لا ينجح، بالرغم من وجود بعض المحترفين بينهم، كما أن ضعف الإخراج يؤثر على نوعية العمل، حتى و إن كان الطاقم التمثيلي لا بأس به، إلى جانب عدم توفير الظروف اللازمة للممثل لتقديم أحسن ما لديه، فبعض شركات الإنتاج، لا توفر أدنى الخدمات للفنان، الذي لا يجد أحيانا قارورة ماء أو حتى كرسي لأخذ قسط من الراحة أثناء التصوير، و عوامل أخرى تؤثر على الأداء، و أريد أن أقول أن من أكثر الأعمال رداءة، تلك التي تنتجها محطة قسنطينة الجهوية.

إنتاج محطة قسنطينة الأكثر رداءة
. لماذا خصصت بالذكر المحطة الجهوية للتلفزيون بقسنطينة؟
ـ خصصت محطة قسنطينة الجهوية بالذكر، لأن إنتاجها أضعف من إنتاج العاصمة و باقي المحطات، و السبب تركيز إنتاجها بقسنطينة و تهميش ممثلي الولايات التابعة لها ، كسطيف و باتنة و سوق أهراس و عنابة و غيرها من الولايات، التي تغطيها المحطة، و التي تضم ممثلين في المستوى، غير أن هذه المحطة لا تخرج عن وسط المدينة في اختيارالطاقم الفني من ممثلين و مخرج و كتاب سيناريو و غيرهم، ولا تشرك حتى بلدياتها المجاورة. إن  المحسوبية تطغى على إنتاجها، كما أنها تهتم بكل ما هو مادي، دون الاكتراث بالجانب الفني. عموما الرداءة سائدة في الإنتاج  التلفزيوني ككل، و تقف خلفها عوامل كثيرة في مقدمتها المحسوبية في اختيار طاقم العمل.
. ما هي الأعمال التي شاركت فيها مؤخرا و لم تنل رضاك؟
ـ سلسلة "ماشي ساهل" عمل رديء، و لم يكن موفقا في مختلف الجوانب، فقد كنت من بين المشاركين فيه غير أنه لم يعجبني، و أقول بأن من أبرز أسباب تدني مستوى الأعمال ، أن بعض شركات الإنتاج لا توفر الظروف اللازمة للممثل كالراحة و كذا الأكل و مجموعة من الأسباب التي تؤثر على العمل، بالإضافة إلى ذلك لا تلتزم بدفع مستحقات الممثل، وفقا للعقد الموقع بين الطرفين، فلحد الآن لم أتقاض أجري عن مشاركتي في سلسلة "ماشي ساهل " التي تم عرضها في شهر رمضان الماضي.
مشكلتي مع عريوات سأكشفها قريبا للنصر
. تحدثت في وقت سابق عن مشكل وقع لك مع عثمان عريوات الذي شاركت معه في فيلم "سنوات الإشهار" فحال دون بثه ، حدثنا عن المشكلة؟
ـ روج الكثير على لساني بشأن هذا الموضوع و أولت تصريحاتي، و أفضل عدم الحديث عنه حاليا، لكنني أعد جمهوري بكشف التفاصيل بجريدة النصر في وقت لاحق.
. أغلب الممثلين يرجعون سبب تهميشهم إلى كونهم لا يقطنون بالعاصمة، هل لهذا السبب انتقلت للعيش هناك؟  
ـ السبب الرئيسي الذي دفعني للعيش في العاصمة، هو انهاء مهامي على رأس إدارة مسرح سطيف، و اختياري لها بالذات، يكمن في ثراء برنامجها الثقافي،  مقارنة بباقي المدن، حيث يتم بها تنظيم عروض مسرحية و أفلام سينمائية و غيرها من الأنشطة الثقافية بشكل دوري، و هو ما لا نجده في باقي ولايات الوطن ، و من بين الأسباب أيضا توفر فرص العمل.
. هل التمثيل هو مصدر رزقك الوحيد؟
ـ نعم ، لا أعمل في أي مجال آخر ما عدا التمثيل، غير أنني أنصح كل من يشق طريقه في هذا المجال، بجعله هواية يمارسها في وقت فراغه و لا يعتمدها كمصدر وحيد لدخله، لأن مردودها المادي غير مضمون إطلاقا، فالفنان يجد نفسه في كثير من الأحيان، غير قادر على اقتناء فنجان قهوة، و كثير من الممثلين يعيشون ظروفا صعبة للغاية، فأنا مقارنة بالكثيرين أحسن و أحمد الله.
لم أحصل على مستحقاتي من سلسلة  «ماشي ساهل»
. لاحظنا في السنوات الأخيرة عزوف الجمهور على خشبة المسرح، إلى ماذا ترجع ذلك ؟

ـ رداءة الإنتاج المسرحي وراء عزوف الجمهور عن المسرح ، فالجمهور لا يمكن استغباءه بأعمال رديئة ، كما أن في السنوات الأخيرة طغى نوع من المسرح يسمى بمسرح الظلمة و مسرحيات تراجيدية غير هادفة ، غير أن الجمهور في الظرف الحالي، يبحث عن أعمال لا تخلو من الجانب الترفيهي و تكون هادفة تحمل رسالة في ذات الوقت، كما أن من بين أسباب العزوف، افتقار إدارة المسارح لمنهجية ناجعة في التسيير تساعد على جلب الجمهور.
. أين يجد العمري كعوان نفسه فوق الركح
أو أمام الكاميرا ؟
ـ أنا أعشق الخشبة، فهي أحن من الكاميرا، كما أنني و بصراحة أختار المجال الذي يحقق لي مردودا ماديا كبيرا، باعتبار الفن مصدر رزقي ، خاصة و أنني أعيل زوجتي و أولادي و كذا أمي و إخوتي، بالإضافة إلى مصاريف إقامتي بالعاصمة .
. حاليا تشرف على الطبعة الرابعة لدورة تكوينية في مجال المسرح بسطيف حدثنا عنها؟
ـ في إطار ترأسي لجمعية أنيس الثقافية بسطيف، أشرف رفقة مجموعة من الممثلين على دورة تكوينية لـ120 شابا من مختلف ولايات الوطن لمدة أسبوع ، بهدف تطوير إمكانياتهم و اكتشاف المواهب الشابة .
. مشاريعك ..
ـ أحضر لثلاثة أعمال مسرحية و هي مدعمة من وزارة الثقافة التي لا تبخل عن دعم الفرق الثقافية الحرة ، و  هذه العروض هي "لقاء الأبرياء" و "عزف الملائكة" و "فاصلة"، التي تعتبر الجزء الثاني من عرض "الساعة صفر" ، كما سأشارك في سلسلة "سركالة" للمخرج يحيى مزاحم ، حيث سأقدم دور مسير شركة . و من المفروض أن تعرض على شاشة التلفزيون الجزائري في رمضان.           
أ.ب

الرجوع إلى الأعلى