عملت عون أمن في أوروبا بهوية مزيفة  و فخور بلقب «بويكا»
محمد  سعيد معلم  اسم حُفر في ذاكرة متابعي و محترفي رياضة المصارعة بالعالم  بعد أن حقق الكثير من الألقاب و وجد لنفسه مكانا بين الأبطال بعد معاناة طويلة  مع الهجرة، هو اليوم في مصاف الكبار ويلقب أوروبيا بالمحارب، لأنه لا يقبل بالهزيمة ويقاتل حتى آخر نفس.  الجزائريون تعرفوا على هذا البطل من خلال برنامج تلفزيوني صنع شهرته عربيا، وهو الذي حزم حقائبه ذات يوم   متجها نحو المجهول، لكن هدفه كان محددا وقد تحقق ليجعل منه أحد نجوم المصارعة في العالم.
حـــاوره: مروان. ب
محمد سعيد معلم وفي حوار للنصر يرفض أن يركب الشباب الجزائري البحر ويخاطروا بحياتهم حيث لن يجدوا الأرض مفروشة بالورود، رغم أنه كان ممن فعلوا ذلك، لكنه في المقابل يؤمن بأن من يضع نصب عينيه هدفا عليه أن يتعب ليصل إليه.
 من هو معلم محمد  سعيد ؟ وكيف خرج لنا هذا البطل  فجأة ومن وراء البحار؟
محمد سعيد معلم من مواليد 26 سبتمبر 1983 بدأت ممارسة المصارعة بمسقط رأسي بعنابة في سن مبكرة، حيث أتذكر بأنني التحقت بأحد النوادي المحلية وعمري لم يتجاوز 15 ربيعا، أين كنت أحظى برعاية كبيرة من طرف مدربي، الذي توقع لي مستقبلا حافلا في هذه الرياضة، غير أن الاهتمام بي على مستوى المنتخب الوطني لم يرق إلى المستوى المطلوب.
الجمهور الجزائري اكتشفني عبر «آمبيسي آكشن»
لماذا   اخترت المصارعة تحديدا؟
كانت اهتماماتي منذ الصغر مختلفة عن بقية أقراني، حيث كنت أفضل الألعاب القتالية على رياضات أخرى أكثر انتشارا في الجزائر، على غرار لعبة كرة القدم، التي كان يمارسها الغالبية من أبناء حيي الشعبي بمدينة عنابة، لقد كنت أحلم منذ نعومة أظافري أن أكون مصارعا محترفا، والحمد لله نجحت في تجسيد ذلك على أرض الواقع، خاصة بعد أن نصبت نفسي بطلا لهذه الرياضة في أوروبا والعالم بأسره.
لنعد إلى الأسباب الحقيقية التي دفعتك لمغادرة الجزائر، وهل لك أن تكشفها لنا ؟
هاجرت الجزائر سنة 2008، حيث كان سني لا يتجاوز 24 ربيعا، لقد كنت أحلم بمستقبل رياضي أفضل، ولذلك غادرت صوب أوروبا، صدقوني لم أكن أرغب في الرحيل عن الجزائر، ولكنني كنت أفكر في الأمر باستمرار بسبب الصعوبات التي واجهتها في بداية مشواري الرياضي ، أتذكر بأنني تحدثت مع أفراد عائلتي بخصوص هذه الفكرة، وقد نصحوني بأن أفعل ما أراه صائبا.
هل صحيح أنك هاجرت بطريقة غير شرعية ؟

صحيح أنني هاجرت بطريقة غير شرعية، ولكنني لم أركب قوارب الموت كما أشيع في الصحف الجزائرية في وقت سابق، لقد غادرت بلدي مكرها، بعد أن أوصدت كافة الأبواب في وجهي، أنا أفضل الاحتفاظ بالطريقة التي غادرت بها الجزائر لنفسي، حتى لا أنبه أحدا إليها،  لكن أنصح كافة من يرغبون بالهجرة بالتفكير مليا، قبيل اتخاذ هذه الخطوة الخطيرة، التي قد تتسبب في أمور لا يحمد عقباها، «الحرقة» تبقى «حرقة»، وليس كل من يصلون إلى الضفة الأخرى سيكتب لهم النجاح، خاصة وأن أمثلة الفشل كثيرة ومتعددة.
كيف كنت تؤمن  العيش في أيامك الأولى بأوروبا، وهل صحيح أنك عانيت الويلات ؟
غادرت الجزائر صوب مارسيليا، أين وجدت بعض أصدقائي في انتظاري، حيث استقبلوني بمنازلهم، وقدموا لي يد العون، لن أنسى وقفتهم معي، خاصة وأنه ليس من السهل على أي مهاجر أن يجد معالمه في أوروبا بسهولة، في ظل صعوبة العيش هناك، لقد اشتغلت بمارسيليا كعون أمن وبهوية مزيفة، قبل أن أشد الرحال صوب العاصمة السويسرية جنيف، التي أقمت فيها.
لم أركب قوارب الموت
كيف عدت لممارسة رياضتك المفضلة من جديد؟
عشت أياما عصيبة في أيامي الأولى بأوروبا،   ساهمت في تغيير مسار حياتي، لقد بدأت رحلة كفاح مضنية منذ وصولي إلى ما وراء البحار، خاصة وأن الأمور لم تكن سهلة في البداية، صدقوني بحثي عن لقمة العيش لم ينسن عشقي الكبير لرياضة المصارعة، التي حرصت على ممارستها باستمرار، قبل أن ألتحق بأحد النوادي الرياضية المحترفة بسويسرا يسمى   «جنيف لوت»، والذي شاركت معه في عديد البطولات.
ما هي الأشياء التي تغيّرت  في مسارك الرياضي مقارنة بالجزائر؟
لقد وجدت بأوروبا ما كنت أبحث عنه، حيث وفر لي فريقي السويسري كافة متطلباتي، ما جعلني أركز على تطوير إمكاناتي في المصارعة، لأتحول بعد فترة وجيزة إلى أحد الأبطال المعروفين، حيث توجت 3 مرات كبطل أوروبا، قبل أن أمارس رياضات أخرى، على غرار الملاكمة الانجليزية ورياضة آم. آم آي.
تحوّلت إلى مصارع محترف وتوّجت بأكبر الألقاب في أوروبا، حدثنا عنها؟
صدقوني لقد هاجرت نحو أوروبا، من أجل تجسيد حلمي في عالم الرياضة بالتحول إلى مصارع محترف، والحمد لله الأمور سارت معي كما أردت، حيث ابتسم لي الحظ في سويسرا، أين وجدت كافة الإمكانات تحت تصرفي، لقد توجت بأغلى الألقاب في عالم الرياضات القتالية، كما كانت لي الفرصة للمشاركة في أحد أكبر التظاهرات الأوروبية، أين واجهت مصارعين عالميين من إيران و روسيا، و  تفوقت عليهم جميعا.
غادرت الجزائر  لأني  كنت  أحلم بمستقبل رياضي أفضل
حدثنا عن مشوارك الاحترافي  وكيف وصلت إلى هذا المستوى ؟
لقد التحقت فيما بعد بنادي «آيكان جنيف»، حيث عملت تحت إشراف المدرب أنديرسون بيريرا، وهو بطل عالمي في «آم آم آي»، لقد تعلمت منه الكثير، ما جعلني أتحول إلى أحد أبرز المصارعين في أوروبا، لأتلقى بعدها دعوة للمشاركة في برنامج تعده قناة «آمبي.سي آكشن» للمقاتلين الرياضيين، لقد تأهلت بجدارة واستحقاق إلى المباراة النهائية، بعد أن أزحت من طريقي عدة مصارعين معروفين، لأتوج بلقب ممثل العرب في أحد أقوى الرياضات القتالية، اعتقد بأن الجميع تابع مشواري الناجح في تلك البطولة، حيث تفاعل معي الجزائريون بكثرة، ليتم تلقيبي فيما بعد بـ «بويكا» الجزائر.
لماذا يطلقون عليك لقب «بويكا» ؟
بسبب تشابه ملامحي وهيئتي مع الممثل الشهير «بويكا» من عالم مصارعة المحترفين، هناك من يعتقد بأنني أشبهه كثيرا، سواء من ناحية الشكل أو الكيفية التي أصارع بها.
ماذا يقول عنك الأوروبيون ؟
يصفونني بالمصارع المحارب، ويعشقون منازلاتي، خاصة وأنني لا أحب الخسارة بأي شكل من الأشكال،  نحن الجزائريون نمتلك الموهبة وبحاجة فقط إلى الاهتمام من أجل أن نكون أبطالا.
أحتفل  بالعلمين  الجزائري والفلسطيني بعد كل منازلة
كنت تحلم بتمثيل بلدك الجزائر، أليس كذلك؟
بطبيعة الحال كنت أحلم باللعب باسم الجزائر، ولكن الأمور خارجة عن نطاقي كما تعلمون، لقد كنت فخورا دوما بجزائريتي، ولذلك أحمل باستمرار علم بلدي والعلم الفلسطيني قبل وبعد كل منازلة، لا يمكنني أن أتنكر لبلدي الذي يبقى غاليا عن قلبي، بدليل أنني أزوره باستمرار لاطمئنان على والدتي و إخوتي بمدينة عنابة، التي لن أنساها ما حييت.
ما هي المشاكل التي تواجهها المصارعة الجزائرية ؟
رياضة المصارعة شأنها شأن أي رياضة أخرى بها نقائص، ولكن أهم المشاكل التي تواجهها اللعبة في الجزائر هي عدم انتشارها، بسبب عدم اهتمام وسائل الاعلام بها وتسليط الضوء عليها بشكل كاف، فضلا عن قلة الدعم المادي المخصص لها بالمقارنة بالألعاب الرياضية الأخرى.
ماهي الرسالة التي تريد أن توجهها للشباب؟
أريد أن أوجه رسالة إلى شباب الجزائر ليس لدينا أعذار وبالعمل والاجتهاد والتخطيط الجيد نصل إلى كافة أهدافنا ونتخطى الأزمات، كما أطالب الشباب بالتمسك بالأمل لأن اليأس مقبرة الشباب، كما أقول للرياضيين إياكم والغرور.

ما هي طموحاتك؟
طموحاتي حدودها السماء، حيث أريد أن أكون الأفضل وأريد أن أحافظ على لقبي كبطل أوروبا والعالم( توجت بلقبين عالميين بعد عودتي من برنامج آمبيسي آكشن)، أعتقد أن لدي القدرة لفعل كل هذا ، ما بين شكلي وقدراتي البدنية وحجمي و الكاريزما التي أملكها ، أعتقد أن لدي ما يتطلبه كل ذلك.
المصارعة  في  الجزائر ضحية عدم اهتمام الإعلام
كيف تشعر كونك الجزائري الوحيد الذي يحترف هذه الرياضة في الخارج ؟
أشعر بفخر  كبير، كما أنني فخور جدا بتمثيل الجزائر في أوروبا، وأحلم أن أكون يوما في الحلبة في الجزائر محاطا بالآلاف يهتفون باسمي.
الجماهير الجزائرية بدأت تعرفك وتتابع أخبارك، ماذا تحب أن تقول لهم؟
أحب أن أشكرهم لدعمهم لي، وأحب كل شخص منهم وسأفعل أفضل ما لدي لأمثلهم أحسن تمثيل.                       
م. ب

الرجوع إلى الأعلى