منذ اعتزالي لم يسأل عنى أحد

يعد كمال خرخاش واحدا من اللاعبين القلائل ببلادنا الذين تركوا بصماتهم في سجل الكرة، من خلال حمله ألوان عديد الأندية و احتفاظه بالرقم القياسي لهدافي الدوري الجزائري ب496 هدفا. في هذا الحوار الذي خص به النصر، يعود خرخاش للحديث عن مشواره المتميز و أيام الزمن الجميل و ماضيه الكروي الذي جعل منه مهاجما متميزا بكل المقاييس، و من ثمة استرجاع شريط الذكريات، بعد أن طوى عليه النسيان جناحيه. كما تأسف للتهميش الذي طاله منذ اعتزاله الكرة، و حز في نفس لاعب يتمنى أن يقف شاهدا على اعتراف محبيه من الرياضيين بخدماته للفرق التي تعاقب عليها.
حاوره: محمد مداني
• بعد اعتزالك الكرة اختفيت عن الأنظار، أين أنت و كيف تقضي أوقاتك؟
أنا الآن بمسقط رأسي ببريش ولاية أم البواقي، ابتعدت بعض الشيء عن الكرة لتعفن محيطها، و تراجع مستواها بشكل مخيف. أخصص معظم أوقاتي للعائلة، و لو أنني أسعى حاليا لولوج عالم التدريب من خلال محاولة استخراج الشهادة التي تسمح لي بممارسة هذه المهنة وفق الامتيازات التي يتمتع بها اللاعب الدولي.
ماجر اكتسب مزيدا من الخبرة والنضج و سياسته قد تعيد الخضر إلى مكانتهم
• متى علقت الحذاء وتوقفت عن لعب كرة القدم؟
اعتزلت الكرة عام 2014، بعد مسيرة حافلة دامت 25 سنة، و كان أمل مروانة هو آخر فريق في مشواري الذي بدأ موسم 89 ـ 90 ضمن فئة الأكابر.
• و ما هي النوادي التي حملت ألوانها؟
بدايتي كانت مع اتحاد عين البيضاء الذي بقيت وفيا لألوانه لمدة 12 عاما، انطلاقا من سنة 1989، قبل أن أحط الرحال في كل من اتحاد البليدة (4 سنوات)، شباب عين فكرون(سنة واحدة)، مكارم ثليجان (سنة واحدة)، مولودية قسنطينة ( سنتان)، و أمل مروانة (5 سنوات).
• برأيك ما هي أحسن محطة بالنسبة إليك؟
 كل الفرق التي تقمصت ألوانها، أحتفظ معها بذكريات راسخة، حيث كنت دائما اللاعب المحبذ بانضباطي و وزني في كل تشكيلة حملت ألوانها. لكن المحطة التي يمكن اعتبارها الأفضل هي السنوات الخمس التي قضيتها في أحضان أمل مروانة سجلت خلالها 70 هدفا.
• اعتزلت عن عمر 39 سنة، و كان بإمكانك مواصلة اللعب ما هو السر في ذلك؟
قرار اعتزالي لم يكن بسبب نقص المردود أو عامل السن، بقدر ما كان لدوافع عائلية، حيث أنني كنت قادرا على العطاء لأكثر من ثلاث سنوات أخرى على الأقل. و أرى بأن الأمر لا يحمل أي سر، و ما كان يثير دهشة و استغراب الجميع أنني  كنت لا أتدرب أكثر من ثلاث حصص في الأسبوع، و مع ذلك، فإن أدائي كان دوما متميزا و مكانتي في التشكيلة مضمونة.

*هل معنى هذا أنك كنت تفرض منطقك على المدربين؟
 كنت أفرض نفسي على أرضية الميدان بالحرارة في اللعب و التهديف الدائم، و ليس بالمزايدات و المساومات. للعلم كنت أقطن بعين البيضاء التي تبعد عن مروانة بحوالي 185 كلم، و مجموعة المدربين الذين تعاقبوا على العارضة الفنية للصفراء تفهموا وضعيتي، بحكم أنه لا يمكن لي الذهاب و العودة في نفس اليوم، و بالتالي كانوا يوافقون على غيابي عن بعض الحصص. غير أن ذلك لم يمنع من بروزي في اللقاءات الرسمية إلى درجة أنني تحولت إلى هداف الفريق، حتى أن المدرب الذي قاد الأمل في موسم الصعود يوسف بوزيدي كان يؤكد لي بأنه لا يريدني سوى في  اليومين الأخيرين فقط قبل المباراة الرسمية.
• ألا ترى بأن نوعية المهاجمين آنذاك جعلتك تتألق حتى في سن متقدم؟
كنت أملك موهبة في التهديف و هز الشباك، إلى درجة أنني سجلت في جميع الأقسام مع الفرق التي حملت ألوانها خاصة مع أمل مروانة الذي كان رصيدي الشخصي معه 70 هدفا من أصل حصيلة 496 هدفا وقعتها على مدار مسيرتي الكروية رغم سني المتقدم. لذلك أقول بأن نقص المهارات الهجومية وغياب الحس التهديفي لدى المهاجمين جعلني أتألق.
• نفهم من كلامك أنك حامل الرقم القياسي لهدافي الدوري الجزائري؟
الإحصائيات المتوفرة حاليا تؤكد بأنه لم يسبق للاعب جزائري قارب عتبة 500 هدف في مشواره، ما يعني بأنني أتصدر لائحة الهدافين في بطولتنا على اختلاف أقسامها و عبر تاريخها. أؤكد مرة أخرى، بأنني زرت شباك حراس أندية جميع الأقسام انطلاقا من الجهوي، مرورا برابطة ما بين الجهات و الرابطة المحترفة الثانية وصولا إلى الوطني الأول.

أحتفظ بالرقم القياسي لهدافي الدوري الجزائري بـ 496 هدفا
•  المتمعن في مشوارك يستنتج بأن معظم الفرق الجزائرية تعترف لك بهز شباكها؟
بكل تواضع، أقول بأنني على يقين أنه لو واصلت مداعبة الكرة لبلغت سقف 700 هدف و أدخل حينها كتاب «غينس» للأرقام القياسية العالمية. و كما قلت، أملك في رصيدي الشخصي 496 هدفا إضافة إلى إنجاز آخر  غير مسبوق في لائحة الهدافين، لم يحققه أي هداف من قبل، و هو نيلي لقب هداف جميع الأقسام. فمع عين الفكرون موسم (1992-1993) توّجت بلقب هداف القسم الجهوي برصيد 17 هدفا، و مع مروانة موسم (2008-2009) توجّت بلقب هداف بطولة ما بين الرابطات برصيد 20 هدفا و الموسم الموالي مع ذات الفريق ذاته توجّت بلقب هداف القسم الثاني برصيد 16 هدفا، مع أنني لم ألعب 12 مباراة بسبب مشاكل مع الإدارة، دون أن أنسى لقب هداف القسم الأول مع اتحاد البليدة موسم (2001-2002) برصيد 13 هدفا.
• و كيف تقيم تجربتك مع المنتخب الوطني؟
هي تجربة اعتبرها ناجحة، بعد أن حملت الألوان الوطنية في 15 مباراة دولية، امتدت من 1998 إلى 2004، سجلت خلالها هدفين الأول في مباراة رسمية أمام أنغولا و الثاني في مباراة ودية أمام رومانيا بملعب 19 ماي 56 بعنابة. و قد شاركت في نهائيات كأس أمم إفريقيا بمالي سنة 2002 تحت قيادة الناخب الوطني رابح ماجر.
• ما دمت تحدثت على ماجر، برأيك لماذا لم ينجح آنذاك مع الخضر؟
أؤكد بأن أول مشاركة لي مع المنتخب الوطني كانت عام 1998، تحت إشراف الروماني بيغولا بمعية مزيان إيغيل، قبل أن أحظى بثقة ماجر عام 2002، و لو أنه لم يسعفنا الحظ لأداء مشوار متميز في نهائيات «الكان»، أين خرجنا من الدور الأول بعد انهزامنا في اللقاء الافتتاحي مع نيجيريا (1 ـ 0)، ثم انهزامنا أمام منتخب البلد المنظم مالي بنتيجة (2 ـ 0)، قبل أن نتعادل في المواجهة الأخيرة مع ليبيريا (2 ـ 2). و أعتقد بأن نقص التحضير و نوعية اللاعبين و عوامل أخرى، لم تساعد ماجر آنذاك على قيادة الخضر إلى الواجهة.
• الآن ماجر عاد إلى الخضر، كيف ترى نسبة نجاحه؟
أنا متفائل بأنه سينجح هذه المرة مع المنتخب الوطني لأن الظروف مغايرة، انطلاقا من توفر الإمكانيات التي كانت تنقصه عام 2002، وصولا إلى نوعية التعداد بتواجد المحترفين الذين يقدمون الإضافة المرجوة للمنتخب الوطني، فضلا عن وجود لاعبين محنكين في الدوري المحلي. كما أن الدعم الذي يحظى به من الفاف و الصلاحيات الواسعة الممنوحة له، من العوامل التي ستساعده على تحقيق القفزة النوعية المنتظرة.
• معنى ذلك أنك ترى بأن ماجر يملك القدرة على إعادة المجد الضائع للخضر؟
أكيد، أنه حفظ دروس الماضي و كسب الكثير من النضج و الخبرة مقارنة بتجربته الأولى التي فشل فيها. لذلك، أرى بأنه بإمكانه أن يعيد الخضر إلى مكانتهم التي فقدوها، و لو على المستوى القاري، في ظل توفر كافة شروط النجاح. و ما سيزيد من نسبة نجاحه تبنيه سياسة مغايرة، من خلال منح الفرصة للمحليين لإبراز قدراتهم، و محاولة أخذ مكانة ضمن المنتخب الوطني.
السنافر أحسن جمهور في الجزائر ودي أوليفيرا أفضل صانع ألعاب
• ما هو أجمل هدف سجلته في مشوارك؟
الهدف الذي وقعته برأسية ومن ركنية مع اتحاد عين البيضاء في كأس إفريقيا أمام أشانتي كوتوكو، اعتبره الأحسن في مساري، وبدرجة أقل هدفي مع أمل مروانة ضد نجم القرارم.
• أكيد أنك تملك في رصيدك هدفا تعتز به؟
الهدفان اللذان سجلتهما في شباك شباب قسنطينة بألوان الموك في ديربي «الأخوة الأعداء» لا يمكن أبدا نسيانهما، خاصة و أنني كنت أول لاعب يهز الشباك بثنائية في محليات قسنطينة.
• أسهل هدف سجلته؟
على نادي بارادو حيث راوغت الحارس و دون معاناة وجدت المرمى فارغا تماما.
• مع أي صانع ألعاب كنت تشعر بالراحة عند لعبك إلى جانبه؟
صراحة دي أوليفيرا كان اللاعب المفضل عندي و صانع الألعاب المتميز، دون أن أنسى طراش في فريق أمل مروانة، وثنائي اتحاد عين البيضاء نبيل بورصاص و عميار إلى جانب زواني بلال في اتحاد البليدة.
 من تراه أحسن مهاجما في عهدك؟
هناك الكثير من المهاجمين الذين تألقوا في سالف المواسم منهم ميصابيح و بورحلي وعلي موسى و بورصاص. وهؤلاء كانوا يتسابقون لاحتلال صدارة لائحة الهدافين في زمن طغت عليه النزعة الهجومية على البطولة في ظل تعدد المهارات.
• في نظرك ما هي أسباب العقم الذي يلازم المهاجمين الحاليين في بطولتنا؟
الساحة الكروية ببلادنا تفتقد لمهاجمين محنكين و متميزين بإمكانهم هز الشباك. و هو ما انعكس سلبا على حصيلة الأهداف في بطولتنا التي صراحة تعاني من غياب قناصين حقيقيين و النوعية المطلوبة. شخصيا كنت أسجل في كل مقابلة حتى دون تدريبات.
• هل أنت راضي على مسيرتك الكروية؟
  كيف يمكن لي أن أكون غير ذلك، و أنا خرجت من الباب الواسع، و أحمل الكثير من الذكريات في جميع المحطات. صراحة لم أندم على ولوجي عالم الكرة في سن مبكرة، بل كان باستطاعتي مواصلة اللعب حتى ما فوق الأربعين من عمري.
أعتز بالثنائية التي سجلتها مع الموك أمام السنافر
• من هو أفضل رئيس تعاملت معه؟
بدون شك، رمضان ميدون رئيس أمل مروانة اعتبره المسؤول و المسير النموذجي الذي تعاملت معه طيلة مشواري، لما يمتاز به من حنكة و قدرة على توفير كل شروط النجاح.
• في نظرك من هو الجمهور المتميز في الساحة الرياضية ببلادنا؟
السنافر أحسن جمهور في الجزائر بدون منازع، لأنه من النادر أن تجرى لقاءات فريق على مدار الموسم أمام 50.000  من مناصريه مثلما هو الشأن بالنسبة لشباب قسنطينة.
• هل من كلمة أخيرة؟
أتأسف كثيرا للنسيان الذي أتعرض له، رغم الخدمات الجليلة التي قدمتها للكرة الجزائرية. فتصور أنه منذ اعتزالي الكرة لم يسأل عني أحد و لم تفكر أي جهة في تكريمي.
  م ـ م

الرجوع إلى الأعلى