وكــالات لتأجيــر السيــارات بقسنطينــة مُهددة بالإفــلاس  بسبب السرقــات و غش الزبائــن
تشهد وكالات تأجير السيارات بقسنطينة تناقصا كبيرا في عددها، حيث بات أصحابها مضطرين للتوقف عن النشاط، بسبب الخسائر المادية و المشاكل التي يتعرضون لها، جراء التعامل العشوائي و غير المنظم مع الزبائن، فيما يشكل العمل مع المؤسسات حلما بالنسبة لمعظمهم، بالنظر للأموال الكبيرة التي يحصلون عليها.
في زيارة قمنا بها إلى عدد من الوكالات عبر مختلف أنحاء مدينة قسنطينة، وقفنا على حجم المشاكل التي حدثنا عنها أصحاب هذا النشاط و التي دفعت بالعديد منهم إلى التوقف عن ممارسته، بعد أن كثرت خسائرهم و شارفوا على الإفلاس، حيث أكدوا أنهم يتعرضون لمختلف أنواع الغش و السرقات من قبل فئة معينة من الزبائن، أغلبها من الشباب، إضافة إلى مشاكل أخرى كضعف المداخيل مقارنة بالأموال الكبيرة التي تصرف على اقتناء السيارات و إصلاحها و العناية بمظهرها، كما أن الكثير منهم قاموا بتأسيس الوكالات من خلال اقتناء قروض بنكية، ما يجعلهم غير قادرين على التصرف في السيارات، لأنها ليست ملكهم من الناحية القانونية، ليجدوا أنفسهم عرضة لعقوبات قانونية في حال تضرر السيارات أو تعرضها للسرقة.
بدأنا جولتنا من وسط المدينة و لفتت انتباهنا إحدى وكالات السياحة و الأسفار بشارع عواطي مصطفى، تضع إشهارا في واجهة المحل، يشير إلى توفر سيارات فاخرة للكراء بشرط أن يتم قيادتها من طرف سائق تابع للوكالة، و لدى سؤالنا عن العرض، أكد الموظفون بأنه قد تم توقيف هذه الخدمة، في حين أوضح صاحب الوكالة، بأنه اضطر إلى توقيف كراء السيارات، لأنه لم يحظ بالمداخيل التي كان يتوقع الحصول عليها، و السبب، حسبه، هو عزوف الزبائن عن كراء السيارات الفاخرة التي يعرضها لسببين رئيسيين، حيث يطلبون قيادتها بأنفسهم، و هو أمر لا تقبل الوكالة بالتنازل عنه، بالنظر إلى أن ثمن السيارات باهظ جدا و معظم الزبائن يقودون، كما قال، بتهور و يتسببون غالبا في أضرار غير ظاهرة بالمركبة، زيادة على أن ثمن الكراء الذي يتراوح بين 15 و 30 ألف دج لليوم الواحد حسب نوع السيارة، ما يجعل الزبائن يتراجعون عن الكراء، رغم أنها مبالغ «معقولة» بالنظر إلى قيمة المركبات، مضيفا بأنه اضطر إلى بيع المركبات و تشغيلها في مجال أخر، لأن بقاءها مركونة طيلة الوقت لا يمكن أن يدر عليه الأموال. و بنفس الشارع، قصدنا وكالة كانت إلى وقت قريب تؤجر جميع أنواع السيارات، لكن المشرف عليها أكد لنا بأنه أوقف عملية التأجير، بعد أن تعرض لمشاكل كثيرة، و من أبرزها، قيام الكثير من الزبائن بتغيير قطع الغيار الأصلية للمركبات بقطع قديمة أو غير أصلية، و هو أمر لا يتم التفطن له إلا بعد توقف السيارة عن العمل بشكل مفاجئ، مشيرا إلى أن السيارات تعود إليهم متضررة جراء تعرضها لحوادث سير، و بذلك لا يمكن عرضها للكراء مجددا إلا بعد تصليحها، و هو أمر يتطلب المال و الوقت، و يتسبب في الخسائر، خاصة أن مؤسسات التأمين، تستغرق وقتا طويلا حتى تقوم بتعويض الخسائر.
وكلاء يلجأون للمحاكم
 لاسترجاع حقوقهم
بأحد الأحياء القريبة من وسط المدينة، سرد لنا صاحب إحدى الوكالات، المشاكل التي يتعرض لها في عمله، فبالإضافة إلى ما تحدث عنه أصحاب الوكالات السابقة، قال بأن الزبائن يتسببون في الخفض من قيمة السيارة، حيث لا يحترمون الاتفاق قبل الكراء و يقطعون بها مسافة طويلة جدا، فيرتفع رقم عداد الكيلومترات بشكل كبير، كما أن المحرك و باقي أجزاء السيارات كنظام الكبح و الاهتزاز يتضرر أيضا، مما يفرض إنفاق مصاريف ضخمة في التصليح، مشيرا إلى أنه تعرض لمواقف أخرى كتعطل السيارات في أماكن تبعد مئات الكيلومترات، و هي أمور تتطلب مصاريف و خسائر كبيرة، مؤكدا بأنه يفكر في التوقف عن هذا النشاط. خلال بحثنا عن وكالات لتأجير السيارات، وجدنا أن العديد منها كانت مغلقة، و لدى اتصالنا بأصحابها عبر أرقام الهواتف الموضوعة على واجهات المحلات، أكدوا بأنه لا تتوفر لديهم سيارات للتأجير، لأن المتوفرة لديهم تم تأجيرها لمدة طويلة تصل إلى أشهر، لفائدة مؤسسات، فيما أكد أحد أصحاب هذه الوكالات و الذي قال بأنه أجر سياراته الثلاث لإحدى الشركات الأجنبية بقسنطينة، بأن هذه هي الطريقة الأضمن من أجل الحصول على ربح كبير، بالإضافة إلى التفرغ الكلي لأعمال أخرى، مضيفا بأن معظم الوكالات باتت تلجأ إلى هذه الطريقة، أما البقية فهي مهددة بالإغلاق أو الإفلاس.
و قد قام الكثير من أصحاب الوكالات بإنشائها عن طريق الحصول على قروض بنكية في إطار الوكالة الوطنية لدعم و تشغيل الشباب، و هي الأكثر تعرضا للإفلاس و الخسائر، بالنظر إلى الأقساط الكبيرة المفروضة عليها، و التي لا يمكن دفعها من دون تأجير السيارات بشكل دائم و الحصول على مداخيل معتبرة منها، حسب ما أوضحه بعض من ينشطون في هذا المجال.   و قد حضرنا لقضية غريبة بمحكمة الجنايات بقسنطينة قبل بضعة أشهر، تلخص المشاكل الكثيرة التي يتعرض لها أصحاب هذه الوكالات، حيث تعرض زوجان يملكان وكالة لتأجير السيارات قاما بإنشائها في إطار قرض من وكالة «أنساج»، للنصب من قبل أحد الزبائن، الذي استغل ثقتهما ليقوم ببيع سيارة قاما بتأجيرها له، بعد أن زور عقود الملكية، حيث أجر الزبون السيارة لشهر كامل بقيمة 15 مليون سنتيم، ثم أعاد تأجيرها للشهر الثاني بنفس المبلغ، و بعد مرور المدة المتفق عليها، لم يُعد المركبة و بدأ صاحب الوكالة يبحث عنه من مكان إلى أخر، إلى أن اكتشف في الأخير أن المستأجر قام ببيع السيارة لشخص من العاصمة، و على إثرها تقدم بشكوى لدى الشرطة.
                                  عبد الرزاق.م

الرجوع إلى الأعلى