محللون....يسبحون عكس التيار

شعرت بالغثيان حتى لا أقول أكثر أكرمكم الله و أنا أستمع لبعض المحللين الرياضيين وهم يقدمون في بعض الإستديوهات و القنوات الخاصة تشريحا لخروج الخضر من دور الثمانية في كأس أمم أفريقيا ويشرحون أسباب الهزيمة أمام الفيلة الإيفوارية .

يتكلمون بلغة ركيكة و يصوغون جملا غير مكتملة وبعصبية غير مبررة أحيانا... دون أن يقدموا أدنى فائدة للمتلقي أو فكرة ترسخ في ذهن المتفرج... وفي المقابل برعوا في نصب المشانق للمدرب غوركوف و حتى راوراوة وفي موقف إنقلابي منهم ب180 درجة أصبح لاعبونا في الخارج لا يساوون شيئا في تقديرهم و لا طائل في منظورهم من جلبهم.. ولبس هؤلاء السادة جبة المحامين عن اللاعبين المحليين الذين رأوهم "محقورين " وقالوا أن بعض هؤلاء اللاعبين حرم دون وجه حق من تقمص الزي الوطني و الذهاب للذوذ عن الألوان الوطنية في غينيا الإستوائية في إيحاء إلى أن من المغتربين من يخاف على "كرعيه " أو لسبب آخر عبثي من هذا القبيل كقول أحدهم أن من المغتربين من رافق الفريق لإكتشاف أفريقيا لا غيرأو تلميح آخر إلى أن إنتقاء اللاعبين الذين سافروا إلى " الكان " لم يتم كلية بناء على معايير تقنية و عنصر الإستحقاق ؟؟؟وأن لاعبين في الوفاق يستحقون خوض "الكان" بعد تتويجهم برابطة أبطال افريقيا وهو ما معناه حسب هذا المنطق "العبثي " ان يلعب بوكرية مكان غلام،و بلعميري عوض فيغولي او براهيمي و لقرع بدل بن طالب وربما ميقاتلي عوض ماندي....مع فائق الإحترام طبعا لكل لاعبي الوفاق الذين شرفوا الالوان الوطنية و رفعوا التحدي في أمجد منافسة قارية للاندية..

السادة المحللون هؤلاء ومعظمهم حتى لا أقول كلهم في حالة بطالة مزمنة ولم يستطعوا حتى تدريب حجوط ،القليعة أوالعفرون "مع إحترامي لهذه الأندية" لأنهم صنّاع فشل بإمتياز حيثما مروا.. لا يقدمون أي شيء من منظور تقنوتكتيكي و لايفككون خطط اللعب المنتهجة من المنتخب الوطني ويبينون على الأقل مآخذها ولا يقيمون أداء اللاعبين من زاوية علمية و منهجية ووفق إحصاءات و معطيات ثابثة بالفيديو أو لغة الأرقام وحتى حجم اللعب كما يفعل عادة المحللون في القنوات الفرنسية و بين سبورت أو حتى عند الأشقاء التوانسة ..ولكنهم في المقابل برعوا في "التمنشير " و "التقطاع " وإطالة اللسان دون حجة أو قوة إقناع وبطريقة فجة تعطي الإنطباع بأن كلامهم لا يخرج عن نطاق تصفية الحساب أو أنه نتاج خلفيات ضيقة ..

صحيح من حق هؤلاء و غيرهم إنتقاد خيبة الخضر و خيارات غوركوف و حتى رؤى راوراوة لبناء الفريق الوطني من حيث تركيبة لاعبيه و تشكيلة جهازه الفني.. و لا أحد بمقدوره الحجر على آرائهم لكن هذا لا يعني حمل معاول الهدم و الشروع في تدمير ما تم بناؤه منذ وقت سعدان وبعده وحيد بكلام غير مؤسس و جارح أحيانا ودون أسباب منطقية و تفسيرات موضوعية سوى أن الفريق خرج من ربع نهائي كأس أمم أفريقيا رغم أنه خرج في الدورة التي سبقتها من الدور الأول ومع ذلك أبهر العالم و أذهل الدنيا بعدها في المونديال.

وصحيح أيضا أن الخضر و قد كانوا أكبر مرشح للتتويج ب"الكان 30 " ، خرجوا في الدور الثاني و بهزيمة ثقيلة أمام كوت ديفوار //وإن كانت لا تعكس فيزيونومية المقابلة إطلاقا // وفشل المدرب في بلوغ الهدف المسطر وهو المربع الذهبي على أقل تقديروفوق هذه الخيبة و هذا الفشل تبدد حلم الشعب الجزائري بالتاج الأفريقي ...إلا أن هذا لا يعطي الفرصة و لا الحق لأي كان في رفع الصوت للمطالبة بالتغيير في هذه التركيبة من اللاعبين الموهوبين و المحبين هم َأيضا لوطنهم أو في الطاقم الفني والإداري لأن ذلك معناه العودة إلى الصفر ووأد جيل قادر على السيطرة على الكرة الإفريقية على مدار عشرية كاملة من الآن فصاعدا لأنه بصدد النضج و التمرس وربح الخبرة في منافسة لا تتحكم فيها العوامل الرياضية فقط و تتأثر حتي بالمناخ والكواليس وربما حتى طقوس السحر و الشعوذة ...

وما يريع و يصعق أن إعلاميين رياضيين إستلموا بدورهم السياط من " محللي " الإستديوهات و إنهالوا على المنتخب بالجلد ولم يتوانوا في وصفه بالمنتخب المتواضع والذي ضخم فوق قيمته الحقيقية لا لسبب سوى خروجه من دور الثمانية في "الكان " وهو ما يعني آليا وفق هذا المنطق السخيف أنه أضعف من منتخبي غينيا الإستوائية أو الكونغو الديموقراطية بحكم أنهما تآهلا إلى المربع الذهبي إذا ما سلمنا بأنه حقيقة دون مستوى الفيلة الإيفوارية أو النجوم السوداء الغانية اللذين أبانا عن علو كعب و بالتالي هما االأفضل على الإطلاق وكل ا لمؤشرات توحي إجماعا أن الكأس الثلاثين ستذهب لأحدهما ولو أن غانا سرقت الفوز من منتخبنا و رونار مدرب العاجيين إعترف بأن الخضر رغم الخسارة كانوا في اللعب أفضل من فريقه و أنه إنبهر بطريقة أدائهم ..

إن القول بأن المنتخب الجزائري متواضع و مضخمة قيمته هو تجن على الحقيقة بدليل تصنيفه منذ أشهر طويلة أفضل منتخب عربي و أفريقي على لائحة "الفيفا " وبقيمة لاعبيه في بورصة الإنتقالات ومعدل أعمارهم... وسقوطه في مالابو كبوة جواد ليس إلا والمنتخبات التي مرت إلى نصف نهائي " الكان " ليست هي بالضرورة أفضل اوأعلى قيمة منه أو حتى من منتخبات أخرى لقيت نفس المصير في هذه الدورة كالسنيغال و جنوب افريقيا وتونس ..وحري بالذين رأوا العكس و حملوا عليه أن يقنعوا الشارع الرياضي بما يقولون او يخرصوا و يكفوا عن " تخلاط " لا يؤدي إلا إلى نزولهم أكثر في أعين هذا الشارع وأنصار المنتخب الذين يعرفون حقيقة كرة القدم كما يعرفون خبايا الحملة المنظمة في جوق " المحللين و من معهم " على المنتخب..وهي حملة تعيد إلى الأذهان ما حصل منذ مدة طويلة و تحديدا في مونديال مكسيكو سنة 1986 عندما أطل أحدهم على المباشر في التلفزيون الرسمي و طالب بمحاكمة رابح سعدان .؟؟

محمد تليلاني

الرجوع إلى الأعلى