أطلقت مجموعة من الطلبة الجامعيين في تيزي وزو مبادرة إنسانية تطوعية لتدريس أطفال اللاجئين الأفارقة، في مشهد خيري مميز، حيث اتخذوا من الحديقة الصغيرة الكائنة  بمحاذاة محطة نقل المسافرين الجديدة في بوهينون، مدرسة في الهواء الطلق لتقديم الدروس لهؤلاء الصغار، و قاموا بتوفير أدوات مدرسية لهم من إمكانياتهم الخاصة، رغبة منهم في نشر العلم و المعرفة بينهم و التخفيف من معاناتهم من قسوة الشارع  و تحويلهم إلى طاقة إيجابية من خلال إشراكهم في ورشات الرسم والتلوين والألعاب و القراءة و الكتابة التي تتماشى مع احتياجاتهم وقدراتهم الذهنية.   يجتمع الطلبة كل أسبوع في نفس المكان و في نفس الموعد، و يلتف حولهم أبناء اللاجئين الأفارقة من مختلف الأعمار و يسطرون لهم برنامجا خاصا و يتطوعون في أوقات فراغهم لتعليم هؤلاء القراءة و الكتابة، و قد تمكنوا من تعليم الأطفال و حتى الكبار الذين يهيمون في الشوارع دون هدف، محققين بذلك تغييرا بحياتهم و يومياتهم و نجحوا في هذه المهمة الإنسانية التي كانوا يفكرون فيها منذ مدة. يقول الطالب محمد حمدي، بأن الأطفال اللاجئين بحاجة لأشخاص يساندونهم و يثقون فيهم، حتى ينسوا قليلا معاناتهم، مضيفا  بأن البداية كانت بالتفكير في مبادرة خيرية صغيرة لتعليم هؤلاء الأطفال، و لو بشكل مؤقت، تبناها طلبة جامعة مولود معمري المنتمين إلى مختلف المعاهد و الكليات، بعد ذلك  قام محمد حمدي، رفقة زملائه الطلبة، بخطوة حاسمة و مهمة بهذا الشأن، مضيفا بأن هدفهم الأساسي هو إنشاء مناخ تعليمي، لاستقطاب  أكبر عدد ممكن من أبناء اللاجئين الأفارقة و السعي للتواصل مع هذه الفئة. و أشار محدثنا  إلى أن المبادرة تستقطب عددا كبيرا من الأطفال منذ انطلاقها، وقال أن طلبة آخرون أبدوا استعدادهم للمشاركة في المبادرة، لتوسعيها لتشمل كامل شوارع تيزي وزو و حتى الولايات المجاورة.
و لفت محدثنا بأن المبادرة الصغيرة تحولت اليوم إلى مشروع كبير، فبعد أن كانت فقط خاصة بالأطفال الصغار، أصبحت الآن محل اهتمام كبير من طرف فئة واسعة من اللاجئين الراشدين الذين انضموا إلى المشروع لنهل العلم، وأضاف محدثنا أنهم يقومون بتنظيم  عدة ورشات، على غرار ورشة  القراءة و و ورشة الكتابة و وورشة الرسم و الأشغال اليدوية بالنسبة للصغار ، أما الكبار فخصصوا لهم ورشات لتعليم اللغات العربية و الأمازيغية و الفرنسية و الإنجليزية، و قال حمدي بأن المراد من المبادرة الخيرية و الإنسانية مساندة اللاجئين الذين هربوا من جحيم الفقر و الحروب و النزاعات، مؤكدا بأن كل شخص من حقه أن يتعلم و أن يعيش حياة جميلة.   الطالب مجيد بين من جهته، بأنه وبقية زملائه لا يمكنهم مساعدة هؤلاء الأطفال ماديا، ففكروا بمساعدتهم بكفاءاتهم العلمية بالمجان، وقال «جئنا إلى هنا لتجسيد فكرة واحدة و هي تقديم خدمة إنسانية، نحن كلنا طلبة جامعيون أفارقة، هدفنا ليس التغطية الإعلامية أو الشهرة، بل نحمل رسالة إنسانية بمساعدة أشخاص مثلنا و تقديم خدمة مجانية لهم، تتمثل في دروس تخفف من معاناتهم اليومية مع الشارع»، داعيا الجميع إلى المشاركة في المبادرة و المساهمة فيها من أجل تمكين اللاجئين الذين لا مأوى لهم، من التمتع بالحياة،حسبه، و حتى  يشعروا بالأمان و يفيدوا أنفسهم في المستقبل، بعد تسلحهم بالعلم و المعرفة.                                             
  سامية إخليف

الرجوع إلى الأعلى