أزمــة حفاريــن بمقابــر قسنطينــة
تشهد مقابر بلدية قسنطينة حالة غير مسبوقة من الإهمال، وسط عجز مؤسسة تسيير المقابر عن القيام بأي دور بفعل نقص اليد العاملة، خاصة ما تعلق بالحفارين، إلى جانب انعدام أموال للتكفل بها و رفض مصالح البلدية تخصيص إعانة تمكّن من تجاوز الأزمة التي تتجه نحو التفاقم.
 تدهورت حالة المقابر ببلدية قسنطينة بشكل كبير خلال الأسابيع الماضية، بفعل الانتشار الكبير للأوساخ و الأعشاب، و هو ما لاحظناه خلال جولة استطلاعية أمس بعدد منها، فبالجهة السفلية للمقبرة المركزية، اختفت مئات القبور وسط الأعشاب التي تجاوز ارتفاعها المعدل الطبيعي، لعدم قيام المؤسسة المسيّرة بنزعها منذ مدة طويلة، كما لاحظنا انتشارا كبيرا لبقايا التبن فوق بعض القبور القريبة من السور المحاذي لحي قدور بومدوس، و كانت الأشواك تغطي عددا كبيرا من تلك التي مر زمن طويل على بنائها.
زيادة على ذلك، لا تزال أكوام من الأعشاب الضارة مرمية بالجهة السفلية للمقبرة المركزية بعد نزعها في إطار عملية تنظيف نظمت من قبل، دون أن يتم التخلص منها، كما أن كمية من الأوساخ كانت مرمية بالقرب من حاوية لجمع النفايات و لم ترفع بعد إلى غاية الواحدة و النصف من زوال أمس، فيما لم يسلم من هذه الوضعية سوى عدد قليل من القبور التي تخضع للعناية من طرف الأقارب. و قد عبر عدد من زوار المقبرة المركزية عن استيائهم الكبير من الحالة التي آل إليها المكان، مطالبين بضرورة تدخل السلطات لتنظيفها و إعادة تنظيمها بعد أن ضاقت بالموتى و أضحى من الصعب العثور على مكان ملائم لقبور جديدة، كما أكد البعض منهم أن كبار السن أصبحوا لا يقدرون على الانتقال بين القبور وصولا إلى ذويهم، بسبب صعوبة المسالك و ضيقها، إلى جانب الارتفاع الكبير للأعشاب و الأشواك التي صارت موجودة في كل مكان، وسط مخاوف من انتشار بعض الحشرات و الزواحف الخطرة.
و لم تختلف الوضعية كثيرا بمقبرة القماص، حيث أصبح انتشار الأعشاب الضارة و الأشواك الصورة الأكثر بروزا، مع تعرض الكثير من القبور لتشققات بفعل انزلاق التربة ببعض المناطق المنحدرة، و هو ما جعل البعض يدق ناقوس الخطر و يطالب بالإسراع في التكفل بها و محاولة إيجاد حل، قبل أن تأخذ هذه الظاهرة أبعادا أخطر. و خلال الجولة التي قادتنا إلى المقبرة المركزية، ذكر أحد المواطنين أن المقابر تعاني من عجز كبير في اليد العاملة، خاصة ما تعلق بالحفارين، حيث أكد أنه حضر، بعد الساعة الخامسة مساء، مراسيم دفن أحد أصدقائه، لم تجد خلالها العائلة أي حفّار، ما دفعها إلى القيام بعملية الحفر بمفردها بعد إتمام الإجراءات الإدارية، و هو أمر تكرر، حسب محدثنا، عدة مرات مع الكثير من العائلات.
مدير مؤسسة تسيير المقابر للنصر
نحتاج ميزانية سنوية بـ 13 مليار سنتيم و هناك عجز بـ 150 عاملا
و لم ينف رئيس مجلس إدارة مؤسسة تسيير المقابر و عضو المجلس الشعبي البلدي بقسنطينة عن تجمع الجزائر الخضراء، الأمر، و اعترف أنه تكرر مرارا، بسبب النقص الكبير في اليد العاملة بالمؤسسة، خاصة ما تعلق بالحفارين و الحراس، حيث أوضح في تصريح للنصر، على هامش الدورة العادية للمجلس البلدي الخميس الماضي، أن المؤسسة العمومية البلدية لتسيير المقابر، تتوفر حاليا على حوالي 60 عاملا بينهم الإداريون، في حين أنها تحتاج لحوالي 212 عاملا لتستطيع تسيير 12 مقبرة رسمية، في انتظار تحويل ملكية المقابر الفوضوية الباقية و البالغ عددها 22، للبلدية. و أوضح ذات المسؤول أنه و رغم تحويل المؤسسة من ذات طابع إداري إلى مؤسسة ذات طابع تجاري و اقتصادي العام الماضي لتسهيل عملية التسيير، إلا أن عدم حصولها على إعانة مالية للانطلاق في العمل صعّب الوضع، ما دفعه لتقديم استفسارات خلال الدورة العادية الماضية للمجلس البلدي، حول سبب عدم تخصيص مبلغ بسيط للمؤسسة من أجل التكفل بالمقابر و إعادة تهيئتها، ملتمسا الحصول على 2 مليار سنتيم كمبلغ أولي. و أضاف ذات المسؤول أن مؤسسة تسيير المقابر تحتاج سنويا لميزانية بـ 13.5 مليار سنتيم لتزاول عملها بطريقة سليمة، حيث يخصص غلاف مالي بـ 4 ملايير لبرمجة عمليات إعادة الاعتبار لهذه الأماكن و التكفل بأجور العمال و اقتناء التجهيزات، معتبرا أن مصدر التمويل الوحيد للمؤسسة حاليا هو ما تحصّله من رسوم خلال عمليات الدفن و التي تقدر بـ 1800 دج للقبر، و هي ميزانية ضئيلة جدا لا يمكن الاعتماد عليها من أجل تسيير المقابر. و بالمقابل أوضح الكاتب العام لبلدية قسنطينة، الخميس الماضي، خلال الدورة العادية للمجلس التي خصصت لمناقشة مشروع الميزانية الإضافية، أنه لا يمكن منح مؤسسة تسيير المقابر الأموال بسبب العجز في الميزانية، مقترحا استغلال مبلغ بـ 500 مليون سنتيم، كان قد حُوّل في وقت سابق لمديرية الانجازات لإعادة تهيئة بعض مقابر البلدية. و حول إمكانية فتح مقابر جديدة لامتصاص العجز الكبير، أكد عضو المجلس الشعبي البلدي أن مجلس الإدارة قام باختيار أرضية على مستوى طريق عين الباي بمساحة إجمالية تفوق 50 هكتارا، مضيفا أن المقترح موجود حاليا على مكتب رئيس البلدية للنظر فيه، و بأنه سيتم في حالة اعتماد هذه الأرضية، التخلص من الإشكال، سيما أنه و لحد الساعة، لا تزال العائلات القاطنة بالمدينة الجديدة علي منجلي تدفن موتاها ببلدية قسنطينة.
عبد الله بودبابة

الرجوع إلى الأعلى