شاطئ الصابلات ..من مرتع للمتشردين إلى موقع سياحي  من الدرجة الأولى
يستقطب شاطئ "الصابلات" بالعاصمة  يوميا المئات من العائلات التي تقصد هذا الفضاء الواسع للتنزه والراحة، ورغم أن المرافق التي يضمها المنتزه ما تزال قيد الإنجاز، إلا أن ذلك لم يقلل من الحركة الكثيفة التي يشهدها "شاطىء الصابلات"، الذي تحول في ظرف وجيز من مكان مهجور ومرتع للمتشردين، إلى موقع سياحي من الدرجة الأولى، موجه للعائلات والأسر، ولكل من يقصد العاصمة من الولايات المجاورة.
لطيفة.ب
ويندرج مشروع تهيئة  شاطئ "الصابلات" ضمن مخطط إعادة تهيئة العاصمة الذي انطلق سنة 2009 ويمتد إلى غاية سنة 2029، حيث تم افتتاح الجزء الأول منه قبل عامين، أي سنة 2014، لاستقبال العائلات العاصمية من البلديات و الأحياء المجاورة لبلدية حسين، التي احتضنت المشروع، ومنذ ذلك التاريخ لم يتوقع توافد الأسر على منتزه الصابلات الذي أضحى القبلة الأساسية لمواطني العاصمة، بحكم موقعه الاستراتيجي المطل على واجهة البحر، وكذا قربه من المركز التجاري المعروف "أرديس" الذي أضحى بدوره ينافس أفضل المواقع السياحية بالعاصمة بسبب الشعبية التي اكتسبها في ظرف قياسي، وأيضا توفر المنتزه على حظيرة  واسعة للسيارات، والأهم من ذلك توفر عنصر الأمن، من خلال الدوريات المستمرة التي يقوم بها أفراد الشرطة، سواء بواسطة المركبات، أو بالترجل ما بين أرجاء هذا الفضاء الواسع، وهو ما وقفت عليه "النصر" من خلال جولة ميدانية قادتنا إلى المكان.
ورغم الحركة الكثيفة و الذؤوبة التي يشهدها شاطئ الصابلات خاصة في الفترة المسائية، وفي ليالي الصيف، إلا أن ذلك لم يؤثر على تواصل أشغال التهيئة وإنجاز المرافق التي يضمها المشروع،  منها المتعلقة بإنجاز قنوات صرف المياه، على اعتبار أن المكان كان مصبا لما يعرف بوادي الحراش بالعاصمة، إذ تقوم فرق خاصة بوضع مواد للقضاء على الروائح التي كانت تنبعث من المكان، فضلا عن إتمام إنجاز المرافق التي أدرجت ضمن هذا المشروع، من بينها مسرح للهواء الطلق يتسع ل 1500 مقعد، لاحتضان الأنشطة الثقافية والترفيهية، إلى جانب إتمام إنجاز 10 مطاعم ستتكفل بتقديم أفضل الخدمات للزوار، وقاصدي المكان.
  أسر تفر من حر الشقق الضيقة لتناول وجبة الغذاء في الهواء الطلق
يبدأ توافد الأسر إلى منتزه الصابلات عند الزوال، وتفضل الكثير منها تحضير وجبة الغذاء في البيت، وحملها إلى المنتزه لتناولها في الهواء الطلق، دون الحاجة إلى المكيفيات الهوائية لتلطيف الجو الحار، وهو ما أكدته لنا سيدة تقطن بالدار البيضاء، قالت أنها تفضل أن تجلس على طاولة خشبية محاطة بالعشب الأخضر وان تقابل الشاطئ لتناول الغذاء رفقة قريباتها وأطفالها، على أن تبقى بين جدران البيت تحت رحمة المكيف، الذي تفوق أضراره الصحية إيجابياته... في حين قال رب أسرة يقطن بحسين داي إنه يعتبر منتزه الصابلات أفضل فضاء لالتقاء العائلات بعيدا عن ضوضاء المدينة والازدحام المروري، موضحا أنه يصطحب أطفاله كل نهاية أسبوع وخلال أيام العطل، لتمكينهم من اللعب والتجول بين أرجاء الفضاء، الذي تم افتراشه بالعشب الأخضر، الذي أضفى لمسة جمالية على المنتزه، الذي يضم أيضا فضاء للألعاب تفتح أمام العائلات في الفترة المسائية.
وأدى هذا الفضاء السياحي إلى تغيير عادات الأسر العاصمية في فترة الصيف، التي أضحت توزع وقتها ما بين التوجه إلى الشواطئ للاستجمام، وإلى منتزه الصابلات للراحة وتناول وجبات الغذاء أو العشاء، إلى درجة أن الطاولات الخشبية التي وضعت على امتداد المساحات الخضراء، التي يعلوها قرميد من الخشب لم تعد تكفي لاستقبال كافة الأسر، مما جعل معظمها يضطر إلى افتراش الأرض، ووضع ما لذ وطاب من المأكولات والشاي والعصائر، وتناولها في جو عائلي، دون أن ينتابها أدنى خوف بشأن ما يمكن أن يتعرض له الأطفال من خطر في حال السقوط على الأرض، لأن المساحات الخضراء التي تمتد على مساحة 10 هكتارات تم تهيئتها بكيفية تحول دون تعرض الزائرين لأي مكروه، فهي تشبه إلى حد كبير ساحات الملاعب المغطاة بالعشب الاصطناعي، ويتوسط هذه المساحة الشاسعة مسلك يمتد على طول 10 كيلومترات.
لأول مرة.. شاطئ صالح للسباحة بالصابلات
ومقابل المساحة الخضراء التي تتوسطها مرافق عدة كالمطاعم وألعاب الأطفال، قامت الجهة المشرفة على المشروع بتهيئة جزء من شاطئ الصابلات، الذي يشبه في شكله نصف الدائرة، لفائدة هواة البحر والسباحة، وهو يستقطب يوميا الكثير من سكان بلدية حسين داي و شباب الأحياء المجاورة قصد السباحة، فمن كان يتوقع يوما ما أن يصبح شاطئ الصابلات مقصدا للعائلات، وأن يصلح للسباحة، بعد أن كان فضاء مهجورا يقصده المنحرفون والمتشردون والمشبوهين.
وغير بعيد عن شاطئ البحر، تم نصب خيام لشباب حرفيين جاءوا من مناطق مختلفة، ليعرضوا أمام الزائرين القطع الفنية الجميلة التي صنعتها أناملهم، من بينها أدوات جلدية تمثل عمق الصحراء وألبسة تقليدية وحلي وأواني فخارية، وبحسب أحد العارضين الذي قدم من منطقة القبال، فإن الحلي الفضية ما تزال تجدب النسوة، خاصة مع تزامن المعرض مع الحفلات والأعراس.
ويتحول المنتزه مع غروب الشمس إلى فضاء يعج بالزوار، إلى درجة يصعب عليك العثور على صديق أو قريب لك إن فقدته لبرهة، كما يشهد المدخل المؤدي إلى هذا الفضاء حركة كثيفة، مما يصعب على أصحاب السيارات دخول الحظيرة لركن مركباتهم، وما مع ذلك لا يتوقف التوافد على المكان، خاصة في سهرات رمضان وليالي الصيف الحارة، التي تدفع بسكان الشقق الضيقة والعمارات والأحياء الشعبية المكتظة إلى البحث عن الفضاء المفتوح، والهاء المنعش.
ويشرع ابتداء من الفترة المسائية  في تشغيل ألعاب الأطفال، ويسمح للباعة المتجولين بدخول المكان وبيع الشاي والمكسرات واللعب،  من بينها الطائرات الهوائية التي يأخذها نسيم البحر إلى مرتفعات عالية، يخيل للناظر وكأنها طيور حقيقة تحلق في السماء، كما يجوب الأطفال الساحات  الخضراء بالدراجات الهوائية، وتفترش النسوة حصائر لتبادل أطراف الحديث، وتختتم الجلسات العائلية بتناول وجبة يتم إعدادها في البيت وبارتشاف الشاي الساخن.
كما يقصد العمال الصينيون رفقة أسرهم  شاطئ الصابلات للاستجمام، بحكم قرب هذا المرفق السياحي من الجامع الأعظم الذي يضم عددا لا بأس به من العمالة الصينية، ويظهر الصينيون إعجابهم بالمكان، وبما يعرض فيه من ألعاب، ومن منتوجات تقليدية، كما أبدوا إعجابهم بما يعرف عندنا بحلوى "شعر البنات" التي تشبه في شكلها كومة من القطن والمصنوعة بواسطة آلات من السكر الخالص.
وسمحت المرافق الضخمة التي حظيت بها الجهة الشرقية للعاصمة في السنوات الأخيرة، من بينها منتزه  الصابلات الذي يضم أيضا مسابح خصصت لاستقبال العائلات، إلى جانب الجامع الكبير المطل على البحر، والذي تعلو منارته المنطقة، بتغيير وجه عاصمة البلاد، خاصة على طول الطريق المؤدي إلى المطار الدولي، الذي تزين بالنباتات الخضراء و النافورات، بطريقة أضحت تسر المارين وزوار العاصمة من الداخل والخارج.

الرجوع إلى الأعلى