"الزردة" تعيد لم شمل سكان بني سلام  بأعالي القل
دأب  سكان قرية بني سلام ببلدية بني زيد، 18 كلم عن القل غرب ولاية سكيكدة، على تنظيم»الزردة» كتقليد شعبي ورثه الآباء عن الأجداد، يتزامن إحياؤه مع موسم جني الزيتون، حيث يحضر أبناء القرية من مختلف مناطق الوطن و من الخارج  و يحتفلون مع السكان بالمناسبة  في أجواء مفعمة بالفرح و الغبطة و الأمل في مستقبل أفضل.
في إطار إحياء الزردة السنوية، تذبح الأبقار وتوزع لحومها على السكان و المدعوين، كما يتم  تحضير مأكولات تقليدية مثل الكسكسي و الطمينة ، و بالموازاة مع ذلك تتم معالجة المشاكل والخصومات التي يعاني منها أبناء هذه القرية التي هجرها  سكانها قسريا مرتين.
المرة الأولى أثناء ثورة التحرير الكبرى، باعتبارها  إحدى القرى التي  كانت تؤوي المجاهدين وصنفت ضمن المناطق المحرمة، وكان بها مركز لجيش التحرير، و دفعت ضريبة غالية باستشهاد 24 من أبنائها،  و لا تزال حادثة محاولة  إبادة القرية من طرف الاستعمار الفرنسي  باستعمال الطائرات والمدفعيات، راسخة في أذهان من عاشوا الواقعة، ومنهم عمي احسن مزدور،  أحد أعيان القرية، و قد استرجع مؤخرا في حديثه مع النصر خلال فعاليات»الزردة»، بعض ذكريات الثورة، بالوقوف على العديد من  الأماكن التي تخلد بطولات الشهداء والمجاهدين ، مثل مقر الجيش الذي تحول إلى أطلال  وبقايا جدران مساكن قديمة بنيت من حجارة وطوب، لا تزال  شاهدة على وحشية الاستعمار الغاشم، و أكد عمي احسن بأن الاستعمار الفرنسي لاحق المجاهدين من أبناء القرية والقرى المجاورة مثل» قياطين» وأولاد «الزاحي»، ولم يجد وسيلة لإنهاء تحركات سكان القرية سوى استعمال 7 طائرات و3 مدفعيات نصبت من بعيد من أجل تفجير القرية، و ذلك يوم 21 من شهر ماي 1956 ، فاستشهد 5 من سكان القرية منهم امرأة مع إصابة آخرين بعاهات دائمة، كما هدمت مساكن المواطنين الذين فروا من جحيم القصف، و أضاف عمي أحسن أن معاناة قرية بني سلام كانت كبيرة، ودفعت 24 شهيدا من أبنائها من أجل الحرية و الكرامة، لكنها حرمت من أبسط الأمور الضرورية بعد الاستقلال.

 الهجرة الثانية لسكان القرية، كانت خلال تسعينيات القرن الماضي أو ما يعرف بالعشرية السوداء،  و يرغب اليوم الكثير من هؤلاء المهاجرين في العودة إلى القرية من أجل زرع أراضيهم التي تعد من أخصب الأراضي بالجهة ، حيث يذكر أنها كانت قبل ثورة التحرير تضم مصنعين لطحن الحبوب ومصنعا للآجر وحقولا لأشجار الزيتون ومختلف أشجار الفاكهة ، واليوم لم يبق من تلك المصانع سوى الأطلال، وحدها أشجار الزيتون لا تزال شامخة، تقاوم وطأة الزمن وتدعو أبناء المنطقة إلى العودة، وحتى المدرسة الابتدائية التي كانت هناك تحولت إلى هيكل خاو على عروشه ، كما أن افتقار القرية  للكهرباء وعدم وجود طريق معبد يقود إليها من أهم العوامل التي حرمت أبناءها  من تحقيق حلم العودة و الاستقرار بها . أضاف عمي احسن أن الكثير من أبناء القرية يزورونها رغم كل شيء من حين لآخر، و ذلك  من أجل خدمة أراضيهم، خاصة في فترة جني الزيتون،  في انتظار استفادتها من مشاريع تنموية. جدير بالذكر أن السكان اغتنموا مناسبة إقامة» الزردة» لرفع  مطالبهم إلى   نائب رئيس بلدية بني زيد الذي كان حاضرا، و في مقدمة هذه المطالب إعادة فتح الطريق القديم نحو القرية، وهو الطريق المناسب لهم، لأنه يضعهم على مسافة قريبة من مقر البلدية، عكس الطريق العلوي الذي يربطهم  بالطريق الولائي رقم 39 ، المار بقرية الطهرة المجاورة،  والذي يوجد في وضعية متدهورة هو الآخر و به الكثير من المنعرجات والمنحدرات.   وأكد السكان من جهة أخرى بأن الطريق القديم الذي يوجد به جسر منهار، لا يزال شاهدا على بطولة المجاهدين، حيث قاموا بهدمه لمنع الاستعمار الفرنسي من الوصول إلى القرية. و علق نائب رئيس بلدية بني زيد بأن مطالب هؤلاء المواطنين مشروعة ويمكن دراستها لاحقا في المجلس الشعبي البلدي.     
بوزيد مخبي

الرجوع إلى الأعلى