ساحة  كركري بقسنطينة  تتحول  إلى سوق للعصافير
تحولت ساحة كركري بوسط مدينة قسنطينة إلى سوق يومية لبيع العصافير، حيث لجأ إليها عدد كبير من الباعة بعد طردهم من سوق «تحت القنطرة» الواقع أسفل جسر سيدي راشد منذ حوالي شهر، في حين ما يزال المعنيون يطالبون السلطات بتخصيص مكان قار لممارسة نشاطهم.
ولا ينتبه الكثير من مستعملي الطريق المار عبر ساحة كركري إلى وجود هذه السوق، حيث لا نلاحظ إلا مجموعة من الأشخاص يحملون أقفاصا بها عصافير من أنواع مختلفة بأيديهم، لكننا بتقربنا منهم، في جولة استطلاعية، أخبرونا بأنهم بائعو عصافير وحولوا المكان إلى سوق لهم منذ أن طُردوا من سوق «تحت القنطرة»، المسمى أيضا بـ»الرومبلي». كما أوضح لنا البائعون بأنهم يعملون بالمكان من الصباح الباكر إلى غاية منتصف النهار طيلة أيام الأسبوع عدا الجمعة، التي يتوجهون فيها إلى سوقهم الأسبوعية الواقعة بالجهة الخلفية لسوق بومزو المغطى بوسط مدينة قسنطينة.
ويطالب محدثونا بمنحهم مكانا لممارسة نشاطهم اليومي، مشيرين إلى أن البلدية يمكن أن تمنحهم بعض الأكشاك الموجودة بالساحة لاستغلالها في بيع طعام العصافير والمواد الأخرى الضرورية لتربيتها، كالأقفاص.
وشدد الباعة على أنهم لا يتسببون في مشاكل بالمكان ولا يخلفون كميات من القمامة بالساحة التي قامت بتهيئتها البلدية من عدة سنوات، حيث قالوا لنا إن أغلبهم يمارس هذه المهنة دون غيرها، حتى أن منهم من امتهن بيع الطيور لأكثر من ثلاثين سنة، ولديهم زبائن أوفياء يأتون بحثا عنهم من عدة ولايات أخرى. وأخبرنا أحد الباعة بأنه أورث مهنته إلى ابنه، الذي وجدناه معه يقوم بتطبيب عصفور يملكه أحد المواطنين باستعمال بودرة خاصة داخل الجهة الخلفية لشاحنته، فنشاط السوق لا يقتصر على البيع فقط، وإنما يأتي المواطنون بعصافيرهم أيضا من أجل الحصول على بعض الأدوية الخاصة بها وللاستفسار عن بعض المشاكل التي تواجههم معها، وقد تزامن وجودنا مع تقدم أحد المواطنين من البائع لسؤاله عن عدم قدرة أثنى طائر الكناري التي يملكها على رعاية فراخها.
كما أن أحد الباعة أخبرنا بأنه بدأ العمل بالسوق عندما كان طفلا صغيرا، ولا يزال يمارس نفس المهنة إلى غاية اليوم، وهو في الثلاثينات من العمر، فالأمر ليس مجرد هواية بالنسبة إليه، على حد تأكيده، وإنما يعتبرها عملا حقيقيا، في وقت وجدنا فيه بعض المواطنين في السوق يمارسون مهنة بيع الطيور كنشاط إضافي، على غرار كهل كان يحمل قفصا به عصفور صغير الحجم يغلب على ريشه اللون الأصفر، وبين قدميه كان يضع قفصا آخر بداخله طائر حسون وبجوار القفص يقف طفل صغير متشبثا بوالده، ولما سألناه عن ثمن العصفور الصغير الذي يسميه الباعة «سوارة موزنبيق» ولم يتوقف عن التغريد، قال «إن آخر سعر اقتُرح عليه كان أربعة آلاف دينار».
  «المقنين»  بـ 12 مليونا و»النينو» مرشح للإرتفاع
وتختلف أسعار العصافير في السوق من نوع لآخر، ويعتبر الحسون أغلاها بحسب تأكيد رواد السوق، فقيمته العادية تتراوح بين ثلاثة آلاف دينار إلى حوالي ثلاثة ملايين سنتيم، بحسب الفصيلة والعمر والجنس والقدرة على التغريد والتوالد، لكن بعض الأصناف الأخرى من الحسون قد تصل حتى إلى 12 مليون سنتيم أو أكثر، على غرار الحسون الأبيض المستورد من أوروبا ويغرد بشكل مميز.
أما أسعار الطيور الأخرى فهي منخفضة، على غرار الكناري الذي لا يتعدى ثمنه بضعة آلاف من الدنانير والطائر المسمى بـ»الخيضور» وطائر الـ»نينو»، الذي يعتبر أقل الأنواع ثمنا بالسوق حيث يقدر بـخمسمائة دينار. وقد قام بائع بإطلاق سراح أحدها أمامنا عندما لاحظ عليه علامات إرهاق شديد، لدرجة أن العصفور لم يتمكن من الطيران، فلم يجد إلا أن يعطيه لطفل كان يلهو في السوق، وأوصاه بأن يضعه في مكان دافيء ويقدم له الطعام والماء إلى أن يتعافى.
وأكد لنا أحد رواد السوق بأن سعر الحسون كان منخفضا جدا في الماضي في سوق الطيور، ولم يرتفع إلا بعدما أصبح من الأنواع المهددة بالانقراض بسبب الصيد العشوائي، مشيرا إلى أن عصفور الـ»نينو» قد يصبح أغلى من الطيور الأخرى مستقبلا، في حال استمرت عملية اصطياده وبيعه في الأسواق.                                 
سامي .ح

الرجوع إلى الأعلى