إنهن ثلاث قسنطينيات جميلات في عمر الزهور، ينبضن بالحياة و يتقدن ذكاء، رفعن التحدي و قررن خوض مغامرة قيادة الطائرة، كاسرات بذلك حاجز الخوف من هذا العملاق الحديدي، فطموح الطيران بالنسبة لمروة و ياسمين و بثينة تحقق أخيرا، بعد بعث نادي الطيران بقسنطينة العام الماضي، ما منحهن أجنحة من الأمل للمضي قدما، في مسعى لتشريف المرأة و تحقيق النجاح. قبل أيام استلمت الشابات الجامعيات شهادات صادقت عليها  المنظمة العالمية للطيران المدني، بعد أن تمكن خلال ستة أشهر من اجتياز الاختبار النظري و التقني لقيادة الطائرات على مستوى ناد خاص للطيران بقسنطينة، وهي شهادات أكدن بأنهن يسعين لإعطائها بعدا تطبيقيا في القريب العاجل، لتشكلن بذلك أول قائدات طائرات تتخرجن من النادي القسنطيني منذ سنوات.
نور الهدى طابي
النصر التقت بهن، فأكدن بأن المهمة لن تكون سهلة وهن مدركات لذلك، خصوصا في بلد الطيران الخاص نادر به، مع ذلك تأملن إيجاد أجنحة تجارية تتبنى حلمهن بمجرد إنهائهن للمرحلة الثانية من التكوين التطبيقي، فيتمكن لاحقا من التحليق الفعلي. و قد علمنا من صاحب نادي الطيران، بأن المرحلة الثانية من التكوين ستنطلق بعد حوالي شهرين، مقابل ما يعادل 20 ألف دج للساعة الواحدة، بمعدل 50  ساعة طيران عموما، تشمل مجالات الطيران الخاص، الطيران التجاري و نقل البضائع، و هي تكلفة قال بأنها تعد الأقل في العالم.
ياسمين شبوكي
من قال أن المرأة لا تستطيع التحليق
 بالنسبة لياسمين شبوكي، 21 عاما، طالبة في العلوم البيطرية  بجامعة قسنطينة، فإن قيادة الطائرة لم تكن بالأمر السهل، خصوصا و أن التعامل مع عملاق حديدي معقد التقنية، تحد صعب بالنسبة للمرأة، لكن يبقى الانجاز في حد ذاته و تحصيل شهادة قيادة مبدئية خطوة واعدة، تأكيد على أن المرأة ليست أقل من الرجل، و أنها قادرة على التميز و النجاح في مجالات ظلت لسنوات حكرا عليه.
ياسمين قالت بأنها و على غرار زميلاتها، تعتزم مواصلة التكوين في مجال الطيران،و قد باشرت البحث عبر الشبكة العنكبوتية عن فرص للتقدم أكثر في هذا المجال، خصوصا بعدما أتقنت الجزء الصعب، ألا وهو التحكم في تقنيات القيادة، و  يبقى عليها، كما قالت، التحلي بالإصرار و إنهاء مرحلة التحليق بنجاح ، لتحول حلمها في قيادة طائرة تابعة لخطوط جوية وطنية، أو حتى طائرة خاصة، إلى حقيقة.
بثينة هواري
مستعدة للتخلي عن دراسة الهندسة المعمارية من أجل حلم الطيران
بثينة هواري 21 عاما، طالبة بكلية الهندسة المعمارية بجامعة قسنطينة، ذات أنامل حديدية تحت قفازات من حرير،  أخبرتنا بأن قيادة الطائرة كان حلمها منذ الصغر، وقد حاولت تحقيقه بعد حصولها على شهادة البكالوريا، لكن محيطها الأسري رفض انخراطها في السلك العسكري، باعتباره الطريق الوحيد للالتحاق بالتخصص، لذلك اختارت الهندسة المعمارية كبديل، لكنها بقيت متشبثة بحلمها في التحليق، فحققته أخيرا بعد عودة النادي المدني الخاص للنشاط، و قد شجعها والدها على الانضمام إليه.
تقول محدثتنا « لم يكن الأمر سهلا، فالتكوين كان مكثفا و صعبا كون الأمر يتعلق بمجال كنا نجهله تماما، فهو مجال تقني دقيق و معقد،  ففهم ميكانيك الطائرة، بالنسبة لفتاة تجد صعوبة في استيعاب ميكانيك السيارات، لم يكن بالأمر السهل، لذلك عشنا ليال بيضاء، لم نتمكن خلالها من النوم بسبب كثافة دروس التكوين، و تقاطعها مع دراستنا الجامعية، مع ذلك استطعنا حل المعادلة و التحكم في الوقت و الجهد، وتفوقنا في النهاية».
بثينة أشارت إلى أنها لا تنوي التوقف عند حمل شهادة نظرية، بل أنها مستعدة للتخلي عن الهندسة، من أجل مسار مهني في مجال الطيران المدني، بمجرد الحصول على رخصة قيادة الطائرة بعد إنهاء الشق الثاني من التكوين، خصوصا إذا ما توفرت لها فرصة للعمل في هذا المجال.
مروة بوقوردي
قيادة الطائرة تشريف للمرأة و تأكيد على نجاحها
الطالبة مروة بوقوردي سنها لم يتجاوز 20 سنة، لكنها استطاعت أن تجتاز الاختبار و تحتمل ضغط ستة أشهر من التعب الذي تطلبه التكوين، فتفوقت بتقدير جيد وكانت ندا
لـ17 شابا خضعوا للتكوين معها.
مروة في الأصل طالبة جامعية تخصص علوم بيطرية بجامعة قسنطينة، لكن قيادة الطائرة تعتبر بالنسبة إليها فرصة لإثبات قوتها أمام كل من يعتبرها فتاة صغيرة ضعيفة، و الشهادة التي منحت لها من قبل نادي الطيران، اعتبرتها تشريفا للمرأة الجزائرية عموما، و تجسيدا لنجاحها و برهانا على أهميتها في المجتمع.
محدثتنا قالت بأن زملاءها من الذكور، فوجئوا بالمستوى العالمي الذي ظهرت به هي و زميلاتها خلال التكوين، بالرغم من أنهم استهانوا  بإمكانياتهن في البداية، على اعتبار أن قيادة الطائرة، كان مجالا يحتكره الرجال، لكنهن برهن في النهاية على أن الجمال و الأنوثة لا يتعارضان مع الطموح، الذي قالت بأنه يمتد بعيدا، فرغم كون مجال الطيران ليس سهلا ،و التخصص فيه لا يعد أمرا في متناول الجميع بالجزائر، إلا أنها تنوي مواصلة التدرج و البحث عن فرصة حقيقية، لتكون قائدة طائرة تقل ركابا.

الرجوع إلى الأعلى