«البليري» يزين شوارع  قسنطينة و يستقطب المارة  
تزينت شوارع و أسواق قسنطينة هذه الأيام بأزهار النرجس أو « البليري» ، و عبقت بروائحها المنعشة الباعثة على الارتياح،  حيث أضفت حلة جديدة على أرصفتها و زادتها بهاء و روعة، فلاقت استحسان المارة، الذين قالوا للنصر  بأن عطرها الفواح يجذبهم و جمالها يقنع كل من وقع نظره عليها لاقتنائها دون الاكتراث لسعرها. المتجول بمدينة قسنطينة و جسورها المعلقة هذه الأيام، يشعر براحة و انتعاش بمجرد رؤية أزهار البليري المنتشرة عبر الأرصفة، و بمداخل بعض الجسور كجسر باب القنطرة، و عرض هذه الزهور زاد هذا الموسم مقارنة بالسنوات الماضية و زاد معه الطلب ، بعد أن اقتحم الشباب هذه التجارة الموسمية، حيث فضلوا تقديمها  في شكل باقات جميلة، مزينة بورق نبتة العنصل، و  مغلفة في جوانبها بورق شفاف مزين بأزهار صغيرة، غير أن عرضها يشكل هاجسا لدى الباعة، و كذا رجال الأمن، الذين يطاردونهم باعتبار أن نشاطهم فوضوي، في ظل انعدام الأماكن المخصصة لذلك.
نبتة العنصل و أوراق التغليف لتزيين الباقة
التقينا بالشيخ علي أمام حديقة بن ناصر بساحة «لابريش»، و هو في السبعين من عمره يقطن ببلدية قرارم قوقة ولاية ميلة، قال بأنه يأتي لولاية قسنطينة لبيع أزهار البليري، و هذا منذ نحو 12 عاما، إذ تنبت في المروج بشكل كثيف في نهاية شهر جانفي و تذبل و تموت في مستهل مارس، مضيفا بأنه يقطفها في المساء و يقوم بفرزها و تشكيلها في شكل حزم و ربطها، و يضعها في الصباح الباكر  في أكياس كبيرة، ليتوجه في حدود الخامسة و النصف إلى محطة سيارات الأجرة، ليبدأ نشاطه في حدود الساعة السابعة بعد أن يختار مكانا للبيع ، يختلف من مرة لأخرى ، بسبب مطاردة أعوان الأمن، مشيرا إلى  أنه يمارس هذه التجارة ،نظرا لاضطراره للتوقف عن العمل بسبب إصابته بمرض باركنسون، إذ أصبح غير قادر على مواصلة عمله كبناء، ما جعله يلجأ إلى بيع الخضر البرية و كذا الأزهار الموسمية بولاية قسنطينة، لسد متطلبات أسرته المتكونة من خمس فتيات.  فيما قال بائع بجسر باب القنطرة يقطن بمسعود بوجريو بأنه يقتني أزهار البليري بالجملة من الأسواق كالسوق الأسبوعي لحامة بوزيان، مضيفا بأنهم  يجدونها في الأماكن البعيدة عن المدن مثل ضواحي القرارم قوقة و الميلية، كما أشار إلى أن زهرة البليري لها فترة معينة تنبت و تنمو فيها ثم تذبل ، غير أنها تبقى في المناطق الجبلية الباردة كجبال جيجل و سكيكدة ، مشيرا إلى أن الإقبال عليها كبيرو يمكن أن تحقق دخلا وفيرا لبائعها.
باقات خاصة للإهداء
من جهته قال شاب من ولاية ميلة في ربيعه 25، يشتغل في تربية النحل ، بأنه فضل عرض أزهار البليري بشكل مختلف عن باقي الباعة الذين صادفناهم و أغلبهم شيوخ ، حيث أعطاه شكل باقات ملفوفة بأوراق نبتة العنصل، و بأشكال مختلفة، إذ تختلف أسعارها ،حسب شكلها و تتراوح بين 50 و 200 دج، مضيفا بأنها تلقى إقبالا كبيرا من المارة، كما أنها تنافس باقات الورود في هذه الفترة، إذ  هناك طلبيات كبيرة من الشباب المقبلين على الزواج الذين لا يزالوا يحافظون على عادة زيارة خطيباتهن في موسم الربيع، و يقومون بإهدائهن إلى جانب الحلويات التقليدية كالبراج و الطمينة و غيرها ، باقات مميزة و كبيرة الحجم من النرجس.
بالمقابل قال عدد من المارة الذين تحدثنا إليهم بأن « البليري» له جمالية خاصة، و لا يمكن أن يمر فصل الربيع دون أن يستمتعوا بباقات النرجس تزين شوارع و أزقة الصخر العتيق و تعطرها برائحتها المنعشة و تبعث روحا جديدا  في وسط المدينة ، مضيفين بأنهم يقومون باقتنائها و يضعونها  في مزهريات ببيوتهم، و حتى فوق مكاتبهم، كما أنها تشكل هدايا معبرة تقدم للمرأة بمناسبة يومها العالمي المصادف للثامن من مارس. جدير بالذكر بأن كلمة «بليري» أصلها تركي و قد ارتبطت في اللهجة العامية القسنطينية بأزهار النرجس الجميلة.        
أسماء بوقرن

الرجوع إلى الأعلى