خمسة أخطاء كتــابية تـلازم التلميذ الجزائري من الابتـدائي إلـى المتوسط
أجمع مختصون وباحثون نهاية الأسبوع،  أن بلوغ مستوى الجودة في المنظومة  التربوية الوطنية يعتمد على عدة مؤشرات هي اليوم تتخبط في إختلالات بيداغوجية وأخرى خارجة عن نطاق المنظومة التربوية مما يتطلب إعادة النظر فيها والإسراع في تأهيلها ومطابقتها مع المعايير الدولية المصادق عليها ورفع العراقيل التي تحد من تجسيدها ميدانيا وبلوغ الجودة في آفاق 2030 وفق ما تضمنه كتاب المرصد الوطني للتربية والتكوين.
 ناقش أول أمس مختصون وباحثون مسألة الوصول للجودة في المنظومة التربوية بالجزائر وكل العراقيل التي تحد من بلوغها في الآفاق القريبة رغم المجهودات المبذولة من طرف العديد من الأطراف، وجاء هذا الطرح خلال ندوة عنوانها «مدرسة الجودة في الجزائر، المؤشرات والآفاق» التي احتضنها مركز البحوث في الأنثروبولوجيا الإجتماعية والثقافية  «كراسك» بوهران، بناءا على مجموعة من الظواهر التي أثرت وأخرت بلوغ المدرسة الجزائرية مرحلة الجودة، ففي مداخلته أوضح الدكتور مصطفى مجاهدي مدير المرصد الوطني للتربية والتكوين، أنه لحد الآن لازالت الدراسات والتحاليل المتعلقة بقطاع التربية في الجزائر تعتمد على معطيات كمية وليس نوعية، في محاولة لإتباث أن فرص التمدرس والتعليم أصبحت معممة لجميع الجزائريين دون استثناء، وتطرق الدكتور مجاهدي لمشروع «المعالجة البيداغوجية» الذي انطلق منذ سنتين، حيث أكد أن النتائج الأولية أظهرت أنه ما بين 5 إلى 6 أخطاء يرتكبها التلاميذ في الكتابة سواء في اللغة العربية وحتى الرياضيات، وهي الأخطاء التي تلازمهم من السنة أولى إبتدائي لغاية المتوسط مما يعني أن الأساتذة لا يحرصون على تدريب التلميذ حتى لا يكرر ذات الأخطاء في كل ورقة ولا يتابعون تطور مستوى التلاميذ،  وكمثال على ذلك فإنه من بين حوالي 27 ألف نسخة من أوراق الإمتحانات في الرياضيات ظهر 112 ألف خطأ بمعدل 4,5 خطأ في كل ورقة وكل هذه الأخطاء متكررة لدى نفس التلميذ على مدار سنوات التمدرس ولم تصحح، وختم المتدخل بالقول أن السبب يعود لكون الجميع يعالج في جوانب هامشية ويبتعد عن الأساسيات المهمة لبلوغ الجودة المتوخاة خلال العشرية القادمة، مثلما يتناوله الكتاب الذي قدمه الدكتور مجاهدي وهو يعنوان  «المدرسة الجزائرية وتحديات الجودة: 2016- 2030».   الدكتور محمد ملياني من جامعة   تساءل عن الكتاب الرقمي الذي هو اليوم تحدي آخر يواجه المنظومة التربوية التي لازالت تتخبط في مشاكل الكتب الورقية خاصة مع تدخل الخواص في نشرها وهذا حسب المتحدث ما يطرح بدوره عدة إشكالات تتجاوز مسألة تأخير توزيعه التي طرحت هذا الموسم، من جانبه. الدكتور الباحث فؤاد نوار   استهل الندوة بطرح عدة تساؤلات تشكل حاليا محور النقاش حول قطاع التربية الوطنية سواء من طرف المختصين أو الأولياء والإعلام، وتمحورت هذه الأسئلة حول كيفية تحقيق جودة المدرسة الجزائرية.
 معايير الوظيفة العمومية لا علاقة لها بالجانب البيداغوجي
ومن بين المؤشرات التي تمت مناقشتها هي مسألة التوظيف في قطاع التربية الوطنية، حيث أوضح أحد متقاعدي قطاع التربية أن المشكل يكمن في إعتماد مقاييس الوظيفة العمومية في إختيار الأساتذة عوض إسناد الأمر لوزارة التربية التي من شأنها تحديد معايير بيداغوجية وليس غيرها من الأسس التي تجعل هؤلاء الفائزين بالمناصب من خريجي الجامعة يواجهون تلاميذ دون رصيد بيداغوجي وهذا ما اعتبره المتحدث عجزا يؤثر سلبا على مردود التلاميذ في كل الأطوار لأن الأستاذ هو العنصر المفصلي في عملية التدريس وترقية مستوى التربية الوطنية، كما أشار الدكتور نوار أيضا إلى أنه صيغة التوظيف خلال السنوات الأخيرة أدمجت خريجي الجامعة من مختلف التخصصات وليس مثلما كان يحدث سابقا وهو الإقتصار على خريجي المدارس العليا للأساتذة، واعتبر هذه الصيغة أحد أسباب فشل الوصول لجودة بما أن الأساتذة الجدد هو بحد ذاتهم بحاجة لتكوين معمق بيداغوجيا، وهنا استوقف الدكتور محمد ملياني الجميع وفتح جدلا داخل القاعة بقوله أن الأساتذة الشباب الجدد يمتنعون عن التكوين والمعرفة وهضم الأسس البيداغوجية ويكتفون بتطبيق المقرر حرفيا دون مراعاة جوانب أخرى تخص التدريس وكذا التلميذ، وشدد المتخلون على ضرورة تفعيل التكوين المتواصل لكل الأساتذة ورسكلتهم للتأقلم مع المعطيات الحديثة للتربية.
 مواكبة المقاييس العالمية  يتطلب إضافة  14 أسبوعا سنويا
وطرح أيضا أثناء الندوة مؤشر ثان لغياب الجودة في قطاع التربية الوطنية وهو أن مدة التمدرس في الجزائر هي ما بين 26 و27 أسبوعا في السنة بينما المعيار العالمي هو 40 أسبوعا في السنة مما يبرز أن المدارس الجزائرية بحاجة ل 14 أسبوعا سنويا لتدارك هذا العجز، ورغم تأييد أغلب المختصين لهذا الطرح ومطالبتهم بإعادة النظر في مدة التمدرس السنوي، إلا أن تدخل بعض الأساتذة القلائل الذين حضروا الندوة غير المجرى كونهم هم الذين يتواجدون في الميدان ويمارسون عملية التدريس، حيث أوضحت أستاذة في الثانوي أن الحجم الساعي اليومي وكثافة المواد المدرسة يوميا تعادل أكثر من 40 أسبوعا سنويا كون التلاميذ يخضعون لعملية تدريس مكثف وساعات إستدراك ولا يستفيدون من ساعات الترفيه والنشاطات التي قد تصل لحصتين فقط أسبوعين وإن وجدت حيث يتم إلغاؤها في بعض الأحيان، وهنا أضاف أستاذ آخر أن البلدان التي تطبق نظام 40 أسبوعا سنويا تقسم اليوم الدراسي لجزئين الصباح للدراسة والمساء للأنشطة والترفيه التي تريح التلميذ وتفجر مواهبه في الوقت نفسه، مبرزا أنه أمام غياب هذه الأنشطة ميدانيا لأنها مبرمجة بيداغوجيا، فإن الأستاذ يدرس صباحا ومساءا ومن هنا مثلما قال فقد نجد أنه في الجزائر قد تستغرق مدة الدراسة حوالي 50 أسبوعا.
هذه عينة من النقاط التي أثارت جدلا ونقاشا حادا بين الحاضرين خاصة الباحثين والممارسين الذين رافعوا من أجل تسوية وضعية الأستاذ وتوفير له الوسائل البيداغوجية والتكوين وضبط معايير الترقية وإعادة تفعيل بعض المهام التي لا زالت مجمدة منذ سنوات وغيرها من ركائز ضمان الجودة التي تبقى مسعى الجميع بطرق مختلفة.
هوارية ب

الرجوع إلى الأعلى