العمري سمادي لاعب أول فريق كرة قدم بالولاية التاريخية الثانية
نشأ العمري سمادي، المجاهد و اللاعب في صفوف أول فريق لكرة القدم بالولاية التاريخية الثانية خلال الثورة التحريرية، وسط بيئة جبلية قاسية، يعتمد سكانها على الزراعات المعاشية و الرعي، و يخوضون صراعا مريرا مع الطبيعة القاسية و الاستعمار، الذي تحالف معها و حاصر الفقراء بين الأودية و الجبال و أدغال كثيفة، تسكنها الوحوش و كائنات الليل، على امتداد الإقليم الغربي الشهير الواقع بقلب الولاية التاريخية الثانية، و أصبح بعد الاستقلال مثلثا حدوديا صعبا بين ولايات قالمة، سكيكدة و قسنطينة.   
عمره اليوم 87 سنة، مرت كلها صراعا مريرا مع استعمار وحشي و طبيعة قاسية، لكنه لا يزال يحتفظ بذاكرة قوية نافذة، لم ينل منها الزمن و متاعب الحياة، و يتذكر كبار قادة الثورة الذين عاشوا بولاية الشمال القسنطيني، و آخرون مروا بها ، في طريقهم إلى القاعدة الشرقية الشهيرة.  
العمري سمادي، أسد جبال بوعربيد و بني عمران و كاف النار و أولاد حبابة و القرار و عيون القصب، كان شابا قوي البنية و شجاعا عندما التحق بالثورة التحريرية المقدسة  سنة 1955 ، و هو العام الذي وصلت فيه طلائع الثوار إلى مثلث البطولة و الصمود الذي ظل عصيا على الاستعمار حتى الاستقلال.  
لم تكن الثورة سلاحا و معارك و خططا حربية فقط، بل كانت أيضا ثورة على جبهة الديبلوماسية و المسرح و الشعر و التعليم و الرياضة، التي أحبها العمري منذ الصغر،  و كان له شرف الالتحاق بأول فريق لكرة القدم بجبال بني أحمد، الواقعة ببلدية بوحمدان غربي قالمة، على الحدود مع ولاية سكيكدة، حاضنة الثورة و قلعتها الحصينة.
التقينا بالعمري منذ أيام قليلة بموقع تاريخي احتضن لقاء بين قادة الثورة من العاصمة و الولاية التاريخية الثانية، لتحضير مؤتمر الصومام، و تحدث الرجل عن ميلاد فريق كرة القدم وسط غابات كثيفة و جبال تحجب الرؤية، و تحول دون وصول العدو إليها، في السنوات الأولى للعمل المسلح، و استرجع ذكرياته مع قادة الولاية الثانية، و في مقدمتهم الشهيد زيغود يوسف، و تحدث عن أبرز اللاعبين الذين أسسوا النواة الأولى لفريق الولاية التاريخية الثانية، الذي تأسس قبل فرق جبهة التحرير الوطني.  
“ بعد هجمات 20 أوت 55 ، انتقلنا إلى جبال بني أحمد المنيعة، و نظرا لهدوء المنطقة و بعدها عن أنظار جيش العدو، قرر قادة الولاية الثانية تأسيس فريق لكرة القدم يضم خيرة الشباب، الذين يملكون مؤهلات لعب كرة القدم، كالبنية الجسدية و الاستعداد للتدريب المكثف و اللعب في جميع الظروف، كان القائد علي منجلي هو المشرف على إعداد الفريق، و كنت أنا من بين الشبان الذين وقع عليهم الاختيار، إلى جانب رفقاء آخرين، أتذكر منهم سي مسعود بن غرس الله، بن ناصر العربي، عمار بن بوزيد و عيسى بن أحسن، كان العدو غير منتبه للمنطقة في بداية الثورة، و ساعدنا الهدوء و الاستقرار على التدريب الجيد و خوض مباريات رائعة مع فرق أخرى تأسست بالمنطقة بعد ذلك. كان التدريب الرياضي جزء من حياة المجاهدين، الرياضة تساعد كثيرا على العمل العسكري الشاق، و في كل مرة نجد الفرصة المناسبة للترفيه و المرح و الخروج قليلا من نمط الحياة العسكرية الشاقة، كنا السباقين لتكوين فريق كرة القدم، و ربما كنا الحافز الذي شجع قادة الثورة على تكوين فريق جبهة التحرير الوطني بعد ذلك، كنت سعيدا بالانضمام إلى فريق الولاية التاريخية الثانية، و لازلت أتذكر كيف كنا نلعب و نفوز و نهزم، عندما نلتقي مع فرق أخرى تابعة  لمختلف النواحي و المناطق بالولاية الثانية.كان قادة الثورة يستمتعون بالمقابلات الساخنة التي كنا نخوضها، عندما تسمح ظروف الحرب بذلك، كانت الرياضة جزء من حياة المجاهدين في الجبال، كانت هي الوسيلة التي نتغلب بها على الأيام الصعبة التي مرت بها الثورة”.    
فريد.غ                        

الرجوع إلى الأعلى