يكشف مختصون في طب الأسنان أن أقل من 10 بالمئة من جراحي الأسنان ببلادنا يستخدمون تقنية العلاج بأشعة الليزر، و يرجعون ذلك إلى غلاء المعدّات المستوردة من جهة، و نقص التكوين من جهة أخرى، رغم ذلك، تُعد الجزائر من بين أولى البلدان العربية المستعملة لهذه التقنية الحديثة، التي يُتوقع أن تُعمَّم على دول العالم خلال 5 سنوات، نظرا لفعاليتها الكبيرة و المزايا التي توفرها للمريض.
ندوة من إعداد: ياسمين بوالجدري
الألم و النزيف و طنين آلة الحفر.. هي أمور يخشاها كل من يدخل عيادة جراح الأسنان و جعلت الكثيرين يمتنعون عن مراجعة الطبيب لوقت طويل بما يزيد من تعقيد وضعهم الصحي، غير أن الأبحاث الحديثة توصلت إلى تقنيات جديدة حوّلت «كابوس» طبيب الأسنان إلى «جلسة استرخاء» يتم خلالها علاج الضرس في وقت أقل و بفعالية أكثر دون الشعور بأي ألم، و ذلك بفضل استخدام أشعة الليزر التي يؤكد الأطباء أنها صارت اتجاها جديدا لدى أطباء العالم، نظرا لنجاعتها و أمانها.
و لا يزال العديد من الجزائريين يجهلون دخول هذه التقنية الجديدة لبلادنا، و منهم لم يسمع عنها إلا في الفضائيات، و ذلك رغم وجود عيادات متخصصة يُتوقع أن يرتفع عددها في الأشهر القادمة، مع الشروع في استيراد المعدّات المطلوبة بأسعار أقل مما كانت عليه قبل 3 سنوات، و البدء في عمليات تكوين لفائدة جراحي الأسنان، تم تنظيمها بعدة ولايات، و حضرت النصر جانبا منها بقسنطينة مؤخرا، أين جمعت آراء الممارسين لهذه التقنية.

جراح الأسنان و المختص في العلاج بالليزر سرير عثمان
على الشركات تقديم تسهيلات للإطباء في اقتناء العتاد
أكد جراح الأسنان سرير عثمان من الجزائر العاصمة، أن تقنية العلاج بالليزر تطورت كثيرا في بلادنا خلال السنوات الأخيرة، و ذلك بعد خضوع الأطباء لعمليات تكوين في الخارج، لكنه طرح مشكلة غلاء العتاد المستعمل و دعا الشركات إلى تقديم تسهيلات أكثر في هذا الخصوص.
و يرى الدكتور سرير المختص في علاج الأسنان بتقنية الليزر، أن الجزائر عرفت في البداية غيابا للممونين بالتجهيزات الضرورية، ما أدى إلى عدم تعميم هذه التقنية، غير أن بعض الشركات بدأت مؤخرا في إدخال العتاد الطبي، بعد تبدّد مخاوفها حول إمكانية العزوف عن شرائها بسبب التكلفة الكبيرة، و هو ما ساعد على فتح عيادات مختصة في هذا المجال على مستوى عدد من الولايات، كقسنطينة و سطيف و العاصمة و وهران، داعيا الشركات المعنية إلى تسهيل عمليات تموين أطباء الأسنان، خاصة أنهم يشترون في الأصل عتادا مُكلفا.
و تأسف الدكتور لعدم شروع معاهد جراحة الأسنان بالجامعات الجزائرية، في تدريس هذه التقنية، رغم أن نظيراتها في المغرب و تونس انطلقت في ذلك، و هو ما يفسر، حسبه، أن نظرة بعض جراحي الأسنان كانت خاطئة اتجاه هذا الأسلوب من العلاج، نتيجة الصورة النمطية العامة التي تشكلت لديهم حول استعمالات أشعة الليزر.
و اعترف المختص أن عدد الأطباء الذين يتحكمون في تقنية علاج أمراض الأسنان بأشعة الليزر، قليل جدا بالجزائر، رغم أنها عُممت في بلدان أخرى كالولايات المتحدة الأمريكية و ألمانيا، مضيفا أن الأمور بدأت تتحرك في الأربع سنوات الأخيرة، مع اكتساب الأطباء للمعارف اللازمة، من خلال خضوعهم للتكوين خارج الوطن، حيث أشار في السياق ذاته إلى أنه و بفرنسا مثلا، 2 بالمئة فقط من الأطباء استعملوا الليزر في علاج أمراض الأسنان، و ذلك قبل 5 سنوات.
و ذكر الدكتور سرير أن مخاطر استعمال هذه التقنية الحديثة واردة، كأي تدخل طبي آخر، لكنها ضئيلة، بحسبه، و تقل أكثر إذا كان الطبيب مكوَنا بشكل جيد، مضيفا أن استعمالاتها ليست تجميلية فقط مثلما يعتقد الكثيرون، إذ تُستخدم لعلاج أمراض الأسنان و حتى تقرحات الفم، و المميز فيها، يتابع الدكتور، هو أنها تقضي على البكتيريا بشكل كلي، ما يمنع حدوث مضاعفات كالتي قد تحصل في العلاجات العادية.

الدكتور بريش صلاح الدين صاحب عيادة لجراحة الأسنان بالليزر
كنا أسرع الدول العربية في إدخال التقنية لكن ينقصنا التنظيم
يرى الدكتور بريش صلاح الدين، صاحب عيادة خاصة لعلاج أمراض الأسنان باستعمال أشعة الليزر بقسنطينة، أن الجزائر كانت من بين الدول العربية السباقة التي أدخلت هذه التقنية الحديثة في العلاج، غير أنه أكد وجود مشاكل تتعلق بالتكوين و التنظيم، حالت دون تعميمها بالشكل المطلوب.
و أوضح الدكتور أن علاج الأسنان بالليزر حديث الاستعمال على مستوى العالم، مضيفا أنه اكتشفه شخصيا سنة 2011 عن طريق الصدفة، ليقرر بعدها القيام بدراسات عليا حوله في أوروبا، أين لم تكن هذه التقنية، حينها، مستعملة بكثرة كونها تتطلب تكنولوجيا حديثة بكلفة باهظة جدا.
و ذكر المختص أن الجزائر كانت، مقارنة بتونس و المغرب و حتى دول المشرق، أسرع في إدخال التقنية، غير أن هذه الدول كانت، برأيه، أكثر تنظيما، يُضاف إلى ذلك عدم الحرص على تدريس هذا الأسلوب الحديث في العلاج، في الجامعات، حيث قال محدثنا إنه سعى إلى التكوين بنفسه و من أمواله و اكتسب خبرة في المجال، لكنه لم يُستدع لتدريس التقنية التي تعلمها للطلبة، عكس ما هو موجود في دول أخرى تبحث عن أصحاب الخبرة، مثلما أكد.
و يعتبر الدكتور بريش أن علاج الأسنان باستخدام أشعة الليزر، “تقنية رائعة» قال إنه ينصح الأطباء بها، فهي تعطي إضافة للمريض و أمانا تاما في عمل الطبيب، حيث تضمن، مثلما يضيف، التعقيم التام، زيادة على كونها فعالة جدا في الجراحة، في غياب النزيف الدموي و الألم اللذين عادة ما يتخوّف منهما الأشخاص، كما أن لهذه التقنية استعمالات هامة لمرضى السرطان، إلى جانب إدخالها في تجميل الأسنان، عن طريق التبييض و المساعدة على تقليل مدة التقويم، و هي تقنية قال المختص إنها ستدخل الجزائر قريبا.
الدكتور بريش الذي بدأ تجربة العلاج بالليزر منذ أزيد من 3 سنوات، قال إنه اشترى حينها تجهيزات مكلفة جدا، لكنها أصبحت، اليوم، متوفرة أكثر و بأسعار أقل، لذلك فإن العمل بهذه التقنية ينمو بشكل سريع جدا، مضيفا أن نسبة الأطباء الذين بدأوا في استعمالها بالجزائر لا تتعدى حاليا 10 بالمئة، لأن بعض الممارسين لا زالوا يرونها مكلفة، خاصة أن ثمن أصغر جهاز يُقدر بـ 150 مليون سنتيم.
و قد أكد محدثنا تسجيل إقبال على علاج الأسنان باستعمال الليزر من طرف المرضى، و هو علاج يتطلب، برأيه، تمّرسا و دراية، و لا يمكن أن يكون عصا سحرية، إذ يجب على المريض الالتزام ببعض الشروط بعد الخضوع له، و عدم الاعتقاد بأنه يستطيع العودة بعده إلى التدخين أو عدم تنظيف الأسنان.

هدى الهلال رزق الله أخصائية و مكوِّنة من لبنان
علاج الأسنان بالليزر سيُعمم على العالم خلال 5 سنوات
ذكرت المختصة في التقنيات الحديثة لجراحة الأسنان بلبنان، الدكتورة هدى الهلال رزق الله، أن علاج الأسنان بأشعة الليزر سوف يُعمَّم على كامل دول العالم خلال 3 أو 5 سنوات، و ذلك بفضل المزايا الكبيرة التي يوفرها و نظرا لزيادة اهتمام الوسط الطبي بهذه التقنية، مضيفة أن الجزائر قطعت شوطا مهما في هذا المجال.
و أوضحت المختصة التي تمتلك تجربة عمرها 22 سنة و حصلت على شهادات مرموقة من عدة دول، أن علاج الأسنان بالليزر لا يزال تقنية جديدة بكل بلدان العالم، حيث بدأ الاهتمام به في لبنان مؤخرا فقط، مضيفة أن الجزائر مثل تونس و المغرب و مصر، تسير على الطريق الصحيح في هذا المجال و لا تُعد متأخرة، بحيث أكدت  أن جراحي الأسنان بهذه الدول سيتمكنون من هذه التقنية الحديثة خلال 6 أشهر أو سنة.
بالمقابل، قالت الدكتورة رزق الله، إنه و عكس ما يعتقده الكثيرون، لا تتعدى نسبة أطباء الأسنان الذين يعملون بتقنية ليزر «الدايود» في لبنان 0.01 بالمئة، مضيفة أنها ليست للرفاهية بل هي ضرورية لأنها تساعد في تحسين الكثير من الحالات بفضل المزايا التي توفرها و التي تتوقف على مدى تحكم الطبيب في الآلة، و توقعت المختصة أن كل جراحي الأسنان في العالم سيكون لديهم، على الأقل، تقنية ليزر «دايود» مدمج في المعدات الطبية، و ذلك خلال 3 أو 5 سنوات، و ذلك لكون الجهاز الخاص بها غير مكلف و صغير الحجم، مقارنة بتقنية «الأربيوم».            
ي.ب

 

الرجوع إلى الأعلى