دعا خبراء ومختصون في مجال إعلام الطفل وحقوق الطفولة في ندوة  النصر، إلى ضرورة التعامل بحذر شديد في تعاطيها مع المواضيع والقضايا المتعلقة بالطفولة، ويؤكد هؤلاء بأن الإعلام يلعب دورا مهما في حماية الطفل من كل الأخطار، كما أكد المختصون بأنه إلى جانب أخلاقيات المهنة الصحفية العامة التي يتوجب على الصحفي التقيد بها، هو ملزم أيضا بالتقيد بأخلاقيات أخرى تخص حقوق الطفل عندما يعالج مواضيع متعلقة بالطفولة، وأجمع هؤلاء بأن تمكن الصحفيين من المصطلحات القانونية المتعلقة بالطفل يساعدهم في بناء مادة إعلامية سليمة من الأخطاء، ويكون التعامل مع هذه القضايا باحترافية ومهنية. جدير بالذكر أن الندوة نظمت على هامش دورة تكوينية لفائدة الصحفيين حول الإعلام الصديق للطفل نظمتها الهيئة الوطنية لحماية وترقية الطفولة بالتنسيق مع المنظمة الدولية للإصلاح الجنائي ووزارة الاتصال بالجزائر العاصمة وسائل الإعلام.
جمعهـــا: نورالدين عراب
الخبيرة القانونية في حقوق الطفل مباركة صخري
 تمكن الصحفي من المصطلحات القانونية للطفل تساعده في بناء تقارير سليمة
دعت مباركة صخري الخبيرة في مجال حقوق الطفل الصحفيين إلى التمكن جيدا من المصطلحات القانونية الخاصة بالطفل وقالت بأن هذه المصطلحات تساعد الصحفيين كثيرا في بناء التقارير الإعلامية بطرق سليمة، وتكون بذلك في صالح الطفل.
وأكدت بأن الصحفي يجب أن يكون على دراية حقيقية بالأبعاد والمخلفات التي قد تترب عن عدم التزامه بأخلاقيات المهنة الصحفية في معالجته لقضايا الطفل، وقالت بأن الصحافة يمكن أن تتناول بعض المواضيع المتعلقة بالطفل التي قد تؤثر سلبا على حياته وعائلته، وقد تكون حسبها التقارير الإعلامية سببا في فرار الطفل من المنزل العائلي أو دافعا نحو ارتكاب الجريمة.
وأضافت بأن المشرع في قانون الإعلام كان حريصا على أن لا تكون هناك آثار سلبية على الطفل أثناء تدخل الصحفي، وشددت على ضرورة احترام وسائل الإعلام للحياة الخاصة للطفل وحماية شخصيته ومراعاة مصلحته الفضلى.
و أكدت في نفس الإطار بأن وسائل الإعلام الجزائرية مهتمة كثيرا بهذه الشريحة، في حين المطلوب منها تصحيح الأخطاء المرتكبة أثناء المعالجة الإعلامية، وأضافت بأن تكوين الصحفيين في هذا الميدان مهم من أجل تفادي ارتكاب الأخطاء وحماية حقوق الطفل.
ومن المفاهيم القانونية التي يتوجب على الصحفي معرفتها أثناء تعاطيه مع قضايا الطفل، تحدثت الخبيرة صخري عن سن المسؤولية الجزائية للطفل المحدد ب13 سنة، في حين سن الرشد يحدده القانون الجزائري ببلوغ 18 سنة، وأوضحت بأن الطفل الذي يتراوح سنه ما بين 13و18 سنة تطبق عليه نصف عقوبة البالغين، أما الأطفال الذين تتراوح أعمارهم ما بين 10 و13 سنة يخضع لتدابير ولا تسلط عليه العقوبة، وذلك إما بتحويله لمراكز الرعاية أو تسليمه لوالديه مثلا، في حين الطفل الذي يقل عمره عن 10 سنوات لا يخضع للمساءلة القانونية مها كانت العقوبة.
وأكدت نفس المتحدثة بأن القانون الجزائري يضمن حقوقا واسعة للطفل، بحيث الحدث الجانح يعرض على قاضي الأحداث فقط، وهو من يستمع للطفل ويصدر قرار تحويله إلى مراكز الوضع على عكس الإجراءات الأخرى المتبعة عند التقاضي مع البالغين.
كما يشترط في قاضي الأحداث أن يملك خبرة 07 سنوات وله رتبة نائب رئيس محكمة، وهذه الشروط لا نجدها عند باقي القضاة، وفي السياق ذاته أوضحت بأن مصطلح السجن لا يطلق نهائيا على الطفل الذي تصدر في حقه عقوبات مهما كانت درجتها، بل يستعمل دائما مصطلح حبس.
وفي السياق ذاته قدم فاتح جلول مدير ترقية وحماية الطفولة بالهيئة الوطنية لحماية وترقية الطفولة مجموعة من المصطلحات القانونية المتداولة بكثرة في وسائل الإعلام ليستفيد منها الصحفيون، ويحسنون استخدامها في تقاريرهم الإعلامية.

الإعلامية الأردنية المتخصصة في إعلام الطفل عروب صبح
الإعلام العربي يعاني من تدني الاحترافية  في تغطية قضايا الطفل
ترى الإعلامية الأردنية عروب صبح المتخصصة في إعلام الطفل بأن الإعلام العربي يعاني من تدني الاحترافية في تغطية قضايا الأطفال، وقالت بأن المعالجة تتم إما عن طريق الإثارة، أو بطريقة سطحية وإغفال التناول العميق والتحليل الدقيق لها، وانعكاساتها على الأطفال وأسرهم.
وتؤكد الإعلامية الأردنية بأن تدني الاحترافية في معالجة قضايا الطفل إعلاميا يعود  للبحث عن الإثارة وتحقيق الربح من طرف وسائل الإعلام، أو لعدم وعي الصحفيين بالقواعد المهنية للتعامل الإعلامي الصحيح مع قضايا حقوق الطفل، إلى جانب ضعف العناية بالمبادئ التوجيهية لإرشاد الإعلاميين إلى كيفية التناول المهني الذي يحافظ على حقوق الطفل، وعدم الإبلاغ عن الانتهاكات التي يتعرض لها الأطفال يجعل الأسر تتخوف من التغطية الإعلامية السلبية لها، إلى جانب ضعف التنسيق الجيد بين المجتمع المدني والإعلاميين.
وذكرت نفس المتحدثة بأن المعالجة الإعلامية لقضايا الطفل تخضع لمبادئ مهنية ترتكز على المساواة وعدم التمييز، حرية الرأي والتعبير، الموضوعية والمصداقية، حماية مصلحة الطفل الفضلى، وحماية هويته الشخصية، وإتاحة الفرصة للأطفال للمشاركة في وسائل الإعلام سواء في الإنتاج  الفني، الأدبي أو الاستفسار.
كما دعت نفس المتحدثة وسائل الإعلام إلى تحري الدقة في جميع الأخبار حتى لا تحتوي على معلومات كاذبة، أو شائعات أو حقائق مشوهة، إلى جانب الابتعاد عن التعميم من خلال التطرق إلى قضايا فردية وتحويلها إلى ظاهرة .
وفي السياق ذاته شددت الإعلامية الأردنية على ضرورة منح الجمهور الفرصة للاستفادة من المعلومات عن واقع الأطفال من سياقها المحدد، كما أكدت على ضرورة التدقيق والتحليل العلمي من أساسه في المواضيع المتعلقة بالأطفال، بالإضافة إلى تجنب العرض المثير للترويج للمواد الإعلامية المرتبطة بالطفل.
وأضافت بأن الإعلام ملزم بتجنب إلحاق الأذى بالطفل في أي معالجة مهما كانت، وعليه التمسك بمراعاة الذوق العام والاحتشام والابتعاد عن عرض صور جثث قتلى أو الإصابات والتشوهات الجسمية، وفقدان الأطراف، أو ذكر أوصاف مخيفة للموت أو القتل، وأكدت نفس المتحدث بأن وسائل الإعلام لا تراعي هذه الجوانب، وذلك إما لقلة وعي أو للبحث عن الإثارة.
وفي السياق ذاته تؤكد الإعلامية عروب بأن وسائل الإعلام في إطار التزامها بمبادئ أخلاقيات المهنة ملزمة بالامتناع عن نشر أي قصة إخبارية أو خبر إعلامي أو صورة يمكن أن تعرض الطفل أو أشقائه أو أقرانه للخطر.
كما دعت إلى ضرورة الحرص بشكل دائم على تغيير أسماء الأطفال وطمس هوياتهم في الحالات التي يكون فيها الأطفال ضحايا جرائم الاعتداء الجنسي، والاستغلال، أو إذا كان الأطفال هم مرتكبوها أو إذا كانوا مصابون بالسيدا، إلى جانب في الحالات التي يكون فيها الأطفال متهمون أو مدانون بارتكاب جريمة.
وفي السياق ذاته تلزم مبادئ أخلاقيات المهنية الصحيفة الإعلاميين بضرورة أخذ إذن خطي من طرف وصي الطفل في حالة إجراء مقابلة.
وعن اللغة الإعلامية تقول نفس المتحدث بأنها يجب أن تكون واضحة ومناسبة للتواصل مع الأطفال، ودعت إلى ضرورة الاعتماد على أشخاص لهم تأثير على الطفل للاعتماد عليهم في وسائل الإعلام لتمرير رسائل معينة.
من جانب آخر تقول نفس المتحدثة بأن الإعلام مطالب بأن يحول قضية العنف ضد الأطفال إلى قضية رأي عام لمحاربة الظاهرة، خاصة وأن الإعلام له قدرة على التغيير والتأثير ونقل صورة ما يحدث ضد الطفولة، ودعت إلى خلق شراكة ما بين مختلف المؤسسات في المجتمع  ووسائل الإعلام، إلى جانب التركيز على الإعلام الجديد.
وفي الأخير دعت نفس المتحدث الصحفيين إلى ضرورة تحليل المعطيات قبل كتابة التقارير الإعلامية حول الطفل، وشددت على أهمية تغليب المصلحة الفضلى للطفل في كتابة هذه التقارير.

رئيسة الهيئة الوطنية لحماية وترقية الطفولة مريم شرفي
الإعلام يلعب دورا مهما في حماية الطفولة من الأخطار
أكدت رئيسة الهيئة الوطنية لحماية وترقية الطفولة مريم شرفي بأن الإعلام يلعب دورا مهما في حماية الطفولة من مختلف الأخطار، وأكدت بأن تعاون الهيئة مع الصحافة مهم في هذا الميدان من أجل تعزيز حقوق الطفولة. وأضافت بأن تكوين الصحفيين في هذا الميدان مهم من أجل تدريبهم على مختلف المصطلحات القانونية ومبادئ أخلاقيات المهنة الصحفية للتقيد بها في أعمالهم الإعلامية وأشارت إلى أن تكوين الصحفيين في هذا الميدان يندرج في إطار اتفاقية أبرمت مع المنظمة الدولية للإصلاح الجنائي ويمس هذا التكوين قطاعات مختلفة.
ودعت نفس المتحدثة إلى إنشاء قناة تلفزيونية خاصة بالطفل، كما رحبت بميلاد شبكة الإعلاميين الجزائريين لتعزيز حقوق الطفل، ووعدت بتشجيع هذه الشبكة ودعمها في تحقيق أهدافها.
من جانب آخر كشفت نفس المتحدثة عن إطلاق رقم أخضر111 للتبليغ عن الطفولة الموجودة في حالة خطر، وقالت بأن هذا الرقم يتوقع أن يطلق خلال الأيام القادمة.

الخبير الأردني  المختص في الحماية الاجتماعية للطفولة فواز الرطروط
التقاريـر الإعـلاميـــة التــي لا تكـــون في صالـــح الطفـــل يتوجــب عـــدم نشرهــــا
ذكر الدكتور فواز الرطروط المتخصص في مجال الحماية الاجتماعية للأطفال ومدير الاتصال بوزارة التنمية الاجتماعية بالحكومة الأردنية مجموعة من المبادئ التي يتوجب على الصحفي احترامها أثناء تغطيته للقضايا المتعلقة بالطفل، وتتمثل هذه المبادئ في احترام كرامته، واحترام خصوصيته الشخصية والسرية، إلى جانب احترام المصلحة الفضلى لجميع الأطفال و إعطائهم الأولية على أي اعتبار آخر، مضيفا بأن التقارير الإعلامية التي لا تكون في صالح الطفل يتوجب عدم نشرها في وسائل الإعلام، كما أكد نفس المتحدث على ضرورة الامتناع عن طلب العروض التمثلية من الأطفال أثناء استجوابهم أو محاورتهم، أي لا يطلب من الأطفال رواية قصة أو القيام بعمل لا يشكل جزء من تاريخهم.
وفيما يتعلق بمواثيق حقوق الطفل، دعا نفس المتحدث وسائل الإعلام إلى ضرورة حماية المبادئ التي نصت عليها الاتفاقيات الدولية المتمثلة في عدم التمييز، الحق في البقاء والنماء، الحق في الحماية من مختلف المخاطر، إلى جانب المحافظة على المصلحة الفضلى للطفل، مضيفا بأن وعي الصحفيين بهذه المبادئ تساعدهم في تغطية القضايا المتعلقة بالطفل.
وعن العنف الممارس ضد الأطفال كشف الدكتور فواز الرطروط عن تعرض 95 ألف طفل لجرائم قتل خلال سنة 2014 وفق إحصائيات اليونيسيف، كما كشف عن تعرض06 من بين كل10أطفال في العالم خلال الفترة العمرية ما بين سنتين إلى 14 سنة للعنف الجسدي من قبل مانحي الرعاية، وبلغ عددهم حوالي مليون طفل خلال نفس السنة، كما كشفت الإحصائيات عن اضطرار نحو 120 مليون فتاة دون سن 20إلى ممارسة الجنس القسري في مرحلة ما من حياتهن، وفي نفس الوقت يواجه الأطفال الذكور أيضا نفس الخطر دون توفر إحصائيات.
وعدد نفس المتحدث أشكال العنف الممارس ضد الأطفال في العنف الجسدي، الجنسي، النفسي، الإهمال، وربط أسابه بعوامل نفسية، اجتماعية، إدارية، ويخلف العنف حسبه آثار سلبية على التقدم الحضاري لتلك المجتمعات، ويستنزف مواردها البشرية و المالية والمادية، بالإضافة إلى ذلك يؤدي إلى تراجع معدلات التنمية، وانخفاض معدلات النمو الاقتصادي، إلى جانب انتشار الجريمة والانحراف.
وعن طرق معالجته يرى فواز الرطروط  بأن علاج العنف يكون بمعاملة المعنفين بوصفهم مكبوتين دينيا وجنسيا وسياسيا، وتعزيز العلاج بثقافة العلاج الجماعي بين المتعافين من العنف، ومنع حدوث عمليات الكبت المولدة للشخصية المتطرفة من خلال تعزيز الحوار بين الأديان وطوائفها، وترسيخ نهج التعددية الثقافية والسياسية، والمواطنة، وإشاعة الديمقراطية، كما يرى بأن من طرق علاج ظاهرة العنف ضد الأطفال إعادة هندسة العمليات الاجتماعية التي تأتي في مقدمتها عملية التنشئة الاجتماعية  للأفراد، وتبين التكامل والاندماج الاجتماعي.                  
ن ع

الرجوع إلى الأعلى