إن إشهار المنتجات والسلع الغذائية والصناعية والخدماتية والترويج لها أمر مشروع، تبيحه مختلف الشرائع والقوانين، وتفرضه قواعد السوق واقتصادها؛ لأنه يستهدف التعريف بالمنتوج وتسويقه للمستهلك، وهو الغاية من إنتاجه، إذ لا معنى لإنتاج لا يقابله تسويق، فحينها يغدو مجرد سلعة كاسدة تنتهي صلاحيتها مع الأيام، لكن هذا الترويج تحكمه مجموعة من الضوابط الشرعية والأخلاقية ينبغي التقيد بها حتى لا يغدو احتيالا ونصبا على المستهلكين.
إعداد: د .عبد الرحمان خلفة
 ومن هذه الضوابط التي نص عليها الفقهاء: الصدق وتحاشي الغش والتدليس، وعدم الإشهار للسلع المحرمة، أو تلك التي تخدش الحياء.
فينبغي على المروج تحري الصدق أثناء الإشهار لسلعته، لقوله تعالى: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ) [التوبة: 119]. فتكون المعلومات التي يقدمها عنها والصفات التي يصفها بها صادقة تماما؛ بما في ذلك نوع المنتوج وقيمته الغذائية أو الخدماتية والاستهلاكية، ومدة صلاحيته، وغيرها من المزايا التي تركز عليها الومضات واللوحات والأفلام الإشهارية عادة، متحاشيا الكذب والتضليل، ملتزما الاعتدال في الوصف، بعيدا عن المبالغة الخارجة عن إطار الحقيقة الواقعية.
ومنها أيضا تجنب الغش والتدليس في الإشهار وذلك باستعمال الكذب وإخفاء العيوب، أو وصف السلعة بما ليس فيها، أو نسبة مزية خدماتية أو استهلاكية ليست من خصائصها، أو تضليل المشتري في نوعيتها أو مدة صلاحيتها أو فترة ضمانها، أو تغليفها بأغلفة مستقطبة لكنها لا تعكس جوهرها، أو في قيمة الرسوم المترتبة عليها وخدمات ما بعد البيع، فكلها نوع من الغش الذي نهى عنه الرسول صلى الله عليه وسلم فيما روي عنه من قوله: (من غشنا فليس منا).
مقابل ذلك عليه أن يتحاشى الترويج لكل ما هو محرم شراؤه أو بيعه، أو إظهار سلعته -لاسيما اللباس- في وضع مخل بالحياء؛ كما تفعل بعض واجهات المحلات التجارية التي تعرض ألبسة نسائية فوق أجساد بلاستيكية عارية أو نصف عارية، وكما تفعله بعض القنوات الغربية التي تروج للسلع بنساء عاريات في غلاف المنتوج أو في ومضات الإشهار، وغير ذلك مما لا يقبله المجتمع المسلم.
كما نهى العلماء عن استعمال المقدسات وتوظيفها في ترويج السلع، كما هو مشاهد حاليا في بعض القنوات الإشهارية التي تعرض السلع مشفوعة بتلاوة قرآنية وبعض المحلات التجارية التي تبرز لفظ الجلالة أو اسم نبيه صلى الله عليه وسلم أو غيره من المقدسات لإضفاء قداسة على سلعتها وحمل المشتري على اقتنائها. وعليه أن يتحرى المنافسة الشريفة فلا يقدح في منتوجات منافسيه وخدماتهم، لا لشيء إلا ليصرف الناس عنها.
ع/خ 

الشيخ الغزالي متحدثا عن طبيعة الشعب الجزائري
أنا أعتقد أن الجزائر بطبيعة شعبها وطبيعة حكامها أن تؤدي دورا عظيما في خدمة الوحدة الإسلامية فالجزائريون يحبون آل البيت لكنهم بيقين لم ينتسبوا إلى المذهب الشيعي، ويوحدون الله بصدق ولم ينتسبوا إلى محمد بن عبد الوهاب [الوهابية]، الشعب الذي فيه هذه الخصائص النفسية مؤهل لأن يمنع الخلافات، مرشح لأن يصهر الخصومات القديمة في بوتقته، ثم هو شعب قبل أن يتكلم عن الحرية تحدث عنها بدمه، وأثبت استحقاقه لها بجهده، ولذلك فهو يعطف على الأحرار الذين جارت عليهم الليالي؛ لأنه حديث عهد بتحرير، ولأنه ذاق المر ولا يريد من الآخرين أن يذوقوا المر مثله، ولذلك فهو في احتضانه لقضايا الحرية وفي احتضانه لوحدة المذاهب.

جديد الكتب: الخطاب الديني في الفضائيات العربية ليحيى اليحياوي
يرى الناشر أن هذا الكتاب ينطلق من تساؤلات أساسية يسعى للإجابة عنها، منها: ما طبيعة التدين الجديد؟ كيف تشكّل؟ وكيف بدأت ظاهرة الدعاة الجدد الذين يروجون لثقافة دينية تلتقي حولها كلّ الأطياف الاجتماعية؟ما مدى نجاح تقديم الدين إعلامياً، بعدما كان مقتصراً على حلقات المساجد واللقاءات التوجيهية؟ هل انفجار أعداد الفضائيات الدينية في العالم العربي، نتيجة تنامي الحاجة إلى الدين كرمزٍ للهوية؟ أو كملجأً للاحتماء من انفتاح المجال واسعاً لعولمة تنقل السلع المادية واللامادية الغربية؟ أم نتيجة نشاط الحركات الإسلامية في نشر الدعوة، ومواجهة الأطراف الدينية الأخرى المنافسة لها؟ هل تعاظمُ العداء للإسلام والمسلمين في الغرب، استدعى تأسيس فضائيات دينية تقدم برامج باللغات الأجنبية، تعطي صورة إيجابية عن الإسلام للجمهور الغربي؟

أنـــوار
مشكلات المواطنة بين مقتضيات التعدد وهوية الانتماء(1)
تعتبر صحيفة دستور المدينة المنورة التي وضعها الرسول صلى الله عليه وسلم لما هاجر من مكة أرضيةً خصبة ومنطلقٌا تأسيسيٌا؛ حيث ناقشتْ وعالجتْ مضمون ومقاصد العقد المواطني الذي اقتضاه اجتماع المدينة المتعدد، وهنا يظهر لنا أن تصنيف دائرة الاجتماع المواطني قائمة على العَقد المشترك، وليس على العقيدة، وهذا عكس ما تقدمه داعش في توظيفات مشوهة ممسوخة للدين؛ فتقيم اجتماعها على العقيدة، حيث لا مكان لمن هو خارج هذا التصنيف سوى القتل والسبي، دستور المدينة يعتبر ممارسة حقيقية لمفهوم التعايش المشترك، والوصول إلى وثيقة تحقق مفهوما مواطنيا ينصهر فيه المسلمون مع اليهود بمختلف طوائفهم، والنصارى، والمشركين، وحتى المجوس. كلهم احتواهم الأفق الإسلامي في مجتمع المدينة تجتمع فيها التعددية بحكمة العيش المشترك. فالمواطنة التي أسسها النبي عليه الصلاة والسلام تقوم على أساس المصير المشترك الذي يجمع كيان الدولة بمختلف أطيافها في التعدد والاختلاف العقيدي، في كيان دولة المسلمين، من حق الأديان الأخرى أن تمارس طقوسها بحرية، فهو حق مكفول دينيا وقانونيا؛ ما لم يتحول التعدد الديني إلى صراع تنافسي على تشريع الدولة، هناك تتحول حرية ممارسة الأديان إلى صراع محموم. فالدولة لها كيانها الديني ومرجعيتها الدينية، وأي دين آخر فإنه يحترم في إطاره الطقوسي والتعبدي، فإذا ارتقى إلى صراع مجتمعي وصيغة يراد منها أن تزاحم تشريع الدولة التي حددت وتبنت دينها. هناك نكون في صراع مقيت، ومقتضيات المواطنة والعيش المشترك يقتضي الحزم أمام هذا الخلل الذي يحدثه صراع الأديان عندما يتحول إلى هذه الدرجة من الانسداد.
 د.إسماعيل نقاز أستاذ بكلية العلوم الاجتماعية جامعة وهران- 2

فتاوى
السؤال: ما حكم الشريعة الإسلامية في الصعق الكهربائي (علما بأن بعض الدواجن والحيوانات تموت بمجرد صعقها وقبل ذبحها)، وكذا طريقة الذبح الآلي التي تستخدم في بعض المذابح؟
الجواب: بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد؛ فإن اللجنة بعد دراستها للمسألة تجيب بما يأتي:
إن أغلب المذابح والمسالخ اليوم تقوم بصعق الحيوانات والدواجن المأكول لحمها بالكهرباء قبل ذكاتها ذكاة شرعية، وهذا بحجة التخفيف على الحيوان أو ذبح كميات كبيرة في اليوم بحيث تلبي الطلب المتزايد على اللحوم، والضابط الشرعي في هذه المسألة، هو إذا كان هذا الصعق لا يزهق الروح، بل يفقد الوعي فقط بحيث لو ترك الحيوان مدة يمكنه أن يصحو ويستفيق فإن ذكاته في هذه الحالة تعتبر ذكاة شرعية، ويحل أكله لعموم قوله تعالى: ((حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ المَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَه وَ المُنْخَنِقَةُ وَالمَوْقُوذَةُ وَالمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبْعُ إِلاَّ مَا ذَكَيْتُمْ )) (المائدة:03) أما إذا زهقت روح الحيوان الذي تعرض للصعق الكهربائي فإنه يكون ميتة لا يحل أكلها، ولا تصيرها الذكاة حلالا لأنها من قبيل الموقوذة المحرمة بنص الآية السابقة، ويجب في هذه الحالة الرجوع إلى المتخصصين والأخذ بما يفيدون به، فهم من يستطيعون تقرير حد الصعق الكهربائي الذي لا يزهق الروح.
فإن كان تيقنتم من أن بعض الدواجن والحيوانات تموت بمجرد صعقها وقبل ذبحها، ولم تميزوا بين الميتة والحية الفاقدة للوعي، فإنه لا يجوز التعامل مع مثل هذه المذابح لأنها تطعم الناس الميتة التي حرم الله بنص الآية المحكمة السابقة الذكر،
وبالنسبة لمسألة الذبح الآلي فإن كان الأمر كما تقولون بمعنى أن الآلة لا تقع أحيانا في المحل المحدد شرعا للذكاة ويموت الحيوان قبل قطع المريء والأوداج والحلقوم فهو ميتة لا يحل أكله ولا يحل التعامل حينها مع المذابح التي تستخدم الذبح بالطريقة التي ذكرتم، وأما طريقة القرع والنقر فإنها تعذيب للحيوان وقد نهى عنه رسول الله (ص): «إن الله كتب الإحسان عل كل شيء فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة وليحد أحدكم الشفرة وليرح ذبيحته».
موقع وزارة الشؤون الدينية

 

الرجوع إلى الأعلى