كرّم اللهُ تعالى الإنسان، خلقه بيده ونفخ فيه من روحه، وصوّره في أحسن تقويم، وفضله على كثير ممن خلق تفضيلا. فأراد ربّ العزة أن يكون هذا الإنسان خليفة في الأرض يعمرها بالخير والصلاح، بطاعة ربه تعالى واستقامة سلوكه وصلاح أعماله.
إعداد: د .عبد الرحمان خلفة
 وأمام شهوات الدنيا وزينتها ووساوس الشيطان، كان المولى تعالى يتعهد الإنسان في كل مرة بإنزال الكتب وإرسال الرسل عليهم الصلاة والسلام، لهداية الإنسان وإصلاحه وعلاج اعوجاجه الخلقي والإيماني. فكانت دعوة الأنبياء والرسل بالأساس مركزة على إصلاح النفس، التي بصلاحها يصلح المجتمع، قال تعالى: (إنَّ اللَّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمْ) الرعد:11. فالنفس إما أن تكون منبعا للخير والفضائل، وإما أن تكون مصدرا للشر والرذائل، قال تعالى: (وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا) الشمس:7-10، إلا أن عادة النفس هي الأمر بالسوء وجرّ صاحبها إلى الشهوات المحرمة، قال تعالى: (وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلاَّ مَا رَحِمَ رَبِّيَ إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَّحِيمٌ) يوسف:53.
لذا كان تركيز القرآن الكريم على مخاطبة النفس البشرية والعناية بها ورعايتها حتى تصير نفسا زكية طاهرة صالحة. وقد نبّه القرآن الكريم أن آفة النفس هي ضعف العزيمة فتقع بسهولة في الخطايا والآثام، فوقوع النفس في المعصية هو تعبير عن ضعفها، وبتعبير آخر أن اقتراف المؤمن للمعصية دليل على ضعفه وانهزامه أمام نفسه، وذلك الضعف هو مرض يصيب النفوس البشرية، وهو من وراء كل معصية أو خطيئة، وهو الذي يعطي فرصة للشيطان ليوسوس بالمعصية، فيتحين فرصة ضعف نفس المؤمن ليوقعه في  الخطيئة، وهو الذي أشار إليه القرآن الكريم في قصة آدم عليه السلام، قال عزّ وجلّ: (وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِن قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا)طه:11، فاستغل الشيطان الميل الجبلي للنفس في حب الملك والخلد فأغراها بذلك، فانهزم آدم أمام نفسه وأمام وساوس الشيطان. إن وقوع الإنسان في المعصية إنما يكون في لحظة ضعف النفس وميلها القوي نحو الهوى والشهوات.
من هنا كان دور العبادة بعد مقصد الامتثال والطاعة والتعبد لله رب العالمين هو إصلاح النفس وتقوية عزيمتها على فعل الطاعة واجتناب المعصية، فعبادة الصلاة بالقصد الثاني تطهّر نفس المصلي وتقوي عزيمته على اجتناب الفواحش والمنكرات، قال تعالى: (إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ) العنكبوت:45؛ والصوم كذلك بما أنه عبادة قائمة على إمساك النفس عن المباحات والملذات الحلال، فإنه ينمي في المؤمن قوة العزيمة فلا تنساق نفسه بسهولة نحو الأهواء والمغريات، فالصوم يقوي مبدأ الإمساك في النفس، ويدرب صاحبَها على التحكم فيها، فيمسك عن كل ما يليق.
إن المؤمن يكون دوما على حذر من نفسه، ولا يثق فيها كثيرا، لأن من عادتها أنها تتبع الهوى وتأمر بالسوء، قال تعالى: (إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ). فالمؤمن يتسلح بالإيمان، ويستعين على ضعف نفسه بحسن الامتثال والقيام بالعبادة، فيستعين على نفسه بفرائض الصلاة ونوافلها، وبصيام الفرض ونافلته، وبالإنفاق الواجب والتطوعي الذي يخلصها من الشح والبخل وحبها المفرط للمال، وينمي فيها الجود والكرم والبذل، قال تعالى: (خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا) التوبة:103، وأيضا بالذكر والدعاء وتلاوة القرآن، وكلها وسائل لتقوية إيمان النفس وإصلاحها، وقد أثنى القرآن على الذين يعتنون بتطهير أنفسهم وبتقوية عزائمهم على فعل الخير، وجعلَ ذلك سببَ الصلاح في الدنيا والفوز والنجاة يوم القيامة، قال تعالى: (قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكَّى وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى) الأعلى:14و15.
الدكتور كمال لدرع جامعة الأمير عبد القادر

أنـــوار
الحاجة إلى تنظيم الأذان
إن الجزائريين فعلا في حاجة إلى مرسوم أعلن عنه مؤخرا وزير الشؤون الدينية، ينظم لهم الآذان لأن الجزائريين رغم أنهم ظلوا منذ الاستقلال يسمعون ويتجاوبون مع صوت المؤذن دون إشكال؛ نجدهم على خلاف باقي الشعوب تتداول على مسامعهم في المدينة الواحدة كل صلاة صيغ وأنغام صوتية متباينة بين من يكبر أربع تكبيرات ومن يكبر تكبيرتين، ومن يقلد لحن المغاربة، ومن يقلد لحن المشارقة، مما حال دون معرفة وتلمس طريق الآذان الجزائري بخصوصيته المحلية ومرجعيته المالكية ،ففي كل مدينة زرناها كالقاهرة وتونس والرباط والمدينة ودمشق وأنقرة وغيرها نسمع صوت أذان واحد يعكس لحن أهل ذاك البلد ومذهبهم الفقهي؛ المتوارث عبر القرون؛ على خلاف ما عليه الحال في الجزائر التي ما فتئت تتلمس طريق أذانها الذي يعكس خصوصيتها الحضارية ومرجعيتها؛ ولئن عكس حال الآذان حال الواقع الاجتماعي واللساني والعمراني الجزائري الذي يتخبط بين الشرق والغرب؛ فإن إجراء كهذا ينبغي أن يتبع بقرارات أخرى تعزز المرجعية في الفتوى والخطاب الديني والدرس الفقهي الجامعي والمدرسي؛ سدا لذريعة أي اختراق مذهبي أو طائفي،
بقي أن نذكر البعض الذي قد يرى في أذان المذهب المالكي مخالفة لبعض الآثار بأن لهذا المذهب أدلة أقوى على شرعية ألفاظه وطريقته، من عمل أهل المدينة فقال المالكية: تترجَّح رواية مذهبنا بعمل أهل المدينة، فإنها موضع إقامته - عليه الصلاة والسلام - حال استقرار أمره، وكمال شرفه، إلى حين انتقاله لرضوان ربه، والخلفاءُ بعده كذلك يسمعه الخاص والعام بالليل والنهار، برواية الخلف عن السلف روايةً متواترة، مخرجة له عن حيز الظن والتخمين إلى حيِّز العلم واليقين، وهو ما حاجج به الإمام مالك الإمام الحنفي أبا يوسف فرجع إلى قوله، وروى الإمام مالك برواية ابن مُحَيْريز، قال: «كان الأذان الذي يُؤذِّن به أبو مَحْذورة: الله أكبر، الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله)) (متفق عليه).
 ع/خ

المفكر التونسي: عبد المجيد النجار
نحن نلاحظ أننا في مشاريعنا التربوية لا نهتم كثيرا، مع الأسف، بتربية الفكر، ربما نهتم بالتربية الأخلاقية، وربما نهتم بالتربية التعليمية لكن لا نهتم كثيرا بتربية الناشئة على التفكير الصحيح، في كيف يفكرون تفكيرا صحيحا ليصلوا إلى الحقيقة. والتفكير الصحيح وردت فيه، كما هو معلوم، قواعد وتوجيهات كثيرة في القرآن الكريم، وتراثنا الإسلامي مبني على هذا، ومن أهم هذه المواصفات والخصائص التي تجعل من الفكر فكرا منتجا هي أن يكون هذا الفكر فكرا واقعيا، بمعنى أنه حين يبحث المشاكل والقضايا ينطلق فيها من الواقع ليدرس هذا الواقع، ويحلّل محدّدات هذا الواقع، وما يمليه، فمنهج القرآن واضح جدّا في هذا الأمر، حيث لا يني يوجهنا إلى أن ننطلق في سبيل المعرفة من واقع الكون وآياته، ومن واقع الإنسان “وفي أنفسكم أفلا تبصرون” “قل سيروا في الأرض فانظروا كيف بدأ الخلق”..

فتاوى
هل يجوز القيام بفريضة الحج مع العلم أن لدي قرض في بنك؟
الجـواب:     
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله؛ الحج ركن الإسلام الخامس ، وفرض من الفرائض التي علمت من الدين بالضرورة، يجب على المسلم البالغ، العاقل، الحر، المستطيع فمن لم تتحقق فيه هذه الشروط فقد سقط عنه، والاستطاعة تتحقق في صحة البدن وأمن الطريق وملك الزاد والراحلة، فإن وجد مالا يكفي للزاد والراحلة وهو محتاج إليه لدين عليه، لم يلزمه، وفيما يخصك أيها الأخ الكريم فإن كنت ملتزما بدفع القرض حسب الاتفاقية المبرمة ولم تتماطل جاز لك الإقدام على أداء فريضة الحـج ما لم يكن ذلـك على حسـاب القرض الذي في ذمتك ولم تعترض عليه الجهة القارضة.
    أحرمت بالعمرة في رمضان وكانت عندي قطرات من الدم ظننتها استحاضه.. فذهبت لمكة وأتممت العمرة وقصرت شعري ولما عدت لمحل إقامتي فوجئت بقطرات من دم أسود تلاها الحيض فشككت في صحة عمرتي ولكني الآن خائفة، ولقد أديت عمرة أخرى في نهاية رمضان فهل علي شيء؟
الجـواب:
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله؛ للعمرة أركان ثلاثة وهي : الإحرام والطواف والسعي لا تتم إلا بها، ويشترط للطواف الطهارة من الحدث الأصغر والأكبر والنجاسة لما رواه ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال:» الطواف صلاة.. إلا أن الله تعالى أحل فيه الكلام…» وقوله عليه الصلاة والسلام في الحديث الآخر لعائشة أم المؤمنين رضي الله عنها:» … فاقضي ما يقضى الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت حتى تغتسلي» رواه مسلم. فكان عليك أيتها الأخت الكريمة أن تنتظري إلى أن تطهري وأنت على إحرامك لإعادة الطواف والسعي لاستدراك العمرة، أما وقد طفت على غير طهارة وتحللـت فطوافـك باطـل، ووجب عليك الهدي. والله أعلم وأحكم
 موقع وزارة الشؤون الدينية

الرجوع إلى الأعلى