اهتز الضمير الجمعي للجزائريين وهم يقرأون خبر مقتل والد على يد ولده بطعنات ساطور بعد صلاة الجمعة، بين مكذب ومستنكر، بعد أن ألفوا مظاهر عقوق أخرى للآباء لم تعد تستوقفهم كثيرا بسبب تحوّلها إلى روتين يومي في حياتهم، على غرار رمي الوالدين في دار العجزة أو هجرهم وتشريدهم، أو تعنيفهم والغضب عليهم، لكنهم لم يتوقعوا أن يبلغ الأمر بالعاقين أن يجرؤوا على قتل أبائهم، فتمتد يد ولا تخاف شللا لتزهق روح من كان سبب وجودها.
إعداد: د .عبد الرحمان خلفة
صحيح إن القتل جريمة نكراء تعد أخطر ما يمكن توقعه في علاقة الولد بوالده، ولكنها نتيجة حتمية لمسار اجتماعي قبل بالتدريج الحط من مكانة الأب في المنظومة الأسرية، واستصغر سلوكيات كان من سبقنا من الأجيال يعدها كبيرة من الكبائر، بدعوى تغير الزمان وتطوره، وظهور بدائل مدنية أخرى على أنقاض المحض الأسري الأول، حين حلت الدولة ومؤسساتها محل الأسرة، ولم يعد الأب الفاعل الأساس في حياة ابنه، ولا المقدس الوحيد في نظره، وبعيدا عن منظومات تاريخية بالغت في مكانة الأبوة حتى كادت تجعل من الابن بجوارها مجرد عبد، فإن مكانة الأب في نظر الإسلام عظيمة جدا، ويكفي دلالة على ذلك أن القرآن أردف أمره بالإحسان إليهما بالأمر بعيادة الله تعالى وتوحيده فقال الله تعالى: ((وَقَضى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا)). وفي الحديث: (الكبائر: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، وقتل النفس، واليمين الغموس ).
وعندما شرع القرآن الكريم في بيان ما ينهى عنه الولد في علاقته مع أبيه لم يتحدث عن القتل أو السب أو الضرب؛ بل حرم مجرد قول  "أف"، فقال الله تعالى: ((إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا (23)))، وبمفهوم الموافقة يحرم كل اعتداء لفظي أو حسي أكثر من مجرد قول أف.
لأن الولد إن جرؤ ذات غفلة على قول كلمة (أف) سيتدرج إلى ما بعدها إلى أن يصل إلى ما هو أخطر كما هو حال من قتل والديه، وقد كان بر الوالدين سنة ووصية الأنبياء منذ القدم، فقد جاء ذكرها في الوصايا العشر فقال تعالى: ((قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ ۖ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا ۖ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا))
إن إعادة المكانة المركزية للأب في الأسرة والمجتمع يعد ضمانا لتنشئة أجيال معتدلة، لأن التمادي في تقويض هذه المكانة والدعوة للتمرد من شأنه تفكيك النسيج الاجتماعي وتنشئة أجيال لا تعبأ بالتراتبية الاجتماعية، فتنحوا نحو التطرف يمينا أو شمالا؛ لاسيما وأن الدراسات النفسية والاجتماعية الحديثة أثبتت أن الشريحة الواسعة من المتطرفين والإرهابيين نشأوا في أسر حيث لا يوجد أب أو يوجد أب بسلطة ضعيفة على أبنائه، هؤلاء الذين لم تهذب أخلاقهم ولم تصقل غرائزهم، فانطلقوا بها مدمرين، وقد شاهد العالم مؤخرا كيف أقدم توأمان من داعش على قتل والدهما بناء على فتوى ابن تيمية.                               
ع/خ

أنـــوار
وصاية على العقول
لست أدري كيف يجرؤ البعض ويضع نفسه وصيا على عقول الناس وتوجهاتهم، فيعمد إلى توزيع قصاصات تتضمن قائمة كتب يقول إن العلماء حظروا قراءاتها!
لم يحدث هذا داخل فضاءات المساجد فقط بل حدث أيضا داخل بعض أسوار الجامعة، حيث يفترض مسبقا وجود هامش حرية وتعدد وقبول للرأي والرأي الآخر،
والكتب التي يحظر قراءتها حسب هؤلاء ليس كتب الكفار والملحدين وأهل الأديان الأخرى، حيث قد يخشى على القارئ المبتدئ الانحراف عن دينه والزلل عن عقيدته، لكنها كتب علماء ومفكرين مسلمين معاصرين ذنبهم الوحيد فقط مع هؤلاء أنهم يخالفونهم الانتماء المذهبي والفكري ولا يسيرون في فلك إيديولوجيتهم؛
فمن هذا الذي نصب نفسه وصيا على الآخرين، ولماذا يفعل ذلك؟ لا شك أن الخوف هو الدافع وراء الحظر المسبق للقراءة، الخوف من أن تتعرى أفكارهم وتبدو هشاشتها وضعف مرجعيتها أمام النقد الحر والفكر السليم، الخوف من فقد زعامة مذهبية موهومة، حيث يلتف الكثير من الشباب خلفهم بأعين مغمضة أحيانا،
هل يعقل أن يصنف عالم في مصف الغزالي بأنه عدو للسنة؛ بل عدو للإسلام في بعض الكتب ويحذر الناس من قراءاته، وهكذا غيره من كبار العلماء المعاصرين.
وإن كان من عيب هؤلاء حظر القراءة التي نبغي أن تظل مفتوحة على الموافق والمخالف فإن العيب الأكبر ممن يقبل هكذا توجيه فيرهن ضميره ويبيع عقله فيتحول إلى أداة تقاد في عالم حر متغير، ويرضى بالحجر على نفسه ليمنع من اكتشاف حقائق أخرى ومجالات أرحب في سعة القراءة الشرعية والأدبية والإنسانية والاجتماعية والكونية.
إن حظر القراءة ضرب من ضروب التعصب والإكراه الذي لا يليق بأتباع دين عظيم بدأ مسيرته أول مرة بكلمة (إقرأ). ثم انطلق أتباعه فبنوا حضارة سمحوا بتسرب فلسفات وأفكار حضارات إنسانية مجاورة، كما سمحوا بالتعدد المذهبي والفكري داخل نسق الحضارة الإسلامية نفسه.
ع/خ

مالك بن نبي
ألا قاتل الله الجهل، الجهل الذي يلبسه أصحابه ثوب العلم، فإن هذا النوع من العلم أخطر على المجتمع من جهل العوام لأن جهل العوام بيّن ظاهر يسهل علاجه، أما الأول هو متخفّ في غرور المتعلمين؛ والجهل في حقيقته وثنية لأنه لا يغرس أفكاراً بل يُنصّب أصناماً، وإن أساتذة الصراع الفكري يعرفون أن التعامل مع وثن هو أسهل من التعامل مع فكرة، ومن سنن الله في خلقه أنه عندما تغرب الفكرة يبزغ الصنم، والعكس صحيح أحيانا.

منارات
جامع السلطان أحمد الذي كاد يضاهي المسجد الحرام
يعد جامع السلطان أحمد في اسطنبول من أهم و أشهر الجوامع على الإطلاق في العالم، ويعرف أيضا باسم “الجامع الأزرق” لأن جدارنه الداخلية مزينة ببلاط إزنيك الأزرق المزخرف. وحسب مصادر علمية فإن الجامع الأزرق بُني في عهد السلطان أحمد الأول في عام 1609- 1616 بإشراف المهندس محمد آغا أحد تلامذة المعمار الشهير “سنان”من خزينة الدولة، وقد جعلت لها ست منارات على خلاف المعهود مما أوقع حرجا عند العلماء والعامة الذين رأوا فيه مضاهاة للمسجد الحرام الذي يعد الوحيد وقتئذ بست منارات، مما حذا بالسلطان إلى الأمر ببناء منارة سابعة للمسجد؛ ليظهر مسجده الوحيد بمناراته الست، ويتميز الجامع بآثار بصمات الفن المعماري البيزنطي والعثماني وموقعه المطل على بحر مرمرة ومقابلته لمتحف أيا صوفيا. ويتمتع الجامع بفناء واسع و بارتفاع قدره 43 مترًا ويحوي أكثر من 200 نافذة يُضفي انعكاس أشعة الشمس التي تتسلل إلى المسجد من خلال النوافذ، على البلاط الأزرق منظرا رائع الجمال، ويعد اليوم مقصدا للمصلين لاسيما في شهر رمضان الكريم ، ومقصدا للسياح من العالم الإسلامي والعالم الغربي على حد سواء، نظرا لموقعه وجماليات فنه المعماري، ومحتوياته الأثرية.

فتاوى
هل يجوز شرعا أن أعطي اسمي العائلي للطفل الذي أكفله لتسهيل مسار حياته؟
  الجواب
باسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله؛ يحرم التبني في الإسلام لقول الله تعالى :" أدعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله فإن لم تعلموا آباءهم فإخوانكم في الدين ومواليكم" الأحزاب/05. أما التكفل باليتيم دون أن ينسب للكافل على أنه ابنه فهذا من أعمال البرّ لقول النبي صلى الله عليه وسلم :" أنا وكافل اليتيم كهاتين" وأشار بالسبابة والوسطى وفرج بينهما.رواه البخاري. ولا حرج شرعا في إعطائك إياه الاسم العائلي لتسهيل مسار حياته مع إضافة لفظ « كفيل» لتمييزه عن الابن الصلبي.
حكم الحصول على الجنسية المزدوجة؟
الجـواب:
بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على رسول الله، فالنسبة للحصول على الجنسية المزدوجة لغرض العمل فلا مانع من ذلك. كما لا يعتبر مطلب الأولاد من أبيهم القيام بذلك عقوقا ما لم يجبروه على ذلك. وأما السفر والعمل في بلاد غير البلاد الإسلامية فلا حرج في ذلك شريطة ألا يكون ذلك على حساب دينه وأخلاقه. وأذكّرك بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ يقول :" إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى فمن كانت هجرته إلى الله و رسوله فهجرته إلى الله ورسوله، و من كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه" - رواه البخاري ومسلم – انطلاقا من هذا الحديث يجد المسلم نفسه ملزما بتحديد النية والقصد من كل عمل يقوم به. وعلى قدر هذه النية تحدّد قيمة هذا العمل عند الله تعالى حتى إذا اضطر الإنسان للسفر إلى بلد آخر طلبا للعمل كان عليه أن يستثمر هـذا الجـهد و يجعله لله تعالى ويجعل منه عبادة ينال أجرها و ثوابها ، فلا تكن نيته الكسب فقط بل يجعل سعيه هذا تنفيذا لأمر الله في تحقيق الفروض الكفائية المتمثلة في حاجيات المجتمع والأمة الإسلامية من مختلف العلوم والتقنيات والتجارب، وبهذا يضم جهوده إلى جهود المخلصين الأوفياء لأمتهم و أوطانهم.
موقع وزارة الشؤون الدينية

الرجوع إلى الأعلى