دخلت العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك التي تعد من أفضل أيام الله تعالى حيث يضاعف الثواب وتبارك الليالي وتسحب المبادرة لفعل الطاعات صلاة وتلاوة واعتكافا وجودا وصدقة، وهي عشر العتق من النار كما جاء في الحديث (رمضان أوله  رحمة وأوسطه مغفرة وأخره عتق من النار )، ولعل أفضل ما فيها ليلة القدر المباركة، وهذه العشر مفضلة على غيرها بما حباها الله تعالى من فضائل فاقت فضائل كل الأزمنة والأوقات ، إكراما لأمة الإسلام ومضاعفة لثواب أبنائها واستدراكا للمقصرين منهم توبة ونافلة وإحسانا . مما يحتم على المسلم حسن استغلال هذه الفترة بمضاعفة الطاعة والإقبال على الله تعالى بالعبادة والصدقة والجود.
إعداد: د .عبد الرحمان خلفة
ومن مظاهر الاهتمام بهذه العشر في السنة النبوية الشريفة: (أولا) الاجتهاد فيها، فقد روى الإمام مسلم عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجتهد في العشر الأواخر، ما لا يجتهد في غيره». وفي الصحيحين عنها قالت: “كان النبي صلى الله عليه وسلم يخلط العشرين بصلاة ونوم، فإذا كان العشر شمَّر وشدَّ المئزر» و(ثانيا) الاعتكاف، حيث كان الرسول (ص) يتفرغ كلية للعبادة في هذه العشر من خلال ما يسمى بالاعتكاف والاعتكاف هو: لزوم المسجد للتفرغ لطاعة الله تعالى، وهو من السنة الثابتة بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، قال الله تعالى: ((وَلاَ تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ )). وكان النبي صلى الله عليه وسلم يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله تعالى، وفي صحيح البخاري عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: “كان النبي صلى الله عليه وسلم يعتكف في كل رمضان عشرة أيام، فلما كان العام الذي قُبض فيه اعتكف عشرين يومًا».واعتكف أزواجه وأصحابه معه وبعده. ، كما يكثر فيه التهجد الذي شرع في الإسلام استحبابا قال الله تعالى: (( ومن الليل فتهجد به نافلة لك عسى أن يبعثك الله مقاما محمودا )) وقال أيضا (( أمن هو قانت آناء الليل ساجدا وقائما يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربه قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر أولوا الألباب)) وفي الحديث ( أحب الصيام إلى الله صيام داود وأحب الصلاة إلى الله صلاة داود كان ينام نصف الليل ويقوم ثلثه وينام سدسه وكان يصوم يوما ويفطر يوما ) . وقيام الليل عبادة هادئة في جوف الليل وسكونه بعدما يخلص الناس إلى النوم والراحة، فيها مناجاة للخالق سبحانه وتعالى، يختلي المؤمنون بربهم عز وجل، يدعونه خوفا وطمعا، يتبتلون إليه خفية وسرا، حرموا أنفسهم من دفء الفراش، وآثروا عبادة ربهم وشكره فاستحقوا شرف الدنيا وفضل الآخرة. ومن خصائص هذه العشر: ما ذكرته عائشة من أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحيي ليله، ويشدّ مئزره؛ أي يعتزل نساءه ليتفرغ للصلاة والعبادة. وكان النبي صلى الله عليه وسلم يحيي هذه العشر؛ اغتنامًا لفضلها وطلبًا لليلة القدر التي هي خير من ألف شهر.
ع/خ

إطلاق تطبيق «أذان الجزائر الرسمي» على نظام «Android»
أطلقت وزارة الشؤون الدينية والأوقاف الجزائرية تطبيق «أذان الجزائر الرسمي» بمساهمة مؤسسة «ITcomp» و ذلك على كل الإجهزة التي تعتمد نظام «Android»

المساجد تشرع في جمع زكاة الفطر
شرعت المساجد في جمع زكاة الفطر لصندوق الزكاة منذ منتصف رمضان؛ في مبادرة اعتادت عليها حتى تتمكن من صرفها لأصحابها قبيل أو يوم عيد الفطر ليغنوهم بها عن السؤال، وقد بدا الأئمة يحثون المصلين على أدائها للصندوق تحقيقا لتوزيع أوسع لها وأكثر عدلا.

أنـــوار
الحاج بين المخيال الشعبي والواقع
يكتسي الحج في المخيال الشعبي الجزائري مكانة عظيمة، بوأ الجزائريون بموجبها الحاج مرتبة القديس، فأضحوا يستهجنون كل سلوك مشين من الكبائر أو الصغائر يصدر عنه، فقد يقبلون ويبررون السلوك ذاته من غيره لكنهم لا يقبلونه منه.
ثمة عوامل تاريخية واجتماعية وموضوعية ساهمت في تشكيل هذا المخيال، (أولها) منها مشاق الرحلة وبعدها، فقد كان الحجيج الجزائريون كغيرهم من حجيج العالم الإسلامي يقطعون آلاف الكيلومترات راجلين أو راكبين فوق المواشي أو في البواخر، ويمكثون أشهرا وأسابيع في رحلة العمر، والكثير منهم يهلك في طريق رحلته، وكان توديع واستقبال الحجيج يتخذ طابعا احتفاليا كبيرا، مما أضفى على الحاج نظرة مثالية تماهت والطهر والنقاء والصفاء صفاء لباس الإحرام الذي يطوقه، و(ثانيها) مكانة فريضة الحج في تراتبية الطاعات، حيث تؤدى وجوبا مرة واحدة، ويفضل الجزائريون أن تكون في عمر متأخر، حتى تكون تتويجا لمسارهم التعبدي أو غفرانا لما اقترفوه من آثام قبلها؛ منطلقين مما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من قوله: (من حج لله فلم يرفث ولم يفسق، رجع كيوم ولدته أمه)، فإن رأوا سلوكا مشينا من حاج استهجنوه؛ لأنهم يروا فيه تلطيخا لصفحته وابتذالا لطهره، ونكوصا عن توبة نصوح سلك طريقها وبوأ نفسه مرتبتها.
لكن؛ ورغم تسليمنا بالمكانة العظيمة للحج في منظومة القيم، إلا أن ثمة مبالغة في النظر لمكانة الحاج، فالحاج مهما بلغ من التقوى ليس ملاكا ولا قديسا؛ بل هو بشر يزيد إيمانه وينقص، تعتريه لحظات فتور كما لحظات النشاط، يعيش يومياته بين الناس، عاملا أو متقاعدا، وهو ليس معصوما من الخطإ والزلل، وغالبية الحجيج ليسوا فقهاء؛ بل من عموم الناس، ولئن استهجنت منهم كبائر الذنوب بعد توبة نصوح، فلا يمكن عصمتهم من صغائر الذنوب والمعاصي التي لا يسلم منها أحد، كما لا يمكن أن نحاكم الحاج إلى صورة نمطية مرسومة له مسبقا في مخيالنا، لم يدل عليها دليل من الشرع أو الواقع، فلا بد نظرة واقعية للحاج ورمزيته في مخيالنا لنتخلص من الأحكام المثالية التي نلصقها به؛ لاسيما وأن العوامل التاريخية والاجتماعية قد تغيرت تماما، فرحلة الحج لم تعد بالمشقة التي كانت عليها، والحج ذاته لم يعد قاصرا على كبار السن في أرذل العمر؛ بل توسع أداؤه لشباب في ربيع العمر  لما تزل أمامهم الحياة ممتدة في دروبها ومسالكها.
ع/خ

فتاوى
ما هو حكم بيع الشقق على الخارطة؟
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد:
يقوم بعض الناس في زماننا بشراء شقق معروضة للبيع على الخارطة عن طريق شركات لبناء العمارات والشقق، سواء أكانت شقة منفردة أو شقة من عمارة ذات طوابق، على أن يدفع الثمن على أقساط. ما هو حكم هذا العقد؟
أرى أن هذا العقد قريب من عقد الاستصناع لذلك لا بد من تعريفه.
عقد الاستصناع: وهو عقد مع صانع على شراء ما سيتم صنعه من سلعة محددة المواصفات كالشبابيك أو الأبواب أو العقارات أو السفن أو الطائرات إلخ. على أن تكون مادة المصنوع من الصانع، ويتم تسليم السلعة في زمنها المحدد في المستقبل بناء على الاتفاق المبرم بين طرفي العقد مع دفع كامل الثمن أو بعضه وتأجيل بعضه إلى أقساط معلومة لأوقات معلومة يتم الاتفاق عليها أو إلى حين استلام السلعة المصنعة.  وهو عقد جائز عند الحنفية. وهذا العقد أساس لكثير من عقود بيع السلع التي تتم على هذه الصورة في عالمنا اليوم،ويتم هذا العقد بالإيجاب من المستصنع(المشتري) وقبول من الصانع (البائع).
ولقد أخذ بهذا العقد المجمع الفقهي في دورة مؤتمره السادس بجدة في المملكة العربية السعودية من 7-12 ذي القعدة 1412 الموافق 9 – 14 أيار (مايو) 1992م.
ووضعوا لذلك شروط وهي:(أولاً):  إن عقد الاستصناع – وهو عقد وارد على العمل والعين في الذمة – ملزم للطرفين إذا توافرت فيه الأركان والشروط. (ثانياً):  يشترط في عقد الاستصناع ما يلي: (أ)-  بيان جنس المستصنع ونوعه وقدره وأوصافه المطلوبة. (ب)-  أن يحدد فيه الأجل.
(ثالثا):  يجوز في عقد الاستصناع تأجيل الثمن كله ، أو تقسيطه إلى أقساط معلومة لآجال محددة. (رابعاً): يجوز أن يتضمن عقد الاستصناع شرطاً جزائياً بمقتضى ما اتفق عليه العاقدان ما لم تكن هناك ظروف قاهرة.
وجاء في كتاب الفقه المنهجي:(ونرى أنه يدخل في هذا الموضوع عقد الاستصناع بيع الشقق على الخارطة. فإنها إذا كانت منضبطة الأوصاف، معلومة المقادير الداخلة في الصنع للمتعاقدين، كالإسمنت والحديد... واعتبر العقد صحيحاً، طالما أن الناس يتعاملون بهذا، شريطة أن توضح مواصفات البناء عند التعاقد بحيث لا تبقى جهالة تؤدي إلى النزاع، وأن لا يكون في ذلك شيء من الشروط الباطلة والفاسدة التي لا توافق شرع الله تعالى... «.
بناء على ما تقدم نقول بجواز شراء الشقق على الخارطة وهو عقد استصناع ولكن لا بد من شروط تمنع الجهالة والغرر والنزاع والخلاف في المستقبل وتحفظ حق البائع والمشتري لأن النبي صلى الله عليه وسلم قد نهى عن بيع الغرر، وهذه الشروط هي:
- بيان أوصاف الشقة بشكل مفصل من حجمها ومساحتها وأطوالها وموقعها في أي مكان وأي طابق من العمارة ذات الطوابق، وبيان المواد المستخدمة في البناء من حديد وحجر وطوب وإسمنت، ونوع الأبواب والشبابيك وأوصافها، والكهرباء والدهان وغيرها من الأوصاف المفصلة.
- تحديد ثمن الشقة وكيفية دفعه بالأقساط والمواعيد المحددة.
- تحديد وقت وزمن تسليم الشقة.
فهو عقد ملزم للطرفين إذا توافرت فيه الأركان والشروط المتفق عليها والأوصاف المذكورة في العقد، وذلك حماية لحقوق البائع والمشتري، ومنعا من حصول المنازعات بين المتعاقدين ودفعا للضرر عن الصانع إذ أن رغبات الناس في الشقق مختلفة باختلاف ميولهم ومتطلباتهم وحاجتهم لهذه الشقق نوعاً وكيفية، وهذا لأن العقد على أشياء ثمينة فلا يعقل أن لا يكون العقد غير ملزم.
كذلك يجوز أن يتضمن العقد شرطاً جزائياً معلوما إذا أخل أحد الأطراف بشروط مقتضى ما اتفق عليه العاقدان، ما لم تكن هناك ظروف قاهرة، يتفهمها العاقدان.وهذا ما رجحه الأستاذ وهبة الزحيلي.

الرجوع إلى الأعلى