تعطي الإستنتاجات الأولية التي تمخضت عن اللقاء التشاوري،  الذي تحوّل إلى اجتماع استثنائي لأعضاء منظمة الأوبيب، المنتظم بالجزائر نهاية الأسبوع الجاري على هامش الملتقى الدولي الـ 15 للطاقة الذي توصّل  إلى قرار تاريخي بتخفيض الإنتاج، بأن التكتل النفطي لازال قادرا على التأثير على أسعار البترول في الأسواق العالمية التي تتقاذفها الحسابات السياسية و النزاعات الإقليمية.
و كشف هذا اللقاء أن المنتجين الكبار قد تخلّصوا بعض الشيء من أنانياتهم و من حساباتهم السياسية الضيقة و أخذوا بعين الاعتبار المصالح المشتركة لباقي الأعضاء الأكثـر تضررا من انهيار الأسعار.
وكان أي توجه عكس ما تقرر  سيعقد الأمور أكثـر بانهيار جديد في الأسعار لا يقوى عليه حتى كبار المنتجين، و الأكثـر من ذلك أن الإقرار بالفشل في تجميد أو تسقيف الإنتاج، و بالتالي وقف الإنهيار المريع للأسعار، يطرح بجدية المصير الغامض الذي ينتظر هذا الحلف النفطي ويعطي الانطباع بأنه فقد السيطرة على أعضائه الذين لم يعد يتحكم فيهم في الأوقات العصيبة.
و سيكون مشروعا و في الحالة المذكورة، التساؤل عن جدوى بقاء هذا التجمع على قيد الحياة
و هو هيكل بلا روح مثل سائر التجمعات الإقليمية المخترقة من قبل لوبيات المصالح
و كبريات الشركات العالمية التي تعمل على أن يدفع الضعفاء وحدهم ثمن الأزمات الإقتصادية المتتالية التي ينتجها الأقوياء دون رحمة.
الجزائر التي تفضل دائما تسوية الخلافات السياسية و الإقتصادية عن طريق الحوار
و التوافق و انطلاقا من موقعها غير المنحاز لأي طرف على حساب آخر، مافتئت تجلب انتباه شركائها في المنظمة و كذا المنتجين خارج المنظمة إلى المخاطر المحدقة بالجميع جراء بقاء الأسعار في حدود 50 دولارا للبرميل و أحيانا أقل و هو ما يوقف الإستثمار في مجال المحروقات ، ما لم تتجاوز الأسعار الـ 60 دولارا في أقرب وقت ممكن.
و لذلك دعت صراحة ومن خلال هذا المنبر الطاقوي إلى تفاهم قريب بين المنتجين
 و المستهلكين، هدفه التوصل إلى استقرار في الأسعار يسمح بضمان تموين المستهلكين بأسعار معقولة تجنبا لوضعية كارثية ستخلق أزمة جديدة ترتفع فيه الأسعار إلى معدلات قياسية.
وحتى وإن كانت بعض التحاليل المتحاملة حملت إيران العائدة بقوة إلى الأسواق النفطية بعد رفع الحصار عليها، مسؤولية معنوية بوضع العصي في عجلات المنظمة التي تتجه بصعوبة نحو انتزاع التزام أعضائها بالتوصل إلى توصيات بالجزائر تقضي بتسقيف الإنتاج أو تجميده في أسوأ الحالات، إلا أن اتفاق الجزائر يبطل هذه التحاليل ويبطل اتهام  دولة مثل السعودية التي تنتج ضعف إيران أو أكثـر،  بعدم الاكتراث لاعتبارها الأسعار الحالية تسير في الطريق السليم.
توجه من هذا النوع  و سباق كبار المنتجين نحو ضخ المزيد و تعويم الأسواق العالمية بملايين البراميل، و إعطاء الإنطباع بأن التوصل إلى صناعة قرار جماعي لإنقاذ المنظمة يتطلب المزيد من الوقت، كان سيشكل ضربة جديدة للأسعار التي تتأثر بالتصريحات و التصريحات المضادة أكثـر ممّا تتأثر بقانون العرض و الطلب الذي يعمل بشكل مقلوب و لا يخضع لأي منطق.
الجزائر العضو الفاعل في هذا الحلف النفطي جمعت الأعضاء «الفرقاء» على طاولة واحدة لاستعراض مختلف وجهات النظر، ونجحت في انتزاع قرار تاريخي سيحسب لها ولدبلوماسيتها النشطة التي ركضت في كل الاتجاهات قبل أن تجني ثمار مساعيها الحميدة في وقت كان المحللون يتوقّعون فشل مبادرتها بالنظر لعمق الخلافات بين الأعضاء.
النصر

الرجوع إلى الأعلى