ذاك الذي يدعوك للتوقف ملوّحا بعصاه، كان يمكن أن يكون مواطنا صالحا يعمل في ورشة أو يجني محاصيل لا تجد يدا تجنيها، فلا تدفع له إن توقفت!
ذاك الذي يحاول تدريبك على ركن سيارتك كان يمكن أن يتعلّم مهنة  يفيد بها نفسه ويفيد الآخرين.
ذاك الذي يمدّ يده فارضا إتاوة التوقّف على أصحاب المركبات، ذاك الذي يهدّد، ذاك الذي يقسّم الأرصفة والشوارع والساحات إلى حصص، ذاك الذي يتجاسر على المواطنين، قد يجني أكثـر منك أنت الذي تعمل بلا توقف وتدفع الضرائب لخزينة الدولة التي تدعم خبزه و حليبه، فلا تدفع له! وإن أساء التصرف فلا تتردّد في التبليغ عنه ومتابعته.
إنه الصيف، الفصل الذي يكثـر فيه جامعو الإتاوات بغير وجه حق، وتجار المناسبات الذين لا يدفعون الضرائب وينشطون خارج القانون ويقسّمون الشوارع والساحات والشواطئ إلى حصص ويبتزّون المواطنين، ويصل الأمر بهم إلى حدّ التهديد والاعتداء.
نعم، تقع المسؤولية الأولى على أعوان الدولة المضطلعين بمهمة حماية المواطنين وقمع النشاطات غير المشروعة، لكن المواطن أيضا مسؤول لأن سلبيته التي تدفعه إلى شراء الأمان أو شراء سلعة قاتلة، هي التي تشجّع هذا النوع من الممارسات، لذلك فهو مدعو إلى التحلي بخصال المواطنة التي تجعله لا يرضخ ولا يتعامل مع كل الذين ينشطون خارج القانون، لأنه بذلك يساهم في مكافحة آفة آخذة في الانتشار وباتت تهدّد الاقتصاد الوطني في وقت لم يعد فيه الاقتصاد الوطني يحتمل هذا النوع من النشاطات.
ولا بد من التأكيد أن الردع القانوني يبقى غير كاف ما لم يدعّم بسلوك واع لمواطن يعرف أن دفع أموال خارج القانون لا يضرّ به وحده بل يضرّ بالدولة والمجتمع أيضا، ويشجّع قطاعا من الجزائريين على الخمول والكسل ما دام العيش السهل متاحا دون القيام بأدنى جهد.
و مادامت الحكومة تبحث عن موارد جديدة، فلا بأس أن تلزم الجماعات المحلية بالاستفادة من فضاءاتها ومنها مساحات الركن والمساحات التي تستخدم كفضاءات تجارية، فتقنين العملية من شأنه أن يضمن مناصب شغل دائمة إلى جانب مداخيل إضافية للبلديات ويحفظ سلامة وكرامة المواطنين في نهاية المطاف، فالسلوكات التي نرصدها في شوارع المدن وقرب الشواطئ يندى لها الجبين حقا، وهي لا تليق بشبان جزائريين يفترض أن يكونوا نافعين في مجتمعهم، كما أنها تشيع الفوضى وتمس بالسكينة العامة وكذا الوجه الحضاري لمدننا.
النصر

الرجوع إلى الأعلى