وثيقة النظام الداخلي لجيش التحرير الوطني تفسر الاغتيالات أثناء الثورة

بوالصوف كان رجلا استثنائيا وكل أسراره دفنت معه

قال عبد الرحمن بروان المعروف بالمجاهد صافار، أحد الأعضاء المؤسسين لوزارة التسليح و الاستعلامات العامة خلال الثورة، المعروفة بـ «المالغ»، أنه يجب على الباحثين والمهتمين بكتابة تاريخ الثورة الجزائرية، أن يبحثوا عن وثيقة «النظام الداخلي لجيش التحرير الوطني» ويخرجوها، فهي التي كانت تعبر عن مدى إحترافية جيش التحرير أثناء الثورة لأنه كان يتوفرعلى نظام مثل الجيوش الأخرى، ومن جانب ثانٍ فهذه الوثيقة هي التي كانت تنظم صفوف الجيش، وأي تجاوز كان له عقابه وربما هو ما يفسّر حسب المتحدث، بعض الإغتيالات أثناء الثورة، فمثلا ـ مثلما ذكر المجاهد صافارـ  كل من لا ينضبط للأوامر ويخالفها يحكم عليه بالقتل، لأن الإنضباط هو أساس التنظيم العسكري، مضيفا أن الوقت لم يكن في صالح الثورة وهذا ما جعل وثيقة النظام الداخلي للجيش تعطي صلاحيات لقائد المنطقة لإتخاذ القرار المناسب لصالح استمرار مسار الثورة.
وفي حديث للنصر على هامش لقاء نظمه المجاهد بروان عبد الرحمان بمكتبة «فن وثقافة» بوهران من أجل بيع بالتوقيع لكتابه «أصول المالغ»،  أكد أن الفرنسيين لم يضعوا أسلحتهم بعد ضد الجزائريين ولا زالوا يترصدون كل الفرص التي تمكنهم من توجيه أية ضربة للجزائر والجزائريين، لأنهم لم يهضموا لحد الآن أنهم هزموا وأن الجزائر أصبحت بلدا مستقلا كامل السيادة. ومن أجل ذلك و حسب المجاهد بروان، فمن واجب كل من شارك في الثورة أن يكتب على الأقل ما عاشه هو من أحداث تؤرخ لمسار جيل تصدى لأعظم قوة عسكرية آنذاك و طردها من أرضه، حيث تولى المتحدث ـ مثلما أضاف ـ مهمة تحسيس وتوعية كل رفقائه في السلاح من أجل هذا العمل الذي يعتبره السيد بروان واجبا وطنيا للتصدي للتاريخ المزيف والمشوّه الذي تنشره فرنسا.
 وفي هذا الخصوص، أوضح السيد «صافار» أن كل مؤرخي العالم يقتربون من الحقائق التاريخية عند كتابتهم عن ثورة الجزائر إلا الفرنسيين فإن معلوماتهم تحمل دائما عدة مغالطات، مضيفا أن  أعضاء المالغ الذين لازالوا على قيد الحياة شرعوا في تنظيم عدة لقاءات وأيام دراسية في المؤسسات التربوية والمؤسسات العسكرية وفي متحف المجاهد وغيرها من الأماكن، من أجل المساهمة في تصحيح بعض المغالطات التي تبثّها أبواق فرنسا عن الثورة الجزائرية. وأكد المجاهد عبد الرحمان بروان، أن كتابه «أصول المالغ» يعكس ما عاشه هو ضمن هذه التركيبة من الثوار التي كانت تضم زبدة شباب الجزائر حيث كانوا كلهم إطارات، و قال أنه إلتزم بتنوير الأجيال الحالية والقادمة بما فعله أسلافهم، وما حققوه من إنتصارات خاصة في هذا المجال الإستعلاماتي الحساس، وهو ما يسمى حاليا بالإستخبارات العسكرية، مشيرا في ملخص كتابه للصعوبات والظروف الخطيرة التي كانوا يعملون في خضمها، ولكن رغم ذلك، فإن هدف تحقيق الإستقلال جعلهم يتحدون مخابرات فرنسا ويتفوقون عليها في العديد من المواقع.
وفي رده على سؤال حول بقاء المالغ كحلقة سرية في تاريخ الثورة وعدم التعريف الكافي به، أجاب المجاهد صافار، أن طابع السرية العميقة التي كان يعمل بها أعضاء المالغ والإنضباط الصارم في أداء الواجب جعلت الجميع يغلق على ما بداخله حتى بعد الإستقلال، و أضاف «نعتقد أن الحديث عن المالغ يعتبر خيانة للثورة»، رغم بعض المحاولات التي بادر بها البعض مثل ما كتبه المجاهد بوزيد عبد القادر في مؤلفه «أسلحة الإتصالات»، وموسى صدار سنوسي «عار الصدمة»، وما كتبه حساني عبد الكريم «محاربون دون وجه» ، حيث أن هؤلاء حاولوا خلال سنوات السبعينيات رواية بعض الأحداث التي شاركوا فيها في إطار المالغ لكنها كانت عبارة عن فصول صغيرة ضمن كتبهم، كما أوضح المجاهد صافار،
مثمنا مساعي وزارة المجاهدين التي تطلب من صنّاع الثورة الذين لازالوا على قيد الحياة أن يكتبوا التاريخ الذي صنعوه وشاركوا فيه، و تابع المتحدث « لو أن كل مجاهد يكتب 20 صفحة فقط ، سيكون للجزائر مدونات عظيمة من التاريخ الحقيقي للثورة» مضيفا في سياق كلامه «لا يجب أن نترك الفرصة للحركى المثقفين كي يكتبوا تاريخنا الطاهر كما يريدونه مشوها».
و أضاف السيد صافار، أن كتابه جاء لتقويم بعض الحقائق وليس من أجل خلق صراعات وسط الإخوة المجاهدين مثلما ما تثيره بعض المؤلفات، مشيرا إلى أن «أصول المالغ» يعد أول كتاب يتحدث بصورة عامة عن تاريخ هذا التنظيم العسكري أثناء الثورة، موضحا «لقد تكلمت عن مساري أنا داخل المالغ بالحقائق التي عشتها وأعرفها جيدا» منوها في الوقت نفسه بالمسؤول الأول ومؤسس المالغ عبد الحفيظ بوالصوف « لقد مات بوالصوف وكل أسراره دفنت معه، ولو كتب جزءا منها فقط لما وسعته المكتبات» وأوضح المتحدث أن بوالصوف كانت له ذاكرة قوية جدا لدرجة أنه لم يكن بحاجة للتدوين بل كان يعرف كل عناصره الذين كان عددهم كبيرا وفي ذاكرته كان يحمل المخطط العام لتوزيعهم على المناطق «بوالصوف كان رجلا إستثنائيا».  
هوارية ب

الرجوع إلى الأعلى