الفراغ الإعلامي المحلي عزّز  تأثير المحطات التبشيرية و المواقع المتطرفة
حذّر مختصون و أساتذة أمس من قسنطينة، من تداعيات الواقع الراهن للساحة الإعلامية المرئية بالجزائر، على اعتبار أن الفراغ الذي تعرفه و انعدام قنوات متخصصة تلبي حاجات مختلف الشرائح الاجتماعية، ساعدا بشكل كبير القنوات و المواقع التبشيرية المتطرفة فكريا، على التغلغل في وسط المجتمع و زرع أفكار و إيديولوجيا دخيلة.و خلال ملتقى وطني حول تحديات و آفاق الإعلام الجزائري المتخصص، نظم أمس بجامعة قسنطينة 3، تناول المتدخلون بالنقاش مشكل نقص الوعي و الثقافة الإعلامية لدى  المستثمرين الجزائريين، الذين لازالوا يرفضون خوض مغامرة الإعلام المتخصص، و يفضلون خلق مؤسسات دون دراسة مسبقة للسوق، و هو ما حول المواد الإعلامية إلى مواد تجارية بعيدة كل البعد عن الممارسة الفعلية للإعلام، كما جعل الساحة الإعلامية المحلية جد شحيحة، و لا تتوفر سوى على عدد محدود من القنوات المتخصصة، بعضها في الطبخ و قناة واحدة للأطفال، و هو الوضع الناجم عن مشكل غياب إطار قانوني واضح ينظم نشاط هذا النوع من القنوات، و عن رواسب العشرية السوداء و التضييق على الإعلام الديني، إضافة إلى عاملي الإشهار التراخيص، كما أشار إليه الدكتور أحمد عبدلي من جامعة الأمير عبد القادر بقسنطينة.المتحدث أكد خلال مداخلته، على ضرورة إعطاء أهمية أكبر للإعلام المتخصص و توسيع رقعة التغطية الإعلامية لتشمل كافة الشرائح، في ظل وجود هجرة جماعية للمشاهدين الجزائريين نحو القنوات المتخصصة الأجنبية و تحديدا الدينية و قنوات الأطفال، ما يعد أمرا خطيرا، على حد وصفه، إذ يلجأ الكثيرون للاستعانة بدعاة شيعة و وهابيين للسؤال عن بعض الأمور الفقهية، بالمقابل تعمل قنوات أخرى تبث من إيران و الهند سواء عبر الأقمار الصناعية أو الانترنت ـ مثلما أضاف ـ على صناعة الدعاية و تجنيد شباب جزائريين من خلال زرع إيديولوجيات متطرفة و زعزعة القيم و العقائد، مؤكدا اطلاعه على تقارير تفيد بأن الخلل الذي تثيره هذه الأفكار في المجتمع، بدأ يأخذ منحنيات مقلقة. من جهته، أكد الدكتور عبد الرزاق حموش أستاذ الإعلام بجامعة قالمة، بأن ما يتم توجيهه لشريحة الأطفال من أفكار عن طريق قنوات متخصصة عربية، على غرار «الجزيرة للأطفال»، «أم.بي.سي 3» و القناة الشيعية «طه»، يؤثر بشكل كبير في القيم الاجتماعية كما يزعزع إدراكهم للخصوصيات الاجتماعية حتى من ناحية اللهجة أو اللغة، فضلا عن العقيدة و بعض الثوابت الأخلاقية و الاجتماعية.و تم خلال الملتقى التطرق إلى إشكالية التكوين في الإعلام المتخصص، فالمؤسسات الأكاديمية التي تعنى بتكوين الإعلاميين لا تغطي، حسب المتدخلين في اللقاء، كل المجالات كما تتجاهل الواقع المتنامي، ما يفرض حتمية مدّ جسور بين مؤسسات التكوين و المؤسسات الإعلامية. و خلص النقاش إلى أهمية التركيز على إنتاج محتوى إعلامي مقنع  يلبي حاجات مختلف شرائح المجتمع.
 نور الهدى طابي

الرجوع إلى الأعلى