أصدرت العدالة أمس و باسم الشعب الجزائري حكمها السّيد في القضية التي رفعتها وزارة الإتصال ضد مجمع الخبر، بتجميد آثار بيع الجريدة و ملاحقها لرجل الأعمال الملياردير يسعد ربراب. و بالتالي تأكد اختصاص المحكمة الإدارية لسيدي محمد للنظر في هذه القضية من جهة ، و من جهة أخرى تأكدت الصفة في وزارة الإتصال لرفع الدعوى
و التأسس أمام المحاكم للدفاع عن النظام العمومي في قضية تجارية بحتة، أراد صاحبها الملياردير و من معه من بعض الحقوقيين و بعض السياسيين، تسييسها بامتياز و تقديم أنفسهم على أنهم ضحايا التعسف
 و أن حرية التعبير في خطر.
العدالة التي لم ترضخ للضغوطات حكمت و فصلت في القضية الإستعجالية بعد عدة تأجيلات بطلب من المتقاضيين، و قد أقرّت بعد مداولاتها قبول الدعوى من الناحية الشكلية و قبول إدخال الخصومة
و في الموضوع تجميد آثار العقد.
بلغة القانونيين النزهاء الذين يحترمون أحكام القضاء و لم تصبهم بعد معرّة السياسة ، الحكم الصادر في هذه القضية هو انتصار آخر تسجله العدالة الجزائرية على قوى التضليل و البهتان التي ركبت الموجة و أرادت عبثا النيل من جهاز العدالة و الطعن في رجاله و نسائه قبل أن يصدر حكمه في قضية واضحة وضوح الشمس.
العدالة أنصفت الوزير حميد قرين الذي وضع ثقته في عدالة بلاده و لجأ إليها لإسترجاع الحق العام، دون أن يتعسّف في استعمال السلطة و يغلق الجريدة احتراما لحرية التعبير و رأفة بالعمال و الصحفيين الذين يجهلون خلفية صفقة التنازل عن الجريدة لواحد من أرباب المال.
كما أنها أظهرت مدى سلامة مسعى الوزير في إدارة هذا الملف الشائك بكل تعقيداته و امتداداته، بالإعتماد على سلطان القانون و مواجهة الحملة الظالمة بصبر و عدم اكتراث للهجمات المتكررة من سياسيين
و إعلاميين و حقوقيين فقدوا أبسط قواعد المهن النبيلة التي تحتم على المنتسبين إليها عدم اللجوء إلى السب و الشتم لتسوية الخلافات خاصة لما تكون مطروحة على العدالة.
العدالة عندما حكمت في القضية و بالتالي أكدت اختصاصها النوعي، بيّنت خطايا جزء كبير من الحقوقيين الذين استهوتهم اللعبة الإعلامية و راحوا يفتون في قضية لا يعلمون تفاصيلها و محتوياتها و جزموا أن الوزير لا صفة له في هذه القضية و أن المحكمة الإدارية غير مختصة.
العدالة سفّهت جزءا كبيرا من الطبقة السياسية التي تحسب نفسها من المعارضة، و على رأسها الزعيمة التروتسكية التي وضعت نفسها في موقف غريب تدافع فيه عن افتراس مؤسسة إعلامية من طرف بارون مال يريد شراء كل ما يتحرك في الجزائر.
العدالة جمّدت آثار التنازل عن أسهم جريدة باعتبارها فضاء للتعبير و إرثا إعلاميا يستحق المحافظة على استقلاليته من محاولات السطو عليه وعلى تضحيات أجيال عديدة من الإعلاميين الذين تعاقبوا على المؤسسة الإعلامية و منهم الفقيد الذي ترفع صورته كل مرّة للمتاجرة بها. و هو ما من شأنه أن يشكل وخز ضمير لمجموعة الـ19 التي باعت الأسهم و ما تحمله من إرث معنوي إلى محاسباتي
لا يجيد إلا الحسابات.
العدالة أرجعت الأمل إلى المهنيين الذين عرفوا مع مرور الوقت أن الخط الإفتتاحي الذي ناضلوا من أجله و رسموه لسنوات طويلة، يمكن تقويمه من خلال تنازل المساهمين الكبار لصالح المساهمين الصغار لإنشاء هيئة للمحررين كما هو الشأن في البلدان التي تقدس حرية التعبير.
العدالة التي استندت إلى أحكام قانون الإعلام، أحبطت مخططا للإستيلاء على وسيلة إعلامية ثانية لا يسمح بها القانون، حتى لا تستعمل و توظف بشكل قد يعرض النظام العمومي إلى الخطر.
و إذا كان بيع جريدة إلى ملياردير يعد جريمة من جرائم الصحافة في أعراف المهنة، فإن وقف بيع جريدة يعد فضيلة في عالم اقتصادي و سياسي شرس يحتاج إلى المزيد من المقاومة لتهذيبه و أخلقته بواسطة مساحات التعبير الحرّة.
النصر