وقعت الجزائر والاتحاد الأوروبي، على وثيقة تحدد الأولويات المشتركة للطرفين خلال الأعوام المقبلة في إطار ملامح سياسة الجوار الجديدة التي ينتهجها الاتحاد الأوروبي. وهي الأولى من نوعها التي يوقعها الاتحاد الأوروبي، مع بلد من شمال أفريقيا. وينظر الاتحاد إلى الجزائر كبلد مستقر يستطيع التعامل معه في حل أزمات المنطقة، خصوصاً عندما يتعلق الأمر بالهجرة وإدارة الأزمة الليبية ومحاربة الإرهاب.
أعلن مجلس الشراكة الجزائري-الأوروبي الذي عقد في بروكسل في ختام أعماله مساء أول أمس، عن تحديد أولويات الشراكة بين الجانبين في إطار متعدد للمشاركة وتعزيز التعاون، وذلك من خلال وثيقة منقحة في سياق سياسة الجوار الأوروبية، وإستراتيجية الاتحاد الأوروبي العالمية للسياسة الخارجية والأمنية. وقال المجلس الأوروبي إن أولويات الشراكة حتى عام 2020 هي الحوار السياسي وتعزيز الحقوق الأساسية، وأيضاً التعاون والتنمية الاقتصادية والاجتماعية، بما في ذلك التجارة والوصول إلى السوق الأوروبية الموحدة، فضلاً عن الطاقة والبيئة والتنمية المستدامة، ورابعاً الحوار الاستراتيجي والأمن، وخامساً البعد الإنساني بما في ذلك الحوار الثقافي والهجرة والتنقل. موضحاً أن بعض هذه الأولويات سيكون موضوعاً للتعاون التقني والمالي الذي سيتم تنفيذه في إطار البرمجة المالي 2018 - 2020.
وعبر توقيع هذا الاتفاق، تصبح الجزائر أول دولة في شمال أفريقيا تتبنى أولويات شراكة محددة لتعميق التعاون المستقبلي مع الاتحاد. ويتجاوز الاتفاق الموقع قطاع الطاقة ليمتد إلى مسألة تحسين الإدارة المالية العامة في الجزائر، وإدخال نظم معلومات متطورة في جميع الإدارة التابعة لوزارة المالية الجزائرية، حيث «سيتم تمويل برامج من أجل بناء القدرات في مجال البرمجة وتحسين الشفافية»، حسب البيان الصادر باسم المفوضية.
وفي هذا الإطار، أكد المفوض هان على أهمية الجزائر كشريك رئيسي للاتحاد، وقال: «هدفنا هو مساعدة البلدان على مواجهة التحديات الراهنة وخلق روابط أقوى مع أوروبا». وينظر الاتحاد إلى الجزائر كبلد مستقر يستطيع التعامل معه في حل أزمات المنطقة، خصوصاً عندما يتعلق الأمر بالهجرة وإدارة الأزمة الليبية ومحاربة الإرهاب.
موغريني تزور الجزائر في أفريل لمتابعة تنفيذ اتفاق الشراكة
وأعرب وزير الدولة، وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي، رمطان لعمامرة و رئيسة الدبلوماسية الأوربية، فيديريكا موغريني، عن ارتياحهما لكثافة التفاعلات بين الجزائر و أوروبا خلال السنتين الفارطتين مبرزين ضرورة مواصلة هذه الجهود. وقال لعمامرة أن الحوار الصريح و الودي و العميق بين الطرفين يرقى حقا إلى مستوى تطلعات الطرفين. مشيرا انه سيستمر طوال السنة.
واعتبر رئيس الدبلوماسية الجزائرية أن اللقاءات بين الجزائر و الاتحاد الأوربي «لا ينبغي أن تكون حدثا سنويا» معلنا بالمناسبة عن زيارة مقبلة إلى الجزائر للممثلة السامية للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية و السياسية الأمنية. وأوضح لعمامرة خلال الندوة الصحفية قائلا أن «الممثلة السامية قد أشارت إلى أنها ستجري يومي 8 و 9 أفريل زيارة جديدة إلى الجزائر» مشيرا أن»روح العمل المشترك و روح تضافر الجهود سيتوجان بالعديد من التفاعلات في الأسابيع الأشهر المقبلة».
كما أعرب وزير الشؤون الخارجية عن ارتياحه ل»تطابق وجهات النظر» بين الجزائر والاتحاد الأوربي حول عدد من الملفات مشيرا إلى أن التبادلات بين الطرفين قد سمحت ب «استعراض العديد من القضايا الإقليمية و الدولية» خاصة الوضع في الصحراء الغربية و سوريا وليبيا و مالي و الساحل و السودان إلى جانب القضية الفلسطينية.
من جهتها، أبرزت رئيسة الدبلوماسية الأوربية أن العلاقات الثنائية بين الجزائر والاتحاد الأوروبي قد تميزت بديناميكية معتبرة منذ انعقاد  مجلس الشراكة الأخير في شهر جوان 2015، مؤكدة أن المجلس قد كان «ملموسا و ايجابيا» و أنه أسفر عن «قرارات مهمة». وصرحت قائلة «لقد قررنا تعميق تعاوننا الاستراتيجي بشكل أكبر و كذا حوارنا حول التحديات المشتركة و كذا سبل مواجهتها» مؤكدة أنها «تطرقت مطولا» مع السيد لعمامرة إلى العمل المشترك بين الجزائر و الاتحاد الأوربي في الساحل و مالي وكذا في ليبيا و إفريقيا إلى جانب محاربة الإرهاب فضلا عن مجالات التعاون الأخرى لا سيما التعاون في مجال التنقل و الهجرة و كذا في مجال الطاقة.واسترسلت تقول « يتعين الإشارة إلى التقدم المحقق في مجال الديمقراطية و الحكامة و دولة القانون التي كرسها التعديل الدستوري لشهر فبراير 2016».
و اعتبرت رئيسة الدبلوماسية الأوربية في هذا الصدد أن الجزائر و الاتحاد الأوربي قد «حققا تقدما» تقريبا في جميع مجالات التعاون سواء على المستوى الثنائي أو على المستوى الإقليمي. وأكدت تقول «إنها إشارة لشراكة قوية و هامة مقارنة بالماضي و هو الأمر الذي يعد مهم للغاية خاصة في سياق تواجه فيه منطقتنا تحديات كبرى و يتطلب الوضع العام تعاونا أكبر بين بلدان الجوار و الشركاء». و أضافت تقول أن التعاون بين الاتحاد الأوربي و الجزائر «سيعرف تقدما ملحوظا مبنيا على أسس جديدة».
   أنيس نواري